مظاهرات تعم مدينة رام الله عاصمة السلطة الفلسطينية بشكل يومي احتجاجا على ارتفاع الاسعــار وغلاء المعيشة في الاراضي المحتلة. يرفع خلالها المتظاهرون لافتات تطالب باستقالة رئيس الوزراء سلام فياض باعتباره المسؤول الاول.
المتحدث باسم السلطة السيد نبيل ابو ردينة قال ان الشعب الفلسطيني يدفع ثمن الموقف الوطني الذي يرفض الشروط الاسرائيلية للعودة الى المفاوضات، وقال ان الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعيش في ظله الشعب الفلسطيني هو جراء وجود العقوبات الاسرائيلية التي تحول دون انتعاش الاقتصاد الفلسطيني.
ربما ينطوي كلام السيد ابو ردينة على جزء من الحقيقة، وليس الحقيقة كلها، فهو يعرف جيدا ان اكبر خطأ ارتكبته السلطة هو توقيعها لبروتوكول باريس الذي ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الاسرائيلي وما يتفرع عنه مثل الاتفاقية الجمركية الموحدة.
السلطة كانت تقول لأهل رام الله انظروا كيف تعيشون في رخاء اقتصادي بفضل السلطة بينما اشقاؤكم في قطاع غزة يعانون من الفقر المدقع بسبب سلطة حماس وفشلها الاقتصادي.
الآن تشابهت الظروف في الجيبين بالسوء، بل ان هناك من يؤكد ان ظروف اهل قطاع غزة المحاصرين افضل كثيرا من ظروف اشقائهم تحت حكم سلطة رام الله لانهم لا يخضعون للاتفاقية الاقتصادية مع اسرائيل وقوانينها الجمركية.
نشعر بالحزن لان الفلسطينيين يتظاهرون بسبب غلاء المعيشة وارتفاع الاسعار وليس بسبب التنسيق الامني، والتغول الاستيطاني الاسرائيلي وتهويد القدس، وفشل حل الدولتين والغارات الاسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، او عمليات هدم بيوت ابناء النقب.
السيد سلام فياض الذي اعرب عن استعداده للاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء يجب ان يتعرض للمحاسبة والمساءلة لانه وعد الفلسطينيين بالرخاء والسمن والعسل، عندما قال انه يريد سنتين فقط لاكمال البنى التحتية للدولة الفلسطينية، والاقتصادية على رأسها، تمهيدا لقيــام هـذه الـدولة، وهـا هي ثــلاث سنوات تمر ولم تقم هذه الدولة، بل لم يتم الاعتراف الرمزي الشكلي بها من قبل الامم المتحدة.
المسؤولون في السلطة الفلسطينية يجب ان يعترفوا بفشلهم، وان لا يبحثوا عن اعذار تغطي فشلهم بالقاء المسؤولية على الاحتلال، فالاحتلال وجد من اجل ان يقاوم ومن العبث ان نتوقع منه ان يكون رؤوفا بالواقعين تحت احتلاله.
المتظاهرون في رام الله لا يجب ان يتظاهروا فقط ضد الغلاء، وانما ضد السلطة ورأسيها، وان يطالبوا بحلها فورا، ويبدأوا ربيعهم العربي للتخلص من الاحتلال.
عبدالباري عطوان