ثمانية أسباب لتدخل الجهات الفاعلة العالمية في ليبيا.. ما هي تلك الأسباب وتلك الدوافع؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ثمانية أسباب لتدخل الجهات الفاعلة العالمية في ليبيا.. ما هي تلك الأسباب وتلك الدوافع؟

تعد ليبيا واحدة من أكثر الدول نفوذاً في المعادلات السياسية المتعلقة بدول شمال إفريقيا، كما أن هذا البلد الواقع في منطقة شمال إفريقيا يتمتع بالعديد من الميزات الفريدة، أولها موقعها الجغرافي، حيث تقع هذه الدولة بالقرب من أوروبا. بالإضافة إلى ذلك، يوجد هناك نوع واحد من الانتماء داخل دول شمال إفريقيا وهذا الحال ما لا نراه في العديد البلدان الإسلامية الأخرى. كما أن هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 6 ملايين نسمة، لديها الكثير من الثروات النفطية. وفيما يلي سوف نسلط الضوء أكثر على الثمانية أسباب لتدخل الجهات الفاعلة العالمية في ليبيا.

وجود مصادر كثيرة للطاقة

توجد الكثير من الثروات النفطية والغازية في ليبيا والجزائر ولهذا السبب، تعتبر منطقة شمال إفريقيا مهمة جدًا للغرب الذين بذلوا الكثير من الجهود خلال السنوات الماضية للسيطرة على هذه البلدان. وحول هذا السياق، كشف العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن الدول الاوروبية تولي اهتماما كبيرا للقارة السمراء وذلك لأنهم يرون بأن هذه المنطقة تمتلك الكثير من الموارد التي سوف تساعدهم في تأمين احتياجاتهم من الطاقة في المستقبل ولهذا فإن الأوروبيين يتنافسون مع بعضهم البعض من أجل بسط سيطرتهم وسيادتهم على إفريقيا.

الترابط العرقي والديني

يمر الترابط العرقي والديني من السودان ويعبر ليبيا وتونس ويصل إلى المنطقة المغربية. يذكر أن العديد من القبائل الافريقية مثل الطوارق والامازيغ يعيشون في العديد من بلدان شمال إفريقيا ويتقلدون العديد من المناصب العليا في تلك الدول. لذا يمكن القول أن هناك أوجه تشابه بين بلدان شمال إفريقيا التي ترتبط ببعضها البعض عرقياً ودينياً.

عائدات النفط

لدى ليبيا عدد من الخصائص المهمة التي جعلت الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية تطمع في التّدخل فيها وإحدى الميزات التي تتمتع بها ليبيا التي يبلغ عدد سكانها نحو 6 ملايين نسمة، هي أن لديها الكثير من الثروات النفطية. في الواقع، تعد ليبيا واحدة من أغنى دول شمال إفريقيا. حيث كان دخل الفرد يصل إلى 12000 دولار، وهو ما يعادل اقتصاديًا مستوى الدخل الأوروبي.

قبول العمال الأفارقة

كل عام، يسافر مليونا مصري ومليون تونسي والكثيرون من تشاد والسودان إلى ليبيا للعمل وتلبية احتياجاتهم الاقتصادية. إن حاجة البلدان المجاورة لليبيا ستزيد من أهمية هذا البلد الغني بالنفط. لهذا السبب، تحاول الدول المجاورة لليبيا تعزيز علاقاتها ومصالحها مع هذا البلد الشمال افريقي ولا يقتصر هذا الأمر على جيران ليبيا، بل إن الصين وتركيا وكوريا الجنوبية ودول أخرى لها مصالح في ليبيا وتحاول الحفاظ على تلك المصالح وهذه الدول تعتقد أن ليبيا لديها سوق اقتصادية جيدة.

المصّدر الرئيس للغاز إلى إيطاليا

تمتلك ليبيا نفطاً عالي الجودة في جنوب البحر المتوسط ونظراً لحدوث العديد من الاضطرابات في العالم خلال السنوات الماضية والتي عطلت عملية تصدير النفط من منطقة الخليج الفارسي، زاد هذا الامر من أهمية ليبيا وتجدر الإشارة هنا إلى أن أهمية ليبيا في مجال الطاقة لا تقتصر على النفط، فهي توفر الغاز الذي تحتاجه إيطاليا.

ليبيا أقرب دولة في شمال إفريقيا إلى اوروبا

تعتبر ليبيا من أقرب الدول الواقعة في منطقة شمال افريقيا إلى الدول الاوروبية وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية بأن الكثير من المهاجرين الافارقة يعبرون من ليبيا ويتنقلون عبر القوارب إلى ايطاليا وهذا الامر يؤكد بأن هذا البلد الشمال إفريقي يتمتع بمكانة جغرافية مهمة ولهذا فإن العديد من الدول الاوروبية وخاصة ايطاليا تولي اهمية كبيرة لليبيا. يذكر أن ايطاليا بعد الحرب العالمية الاولى بذلت الكثير من الجهود لبسط سيطرتها على ليبيا ولكن القوات الشعبية الليبية أجبرتها بعد مرور العديد من السنوات على الانسحاب والخروج من هذا البلد الشمال افريقي.

المشرق والمغرب العربي

تعتبر مصر والسودان عمومًا جزءًا من المشرق العربي، وتعتبر تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا جزءًا من المغرب العربي وليبيا تقع بين المشرق والمغرب العربي. لذلك، لوحظ أنه في تونس والجزائر والمغرب العربي، تعتبر اللغة الفرنسية شائعة جدًا ولكن المصريين والسودانيين، الذين كانوا على صلة وثيقة ببريطانيا، تنتشر فيها اللغة الإنجليزية. ومع ذلك، فإن "هيمنة اللغة الاجنبية" في ليبيا تعتبر أقل تأثيراً. لقد كانت ليبيا دولة مشهورة ببلد النضال ولقد اتخذ الليبيون موقفا جادا ضد الكيان الصهيوني، وفي دستور بلادهم كان هناك بند يسمى "مقاطعة إسرائيل" ينص على قطع العلاقات مع تل أبيب. ولهذا الامر فإننا نرى العديد من الدول الغربية وعلى رأسهاأمريكا تخاف كثيراً من معتقدات وتوجهات أبناء الشعب الليبي.

سقوط القذافي؛ والدولة التي بها برلمانان

على مدار الأعوام الثمان الماضية، كانت ليبيا مسرحًا للاشتباكات بين المعارضة والجماعات المتشددة التي انتشرت في هذا البلد الشمال افريقي بعد الإطاحة بالقذافي. يذكر أن المعارضين للزعيم الليبي السابق "معمر القذافي" اتحدوا تحت مظلة واحدة للإطاحة بالقذافي وإزاحته من السلطة، لكن بعد الإطاحة به، نشبت العديد من النزاعات والصراعات بين جماعات المعارضة للاستيلاء على السلطة والتي لا تزال مستمرة حتى الآن.

وفي وقتنا الحالي تعيش ليبيا مقسمة بين الشرق والغرب ويحكمها برلمانان وحكومتان منفصلتان (طبرق وطرابلس). وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية بأن اللواء "حفتر" الذي يقود تحالفاً تدعمه دول مثل مصر والإمارات والسعودية وفرنسا وروسيا وأمريكا، والذي يسيطر على مناطق شرق ليبيا، شن حربًا شاملة ضد حكومة طرابلس التي يقودها رئيس الوزراء "فايز السراج"، المعترف به من قبل المؤسسات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة. يذكر أن "السراج" الذي يرأس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، يتلقى الكثير من الدعم من دول مثل إيطاليا وقطر وتركيا، ولقد بذل الكثير من الجهود خلال السنوات الماضية لبسط سيطرته على العاصمة طرابلس ومناطق غرب ليبيا.

وفي سياق متصل، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن ميليشيات اللواء "حفتر" بدأت عملياتها العسكرية قبل بضعة أشهر  في أطراف مدينة طرابلس لتطهير تلك المناطق من الإرهابيين وأعلن "حفتر"، المدعوم من قبل الإمارات ومصر والسعودية، قبل أيام قليلة عن نيته للسيطرة واحتلال العاصمة طرابلس. ولقد تزامنت عملية هجوم "حفتر" على العاصمة طرابلس مع توقيع اتفاق أمني بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية بقيادة "السراج"، وهو الاتفاق الذي أثار غضب مصر وبعض الدول الأخرى الداعمة لـ"حفتر".

وفي الختام يمكن القول بأن الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية، تسعى لتحقيق مصالحها السياسية الخاصة في هذه الدولة الغنية بالنفط، وذلك من خلال تمويل وتسليح التيارين المتنازعين في هذا البلد، وهذا الامر زاد من تعقيد الأزمة في ليبيا.

قراءة 964 مرة