أحمد رمضان -
مع اقتراب التنصيب الرسمي للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في الـ20 من يناير/كانون الثاني المقبل، يترقب المتابعون للشأن المصري إمكانية تغير السياسية الأميركية تجاه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي انتقده بايدن سابقا حيث قال إنه لن يمنح شيكا على بياض للسيسي الذي وصفه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بـ"دكتاتوره المفضل".
وتتجه الأنظار أكثر إلى جماعة الإخوان المسلمين التي دافع ترامب عن محاربة السيسي لها، في حين يردد البعض حاليا تكهنات واحتمالات بشأن موقف مغاير أو أقل حدة من إدارة بايدن -الذي ربما يكون تواصل مع الإخوان- خاصة فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين.
الجزيرة نت تحدثت إلى إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، فأشار إلى أنه لا توجد حاليا تفاهمات أو مجال للتواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة، لكنه لم يستعبد حدوث ذلك، في حين رأى أكاديميون متابعون للشأن المصري أن على الجماعة اتخاذ خطوات في هذا الإطار كمحاولة للضغط على نظام السيسي.
وكانت جماعة الإخوان قد ثمّنت فوز بايدن بالرئاسة، ودعته إلى مراجعة "سياسات دعم ومساندة الدكتاتوريات، وما ترتكبه الأنظمة المستبدة حول العالم من جرائم وانتهاكات بحق الشعوب".
منير: من حقنا التواصل مع العالم
وعن كيفية استعداد الإخوان لمرحلة بايدن، قال إبراهيم منير "لا جديد في فكر الجماعة ولا سلوكها وإن كان الواقع يقول إن البيت الأبيض من سنوات طويلة هو صاحب الكلمة العليا على حكام مصر العسكريين، ونحن لا نقف على أبواب الخلق بل نقف على أبواب الخالق".
وأضاف منير أن "عقولنا متفتحة أمام الجميع، ومن حقنا كمكون شعبي إيجاد وسائل للتواصل مع العالم، لشرح قضيتنا وتوضيح مواقفنا ومبادئنا، وهذا ما حدث فعلا ويحدث مع أعضاء البرلمانات الأوروبية والكونغرس والمنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، والمؤسسات المعنية بالعدالة وتطبيق القانون".
وأشار نائب المرشد العام إلى أن العلاقة بين جماعة الإخوان والسلطات الأميركية وإداراتها المختلفة ليست علاقة بالمعنى المعروف، ولكنها تتلخص في المتابعات الأمنية والفكرية من قبل الإدارة الأميركية، وسياسة التعامل مع الجماعة عن طريق الأنظمة التابعة لها.
في حين يرى أن تصريح بايدن، بأنه لن يعطي شيكا على بياض لدكتاتور ترامب المفضل، قد يكون دافعا لتحجيم القمع الذي يمارس بحق المصريين.
وأوضح أن هذا الدافع الأميركي قد يأتي خصوصا أمام الفوضى التي تحدث الآن في المنطقة والتي تقف خلفها الدكتاتوريات التي رعاها ترامب، حيث إن هذه الفوضى بدأ تأثيرها السلبي يظهر في المنطقة كلها، وقد تؤدي إلى عقبات أمام السياسة الأميركية تتمثل في منع دخول الصين وروسيا إلى المنطقة من أبواب كثيرة.
اعلان
وأكد منير أن مطالب الجماعة التي تحملها إلى العالم كله هي مطالب الشعب المصري، وإن تحملت الجماعة وأفرادها وقياداتها في سبيلها الجزء الأكبر من إرهاب وإجرام العسكر وداعميه، على حد قوله.
مؤتمر لتوضيح الفكرة
ويأتي حديث منير بعد يومين من إقامة الجماعة مؤتمرا دوليا افتراضيا، لتوضيح حقائق عن فكرها، بمشاركة نحو 40 من رموز الجماعة وشخصيات سياسية ودينية من مختلف أنحاء العالم.
وجاء المؤتمر الدولي بعنوان "الإخوان المسلمون .. حقائق ومنطلقات"، وناقش منهج الجماعة وعلاقاتها مع التيارات الإسلامية والمدنية وموقفها من الخلافات المذهبية والتمسك بالفكر الوسطي، ودورها في العمل الخيري وحماية الشعوب ومواجهة الكوارث.
وفي هذا الصدد أكد نائب المرشد العام للجماعة، للجزيرة نت، أن المؤتمر الافتراضي يعد وسيلة من الوسائل التي تستخدمها الجماعة في إطار توضيح فكرها والحقائق الخاصة بها.
الملف الحقوقي
وفي هذا السياق يؤكد أستاذ العلوم السياسية مدير المعهد المصري للدراسات، عصام عبد الشافي، أن جماعة الإخوان ستسعى إلى فتح مزيد من أبواب التواصل مع الإدارة الأميركية الجديدة، متوقعا أن تعطي الجماعة أولوية للملفات الحقوقية بدرجة أساسية، باعتبار أن بايدن جاء بخطاب يغلب عليه الاهتمام بالملف الحقوقي.
ولفت عبد الشافي إلى أن الجماعة يمكنها أن تتواصل مع أطراف في إدارة بايدن لوقف التشريعات التي يسعى بعض أعضاء الكونغرس من خلالها إلى تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.
وأوضح أن الجماعة ليست مستعدة بدرجة كافية للتواصل مع إدارة بايدن، حيث كان توقع فوزه ضعيفا ومن ثم لم تكن هناك ملفات حاضرة في هذا الصدد، كما أن المدة عقب فوزه ليست كافية للاستعداد.
وتوقع عبد الشافي أن يتم التواصل بين الطرفين لأن هناك نوعا من التوافق بين ما يسعى إليه الإخوان ويتوقعونه من إدارة أكثر فاعلية تجاه ملف حقوق الإنسان بمصر، وما تسعى إليه إدارة بايدن أيضا في هذا الملف.
وأشار إلى أن بايدن سيحكم الولايات المتحدة مدة 4 سنوات، الأمر الذي يتطلب من الآن إعداد الملفات المهمة والاهتمام بإدارتها جيدا من خلال شبكات اتصال مع الإدارة الأميركية، منبها إلى ضرورة الحذر في ظل حساسية تلك الإدارة من من التقارب والتعاون مع التيارات السياسية ذات المرجعية الإسلامية، وهو ما يمكن تجنبه عبر شركات علاقات عامة متخصصة أو عن طريق مستشارين أو خبراء متخصصين.
وأوضح أن إدارة بايدن تضم عددا كبيرا من اليساريين والتقدميين والاشتراكيين، وهم في الغالب أقرب إلى مواجهة الفساد والاستبداد ومنتهكي حقوق الإنسان، وهو أمر يمكن البناء عليه بشكل جيد.
المطلوب من الإخوان
بدوره يرى مدير المركز الدولي للدراسات التنموية والإستراتيجية، مصطفى یوسف، أن جماعة الإخوان مثل الحزب الديمقراطي فيها تيار تقدمي وتيار محافظ، وعلى الجماعة السعي إلى التواصل مع إدارة بايدن، لما لديها من رغبة في التعامل مع جميع التيارات المنفتحة ديمقراطيا.
واستدرك يوسف بأن الجماعة ستواجه عقبات خلال تواصلها مع بايدن منها اللوبي الصهيوني والإماراتي والسعودي والمصري، وعلى الجماعة أن تعي مسؤوليتها تجاه توضيح أنها ليست ضد المصالح الأميركية.
وشدد يوسف على ضرورة أن توضح جماعة الإخوان لإدارة بايدن وللغرب أن دعمهم للدكتاتورية في مصر، في حال استمرار الأوضاع الراهنة على ما هي عليه، قد يقود إلى تدفق عشرات ملايين المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، ويمكن للمنظمات الراديكالية تجنيد مئات الآلاف من المصريين الذين يعانون الفقر.
ودعا الإخوان للتركيز على الحديث عن المصالح المتبادلة بين الطرفين، وأهمية التعامل مع الأنظمة الديمقراطية، حيث يعارض التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي التعامل مع الدكتاتوريات التي تفرز هجرة غير شرعية وتيارات تنطوي تحت تنظيمات راديكالية.
وختم الباحث المتخصص في الشؤون الدولية بأن على الإخوان المسلمين وغيرهم من تيارات المجتمع المصري أن يؤكدوا انفتاحهم للتعامل مع أي إدارة لا تساند الدكتاتورية، وتحترم حقوق الإنسان، وتسعى لإرساء مبادئ الديمقراطية.
المصدر : الجزيرة