مسيرات "الزحف الأخضر" بالسودان..مؤامرة أم حرية تعبير؟ (تحليل(

قيم هذا المقال
(0 صوت)
مسيرات "الزحف الأخضر" بالسودان..مؤامرة أم حرية تعبير؟ (تحليل(

في 14 ديسمبر/ كانون أول الماضي، انطلق أول موكب احتجاجي لـ"الزحف الأخضر" بالعاصمة السودانية الخرطوم، تلبية لدعوات عبر مواقع التواصل لـ"تصحيح مسار الثورة وتحقيق شعاراتها"، وفق القائمين عليها.

الخرطوم/ أحمد عاصم

- مسيرات انطلقت منذ أكثر من شهر لـ"تصحيح مسار الثورة وتحقيق شعاراتها" وفق القائمين عليها
-
رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان دعا إلى سنّ تشريع من خلال قانون ينظم التظاهرات ويحدد أهدافها
-
نائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" ربط تمرد جهاز المخابرات بمسيرات "الزحف الأخضر" معتبرا أن الأمر "مؤامرة" تحاك ضد الثورة 


في 14 ديسمبر/ كانون أول الماضي، انطلق أول موكب احتجاجي لـ"الزحف الأخضر" بالعاصمة السودانية الخرطوم، تلبية لدعوات عبر مواقع التواصل لـ"تصحيح مسار الثورة وتحقيق شعاراتها"، وفق القائمين عليها.
مسيرات سرعان ما فجرت ردود أفعال متباينة، حيث دعا رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى سنّ تشريع من خلال قانون ينظم التظاهرات ويحدد أهدافها والقائمين عليها.
فيما ربط نائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أثناء تعليقه على أحداث تمرد جهاز المخابرات الثلاثاء الماضي، بالعاصمة الخرطوم، بين مسيرات "الزحف الأخضر" والتمرد نفسه، معتبرا أن الأمر "مؤامرة" تحاك ضد الثورة السودانية، وهدفها "إرباك" المشهد السياسي بأكمله.


** "الزحف الأخضر"

اختيار اللون الأخضر يأتي في إشارة رمزية للامكانات الزراعية الكبيرة التي يتمتع بها السودان، والتي يمكن أن تساهم في إخراج شعبه من الضائقة المعيشية التي يمر بها، بحسب مصدر من مكتب إعلام مواكب "الزحف الأخضر" تحدث للأناضول.
وفي 11 يناير/ كانون ثان الجاري، طالب آلاف المحتجين السودانيين بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة (وسط)، في ثاني موكب لـ"الزحف الأخضر"، برحيل الحكومة الانتقالية، و"عدم المساس بالشريعة الإسلامية".

وتبنت تيارات وأحزاب إسلامية متعددة الدعوات للمشاركة في "الزحف الأخضر"، وتنوعت الأسباب التي أوردتها تلك الأحزاب لقراراتها المشاركة في الفعالية الاحتجاجية.

ومن الأسباب، الاعتراض على سياسات الحكومة التي قالوا إنها "انصرفت إلى الصراعات الحزبية، وتنفيذ أجندة سياسية ضيقة معادية للقيم والهوية السودانية الإسلامية، فضلا عن ممارستها للعزل والإقصاء".

لكن المتحدث باسم "تجمع المهنيين السودانيين" محمد ناجي الأصم، أشار في 10 ديسمبر الماضي، إلى أن بعض كوادر "المؤتمر الوطني" المنحل (حزب الرئيس المعزول عمر البشير) هم وراء الدعوة لمظاهرات 14 ديسمبر.

والأسبوع الماضي، وصف حميدتي تمرد هيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة بأنه "مخطط مدروس للفتنة يقف وراءه صلاح قوش، مدير المخابرات السابق، عبر ضباط في الخدمة والمعاش، ضمن مخطط مواكب الزحف الأخضر في مدينة ود مدني، والموكبين القادمين في مدينة الفولة بولاية غرب كردفان والخرطوم".

وناشد حميدتي المواطنين عدم الاستجابة لها.


** حظر في "غرب كردفان"

الخميس الماضي، ترأس والي غرب كردفان، اللواء الركن عبدالله محمد عبدالله، اجتماع لجنة امن الولاية بأمانة الحكومة بالفولة، وذلك عقب بعد انتشار دعوة عبر مواقع التواصل لموكب "الزحف الخضر".

وقال الوالي لوكالة أنباء السودان الرسمية، إن الاجتماع تناول قرار مجلس الأمن والدفاع الخاص بمنع المسيرات والمظاهرات إلى حين صدور الموجهات والتشريعات التي تنظمها وتحدد مسؤلياتها.

وأضاف أن حكومته اتخذت التدابير المعنية والوقائية الخاصة بقيام المظاهرات، وذلك لدواعي أمنية ومن أجل حفظ الأمن بالولاية.

وناشد والي غرب كردفان المواطنين بعدم الاستجابة للمسيرات، محذرا الذين ينشرون إعلان المظاهرات عبر مواقع التواصل ويروجون لها، من أنه ستطالهم المساءلة القانونية عبر جرائم المعلوماتية.

وقال إن "المطالب المشروعة يجب أن تقدم عبر القنوات الرسمية وليس بالفوضى وتعطيل المصالح العامة والخاصة"، داعيا الجميع للعمل بالخروج بالوطن من الأزمات.


** تأييد

في المقابل، أكدت التنسيقة العامة لمواكب "الزحف الأخضر، الجمعة، استمرار المسيرات.

وفي بيان اطلعت عليه الأناضول، قالت: "نؤكد لكم أن الزحف الأخضر إنما هو حراك شعبي ومطلبي ولد من رحم هذه الثورة الفتيِّة التي رفضت الظلم والفساد والاستبداد، والتي خرجت على نظام سابق عجز عن توفير الحياة الكريمة لهذا المواطن".
وأضاف: "كما نؤكد لكم بأننا براءٌ مما ذكره نائب المجلس السيادي بجوبا (حميدتي/ عاصمة جنوب السودان) بأن الزحف الأخضر له صلة بتلك الأحداث الأخيرة"، في إشارة لتمرد هيئة العمليات بجهاز المخابرات.

وتابع :" نؤكد أن مسيراتنا المطلبية متواصلة رغم قرارات هؤلاء، والتي تنافي المواثيق الوطنية والدولية التي أقرت حرية التعبير، فهذه التظاهرات تهدف إلى تصحيح مسار الثورة والحفاظ على أهدافها السامية."

من جهته، قال أمين عام حزب "المسار الوطني"، لؤي عبد المنعم، في بيان تلقت الأناضول نسخة منه: "نؤكد تأييدنا لحرية التظاهر السلمي دون إذن مسبق، ونحمل السلطة الانتقالية مسؤولية أي خسائر في الأرواح والممتلكات."

وتابع: "كما نؤكد تحفظنا على المشاركة في أي حراك يدعو له أو يقوده المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق) خلال الفترة الانتقالية، والذي قامت الثورة بسبب فشل قيادته في إدارة البلاد، مع تأكيد موقفنا الرافض والمناهض سلميا للإقصاء والتهميش وسياسات التمكين التي تنتهجها حكومة قوى الحرية والتغيير".


** قانون لتنظيم التظاهرات.. رفض مسبق

تفاجأت الأوساط السياسية المحلية بإعلان البرهان، خلال مقابلة تلفزيونية مع القناة السودانية الرسمية، ردا على سؤال بسماح السلطات لمواكب "الزحف الأخضر في الفولة والخرطوم، أن الجهات العدلية ستقدم قانونا لتنظيم التظاهرات خلال الأسابيع القادمة.

وقال حزب المؤتمر السوداني (من مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير قائدة الاحتجاجات): "تواترت الأنباء نحو اتخاذ قرارات تقيد الحق في التظاهر تحت ذريعة التصدي لفلول النظام البائد".
وأضاف: "نحن في حزب المؤتمر السوداني نؤكد رفضنا البات لأي اجراءات تنقض على الحريات الأساسية تحت أي ذريعة من الذرائع".

وتابع: "ونؤكد أن مشروع تقييد التظاهر هذا لم يعرض علينا في أي مرحلة من المراحل، ولن نكون جزءاً من أي فعل ينقلب على مكتسبات ثورة ديسمبر".

وأشار إلى أن أزمات السودان الراهنة التي تتجلى في تدهور الوضع الأمني وازدياد خناق الأزمة الاقتصادية لن تحل باتخاذ تدابير أمنية، بل باستكمال مهام الثورة وتوجه مؤسسات السلطة الانتقالية في اتجاه الوفاء لمستحقات إعلان الحرية والتغيير.

من جانبه، دعا حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي أسسه المفكر الإسلامي الراحل حسن الترابي، "العقلاء والحكماء إلى التحرك العاجل لاستدراك الأمور قبل استفحالها".
وقال الحزب في بيان إن "المطلوب الآن هو إعادة النظر فورا في تشكيل مؤسسات الانتقال العليا من مجلسي السيادة والوزراء، والإسراع بالتوافق على معايير إدارة الفترة الانتقالية، وإسناد المهام التنفيذية لكفاءات وطنية."


** "الشيوعي" يحذر

في 15 يناير الماضي، قالت سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، في بيان، إن "هناك تآمر واسع اشتركت فيه عدة جهات من الداخل والخارج (دون تحديد) بهدف إجهاض الثورة".
وأوضح أن "التخطيط له وتنفيذه بدأ منذ إبريل الماضي، واتخذ هذا التآمر عدة أشكال وسيناريوهات، بدأت بانقلاب اللجنة الأمنية وفض الاعتصام، ومحاولات الانقلابات العسكرية العديدة التي تم الكشف عنها في حينه".

ولفت إلى أن "السيناريوهات شملت محاولات إثارة الفوضى والعنف وخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني بالبلاد، وخلق الأزمات للتضييق على المواطنين (...) ، وذلك لخلق حالة من اليأس وسط الجماهير بعدم جدوى الثورة والخروج بالأوضاع الأمنية عن السيطرة، تمهيداً لإعلان فشل المرحلة الانتقالية أو قيام انقلاب عسكري أو مدني يعيد فلول النظام المباد للسلطة".

وفي 21 أغسطس/ آب 2019، بدأ السودان مرحلة انتقالية تستمر 39 شهرا، تنتهي بإجراء انتخابات يتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري (المنحل)، وقوى إعلان الحرية والتغيير، قائدة الحراك الشعبي.

المصدر:الاناظول

قراءة 1024 مرة