كبار المسؤولين الأميركيين وفي مقدمتهم وزير الخارجية مايك بومبيو، يمضون قدما في العمل على تمديد حظر بيع الأسلحة لإيران، رغم انتهاك واشنطن لقرار مجلس الامن الرقم 2231، بانسحابها الاحادي من الاتفاق النووي مع ايران.
وجاءت محاولات الادارة الاميركية في هذا الاطار بعد التحركات الدبلوماسية الواسعة التي قامت بها ايران نتيجة تعرضها لوباء كورونا، فقد ركز الرئيس الايراني حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف في الاتصالات التي أجراها مع نظرائهما في دول العالم على قضية تأثير اجراءات الحظر الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة على الجهود التي تبذلها السلطات الايرانية للحد من تبعات تفشي الفايروس.
وقد اثمرت الجهود الدبلوماسية التي بذلتها طهران في هذا الاطار عن تعاطف دولي كبير مع ايران بل أن بعض زعماء العالم وكبار المسؤولين في العديد من الدول نددوا بالحظر الأميركي على ايران، وفي نفس الوقت فان التحركات البدلوماسية الايرانية احرجت الادارة الاميركية، خاصة وأن بعض الدول وكان من بينها أصدقاء وحلفاء للولايات المتحدة طالبت واشنطن بإلغاء الحظر الذي تفرضه على ايران حتى ولو بشكل جزئي.
المسؤولون الاميركيون وفي مقدمتهم بومبيو طالما هربوا للامام مقابل التحركات الدبلوماسية الايرانية والدعوات الدولية، فبدل أن يستجيبوا لهذه المطالب او ينتهجوا سياسة منطقية تجاه ذلك، زعموا تارة أن ايران ترعى الارهاب، وتارة أخرى بأن ايران تهدد أمن المنطقة، وهي نفس المزاعم والادعاءات التي تسوقها واشنطن ضد طهران في تبرير انسحابها من الاتفاق النووي، وفي آخر خطوة من خطوات الهروب للامام أعلن بومبيو بأنه يسعى الى تمديد حظر بيع الأسلحة لايران.
وبما انه يعلم جيدا أن الذي يسعى لتحقيقه يتناقض كليا مع القوانين الدولية، فليس باستطاعة بومبيو مطالبة مجلس الامن الدولي بنقل الاتفاق النووي اليه واتخاذ القرارات بشأنه أو تفعيل آلية الزناد، لأن رئيسه دونالد ترامب وبلاده في الأساس انسحبت من هذا الاتفاق، لذلك اخترع لنفسه طريقة للخروج من هذا الانسداد القانوني فادعى أن بلاده لا تزال شريكة في الاتفاق وهي التي اقترحت وقدمت الاتفاق للمصادقة عليه!!.
ومعظم التوقعات تتجه نحو فشل بومبيو في مهمته من الناحية القانونية لانها تتعارض مع انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، ولكن فيما لو نجح وقرر مجلس الأمن تمديد حظر شراء السلاح على ايران فماذا سيكون موقف طهران؟
أولا: لا ينبغي على مجلس الأمن الدولي تداول الموضوع فهو لا يستحق حتى عقد اجتماع من أجله، لأن المجلس وبمصادقته على الاتفاق النووي ألغى كافة أنواع الحظر ضد ايران الا ان واشنطن قامت بإعادة الحظر على ايران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي وهددت جميع الدول بالمعاقبة اذا لم تلتزم بالحظر الاميركي.
ثانيا: من المتوقع أن تستخدم روسيا والصين وربما سائر أعضاء المجلس حق النقض ضد المشروع الاميركي، ليس لأن موسكو وبكين لديهما علاقات ممتازة مع ايران، بل ان مشروع بومبيو يتعارض مع الاتفاق النووي الذي صادق عليه مجلس الامن.
ثالثا: ايران لن تقف مكتوفة الايدي تجاه الخطوة الاميركية وتأييد مجلس الأمن الدولي لها، فقد أعلن الرئيس حسن روحاني العام الماضي أن ايران ستتخذ العديد من الخطوات فيما لو أحيل الاتفاق النووي لمجلس الأمن، من بينها ايقاف التعاون مع الدول الأوروبية.
وفي اطار ردود الفعل أيضا، اشارت وسائل اعلام ايرانية الى خيارات ايران في الرد على الخطوة الاميركية ولم تستبعد ان توقف طهران في الوهلة الأولى العمل بالبروتوكول الملحق لمعاهدة الحد من الانتشار النووي، فايران تنفذ البروتوكول طواعية رغم انها لم توقع بشكل رسمي عليه، أما للوهلة الثانية فإن بامكان ايران الانسحاب من الاتفاق النووي برمته.
لاشك أن الأمور لو وصلت الى هذه الدرجة فان المسؤول الأول عن ذلك هي الولايات المتحدة وكذلك الدول الأوروبية ومجلس الأمن الدولي، فبدل أن يقفوا بوجه واشنطن بسبب ممارساتها التي تعارض القانون الدولي ويوقفوها عند حدها ويمنعوها من التمادي وتجاهل المعاهدات والاتفاقيات الدولية فانهم حققوا رغبتها في فرض المزيد من الضغوط عل ايران رغم تخلي الادارة الاميركية عن الاتفاق النووي.
صالح القزويني
المصدر:العالم