علي شهاب
سبب عدم الإعلان عن حالات كثيرة في أفريقيا، هو لغز حقيقي لم ينجح المختصون في حلّه بعد.
- الإحصائيات المتوفرة تشير إلى عدم وجود إصابات بفيروس كورونا في أفريقيا
للوهلة الأولى، يظن المتابع لأخبار فيروس كورونا المستجدّ أن أفريقيا تشهد المئات، إن لم نفترض آلاف الإصابات غير المُعلنة، بسبب الفقر وعدم وجود أنظمة رعاية صحية ملائمة في الكثير من دول القارة السمراء، ولكنّ البحث في الدوريات العلمية العالمية وتتبّع آراء العلماء، يفيدان بأن سبب عدم الإعلان عن حالات كثيرة في أفريقيا، هو لغز حقيقي لم ينجح المختصون في حلّه بعد.
وما خلا مصر التي تأخّرت في الإعلان عن حالات الإصابة فيها، لا تشير الإحصائيات الرسمية إلى أرقام تُذكر في أفريقيا التي يقطنها مليار وثلاثمئة مليون نسمة، فالمجموع العام للإصابات في القارة بأسرها لا يتعدى حتى الساعة 95 إصابة.
في الواقع، لقد سارعت منظمة الصحة العالمية إلى مساعدة دول أفريقيا، حتى باتت 37 دولة منها تمتلك القدرة على اختبار أعراض فيروس كورونا، بعد أن كان الأمر حكراً على السنغال وجنوب أفريقيا فقط.
وعلى الرغم من أنّ عدد الأشخاص الذين خضعوا للاختبار في كل أفريقيا لا يتجاوز بضع مئات، فإنّ التقديرات المبنية على الأرقام والإحصائيات المتوفرة تشير بالفعل إلى عدم وجود إصابات بالوباء.
ولا يمكن الجزم بوجود إصابات مخفية مهمة، فبعد عدة أسابيع من انتشار الفيروس عالمياً، كان يمكن أن تمتلئ شوارع أفريقيا وغاباتها بالموتى والمُصابين، لو صحّ بالفعل وجود طفرة في انتشاره.
والأمر الذي يعزز غموض اللغز الذي لا يمتلك العلماء حتى الآن إجابة عليه: لماذا لم ينتشر كورونا في أفريقيا بالشكل الذي انتشر به في قارات أخرى؟
إن محاولة الإجابة على هذا السؤال لا يجب أن تقلّل أيضاً من أهمية الإجراءات التي اتخذتها حكومات العديد من الدول الأفريقية، ووصلت إلى حد عزل المسافرين من الدول الموبوءة منذ الأيام الأولى، في حين عمدت دول أخرى إلى الاستعانة بطواقم طبية من طلاب الجامعات الشباب عند المعابر الجوية والبرية والبحرية، بعد أن ثبت عالمياً أن فئة الشباب لا تعاني كثيراً من أعراض الفيروس، وإن أصيبت به، ولكن نظرية أكاديمية فرنسية تشير إلى أن طبيعة التنقل في أفريقيا قد تكون السبب في عدم انتشار الفيروس بشكل وبائي.
كذلك، يؤدي عامل العمر دوراً مهماً في تفسير سبب مناعة أفريقيا، إذ إنّ معدل الأعمار في معظم الدول الأفريقية أقل بكثير من معدّل الأعمار في أوروبا أو الصين. وعلى سبيل المثال، يبلغ معدل أعمار السكان في بريطانيا 40 عاماً، بينما يبلغ 18 عاماً في نيجيريا؛ أكثر بلدان أفريقيا كثافة سكانيةً.
ثمة نظريات كثيرة معقولة، ولكنها لا تقدم أجوبة وافية، وخصوصاً أنّ الوباء لم يبلغ ذروته عالمياً، ولا نزال في المرحلة الأولى لانتشاره في أغلب دول العالم، باستثناء الصين وكوريا الجنوبية، اللتين شهدتا أرقاماً إيجابية في الأيام الأخيرة.
ويبقى الخطر الأكبر بالنسبة إلى أفريقيا والدول الفقيرة في أنحاء العالم هو انهيار النظام الصحي في حال خرج الوباء عن السيطرة، وخصوصاً مع وجود أمراض أخرى تعانيها هذه الدول، كالملاريا.
المصدر : الميادين نت