وصل التوتر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية و "الکیان الاسرائیلی" إلى ذروته لدرجة دفعت وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للتحذير اليوم الأحد من أن "إسرائيل" تسعى للحرب، وقال: "إن تصرفاتها هي وأمريكا" تزيد فرص اندلاع حرب في المنطقة، وذلك ضمن خطاب ألقاه اليوم في مؤتمر ميونيخ.
وأضاف ظريف: "إن إيران موجودة في سوريا استجابة لدعوة من الحكومة السورية لغرض وحيد هو مكافحة الإرهاب، لا لأي سبب آخر".
واتهم ظريف "إسرائيل" بانتهاك القانون الدولي بعد حملات القصف التي شنّتها على سوريا، كما انتقد القوى الأوروبية لعدم انتقادها "إسرائيل" وأمريكا جرّاء تصرفاتهما في المنطقة.
وتابع: "الخطر هائل وربما يكون أكبر إذا واصلنا التغاضي عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي".
"إسرائيل" وشيطنة إيران
يسعى الكيان الصهيوني بكل ما يملك من مقدرات لمواجهة إيران في جميع المحافل الدولية وحشد كل ما يستطيع من دول العالم لشيطنة إيران، لاسيما دول الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص السعودية التي تشاطر "إسرائيل" سياستها في معاداة إيران، وهذا الأمر دفع كيان الاحتلال للولوج إلى العمق السعودي عبر هذا الهدف المشترك، ولذلك بدأت "إسرائيل" تحرّك قطار التطبيع الذي بدأته قبل عقود بشكل أسرع وبحماسة مفرطة نحو بقية الدول العربية التي لا تربطها بها علاقات دبلوماسية، ولاسيما الخليجية منها.
وعكست مضامين حلقات "أسرار الخليج" التي تبثّها القناة 13 الإسرائيلية وتتمحور حول كواليس العلاقات بين "إسرائيل" والدول الخليجية، تطلعات تل أبيب إلى تطبيع العلاقات على قاعدة التنسيق والتعاون الأمني والاقتصادي لتعزيز الحلف مع الدول الخليجية لمواجهة ما تسميه "التهديد الإيراني" للشرق الأوسط.
وتناغمت مضامين كواليس الاتصالات والعلاقات التي أوردتها الحلقات بالاتصالات ما بين البحرين والإمارات وتل أبيب وزيارة رئيس الموساد الأسبق "تامير باردو" للسعودية، مع طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يروّج لقطار التطبيع مع دول عربية وإسلامية كأهم إنجاز للدبلوماسية الإسرائيلية.
وتراهن إسرائيل - وفقاً لباحثين في الشأن والسياسات الإسرائيلية - على شيطنة إيران وتسويقها كتهديد مشترك عبر تعزيز العلاقة مع تحالف الدول "المعتدلة" للحدّ من نفوذها في الشرق الأوسط، وتمرير الإدارة الأمريكية "لصفقة القرن" بعد انتخابات الكنيست -التي ستجرى يوم 9 أبريل/ نيسان المقبل- بغطاء عربي وإسلامي بغية تصفية القضية الفلسطينية، في الوقت الذي تصرّح حتى الدول المهرولة للتطبيع مع تل أبيب بأنها ستوافق على أي خطة يوافق عليها الجانب الفلسطيني.
الاتجاه نحو روسيا
لا يكفي أن يتجه المسؤولون الإسرائيليون نحو الدول الخليجية وتطبيع العلاقات معها، إذ إن هناك حليف استراتيجي لسوريا ولإيران في المنطقة، نتحدث هنا عن "روسيا" التي من المقرر أن يزورها نتنياهو الخميس المقبل، بهدف إقناع الرئيس بوتين بطرد القوات الإيرانيّة من مناطق تعهدت روسيا بإخلائها، وفق ما ذكرت هيئة البث الرسميّة "كان"، مساء الجمعة الماضية.
ووفقاً للقناة، فإن نتنياهو سيسعى كذلك إلى التأكيد مجدداً لروسيا وسوريا بأن إسرائيل "لن تقبل بالتموضع الإيراني المتواصل في سوريا"، بالإضافة إلى الاستفسار عن التحضيرات لتفعيل منظومة صواريخ إس 300 الروسيّة شماليّ سوريا، التي سلّمتها موسكو لدمشق بعد إسقاط الطائرة الروسية قبالة الشواطئ السورية في أيلول/سبتمبر الماضي.
ويكتسي لقاء نتنياهو – بوتين أهميّة خاصّة في "إسرائيل"، كونه الأول منذ إسقاط الطائرة الروسية، التي تتهم موسكو طائرةً إسرائيليّة بالتستّر وراءها ما أدى إلى إسقاطها بالدفاعات الجويّة السورية، وإثر هذا الإسقاط، امتنع بوتين عن لقاء نتنياهو رسمياً، غير أن التنسيق العسكري بين البلدين فوق سوريا لم يتوقف طويلاً.
لكن الموقف الروسي فيما يخص الوجود الإيراني واضح وصريح، إذ صرّح السفير الروسي لدى إيران، ليفان دجاغاريان، قبل عدة أسابيع، أن مسألة انسحاب العسكريين الإيرانيين من سوريا يجب بحثها بين دمشق وطهران والوجود الإيراني في سوريا شرعي.
وقال السفير لوكالة "سبوتنيك": "هذه القضية هي من اختصاص قيادة الجمهورية العربية السورية، وإذا تمّت مناقشتها، فبين دمشق وطهران فقط، لأن الوجود العسكري الإيراني في سوريا شرعي والمستشارون الإيرانيون موجودون بدعوة من الحكومة السورية الشرعية".
فشل في أرض الميدان
من جانبه رأى المؤتمر الدوليّ السنويّ لمعهد دراسات الأمن القوميّ (INSS) أنّ العمليات العسكريّة الإسرائيليّة لن تمنع إيران من ترسيخ نفسها في سوريا، وبالتالي يجب اللجوء إلى الحلول السياسيّة، وروسيا هي العنوان الرئيسي لهذا، وبالتالي يجب على "إسرائيل" أنْ تُروِّج لحركاتٍ تكميليّةٍ تستند أساساً إلى روسيا والدولة السورية، من أجل إقناعهم بأنّ استمرار بناء "البؤر الإيرانية" في سوريا سيضُرّ بالدولة السورية والقدرة على استقرار الوضع فيها والبدء في عملية إعادة الإعمار، كما تستطيع "إسرائيل" تشكيل تحالفٍ مع الدول العربيّة السُنيّة البراغماتية، التي ستكون مستعدّةً لاستثمار الموارد في إعادة تأهيل سوريا في ظلّ ظروف إزالة إيران وتأثيرها هناك.
واختتم التلخيص قائلاً: إنّ طريقة تحسين الموقف الاستراتيجيّ لـ"إسرائيل" هي تعزيز مكانتها الإقليميّة، في ضوء المصالح المُتداخِلة مع الدول العربيّة السُنيّة الرئيسيّة، وذلك أساساً من أجل الحدّ من النفوذ الإيرانيّ المُتزايِد في المنطقة، والمفتاح لهذا هو اختراقٌ في العمليّة السياسيّة مع الفلسطينيين، مُشيراً إلى أنّ تطوراً إيجابياً في هذا الاتجاه لن يكون ذا صلةٍ بهذه الساحة فقط، بلْ سيُساعِد "إسرائيل" أيضاً على مواجهة التحدّيات الاستراتيجيّة الرئيسيّة التي تُواجهها، على حدّ قوله.