الإتكال على القوة الإلهية.. سرّ إنتصار وديمومة الثورة الإسلامية في إيران

قيم هذا المقال
(0 صوت)
الإتكال على القوة الإلهية.. سرّ إنتصار وديمومة الثورة الإسلامية في إيران

قبل أربعة وأربعين عاما، حصل إتفاق نادر في التاريخ، بين الغرب، بقيادة أميركا، والشرق، بقيادة الاتحاد السوفيتي السابق، على وأد ثورة الشعب الإيراني، التي قادها الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، وخرجت من هذا الاتفاق، فتن واضطرابات عرقية ومذهبية، واغتيالات طالت رجال الثورة، وحصارات خانقة، وحرب مدمرة استمرت ثماني سنوات، ولكن رغم كل ذلك خرجت الثورة، من وسط كل تلك النيران، كالعنقاء، أكثر قوة وحيوية وإندفاعا.

الكتلة الشرقية، أو المعسكر الشوعي، والكتلة الغربية، أو المعسكر الرأسمالي، رأوا في الثورة الإسلامية في إيران، تهديدا حقيقيا للأيديولوجيتين الشوعية والرأسمالية، اللتان كانتا تعتبران نفسيهما الخيار الأخير للإنسانية، بعد أن أعلنا أن الدين بات شيئا من التاريخ، ولا مكان له في مستقبل البشرية، فإذا بثورة، يقودها مصلح ديني كبير، تتخذ من تعاليم الدين الإسلامي، منطلق لها، وتقيم نظاما إسلاميا، على أنقاض أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط، والمتمثلة بإيران الشاه.

إنتصار الثورة الإسلامية في إيران، كان دليلا عمليا ودامغا على تهافت الفلسفة الماركسية، التي كانت ترى في الدين "إفيونا للشعوب"، الأمر الذي جعل الاتحاد السوفيتي السابق، يناصب الثورة الإسلامية العداء، رغم أنه عداء لم يستمر طويلا بسبب انهياره عام 1991، إلا أن هذا العداء هو الذي جعل الاتحاد السوفيتي، يقف إلى جانب الطاغية صدام في الحرب التي فُرضت على الجمهورية الإسلامية الفتية، ثماني سنوات.

أما عداء أميركا والغرب، للثورة الإسلامية، فكان بسبب تحرير الثورة إيران من التبعية لأميركا، وطرد سفير الكيان الإسرائيلي، وتسليم مبنى السفارة للفلسطينيين، وافتتاح أول سفارة لفلسطين في العالم وذلك في قلب طهران، وإعلان قائد الثورة موقفا واضحا صريحا في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل استعادة أرضه بالكامل، هذا بالإضافة إلى خطاب الثورة المناهض للاستكبار والداعم للمستضعفين، في جميع أنحاء العالم.

أن سر انتصار وديمومة الثورة الإسلامية في إيران، يكمن في الاتكال المطلق للشعب الإيراني، على الله سبحانه وتعالى، كما يكمن بحكمة مفجر الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني رضون الله تعالى عليه، وكذلك بحكمة تلميذه والسائر على دربه سماحة السيد علي الخامنئي، وعجز اعداء الثورة عن درك حقيقة هذا السر، بسبب الايديولوجيات المادية التي تتحكم في نظرتهم للعالم والوجود، جعلهم يتخبطون وعلى مدى أكثر من أربعة عقود، في كيفية التعامل مع هذه الثورة.

أعداء الثورة الإسلامية، أرادوا محاصرتها و وأدها، فاذا بها اليوم تحاصرهم في كل منطقة غرب آسيا، كما وأدت مخططاتهم، فلم ينجحوا في حذف فلسطين من الذاكرة، وفي تسويق التطبيع مع "إسرائيل" كـ"قدر"، بل باتت "إسرائيل" تُقهر، وتعيش خوفا مقيما من هاجس شطبها من الوجود، وباتت أميركا تُضرب، دون أن تملك الجرأة على الرد.. هذا هي الثورة الإسلامية التي أرادت أميركا وأدها قبل أربعة وأربعين عاما.

* أحمد محمد

 

قراءة 304 مرة