في ذكرى انتصارها الـ 43 .. انجازات الثورة الاسلامية في سطور

قيم هذا المقال
(0 صوت)
في ذكرى انتصارها الـ 43 .. انجازات الثورة الاسلامية في سطور

المتتبع للشأن الايراني ان كان من أصدقاء الثورة الاسلامية التي انتصرت في عام 1979 أو من غير اصدقائها فلا يمكنه ان ينكر بأن ايران اليوم هي دولة اقليمية كبرى بكل ما للكلمة من معنى وان نفوذها وتأثيرها تخطى الاقليم وهي الآن دولة كبيرة ومؤثرة على الساحة العالمية ورقم صعب لايمكن تجاوزه، بل لايمكن فعل شيء في هذا الاقليم الا بالتفاهم مع ايران، فمن أين جاءت هذه القوة وكيف ارتقت ايران الى هذه المكانة ؟

 لاينكر احد بان ايران كانت قبل الثورة الاسلامية لها ايرادات نفطية ضخمة بسبب انتاجها النفطي الكبير لانتزاع سلاح النفط من يد الدول العربية التي وقفت بوجه الغرب الداعم للكيان الصهيوني في حروبها على الدول العربية، ولايمكن انكار تزويد أميركا وبريطانيا لايران بكميات كبيرة من السلاح وبناء جيش كبير لها لتكون سدا امام الاتحاد السوفيتي من جهة الجنوب وعصا مسلطا فوق رؤوس دول المنطقة لكي لاتخرج أحداها من بيت الطاعة الاميركي او البريطاني، كما استخدم هذا الجيش لقمع بعض الحركات التحررية للشعوب في هذه المنطقة، لكن ماذا فعل النظام الشاهنشاهي البائد بتلك الاموال الهائلة وهل استطاع ذلك النظام بناء مكانة وهيبة دولية له تحفظه من الزوال؟

اموال النفط التي كانت بيد نظام الشاه المخلوع لم تؤدي الى ازدهار الزراعة والصناعة وتطوير الجامعات وتمكين الشعب الايراني من تطوير قدراته الانتاجية في كافة المجالات بل كان الاقتصاد الايراني حينذاك اقتصادا مستهلكا للمنتجات الغربية وكان قطاع النفط تديره الشركات النفطية الاجنبية والسوق الايراني مليء بالمنتجات الاستهلاكية المستوردة، وذلك الجيش الكبير كان يديره 50 ألف مستشار أميركي وبكلمة واحدة فان جميع مفاصل الدولة الايرانية كانت تتحكم بها جهات خارجية ربط النظام الحاكم مصيره بها وقد رأي الجميع ما كان ذلك المصير؟

أما الثقافة التي تعتبر أهم مكونات أي مجتمع بشري أو أمة مجتمعة تحت لواء وطن واحد فكانت تنخر فيها المؤامرات الثقافية الخطيرة التي تهدف كلها الى مسح الثقافة الايرانية الاسلامية الاصيلة واستبدالها بمفاهيم غربية مليئة بالانحرافات الثقافية مثل نكران الذات وفقد الثقة بالنفس والوطن، والتقليد الأعمى للنظريات الفكرية الغربية والتي اذا بحثت عن أصولها تجدها مرتبطة بالفكر الصهيوني.

لكن العلاقة المتأصلة والمتينة للشعب الايراني بالقيم الاسلامية ادت الى انتفاضة هذا الشعب من أجل تطهير وطنه من كل ما أراد الغرب والعائلة الحاكمة العميلة ان ينفذوه في هذا الوطن، وعندما جاءت قيادة أصيلة وأبية اتخذت قرار الوقوف في وجه هذا الطغيان مهما كانت الأثمان والتضحيات وثق أبناء الشعب الايراني بهذه القيادة المتمثلة بالامام الخميني الراحل وساروا في دربه ونهجه مقدمين ارواحهم ودمائهم لخلاص الوطن من ظلم الشاه وحماته واعوانه فكان الانتصار حليفا للشعب الايراني رغم كل القهر والمؤامرات.

وبعد الانتصار اختار الشعب نظام الجمهورية الاسلامية عبر استفتاء عام وليس املاء من هذا الطرف الخارجي وذاك وهذه كانت بداية ترسيخ النظام الديمقراطي الجديد، وبتوجيهات من الامام الخميني الراحل تم تشكيل منظمات لمحو الأمية التي كانت نسبتها كبيرة في حينها، ومؤسسات لبناء البنى التحتية في المناطق النائية والمحرومة من ثروات البلاد وخاصة في القرى والأرياف، وتم تقليص استيراد المنتجات الزراعية الى حد كبير وقدمت الحكومة الاسلامية كل اشكال الدعم للفلاحين والمزارعين لرفع حجم الانتاج وشهدت البلاد ثورة تنموية كبيرة تمثلت بمد خطوط الكهرباء وأنابيب المياه والغاز الى القرى والارياف لتشجيع سكانها على البقاء فيها وانتاج ما يحتاجه البلد من قوت فلم تعد ايران من كبار مستوردي القمح في العالم كما كانت في عهد الشاه ووصلت الى الاكتفاء الذاتي بل صدرت القمح الى الخارج في بعض السنوات والمواسم.

وخطت ايران خطوات واسعة في مجال الأمن الغذائي لسكانها بسبب سياسة الاعتماد على الذات فكانت الحكومة تقدم القروض المصرفية للمزارعين لرفع قدراتهم الانتاجية وكلفت الجامعات بتزويد هذا القطاع بالعلوم والتقنيات اللازمة لرفع مستوى الانتاج.

وانشأ النظام الاسلامي الجديد مؤسسات ومصارف مهمتها المساهمة لبناء المساكن لكل من لايملك منزلا في البلاد فتم اعطاء القروض المصرفية الميسرة لهم بالاضافة الى تقديم مواد البناء بأسعار مدعومة من الحكومة وتوزيع قطع الأراضي ومدها بشبكات الكهرباء والمياه بشكل واسع في البلاد فأصبح الكثيرون من أبناء الشعب الايراني الحالمين بامتلاك منزل ومأوى لهم يمتلكونه بالفعل.

ورغم وجود بعض حركات التمرد في عدد من مناطق البلاد والتي دعمتها الجهات الخارجية وشاركت فيها بعض الحركات والمنظمات المنحرفة الداخلية والتي تم القضاء عليها ،كان المجتمع الايراني يحظى بنسبة عالية ومرموقة من استتباب الأمن بسبب تشكل اللجان الثورية التي ساندت قوات الشرطة في حفظ الأمن في المجتمع في كافة المدن ومناطق البلاد.

لكن مؤامرة فرض حرب عسكرية على ايران على يد النظام العراقي السابق وبتوجيه ودعم ومساندة من الغرب الذي يعتبر الخاسر الأكبر من الثورة الاسلامية، وكذلك الاتحاد السوفيتي الممتعض من اخفاق وانكسار الحزب الشيوعي والحركات اليسارية في ايران بعد الثورة الاسلامية، كانت مبيتة ضد ايران، واستمرت تلك الحرب 8 سنوات من عام 1980 الى عام 1988 وكانت حربا طاحنة دعمت فيها أميركا واوروبا والاتحاد السوفيتي النظام العراقي بكل الاسلحة والقدرات وحتى الأسلحة المحرمة كالاسلحة الكيميائية وغيرها وفرضت حظرا على توريد السلاح لايران وكانت دولارات النفط العربية أيضا تتدفق الى العراق دعما لنظام صدام حسين الحاقد والبائد، لكن أبناء الشعب الايراني قاوموا هذا العدوان ببسالة وخاضوا المواجهة بشجاعة ووصل الأمر الى ان يصبح النظام العراقي مهددا بالهزيمة والزوال لكن التدخل الاميركي المباشر في نهايات تلك الحرب أبقى على نظام صدام.

وبعد انتهاء الحرب بدأت نهضة شاملة في ايران في جميع النواحي الاقتصادية والعلمية والعسكرية والثقافية والصناعية والتجارية مكنت ايران من ان تتبوأ مكانة مرموقة على الصعيد الدولي ففي قطاع النفط استطاع المهندسون والعلماء الايرانيون تحقيق الاكتفاء الذاتي في انتاج ما يحتاجه البلاد من مادة البنزين بل وصل الامر الى ان تصبح ايران من مصدري هذه المادة، ووسعت ايران بشكل كبير انتاجها للمشتقات النفطية واصبحت من كبار مصدري البتروكيميائيات في العالم حيث بامكانها الان انتاج 100 مليون طن من المنتجات البتروكيميائية في السنة وهذا العدد هو 44 ضعفا لقدرة انتاج ايران للبتروكيميائيات قبل انتصار الثورة الاسلامية.

وفيما يتعلق بانتاج الغاز الطبيعي تم تطوير حقول الغاز لتنتج مليار متر مكعب في السنة قياسا مع 36 مليون متر مكعب في السنة قبل انتصار الثورة، اما عدد معامل الكهرباء التي تعمل بالغاز فقد اصبح 85 معملا الان بعد ان كان 18 معملا قبل انتصار الثورة وأصبحت ايران تصدر الغاز الطبيعي الى أرمينيا وتركيا والعراق وأذربيجان ايضا.

أما القدرات العسكرية الايرانية فقد أصبحت لا تقاس بما قبل الثورة الاسلامية حيث باتت ايران اليوم أكبر قوة صاروخية في المنطقة باعتراف المسؤولين العسكريين الاميركيين، وتمتلك ايران مختلف انواع الصواريخ الباليستية والنقطوية التي ترعب جميع اعدائها وقد استخدمت بعضها في قصف مقرات لتنظيم داعش في سوريا وقصف قاعدة عين الاسد الأميركية في العراق ردا على اغتيال الاميركيين للفريق قاسم سليماني قائد قوة القدس في الحرس الثوري وأظهرت صور الاقمار الصناعية حينها ان جميع سفن الاسطول الاميركي في الخليج الفارسي وبحر عمان انسحبت الى عمق المحيط الهندي بعيدا عن مرمى الصواريخ الايرانية خلال يوم واحد خشية توسيع دائرة المعركة واستهدافها، ويصل الأمر الى ان يفتخر الرئيس الاميركي دونالد ترامب ويعبر عن فرحته بأن أي من جنوده لم يقتلوا في الهجوم الصاروخي الايراني ويكتفي بذلك.

وباعتراف الاميركيين انفسهم فقد هؤلاء سيطرتهم على الاجواء في الشرق الاوسط بسبب الطائرات المسيرة الايرانية الحديثة والمتطورة وباتت ايران تصنع الدبابات الحديثة والصواريخ المضادة لها والرادارات المتطورة وصواريخ الدفاع الجوي بمختلف انواعها واجهزة الحرب الالكترونية والسفن الحربية والمدمرات التي تجوب المحيطات وكذلك الزوارق الهجومية السريعة التي يصعب مواجهتها وهناك أمثلة عديدة على المواجهات بينها وبين السفن الاميركية والبريطانية في الخليج الفارسي وبحر عمان.

وباتت ايران ترسل ناقلات النفط الى فنزويلا متحدية التحذير الاميركي بمنعها من الوصول فتصل الناقلات الى فنزويلا وتعود، وتعاقب ايران أميركا وتحبط قواتها البحرية عملية سطو أميركية على ناقلة نفط في بحر عمان وتبعد المدمرات الاميركية من منطقة العمليات.  

وتعاظمت الانجازات العلمية في ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية بشكل كبير ايضا فعدد الطلاب الجامعيين هو الان 24 ضعفا عما كان قبل الثورة وايران اليوم هي في المرتبة 16 عالميا في انتاج المواد العلمية وفي المرتبة 11 عالميا في انتاج العلوم المتعلقة بالطاقة النووية، وفي المرتبة 16 عالميا في انتاج المواد العلمية المتعلقة بتكنولوجيا النانو، وفي المرتبة 14 عالميا في بايوتكنولوجيا والمرتبة 11 عالميا في علوم الجوفضاء وفي المرتبة 19 عالميا في مجال الطب.

والجامعات الايرانية التي كان يدرس فيها 176 ألف طالب جامعي قبل انتصار الثورة الاسلامية يدرس فيها حاليا قرابة 4 ملايين و500 الف طالب جامعي.

وايران اليوم فيها 40 جامعة وكلية طبية بعد ان كان عدد تلك الجامعات 7 جامعات قبل انتصار الثورة، وتخرج بعد الثورة الاسلامية حوالي 140 الف طبيب من تلك الجامعات والكليات وتطور القطاع الطبي في ايران بشكل كبير وأصبحت ايران احدى الدول الرائدة والمهمة في العالم في مجال علاج الامراض المستعصية، وفي مجال علاج العقم وعدم الانجاب يكفي الاشارة ان ايران تستقبل المرضى حتى من الدول الاوروبية نظرا لتطور المستشفيات والكوادر الطبية الايرانية في هذا المجال، وباتت ايران احدى الدول التي تزدهر فيها السياحة العلاجية ويقصدها المرضى الأجانب نظرا لتطور ورقي القطاع الطبي فيها.

وفي تكنولوجيا النانو وتقنية المعلومات وتكنولوجيات الجوفضاء والتقنية النووية التي تعتبر من العلوم الاستراتيجية وصلت ايران الى مكانة مرموقة، فايران اليوم تمتلك جميع مراحل دورة الوقود النووي وتنتج الكهرباء في محطات نووية في البلاد وتصنع الاقمار الصناعية وترسلها الى الفضاء بصواريخ محلية الصنع وهي الدولة رقم 12 في العالم التي تمتلك تكنولوجيا صنع الاقمار الصناعية.

ولم يفلح كل الحظر والعقوبات الاقتصادية والمصرفية التي فرضتها اميركا واذنابها على الاقتصاد الايراني من حظر نفطي وتجاري وما شابه، في وقف عجلة اقتصاد البلاد، فايران اليوم من المصادر الرئيسية لتوريد المنتجات الصناعية والزراعية والمشتقات النفطية لدول الجوار.

اما على الصعيد الثقافي الذي يعتبر من أهم مناحي الحياة فان الثورة المعلوماتية في العالم والتي ربما أراد البعض الاستفادة منها لزعزعة وضرب المفاهيم الثورية السائدة في المجتمع الايراني، قد أتت بنتائج عكسية على هؤلاء وايجابية للشعب الايراني حيث توضح يوما بعد يوم مدى النجاحات وعمق الانجازات التي حققتها الثورة الاسلامية في ايران وبات الجيل الايراني الجديد والذي لم يعش ايام الثورة والحرب، مدركا للحقائق بشكل واسع ومطلعا على ما يدور في بلاده وما يدور في الخارج ومطلعا على مكامن القوة الحقيقية لبلاده ومكانة ايران الاسلامية في العالم، فلم يكن النظام الاسلامي في ايران أكثر رسوخا في أذهان وعقول أبناء الشعب الايراني في يوم من الأيام مما هو عليه الآن.  

وباتت ايران ملهمة للشعوب المتطلعة نحو الحرية ورفض التبعية في المنطقة وسندا للمقاومين والاحرار وكابوسا يقض مضاجع الصهاينة والعملاء والرجعيين.

ويجب التنويه ان القيادة الحكيمة للامام الخامنئي لها الدور الأساسي في كل ما ذكرناه من مراحل تطور ايران الاسلامية بعد الحرب المفروضة ورحيل الامام الخميني (رض)، فايران مرت بمراحل حساسة وشقت طريقها نحو هذه الانجازات متغلبة على كل العراقيل والمؤامرات والتهديدات الخارجية بهذه القيادة الفذة التي يشهد على حكمتها وصوابها وشجاعتها، الأعداء قبل الأصدقاء.

 

محرر وكالة انباء فارس

 

 

قراءة 709 مرة