ما رسائل ودلالات زيارة بابا الفاتيكان للعراق؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما رسائل ودلالات زيارة بابا الفاتيكان للعراق؟

الفاتيكان طلب مجيء البابا بطائرة عراقية مع توفير الحماية العراقية (الفرنسية)

جبار الكناني - بغداد

 

يستعد العراق لاستقبال بابا الفاتيكان فرانشيسكو الجمعة المقبل، في زيارة تستمر عدة أيام، يتنقل خلالها بين محافظاته جنوبا وشمالا ووسطه، في أول زيارة بابوية على الإطلاق لهذا البلد، الذي أنهكته الحروب والفساد، وشهد هجرة كبيرة للمسيحيين خلال العقدين الماضيين.

ويؤكد الوكيل الأقدم في وزارة الخارجية العراقية نزار الخير الله أن زيارة البابا تاريخية وذات قيمة دينية كبيرة، وسيكون لها وقع كبير على العراق ودعم للمسيحيين في البلاد وتعزيز تواصله مع المسلمين، وسيلقي خطبته الرئيسية من مدينة أور التاريخية مقام النبي إبراهيم في محافظة ذي قار (جنوبي البلاد)، فضلا عن زيارته إلى النجف ولقاء المرجع الأعلى للشيعة علي السيستاني.

وأضاف الخير الله أن الفاتيكان طلب مجيء البابا بطائرة عراقية مع توفير الحماية العراقية، لافتا إلى أن زيارة البابا إلى النجف ستكون تاريخية، ولم تشهدها في تاريخ الحوزة الشيعية.

ويأمل البابا فرانشيسكو أن تفتح رحلته إلى العراق بابًا مع المسلمين الشيعة، البالغ عددهم نحو 200 مليون في جميع أنحاء العالم، مثل رحلته إلى أبو ظبي في فبراير/شباط 2019، ولقائه هناك شيخ الأزهر أحمد الطيب، وتوقيعهما ما تسمى "وثيقة الأخوة الإنسانية"، لتشجيع مزيد من الحوار بين المسيحيين والمسلمين. ويأمل أن يؤيد السيستاني هذه الوثيقة.

كما يشمل برنامج البابا إلى العراق زيارة بغداد والموصل ومدينة أور الأثرية مسقط رأس النبي إبراهيم. وسينتقل إلى الموصل ومنطقة سهل نينوى المحيطة بها، وسيزور مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

الصريفي اعتبر أن زيارة البابا تفتح بابا للتواصل الخارجي مع العراق وستترك انطباعات إيجابية عن البلد ( الجزيرة)

رسائل متعددة

ويشير النائب والمتحدث باسم تحالف "عراقيون" حسين عرب الصريفي للجزيرة نت إلى أن "زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق زيارة مهمة وتعزز الحوار والمشتركات بين الأديان، ورأى أن هذا النوع من التواصل وكسر الحظر الأمني على العراق، سيترك انطباعات وآثارا إيجابية على البلد، من خلال تأثيره على بعض الدول والقرارات.

ومثل الصريفي، أوضح عقيل الرديني المتحدث باسم ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس وزراء العراق الأسبق حيدر العبادي للجزيرة نت أن زيارة البابا إلى العراق لها رسائل ودلالات كثيرة ومهمة، ومنها أن العراق ما زال يمثل أهمية إقليمية ودولية في العالم من حيث عمقه التاريخي ومستقبله الواعد، لما يمثله من أهمية جغرافية واقتصادية في هذا المكان من العالم، إذا استثمرت إمكاناته المادية والعلمية والبشرية بالشكل الأمثل.

وأضاف الرديني أن الدلالة الأخرى للزيارة تتمثل في التواصل بين الأديان المحبة للسلام، حيث لقاء البابا مع المرجع علي السيستاني في مدينة النجف (جنوب بغداد)، معتبرا أنها فرصة لترميم العلاقة بين الأديان، وإعادة حقوق وأملاك المهجرين من المسيحيين في العراق، وعودتهم إلى مناطقهم ومنازلهم التي هجروا منها، وممارسة حياتهم الطبيعية من خلال الدعم الحكومي، وكذلك دعم الغرب عبر فتح آفاق الاستثمار والإعمار وإعادة البناء وكسب ثقة العالم في العراق من خلال هذه الزيارة.

البيدر: الزيارة تحمل رسائل اطمئنان إلى المكون المسيحي في العراق (الجزيرة)

اهتمام دولي

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر في حديث للجزيرة نت أن الزيارة تحمل الصفة المعنوية في شكلها، ولها أيضا دلالات كبيرة تتمثل في اهتمام شخصية عالمية بارزة مثل بابا الفاتيكان بالعراق، حيث تعد أول زيارة تاريخية له إلى البلد، بعد زيارة سابقة لم تر النور كان يخطط البابا يوحنا بولس الثاني للقيام بها عام 2000، في حين لم يقم خلفه البابا بنديكت السادس عشر بأي مبادرة تجاه بغداد.

وأشار البيدر إلى أن هذا الاهتمام يؤكد أن العراق في دائرة اهتمام المجتمع الدولي، كما أن أهم أهداف الزيارة تتمثل في مطالبة جميع الفاعلين في المشهد العراقي بضرورة الحفاظ على ما تبقى من المسيحيين بالعراق، الذين تعرضوا لأبشع أنواع القهر والاضطهاد بسبب الصراعات التي تشهدها البلاد، مما أدى إلى هجرة أغلبهم.

اعلان

وزاد البيدر أن الزيارة في حد ذاتها تحمل رسائل اطمئنان إلى المكون المسيحي في العراق، وأنه محط اهتمام الكنيسة العالمية والحبر الأعظم، وأنهم يسعون لتحقيق سبل الاستقرار للمناطق التي يقطنها المسيحيون بعد الأضرار التي لحقت بهم على مستوى الأفراد والمجتمع، حيث تراجع أعداد المسيحيين بعد عام 2003 إلى أكثر من ثلثي عددهم، الذي كان يقترب من مليوني مواطن عراقي، ولم تهتم الحكومات المتعاقبة بمعاناتهم من خلال تعويضهم.

ووصف البيدر الاهتمام والاستعداد الحكومي والشعبي لهذه الزيارة بأنه لم يرق إلى مستوى الحدث التاريخي؛ كون هناك أصوات متطرفة تتحفظ على هذه الخطوة، ولم يتم الرد عليها بشكل رسمي ولجمها، والبرنامج المعد لها فقير جدّا، ولم يتم التحشيد الكبير لها عبر استقطاب شخصيات عالمية دينية مسلمة من أجل استشعار الوفد البابوي بأن هناك اهتماما دينيا إسلاميا بالعراق.

ويرى البيدر أن العقلية السياسية العراقية الحالية غير مؤهلة لاستثمار هذه الزيارة على المستويين السياسي والاقتصادي، عبر إيصال رسالة عميقة عن معاناة العراق، وجعل هذه الشخصية تسهم في حل جزء من مشاكل البلاد بسبب عدم وجود وحدة في القرار السياسي للبلاد نتيجة تباين المواقف من قبل الزعامات السياسية.

يشار إلى أن البابا ألغى جميع رحلاته الخارجية اعتبارا من يونيو/حزيران 2020 بسبب تفشي وباء كوفيد-19.

ويشكل مسيحيو العراق إحدى أقدم الجماعات المسيحية في العالم وأكثرها تنوعًا، مع الكلدان والأرمن الأرثوذكس والبروتستانت وطوائف أخرى.

وفي عام 2003، كان المسيحيون يشكلون نحو 6% من سكان العراق، لكن الآلاف منهم هاجروا إلى خارج البلاد خلال العقدين الماضيين بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.

المصدر : الجزيرة

قراءة 857 مرة