خبراء يرون أن الرئيس الروسي يرغب بالحفاظ على إرثه السياسي إلى ما بعد انتهاء ولايته عام 2024، وذلك بعد تقديمه مقترحا فجائيا يقضي بإجراء تعديلات دستورية
أنقرة/ بشرى نور بيلغيش شاكماك
يرى خبراء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يسعى إلى البقاء في السلطة بعد انتهاء فترته الرئاسية عام 2024، وذلك بعد تقديمه مقترحا فجائيا يقضي بإجراء تعديلات دستورية.
وتعهد بوتين الأربعاء، بتقديم تعديلات دستورية وعرضها إلى استفتاء عام، وذلك خلال خطابه السنوي في الجمعية الاتحادية التي تتألف من مجلسي الدوما (الغرفة السفلى) والاتحاد (الغرفة العليا).
وقدمت الحكومة الروسية استقالتها الأربعاء، عقب اقتراح بوتين إجراء تصويت على تعديلات دستورية من شأنها نقل السلطة من الرئاسة إلى البرلمان ورئيس الوزراء.
ووافق بوتين على طلب استقالة الحكومة وطلب من رئيس مجلس الوزراء دميتري ميدفيديف، أن يشغل منصب نائب رئيس المجلس الأمني في البلاد.
واستجاب ميدفيديف لطلب بوتين، وعبّر عن تأييده لقرار استقالة الحكومة، قائلا إن ذلك "يساعد الرئيس على اتخاذ القرارات اللازمة".
ويمنح النظام الجديد، البرلمان (مجلس الدوما) الحق في اختيار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة؛ أما في الوقت الحالي فإن الرئيس هو من يعيّن رئيس الوزراء.
وفي حديث مع الأناضول، يقول الأستاذ الجامعي أوكطاي طانري سفر، في جامعة الشرق الأوسط التقنية، إن وجود ميدفيديف برئاسة مجلس الوزارء وبوتين برئاسة الدولة "يشكل قيودا دستورية".
ويضيف طانري سفر: "لكن ببناء نظام وجدول زمني جديدين، يستطيع بوتين البقاء في السلطة من خلال التوفيق بين المصالح المختلفة في إطار مؤسسي جديد دون تقويض قيادته للبلاد".
وبحسب أستاذ العلاقات الدولية، فإن الهدف الرئيسي من التعديلات المقترحة من قبل بوتين، هو المحافظة على تحالفات السلطة لفترة أطول.
بدوره، يرى مسعود حقي جاسين، أستاذ القانون في جامعة يدي تبه، أن "بوتين يرغب بمواصلة إرثه السياسي بموجب دستور جديد".
ويضيف جاسين: "تشير التعديلات المقترحة إلى زيادة دور وسلطة رئيس الوزراء، لذلك أرى أن بوتين سيشغل منصب رئيس الوزراء في 2024، فيما سيتسلم ميدفيديف منصب رئيس الدولة".
ويتوقع جاسين أن يوافق الشعب الروسي على هذه التعديلات في الاستفتاء، "لأنهم يريدون أن يستمر حكم بوتين في المستقبل".
ويقول إن "التوترات مع الغرب أدت إلى ظهور قومية روسية جديدة، وأرى أن شعبية الرئيس الروسي مرتفعة خاصة بين فئة الشباب".
** نظام جديد يشبه نظام الاتحاد السوفييتي
وحول منصب رئيس مجلس الوزراء، يرى طانري سفر، أنه سيتمتع في النظام الجديد بدور تقني أكثر منه سياسي، بمعنى أن "مجلس الوزراء سيعالج المسائل الفنية، بينما يتخذ الرئيس والمجلس الأمني القرارات الهامة".
ويتابع: "أعتقد أن هذا الكيان التأسيسي يشبه إلى حد كبير النظام السوفييتي، حيث كان منصب رئيس الوزراء مسؤولا عن قضايا اقتصادية وليس سياسية. كان رؤساء الوزراء يتعاملون مع المسائل المالية والتنمية الاقتصادية، بعيدا عن أي مهام سياسية أو أمنية في النظام".
ويكمل: "سوف يعمل الرئيس على تشكيل مجلس أمني على شكل مكتب سياسي، ويكون لديه بنية مشابهة لتلك التي كانت في الاتحاد السوفييتي. ولن يعتقد أحد أن لرئيس الوزراء مهام سياسية تنفيذية".
ويعتقد طانري سفر، أن "بوتين لا يرغب بإعادة الحياة إلى الاتحاد السوفييتي، بل هو يرغب بتطبيق نظام أثبت فاعليته في روسيا من قبل".
ويضيف: "الهدف يكمن في عدم تسييس كيان الدولة الروسية، أي أن مجلس الوزراء يعالج القضايا الفنية، والمجلس الأمني يتخذ القرارات الهامة".
** استنكار غربي
في السياق ذاته يقول طانري سفر: "أعتقد أن نية بوتين هي تشكيل إطار يمكّن روسيا من ضم دول مثل بيلاروسيا ودول أخرى محتملة ضمن النظام الجديد".
ويرجح أن تلاقي خطوة بوتين انتقادات غربية، وأن يتم اعتبارها خطوة "لا تساعد على تعزيز الديمقراطية في روسيا"، وسوف يعبّرون عن استنكارهم الحقيقي عندما "تقرر روسيا توسيع الإطار المؤسسي هذا، ليشمل الدول المجاورة".
ويتابع طانري سفر: "هنا يكمن الخطر الحقيقي. أعتقد أن على الدول الأخرى النظر في محاولات روسيا إعادة دمج دول الاتحاد السوفييتي السابق في النظام الجديد".
المصدر:الاناظول