منذ مطلع الشهر الحالي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبحث عن نصر "إعلامي أو صوري" على "حزب الله" اللبناني ولكن حتى اللحظة لم يتحقق له ما يريد.
البداية كانت من خلال إطلاق ما أسماه نتنياهو عملية "درع الشمال" على طول الحدود مع لبنان بزعم القضاء على أنفاق حزب الله اللبناني التي تستخدمها عناصر الحزب للتسلل إلى "إسرائيل"، ولم يكن موعد إطلاق هذه العملية في الرابع من ديسمبر سوى محاولة أخيرة لإنقاذ نتنياهو من وضعه السياسي المتأزم في الداخل الإسرائيلي ومحاولة إعادة شعبيته التي فقدها بفعل قضايا الفساد التي تلاحقه وتلاحق زوجته، وبالتالي لكي يضمن بقاءه في الانتخابات المقبلة كان لا بدّ من تحقيق نصر خارجي - عسكري لإلهاء الداخل الإسرائيلي من جهة عن قضايا الفساد المتهم بها والتي بلغ عددها 4 قضايا كفيلة بأن تجعل السجن مثواه.
ومن جهة أخرى يريد نتنياهو إعادة الهيبة التي فقدها خلال الفترة الماضية بعد أن فشل في تحقيق أيٍّ من أهدافه خلال المرحلة الماضية، وإعادة شعبيته التي وصلت إلى الحضيض بعد عملية غزة الأخيرة، فبحسب آخر استطلاع للرأي أجراه التلفزيون الإسرائيلي فإن 42 % فقط مؤيدين لـ" نتنياهو" لتكون هذه النسبة الأقل منذ عام 2013، وبالتالي فإن نتنياهو حاول إصابة عدة أهداف برمية واحدة، فأصاب نفسه.
المحاولة الأخيرة اليوم لإنقاذ نتنياهو ستكون عبر مجلس الأمن بدعم من أمريكا، حيث ستتوجه "إسرائيل" إلى مجلس الأمن، الأربعاء المقبل في سياق حملة دبلوماسية وإعلامية، لمناقشة ملف أنفاق "حزب الله" اللبناني.
وطلبت الإدارة الأمريكية عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، بهدف تحميل السلطات اللبنانية المسؤولية عن قيام "حزب الله" بحفر الأنفاق، بعدما اكتشفت ثلاثة منها، نتيجة قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات حفر، وأنها انطلقت من الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود، وذلك بحسب صحيفة "الحياة".
الداخل الإسرائيلي لا يصدّق نتنياهو
ذكر موقع "نيوز إسرائيل" العبري، يوم السبت الماضي، نقلاً عن مصادر استخبارية، أن تقارير بشأن مخاطر الأنفاق الحدودية بين "إسرائيل" وجنوب لبنان، والتي بناها "حزب الله" لم تكن سوى خدعة تستهدف تجميل صورة رئيس الوزراء ووزير الدفاع بنيامين نتنياهو وإنقاذ مستقبله السياسي.
وأكد الموقع نقلاً عن مصادر تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، أنه منذ نهاية حرب لبنان الثانية عام 2006، وعلى خلاف مزاعم نتنياهو، فإن الأنفاق الثلاثة التي تم اكتشافها حتى الآن "قصيرة وصغيرة ولا يصل أي منها إلى الداخل الإسرائيلي".
وتتفق هذه الرواية مع ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية إبان بدء عملية "درع الشمال" على الحدود بين "إسرائيل" ولبنان قبل 10 أيام، حين أشارت إلى أن النفق الأول الذي تم اكتشافه لم يكن يشكّل خطراً محدقاً على سكان مستوطنات شمال "إسرائيل".
وحذّر نتنياهو حينها من احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بعمل عسكري داخل لبنان، معتبراً أن عملاً من هذا النوع سيحظى بالشرعية، وذلك خلال استطلاع الأوضاع على الحدود الشمالية، عقب كشف أول نفق هجومي لـ"حزب الله".
لكن تلك العملية لم تكن مقنعة بالنسبة لأحزاب المعارضة الإسرائيلية، والتي لم تتوقف عن انتقادها ووصفها بأنها عملية "درع نتنياهو"، حيث طالب حزب "المعسكر الصهيوني" المعارض، على سبيل المثال، بأجوبة حول العملية وتكلفتها، والأسباب التي دفعت نتنياهو لاتخاذ قرار بتنفيذها، بالتزامن مع توصية الشرطة بتقديم مذكرة اتهام ضده في قضايا فساد.
وبحسب محللين إسرائيليين فإن "نتنياهو" اختار توقيت العملية العسكرية لكي يكسب ود الإسرائيليين ويثبت أنه يستحق أن يسند لنفسه وزارة الدفاع بعدما وجّهت له انتقادات عدة بأن الرجل الأوحد في "إسرائيل" يستحوذ على المناصب المهمة.
أوروبا أيضاً لا تصدق
لم يعد يحظى نتنياهو بالثقة التي كانت تعطى له من قبل الأوروبيين الذين يجدون اليوم أن تحركات نتنياهو ليست سوى محاولة جديدة لإرضاء ترامب عبر ممارسة الضغط على "حزب الله" كجزء من العقوبات الموجّهة ضد طهران، وبالتالي تحاول واشنطن الضغط على طهران عبر حلفائها، حيث كشف موقع استخباراتي عبري النقاب عن مفاجأة جديدة بشأن العملية الإسرائيلية "درع الشمال" أمام حزب الله اللبناني.
وذكر الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي "ديبكا"، مساء یوم السبت، أن كثيراً من الدول الأوروبية ترى في العملية العسكرية الإسرائيلية "درع الشمال" جزءاً من سياسة العقاب الأمريكي على إيران، أو حلقة من مسلسل فرض العقوبات الأمريكية على طهران، وأوضح الموقع الإلكتروني العبري أن هذه الدول هي، إيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وإيرلندا، والنمسا، وهولندا، وإسبانيا.
المعارضة الإسرائيلية قالت: إن هدف العملية الحقيقي هو التعتيم على فساد نتنياهو، ويمكننا أن نلاحظ أن رئيس الوزراء اختار توقيت العملية العسكرية عقب استقالة ليبرمان، وبالتالي فإن نتنياهو يرغب في رفع شعبيته من خلال انتصار وهمي من دون معركة عقب توليه وزارة الدفاع، فهل يستطيع نتنياهو إنقاذ نفسه من تهم الفساد الموجهة له ويلمّع صورته من جديد في الداخل الإسرائيلي ويكسب ود واشنطن ودعمها له أم سيفشل نظراً لضعف حجته هذه المرة؟