نحن ومعنا الملايين من شرفاء الوطن المتدينين مسلمين وغير مسلمين لم ننتخب السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي لكي يذهب إلى «طهران» أمام قمة «عدم الانحياز» ويعيد بعث ثآرات أمتنا المذهبية من جديد، أو لكي يبعث برسالة تكتيكية أم إستراتيجية للحلف الصهيوني الأمريكي بأنه علي أرضيته وفي خدمة مخططاته، ونحن هنا لا نتهم السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي ولا نشكك في ضميره أو وطنيته ولا نزايد عليه، إنما نسجل موقف لأن تلك الجزئية بالنسبة لنا هي معركة أمة وضحت من أجلها أجيال لكي ننتج ثورة، من أهم أسباب قيامها إنهاء حقبة «كامب ديفيد» ونظامها وشراكتها الإستراتيجية مع واشنطن وتل أبيب، والعمل علي التقارب مع أحزمة أمننا القومي.
وفي ذات السياق، من المهم أن نسجل هُنا ما قالته لنا عناصر بارزة في جهاز سيادي مصري مهم للغاية، قالت لنا تلك العناصر أن قيادة «جماعة الأخوان المسلمين» تحديداً باتت على وفاق تام مع الحلف الصهيوني الأمريكي، وتعهدت لرموزه باحترام الاتفاقية المشبوهة «كامب ديفيد» والحفاظ علي الشراكة الإستراتيجية مع واشنطن، والتمسك بنفس سياسة النظام البائد، وهي نفس التفاهمات التي تمت مع حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية والإسلامية والذين كانوا حلفاء للنظام الفاسد البائد في مصر.
وبوضوح نسجل هنا أننا «لا نصدق» ما قالته لنا تلك العناصر ونثق في وطنية وأخلاقيات قادة «جماعة الأخوان المسلمين» لكون أن الجماعة تقدمت بتضحيات في الماضي تؤهلها لنيل ثقتنا من جهة، ولأن عقيدتها قد تعصم الجماعة من الشبهات أن لم تغري قياداتها مباهج السلطة، ويزين لتلك القيادات شيطان السلطة أهمية السير في الفلك الأمريكي، لكن ثقتنا تلك غير كافية ونحن نرى واقع مختلف يمارسه «الأخوان» مع مرور الأيام ينسف جذور تلك الثقة، وخير مثال على ذلك كلمة السيد الرئيس الكارثية بقمة طهران والتي سيفوق أبناء شعبنا وأمتنا بعد وقت قصير من غفوتهم على التداعيات الكارثية التي أحدثتها والتي لن تخدم سوى مخططات الحلف الصهيوني الأمريكي.
ومن تلك التداعيات شق وحدة الأمة لصالح هذا الحلف والذي يخطط ليأكل المسلمين مثل "قطعة التورتة"، اليوم يقسم الشيعة إلى مذاهب، ويأكل المذهب وراء الأخر، وغدا يفعل كذلك مع السنة، ثم يثير الفتنة بين السنة والشيعة، ويتحالف مع السنة ليعتدي على الشيعة، والعكس صحيح، وبعد الفراغ من أية طائفة منهم يبدأ في التآمر على الأخرى والمستهدف في النهاية هو الإسلام كدين وحضارة، حضارة بنيانها معاً مسلمين ومسيحيين، تشمل كافة أوجه الحياة.
نعم لقد أشعل الرئيس الدكتور محمد مرسي الصراع الطائفي بين السنة والشيعة من فوق منبر حركة «عدم الانحياز» بطهران، أشعل هذا الصراع في خمسة ساعات يتيمة قضاها هناك وفر خارجاً من هذا البلد العزيز، وعلى الفور تناغمت مع كلمته أقول رؤوس الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة بمنطقتنا، وتبادلوا الاتهامات.. وأعادنا سيادة الرئيس الدكتور محمد مرسي أكرمه الله للوراء ربما لقرون للوراء، حيث واصل المسلمين تكفير بعضهم وإخراجهم من الملة، وما هذا هو دور مصر يا سيادة الرئيس، دور مصر الثورة هو دور الزعيمة القائدة التي تجمع ولا تفرق، والتي تتعامل بندية وخدمة لمصالح متبادلة مع الأشقاء ومع الإنسانية جمعاء.
نقول لكم دور مصر يمكن أن تراه بوضوح يا سيادة الرئيس من خلال العودة للتاريخ والإطلاع علي دعم الزعيم جمال عبد الناصر - وهو بين يدي العدل كله حالياً - دعمه لثورة إيران ولزعيمها الراحل محمد مصدق ضد الشاه رجل واشنطن، ودور مصر ما قام به عبد الناصر من عدم التفرقة بين السنة والشيعة، نعم دور مصر هو دور عبد الناصر الذي عشقه السنة والشيعة معاً وغيرهم من الطوائف غير المسلمة ولا يزالون حتى الآن يذكرونه بالخير، ومن هنا يؤسفنا القول بأن السيد الرئيس الدكتور محمد مرسي ذهب لطهران لكي يفجر قمة «عدم الانحياز» عن قصد أو غير قصد وينتقم من دور مصر في تأسيس تلك الحركة.
ماذا استفادت مصر من إشعال صراع طائفي بين المسلمين؟، وماذا استفادت مصر من عدم استطاعتها الآن القيام بأي دور لتسوية الأزمة السورية؟،وماذا استفادت مصر من الرسالة التي بعثت بها إلى طهران بأن إعادة العلاقات معها مستحيلة؟، إلي الدرجة التي خرج علينا «دينس روس» مساعد الهانم هيلاري كلينتون ليقول لنا أن الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ذهب إلى طهران لكي يفتتح القمة، ويسلم رئاستها، ولن يفعل أكثر من ذلك.
إننا نقول لـ«جماعة الأخوان المسلمين» ولمن معها في حزب النور والفصائل السلفية، والتي أطلقت ميليشياتها ولجانها الاليكترونية لتكفرنا وتسبنا لمجرد خلافنا ولمرة واحدة مع الرئيس منذ توليه السلطة حول كلمته في «قمة طهران»، نقولها لتلك الجماعة ومن يدور في فلكها والتي لم تعد تعرف أقدار الناس وأصناف الرجال، نقولها لها بعد أن أطلقت ميليشياتها الاليكترونية لكي «تعقر» كل من ينتقد الرئيس أو الجماعة وتهيننا وتكفرنا، وذلك عبر تلك العناصر المنتمية لتلك اللجان الاليكترونية البغيضة للجماعة والتي باتت تسب بالقول الفاحش كل صحفي وكاتب وإعلامي شريف، وما المسلم بلعان ولا سباب، والصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، نقولها لتلك الجماعة أن تطاول تلك العناصر الساقطة في لجانها الاليكترونية علينا، تلك العناصر التي تتاجر بالدين مع الشيطان، وتطاولها أيضاً على اشرف ما في مصر من كتاب وإعلاميين، هذا التطاول يا فضيلة المرشد لن يجعلنا نبيع ضمائرهم أو أقلامنا لأحد.
وذلك لكون أننا نعتبر رسالتنا لوجه لله ولخدمة ووطننا العظيم بدون أي انحياز لأي لون سياسي بمصر، نقولها لجماعة الأخوان ومن يدور في فلكها أن تجارتنا خالصة مع الله ولوجهه، ولقد قاومنا نظام طغيان مبارك ودخلنا السجون جراء ذلك، ودفعنا ثمناً باهظاً ونحن ندافع عن حريتكم أنتم تحديداً في التيار الإسلامي، وحقكم في الوجود، وعندما أكرمكم الله ومكن لكم تخليتم عمن دافع عنكم، وتنكرتم له، ووصل الأمر بكم للتطاول علي أصحاب الفضل عليكم، ومن هنا أنتم لا تعرفوا أقدار الرجال، وأنتم خطر كبير على الحرية والدولة الديمقراطية الحديثة، كما قال لنا أستاذ نثق فيه وفي رؤيته للأمور.
وكلامنا هنا موجه لأعلى قيادة بجماعة الأخوان، ولن نوجه لصبية يتم توجيههم لا يعرفون مع من يتحدثون أو يعلقون، ويقولون ويكتبون في تعليقاتهم ما يتلقونه من تعليمات بغيضة، وهذا لن يعوقنا عن مواصلة طريقنا، ومن هنا فأننا سنقاوم أية تبعية أخري أو مولاة لـ«واشنطن» و«تل أبيب» مهما كلفنا ذلك من تضحيات.
ويتبقي أن نتوجه بكلمة للسيد الرئيس الدكتور محمد مرسي فحواها أن صديقك من صدقك وأخاك من صارحك بحقيقتك، يا سيدي أنت تسير في طريق خاطئ، وثورتنا لم تقم لأجل أن تواصل سيادتك السير على منهاج المخلوع مبارك، حتى وأن كان سيرك في زاوية العلاقات مع الحلف الصهيوني الأمريكي، نحن انتخبناك ودافعنا عنك عندما ترشحت لأننا رأيناك الأجدر بقيادة الثورة، والالتزام بما نادت به، أيدناك على الرغم من تحذير ثوار كثر لنا بأنك ستسير علي نهج مبارك، وعلي الرغم من مقاطعتهم للانتخابات لهذا السبب، وعلى الرغم من تبنيك لنفس سياسات القروض من المؤسسات الدولية التي كان يتبعها مبارك، وعلى الرغم من كلمة إيران الكارثية، فإننا لا نزال نراهن عليك ولا نزال نعلق الأمل عليك أيضاً فليتك ترى جميع وجهات النظر ولا يغرنك تأييد من شقوا وحدة الأمة ووالوا عدو الله ورسوله، ودعموا نظام الطغيان البائد في مصر