أربعة أشياء عن برنامج إيران النووي

قيم هذا المقال
(0 صوت)

تبقى نغمة التوتر تتصاعد في الغرب بشأن المشروع النووي الإيراني، الذي يقول البعض في إسرائيل والولايات المتحدة ان الغاية منه هي إنتاج أسلحة نووية. من ناحية أخرى وعد آية الله خامنائي في خطبة له بمناسبة رأس السنة الإيرانية مؤخراً أن إيران سوف ترد "الصاع بالصاع" إذا ما تعرضت لهجوم عليها. ولكن في ذات الوقت الذي يتناوب فيه المسؤولون الإسرائيليون والإيرانيون التلويح بالقوة تبقى هناك نقاط عديدة لا يمكن فهمها. هل أن الولايات المتحدة وإسرائيل تعتقدان أن إيران تمتلك برنامجاً للتسلح النووي؟ هل وعد الرئيس محمود أحمدي نجاد حقاً بمحو إسرائيل من على الخارطة على الأجوبة على هذه الأسئلة قد تدهشك.

1. الرئيس أحمدي نجاد لم يقل أبداً أن اسرائيل يجب أن "تمحى من على الخارطة".

أحد التفسيرات التي يكثر طرحها كمبرر للحرب على إيران هي أن الرئيس نجاد يريد محو اسرائيل من على الخارطة، وأنه سيتمكن من ذلك إذا ما ملك السلاح النووي. ولكن هناك من يردّ بأن تصريح أحمدي نجاد قد أسيئت ترجمته عن نص أصلي أهدأ نبرة.

هذا الشجب المزعوم لإسرائيل من جانب نجاد ورد في مؤتمر "عالم بلا صهيونية" الذي انعقد في طهران بتاريخ تشرين الأول 2005. في هذا المؤتمر نقل موقع إخباري إيراني ناطق بالإنكليزية عن الرئيس نجاد قوله: "إسرائيل يجب أن تمحى من على الخارطة". ولكن العديد ممن حللوا النص الأصلي للتصريح باللغة الفارسية يخلصون إلى أن هذا كان على ما يبدو هفوة في الترجمة.

في العام 2007 كتب آراش نوروزي، وهو من العاملين في مشروع مصدّق، ما يلي: "أن الرئيس نجاد لم يتلفظ مطلقاً بكلمات (خارطة) أو (يمحى) أو (اسرائيل) في ذلك التصريح. ويحاجج نوروزي بأن الترجمة الأدق كان ينبغي أن تكون: "هذا النظام الذي يحتل القدس يجب أن يختفي من على صفحات التاريخ". (وقد أوردت "صحيفة واشنطن" بوست ومجلة "ذي أتلانتك" ترجمة مشابهة للخطاب تتضمن هذا المعنى).

الاختلاف هنا جذري، كما يقول نوروزي، لأن أحمدي نجاد استخدم عبارة "يختفي من على صفحات التاريخ" في مواضع أخرى من خطابه أيضاً، وذلك عندما وصف حكومة الشاه في إيران والاتحاد السوفييتي ونظام صدام حسين. ومع أن هذه الأنظمة الثلاثة قد انهارت جميعاً، سواء بالعمل العسكري أو بالثورة، فإن أي منها لم يتضمن "المحو من على الخارطة"، كل الذي حدث هو تغيير النظام. وهذا بالتالي يوحي بأن أحمدي نجاد إنما كان يدعو إلى تغيير النظام في اسرائيل وليس إلى الإبادة بالسلاح النووي. ويشبّه خوان كول، وهو منتقد آخر لترجمة الخطاب، تصريح نجاد بالدعوات التي كانت تطلق في عهد الرئيس ريغان بإنهاء الاتحاد السوفييتي.

2.الزعيم الروحي الأعلى آية الله خامنائي أصدر فتوى ضد الأسلحة النووية.

أياً تكن الكلمات التي استخدمها أحمدي نجاد في وصف موقفه من اسرائيل فإن الحقيقة التي لا جدال فيها هي أنه ليس الزعيم الحقيقي لإيران. هذا الدور يتولاه الزعيم الروحي الأعلى آية الله علي الخامنائي الذي يمثّل أرفع شخصية دينية، والسيد خامنائي نافذ الكلمة عظيم النفوذ بين أوساط المتدينين الشيعة في إيران وهذا يجعل فتواه التي أصدرها في العام 2005 ضد استخدام الأسلحة النووية عاملاً مهماً عند مناقشة برنامج إيران النووي.

تعدّ الفتوى في القانون الإسلامي تشريعاً يصدر عن شخصية دينية بارزة ومعترف بها. ومع أن الفتوى بشكل عام لا تكون ملزمة فإن تأثير الفتاوى قويّ على المتدينين الملتزمين، وتلك التي يصدرها المرجع الأعلى في إيران تكون هي الأقوى أثراً سواء من الناحية السياسية أو الدينية. لذا فإن خامنائي حين أصدر فتواه ضد إنتاج واستخدام الأسلحة النووية في 9 آب 2005 لم يكن الأمر مجرّد موعظة دينية بل موقفاً له ثقل سياسي. وقد أعاد خامنائي التزامه بهذه الفتوى عدة مرات منذ ذلك الحين كان آخرها في شباط الماضي عندما وصف امتلاك الأسلحة النووية بأنه "إثم".

3.لإيران حاجة مشروعة في الحصول على مزيد من الطاقة.

دأبت إيران على التأكيد بأن أبحاثها النووية موجهة للغايات السلمية فقط، وتحديداً لتوفير مزيد من الطاقة لمواجهة النمو الذي تشهده إيران. ولكن وسط كل الجدال والجلبة بشأن الأسلحة النووية الإيرانية يصبح من السهل إغفال حقيقة أن إيران تحتاج بالفعل إلى مزيد من الطاقة، طاقة بوسع المفاعلات النووية تأمينها.

فرغم أن إيران مصدّر رئيسي للنفط هي أيضاً مستهلك رئيسي له. وفي العام 2000 قدّر حزب الخضر الإيراني (وهو حزب يعنى بالبيئة ولا ينبغي الخلط بينه وبين الحركة الخضراء التي كانت وراء احتجاجات العام 2009) أن إيران تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في استهلاكها لبنزين السيّارات.

كذلك ان إيران هي خامس مصدّر للغاز الطبيعي في العالم، وفقاً لبيانات وكالة المخابرات المركزية، ولكنها استهلكت 134,5 مليار متر مكعّب من الغاز في عام 2010، وهذا يعادل تقريباً ما أنتجته في ذلك العام.

4. الولايات المتحدة وإسرائيل كلتاهما تقرّان بأن إيران ليس لديها مشروع للتسلّح النووي.

لعل هذه هي أهم الحقائق التي يتم تجاهلها غالباً عند الحديث بشأن شن الحرب على إيران. فمخابرات الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتان على أن إيران لا تسعى وراء برنامج للأسلحة النووية.

في الشهر الماضي كتب مدير وكالة المخابرات الوطنية جيمس كلابر في تقرير قدّمه إلى لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ: "تبقي إيران خيار تطويرها أسلحة نووية مفتوحاً متى ما شاءت المضي في ذلك الخيار، ولكننا لسنا موقنين مما إذا كانت إيران ستستقرّ على قرار صنع أسلحة نووية في نهاية المطاف."

وعندما طلب منه السيناتور كارل ليفن في تلك الجلسة أن يؤكد للجنة بأن إيران لم تتخذ قرار تطوير أسلحة نووية بعد قال كلابر: "هذه هي المعلومات المتوفرة لدى دوائر المخابرات." وعندما تعرّض لمزيد من الضغط من جانب السيناتورة لندسي غراهام أعاد تأكيد شكوكه بشأن محاولة إيران صنع سلاح نووي.

في 8 كانون الماضي أدلى وزير الدفاع ليون بانيتا بتصريحات أكثر تحديداً عندما قال بكل صراحة من خلال برنامج (واجه الأمة): "هل يسعى الإيرانيون لتطوير أسلحة نووية؟ كلا."

كذلك لا تعتقد المخابرات الإسرائيلية بأن إيران تسعى حالياً للحصول على سلاح نووي. ففي شهر كانون الثاني جاء في تقرير لصحيفة هاآرتز أن إيران لم تتخذ قراراً بترجمة قدراتها النووية إلى سلاح." وفي نفس الشهر قال مدير المخابرات العسكرية الإسرائيلي الجنرال أبيب كوتشافي مخاطباً الكنيست في جلسة استماع أن إيران لا تعمل على بناء قنبلة نووية، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

آرثر برايت - عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتر

قراءة 1733 مرة