مقاربة صعبة تلك التي تحاول اليابان تبنيها من خلال استراتيجية ترنو إلى المحافظة على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وإيران من جهة أخرى.
عبد الجبار أبوراس
- اليابان حركت مدمرة وطائرات دورية إلى الشرق الأوسط لضمان أمن طرق التجارة البحرية
- خطوة جاءت في ظل ضغوط أمريكية عليها للانضمام لتحالف دولي أمني لحماية الملاحة بمضيق هرمز
- اليابان تستورد نحو 90 بالمئة من احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط لكنها ترفض الانضمام للتحالف
- طوكيو اختارت تشكيل مهمة "مستقلة" من قوات الدفاع الذاتي وأرسلتها إلى المياه قبالة اليمن وعمان
- الحكومة اليابانية تحرص على إبقاء العلاقة جيدة مع إيران
- مسؤولون يابانيون قالوا إن طوكيو تواصلت مع طهران وواشنطن وكلاهما أعطاها ضوءا أخضرا لإرسال وحدتها العسكرية
مقاربة صعبة تلك التي تحاول اليابان تبنيها من خلال استراتيجية ترنو إلى المحافظة على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وإيران من جهة أخرى.
ومؤخرًا، أعلنت طوكيو إرسال مدمرة وطائرات دورية إلى الشرق الأوسط، وتحديدا إلى منطقة "بحر العرب"، لضمان أمن طرق التجارة البحرية فيها، تحسبًا لأي صراعات مفاجئة في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران.
خطوة تأتي في ظل ضغوط ومساع أمريكية لتشكيل تحالف دولي أمني لحماية الملاحة البحرية في مضيق هرمز الذي يمر عبره أكثر من 20 بالمئة من النفط الخام بالعالم، والذي كانت إيران هددت بإغلاقه ردًا على عقوبات واشنطن عليها.
وتزامن إعلان الإرسال مع زيارة يجريها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إلى دول خليجية لـ 5 أيام، بدأت السبت وتستمر حتى الأربعاء، وتشمل السعودية والإمارات وعمان.
واليابان؛ هي ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم، والحليف الوثيق لواشنطن، تستورد نحو 90 بالمئة من احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط، بحسب صحيفة "ذا جابان تايمز" المحلية.
ولا تقتصر واردات اليابان من الشرق الأوسط على النفط، بل أيضًا على المنتجات البتروكيمياوية، ووفق إحصاءات حكومية، تحصل على حوالي 17 في المائة من وارداتها من سبائك الألومنيوم من الشرق الأوسط.
وهذا يعني أنه ليس من مصلحتها وأنها لن تستطيع تحمل تبعات مزيد من التوتر في منطقة شهدت بالفعل اضطرابات خلال العام الماضي، بين واشنطن وحليفتيها السعودية والإمارات من جهة، وإيران من جهة أخرى، عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وإعادة فرض عقوبات على طهران.
وكان هناك أيضًا مخاوف من تفاقم الأوضاع خاصة بعد اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، وقادة آخرين، في غارة جوية أمريكية بتعليمات من الرئيس دونالد ترامب في العراق.
وردت طهران بقصف صاروخي استهدف قاعدتين عسكريتين تستضيفان جنوداً أمريكيين غربي العراق وشماله.
** "رضوخ" للضغوط الأمريكية
صحيفة "ذا جابان تايمز"، قالت في تقرير نشرته في ديسمبر/ كانون أول 2019، إن طوكيو وجدت نفسها تحت ضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتنضم إلى التحالف الأمني، بهدف تخفيف ما يعتبره الأخير عبء الدفاع عن مصالح الحلفاء في الشرق الأوسط.
اليابان، ورغم رفضها الانضمام لذلك التحالف، إلا أنها اختارت إرسال مهمة عسكرية "مستقلة" إلى المياه قبالة عمان واليمن، بهدف حماية سفنها التجارية بالمنطقة، بحسب الصحيفة نفسها.
كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيد سوجا، سبق أن قال إن طوكيو لن تنضم إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، لكنها "ستتعاون بشكل وثيق" مع واشنطن.
ونقلت الصحيفة عن أسامو مياتا، رئيس مركز الدراسات الإسلامية المعاصرة في اليابان قوله: "أعتقد أن طوكيو لم يكن لديها خيار سوى الرضوخ للضغوط الأمريكية".
وأضاف: "اليابان كانت في موقف حرج، نظرًا لأنها لم تستطع رفض جميع مقترحات ترامب، لكنها بالوقت نفسه لم ترد المخاطرة بعلاقتها الجيدة مع إيران، ما يعني أن نشرها قوات منفصلة عن قوات التحالف (بقيادة واشنطن) كان الخيار الأفضل".
ومضى قائلًا: "في الحقيقة، فإن عدم انضمام طوكيو لقوات التحالف الأمريكية يعد إشارة جيدة من وجهة نظر إيران، لكن المحفز الأساسي لإرسال قوات دفاع ذاتي كان طلب ترامب لليابان، وهذا أيضًا أمر مقلق للغاية" بالنسبة للدول المجاورة.
والجدير بالذكر أن قرار إرسال مدمرة وطائرات دورية إلى الشرق الأوسط تمت المصادقة عليه في 27 ديسمبر 2019، من قبل الحكومة اليابانية.
خطوة قالت طوكيو إنها تهدف إلى "لعب دور في الحفاظ على السلام هناك، دون الانضمام إلى تحالف تقوده واشنطن لحماية السفن التي تمر عبر مضيق هرمز"، بحسب وكالة أنباء كيودو اليابانية.
** حرص على علاقات جيدة مع إيران
وكالة كيودو، ذكرت في تقرير نشرته الخميس الماضي، أن طوكيو اتخذت قرار تنفيذ عملية مستقلة وعدم الانضمام للتحالف لتجنب الإضرار بـ "علاقاتها الودية" مع إيران.
وأضافت الوكالة أن مناطق العمليات ستقتصر على خليج عمان، ومضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، ويستثنى من ذلك مضيق هرمز والخليج العربي، نظرًا لمعارضة إيران لمبادرة التحالف الذي تقوده واشنطن.
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "ذا جابان تايمز" في تقرير نشرته الجمعة، إن "وحدة قوات الدفاع الذاتي التي ترسلها اليابان ستكون مستقلة، لكنها قد تقدم معلومات استخباراتية تجمعها مع الدوريات التي تقودها واشنطن في الخليج".
كما نقلت عن مسؤولين يابانيين قولهم، إن طوكيو تواصلت جيدًا مع طهران وواشنطن، وكلاهما أعطاها الضوء الأخضر لإرسال وحدتها العسكرية.
ومساء الخميس، تحدث وزير الدفاع الياباني تارو كونو، هاتفيًا، مع نظيره الإيراني أمير حاتمي، ليشرح له خطة بلاده بشأن عملية الإرسال.
وقال كونو، في تصريحات إعلامية بمقر وزارة الدفاع اليابانية، إن رد نظيره الإيراني حول الخطة لم يكن سلبيًا، وفق صحيفة "ذا جابان تايمز".
** جولة "آبي" الخليجية
وقبيل توجهه إلى مطار العاصمة طوكيو لبدء جولته إلى الخليج، قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في تصريحات إعلامية، إن بلاده "ستتخذ مبادرتها الخاصة لتسيير دبلوماسية سلام، بهدف تهدئة التوترات وتحقيق الاستقرار في المنطقة".
وأضاف، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية، منها وكالة كيودو، إنه يريد كسب دعم الدول الثلاثة بخصوص عملية إرسال وحدة قوات الدفاع الذاتي إلى المنطقة نظرًا لأهمية ضمان سلام السفن التجارية اليابانية العاملة هناك.
ووصل رئيس الوزراء الياباني، السبت، إلى العاصمة السعودية الرياض، في أولى محطات جولة خليجية تستغرق 5 أيام، تشمل دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.
تجدر الإشارة أن اليابان كانت واحدًا من المستوردين الرئيسيين للنفط الإيراني، وذلك قبل فرض العقوبات الأمريكية على طهران، ويقول محللون إن أمن الطاقة لطوكيو يعتمد على الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.