في صفعة قوية للدول المُطبعة والكيان الصهيونيّ المجرم، انسحب وفد برلمانيّ جزائريّ من محاضرة للجمعية البرلمانيّة للبحر الأبيض المتوسط، بعد جمع بين متدخل جزائريّ وآخر صهيونيّ، وقام 3 نواب جزائريون، من بينهم عمار موسى الذي كان محاضراً، إضافة إلى نائبين آخرين، بإرسال تقارير للانسحاب من الفقرة الثانية للشبكة البرلمانيّة لمنظمة "او سي دي"، والتي بحثت عودة النشاط الاقتصاديّ بعد أزمة فيروس كورونا المستجد.
شمل الانسحاب الجزائريّ من الفقرة الثانية الخاصة بعملية التلقيح ضد فيروس كورونا، والإجراءات التي ستليها، والتي حضرها عضو في البرلمان الصهيونيّ، ميكي ليفلي، حيث غادر النواب الجزائريون الجلسة بناءً على رسالة تلقوها من المجلس الشعبيّ الوطنيّ الجزائري (البرلمان)، دعاهم إلى الانسحاب من المحاضرة، وذلك مع ازدياد حجم التكالب على فلسطين وداعميه من خلال الانجرار نحو اتفاقات العار لتمرير "صفعة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة قضيّة الشعب الفلسطينيّ والعربيّ، والغوص في مشاريع التفتيت والتقسيم في المنطقة.
ومن الطبيعيّ أن يصدر هذا الموقف عن الجزائر التي كانت أول دولة تعترف بدولة فلسطين، وافتتحت معسكرات تدريبيّة للمقاتلين الفلسطينيين في ستينيات وسبعينيات القرن الفائت، وقد ثمنت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين، انسحاب الوفد البرلماني الجزائريّ من الاجتماع الدولي، بسبب المشاركة الصهيونيّة.
وفي هذا الشأن، ثمن المتحدث باسم حركة حماس، حازم قاسم، انسحاب الوفد الجزائريّ من اجتماع الشبكة البرلمانية الدولية للبحر الأبيض المتوسط، وهي المنتدى الرئيس الذي تتداول فيه برلمانات منطقة الأورومتوسطية للوصول إلى الأهداف الاستراتيجيّة نحو تهيئة أفضل بيئة وظروف سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية لمواطني الدول الأعضاء، وأكد قاسم أنّ هذا الموقف يعبر عن الإجماع الشعبيّ العربيّ الرافض للتطبيع مع كيان الاحتلال الغاصب، لافتاً إلى أن الموقف الجزائريّ يعكس تجذر القضية الفلسطينيّة في ضمير الشعب الجزائريّ، وعمق انْتِماء الجزائر على كل المستويات الشعبيّة والرسميّة للقضايا القوميّة وفي مقدمتها القضية الفلسطينيّة، وفق الإعلام التركيّ.
كذلك، أشار عضو المكتب السياسيّ لحركة "الجهاد الإسلاميّ"، نافذ عزّام في بيان، أنّ الجزائر عوّدت الشعب والقيادات الفلسطينيّة على هذه المواقف المبدئية والأصيلة، ونوه بأنّ التصدّي للتطبيع بكل أشكاله يمثل واجباً أخلاقيّاً ودينيّاً وعروبيّاً، وأنّ الجزائر تُمثل بوضوح شديد هذا الموقف الحر الراسخ، معتبراً أن هذا الموقف هو إدراك من الجزائر لمسؤوليته تجاه فلسطين والانتصار لقضيتها.
وتعد الجزائر من الدول العربيّة الداعمة بقوة للقضية الفلسطينيّة، وترفض رفضاً قاطعاً إقامة علاقات مع الكيان الصهيونيّ، ومطلع هذا العام، قدم نواب جزائريون مشروع قانون لتجريم التطبيع مع تل أبيب إلى رئاسة البرلمان، وتضمن بنوداً تمنع السفر أو أيّ اتصال مباشر أو غير مباشر مع العدو الغاشم، ولم يحسم بشكل كامل حتى الآن.
يشار إلى أنّ المداخلات تطرّقت إلى أن النساء من بين الأكثر تضرراً من جائحة فيروس كورونا، الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة وزيادة العنف الأسريّ، وهو ما أشار إليه تقرير الجمعية البرلمانيّة للبحر المتوسط، حيث شجعت الدول الأعضاء والمجتمع الدولي بشكل عام على تبني القرارات اللازمة، ودعت التوصيات إلى التعاون بين البلدان على ضفتي البحر الأبيض المتوسط من أجل تحقيق تعاف شامل ومرن، وخاصة فيما تعلق باقتناء اللقاح وتوزيعه.
إضافة إلى ذلك، تم التطرق إلى الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة الجزائرية لمجابهة جائحة كورونا، حيث كانت من بين الدول التي تبنت استراتيجيّة اجتماعيّة منذ البداية أي بداية من شهر أيار 2020، كما تم تضمين إعفاءات ضريبية للمؤسسات والشركات وخفض ساعات العمل ومنح إجازات مدفوعة الأجر وخاصة للحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، وكذلك دفع بعض الإعانات للحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص مثل النقل والمطاعم.
ومن الجدير بالذكر، أنّ الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية تأسست في نابولي ثالث أكبر مدن إيطاليا، في 3 كانون الأول عام 2003، بقرارٍ من المؤتمر الوزاريّ للشراكة الأوروبيّة المتوسطية، وتعتبر هذه المؤسسة أحدث مؤسسة في الشركة، كما افتتحت الجمعية البرلمانيّة الأورومتوسطية فعالياتها في أثينا يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من شهر آذار عام 2004، ويضم مكتبها رؤساء مجلس الشعب المصريّ والبرلمان الأوروبيّ ومجلس النواب التونسيّ والبرلمان اليونانيّ.
وتقوم الجمعية البرلمانية اليورومتوسطية بدور استشاريّ وتساهم وتدعم توطيد وتطوير الشراكة الأوروبيّة المتوسطيّة، وتعبر الجمعية عن آرائها في جميع القضايا المتعلقة بشأن الشراكة بما في ذلك تنفيذ تلك الاتفاقيات، وتتبنى الجمعية بعض القرارات أو التوصيات الموجهة إلى المؤتمر الأورومتوسطيّ، وتضم الشراكة الأورومتوسطية 44 عضواً، 28 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و16 دولة في الشراكة هي ألبانيا، المغرب، البوسنة والهرسك، تركيا، مصر، الكيان الصهيونيّ، الأردن، لبنان، تونس، موريتانيا، موناكو، الجبل الأسود، ليبيا، سوريا والجزائر، فضلاً عن السلطة الفلسطينيّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الجزائر في ظل الفوضى التي اجتاحت الشرق الأوسط على خلفية التطبيع والجدل الذي انتشر في الشارع العربيّ، بسبب الضخ الإعلامي المكثف من الدول المطبعة والإعلام الغربيّ لدفع بقية الدول العربيّة نحو التطبيع، اختارت عدم الصمت عن هذه الفوضى، وإيقاف هذه السموم الإعلامية، عبر طرح مشروع قانون لمنع الترويج للتطبيع مع الكيان الصهيونيّ، عبر وسائل الإعلام والإعلام البديل.
في النهاية، إنّ ما قامت به الجزائر يُعد موقفاً وطنيّاً عروبيّاً بامتياز، في ظل الهجوم القذر على القضية الفلسطينيّة وداعميها، ما يشي بأنّ أصحاب الضمائر الحية في العالم العربيّ لا يمكن أن يستكينوا للخانعين والمُستسلمين والراضخين وأسيادهم، ومن المتوقع أن يعاني الكيان الصهيونيّ المجرم كثيراً من هذه الموقف التي تؤكّد كل يوم عدم شرعيته وعدوانه، في اللقاءات السياسيّة والاقتصاديّة والرياضيّة.
المصدر: الوقت