المواجهة بين حكومة نتنياهو ومعارضيها ترسم نهاية الكيان الاسرائيلي

قيم هذا المقال
(0 صوت)
المواجهة بين حكومة نتنياهو ومعارضيها ترسم نهاية الكيان الاسرائيلي

وجاء في كلمة لابيد: "هذه أيام صعبة، الأيام الصعبة تتطلب أناس أشداء، أشخاص لا يتنازلون بسهولة، يعرفون ما الذي يؤمنون به ولديهم الاستعداد للنضال من أجله، يجب علينا أن نصمد أمام هذا التحدي. الطريقة الوحيدة للصمود أمام هذا التحدي، زملائي في المعارضة هي من خلال الوقوف معاً. إذا وقفنا معاً سوية، حاربنا سوية، وربطنا الكنيست بالشوارع، ومشاركة السلطات المحلية، فإن هذه الحكومة لن تصمد. هناك أشياء غير قليلة يمكن أن نقوم بها معاً".
(أقوال الكنيست، 2 كانون الثاني 2023).
مع التصعيد التدريجي الذي تقوم به المعارضة وتعنت رئيس الحكومة الحالي "بنيامين نتنياهو" في مواقفه إزاء الإصلاحات القانونية التي يعتزم تحقيقها تشتد الأزمة افي الداخل الإسرائيلي يوماً تلو الآخر . هذا الاشتباك السياسي والذي بدأت تظهر إزاءه ملامح اصطفاف داخلي قد يشعل حرباً أهلية، لم يعد باستطاعة المسؤولين تهدئته كما كان من الممكن القيام به في مراحله الأولى، إذ أن كلا الطرفين يقومان بإجراءات تعزز من صعوبة الموقف وتزيده شرخاً، فكما لنتنياهو أساليبه في التعامل مع هذه الأزمة، والتي عمادها التحالف مع اليمين المتطرف وهو العامل أكثر خطورة في تفجير الوضع الداخلي، فإن المعارضة الحالية وفي سبيل منع تطبيق تعديلات نتنياهو تقوم بإدارة حملات ضغطها على مختلف الأصعدة وهو ما تستعرضه هذه الورقة.
تتمحور حركة المعارضة الحالية حول استقطاب أكبر عدد ممكن من الدعم الخارجي والداخلي لزيادة الضغوط على الحكومة الحالية في سبيل منع إجراءات "نتنياهو" من أن تطبق، لذا وعلى صعيد الداخل يقوم قادة اليسار والأحزاب الأخرى بخطوات يمكن إدراجها تحت العناوين التالية:
منع نتنياهو من استمالة أو احتواء حركة مؤيدي المعارضة، وإرساء جو من السلبية الدائمة حوله.
الضغط بشتى الطرق على "نتنياهو" والأحزاب الحليفة له.
المناكفة السياسية المرتفعة في سبيل الإبقاء على التوازن في الصراع.

منع نتنياهو من استمالة مؤيدي المعارضة، وإرساء جو من السلبية الدائمة إعلامياً حوله:
تظهر خطابات نتنياهو ما بعد الاحتجاجات، مساعيه الشاقة لاحتواء المتظاهرين ومن خلفهم المسؤولين عن تلك الاحتجاجات، لذا فإنه وعبر منصاته الإعلامية على مواقع التواصل وخطاباته في الكنيست أو الاجتماعات الحكومية، يعمل على استمالة الخصوم وتهدئة الشارع. وفي سبيل منع رئيس الحكومة من استمالة المعارضين لسياساته "الإصلاحية"، وبزخم كبير يدير قادة المعارضة حملة إعلامية وتشويهية لنتنياهو وسياساته للحفاظ على الزخم الموجود في الشارع وجعل كل ما تقوم به الحكومة غير مجد.
ولإيضاح ما يقوم به نتنياهو والإضاءة على ما تقوم به المعارضة "إعلامياً"، فمع بداية الأزمة واندلاع الاحتجاجات داخل الكيان المؤقت، دعا عضو الكنيست "تسفيكا فوغل" إلى اعتقال يائير لابيد وبيني غانتس، ولاستدراك ما طلبه "تسفيكا" وإظهار نفسه مظهر المحافظ على الديمقراطية في "إسرائيل"، رفض "نتنياهو" ما صرح به عضو الكنيست وغرد عبر تويتر قائلاً: "في بلد ديمقراطي، لا يعتقل قادة المعارضة مثلما لا تسمي وزراء الحكومة بالنازيين، ولا تسمى الحكومة اليهودية بالرايخ الثالث ولا تدعو المواطنين لأعمال الشغب المدنية".
هنا حاول نتنياهو التأثير على الجماهير برفضه اعتقال غانتس ولابيد انطلاقاً من الاعتبارات الديمقراطية التي يؤمن بها كما المتظاهرين، وفي نفس الوقت أراد أن يظهر المعارضة على أنها غير حكيمة في خطواتها واتهاماتها كعبارة "نازية" في دولة عانت ما عانته منها في السابق.
بهدف منع هذا النوع من التغريدات من أن يكون له وقع على الجماهير من المعارضة، سارعت القيادات في الرد وبما يتعلق بهذه التغريدة، رد "لابيد" بالقول: "نتنياهو، في بلد ديمقراطي لا يُفترس المواطنون ولا القضاء. أصبحت رئيس وزراء ضعيفاً يرتجف خوفاً من شركائه المتطرفين. إنهم يقودون إسرائيل إلى الانهيار. هكذا تنهار الديمقراطية في يوم واحد".
هنا تظهر لهجة "لابيد" وحتى باقي القيادات في المعارضة، لهجة تحذيرية من أن المخاطر محدقة بالكيان وهنا يمكن القول بأن هذا التخويف الدائم حتى لو كان واقعياً فهو استعطافي تخويفي، للإبقاء على حالة القلق من نتنياهو وسياساته وشد أزر الأحزاب المعارضة وجماهيرها لمنع أي تفلت ممكن أن يحصل.
أما على صعيد الاحتجاجات وما تتضمنه من شعارات وإجراءات استفزازية وتعبوية للجماهير، فإن المعارضة تعمد دائماً على استخدام الشعارات التي تضفي طابعاً من الغضب والاحتجاج القاسي، ما يحولها- الاحتجاجات- إلى عنيفة، تعبئ الجو العام بما لا يستطع المنافس إيصال رأيه وصوته إليها، وتعمد أيضاً على رفع الشعارات التي تجلب
الاستعطاف الخارجي وهو ما سنناقشه لاحقاً.
وبالتالي يمكن استخلاص أهم الأساليب المعتمدة من قبل المعارضة للحفاظ على جبهتهم وحمايتها من أي خرق:
الرد الدائم إعلامياً على أي تصريح صادر عن الائتلاف الحاكم.
اعتماد خطاب الترهيب والتخويف من نتنياهو وسياساته.
رفع الشعارات التعبوية والمثيرة للغضب خلال الاحتجاجات.
الاعتماد على الصحف والمواقع في كتابة التحليلات التي تنذر من المخاطر الكبيرة التي ستقع على الكيان إزاء سياسيات "بنيامين نتنياهو".

الضغط بشتى الطرق على "نتنياهو" والأحزاب الحليفة له:
لا تفوت الأحزاب المعارضة، فرصة إلا وتقوم من خلالها بالضغط على نتنياهو ومن يدور في فلكه، لذا فإنها تعمل دائماً على خلق مناخ كبير وسلبي يصبح رئيس الحكومة غير قادر على تحمل ضغطه وتبعاته، وهنا تعتمد المعارضة أسلوب الاستفزاز في التعاطي مع الحكومة، فبالرغم من المخاطر الكبيرة الناجمة عن ما يجري، إلا أنها- المعارضة- لا تزال تحركاتها قائمة بل وتتوسع حتى أنها قد طالت جيش الاحتياط وطياري سلاح الجو مؤخراً والعديد من المؤسسات والنقابات، وهي نقطة قوة في يد الأحزاب المعارضة في زيادة الضغط على الحكومة.
هذا التوسع والذي ينذر بتفكك تدريجي للكيان، تقوم المعارضة من خلاله باستفزاز نتنياهو وتحميله مسؤولية ما آلت إليه الأمور. أضف إلى ذلك، فإن الأحداث الإقليمية والدولية غير المواتية للكيان في الوقت الحالي، تقوم المعارضة في تحميل مسؤوليتها أيضاً لنتنياهو وحكومته، فما جرى مؤخراً من اتفاق إيراني- سعودي برعاية صينية، قامت المعارضة بعدما اعتبرته اتفاق خطر على المصالح الإسرائيلية في المنطقة، بتحميل مسؤوليته لنتنياهو وسياساته الفاشلة. وحتى ما جرى في "مجيدو" من عملية غامضة الآثار ومبهمة تفاصيل وصول المتسلل إليها، سرعان ما قامت المعارضة باستغلال الحدث لما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومة برئيسها.
إذاً فإن المعارضة تسعى لإيجاد مناخ عام ضاغط ورافض لنتنياهو وحكومته عبر الخطوات التالية:
استمالة جنود وضباط الجيش الإسرائيلي من مختلف القطاعات والإضاءة على هذا الأمر بما يؤثر على إدارة نتنياهو للأزمة.
الاستثمار بالأحداث الإقليمية والدولية بما يخدم تحركات المعارضة.
ربط إجراءات نتنياهو بأمن إسرائيل وتحميله مسؤولية انحلاله تدريجياً.
رفع وتيرة الاحتجاجات والتصادم مع القوى الأمنية.
تعطيل البنية التنفيذية من خلال الإضرابات في المؤسسات الأمنية والجيش والنقابات والمنتديات الحكومية والمؤسسات المعنية بالبنى التحتية.

المناكفة السياسية المرتفعة في سبيل الإبقاء على التوازن في الصراع:
لعرقلة جهود نتنياهو الآخذة في التزايد على الصعيد السياسي داخلياً، تعمل المعارضة على الوقوف كند سياسي صعب أمام رئيس الحكومة وحلفائه، وذلك من خلال خطوات أظهرت عمق الفجوة السياسية الحاصلة، فراحت الأحزاب المعارضة باتجاه كيل الاتهامات ومحاولة تعطيل القوانين والتعديلات المطروحة من قبل نتنياهو واليمين الحليف له، بالإضافة إلى حثّ باقي الأحزاب للوقوف إلى جانب المعارضة. ويمكن تلخيص أساليب الضغط السياسي المعتمد من قبل المعارضة على الشكل التالي:
المعارضة الدائمة في الكنيست لأي قانون أو مشروع صادر عن نتنياهو وحلفاؤه.
الضغط على الأحزاب السياسية بهدف استمالتها.
كيل الاتهامات بحق نتنياهو والشخصيات اليمينية.
في المحصلة، يمكن تلخيص إدارة المعارضة للاحتجاجات والمعركة السياسية في الكيان المؤقت على الشكل التالي:
منع نتنياهو من استمالة مؤيدي المعارضة، وإرساء جو من السلبية الدائمة إعلامياً حوله:
الرد الدائم والسريع على أي تصريح صادر عن الائتلاف الحاكم.
اعتماد خطاب الترهيب والتخويف من نتنياهو وسياساته.
رفع الشعارات التعبوية والمثيرة للغضب خلال الاحتجاجات.
الاعتماد على الصحف والمواقع في كتابة التحليلات التي تنذر من المخاطر الكبيرة التي ستقع على الكيان إزاء سياسيات "بنيامين نتنياهو".

خلاصة: تحديد المخاطر
وعليه، وبعد تحديد الإجراءات المتبعة من قبل المعارضة الإسرائيلية داخل الكيان يمكن استنتاج المخاطر المترتبة إزاء ما يحصل خاصةً وأن درجة الاقتتال السياسي الداخلي آخذة متصاعدة وهو ما يزيد من حدة الإجراءات والأساليب المتبعة بشكل أكبر، والمخاطر المتوقعة هي:
تراجع مصداقية الإعلام في الداخل الإسرائيلي لدى الجماهير.
ازدياد التشدد الديني- السياسي لدى الأحزاب اليمينية ومخاطر انعكاس ذلك على الأرض.
الانقسام في الصف الواحد بين أحزاب اليمين.
ازدياد حدة التوتر في الشارع وإمكانية حصول أعمال شغب عالية الخطورة.
التأسيس لانقسام سياسي طويل الأمد تتفرع منه العديد من المشاكل السياسية (مثل الحالة اللبنانية).
ازدياد التحريض الإعلامي وعدم القدرة على ضبط الخطاب والتراشق في أي مواجهة قد تحصل.
حصول انشقاق في الجيش بشكل تدريجي يؤدي إلى انقسامه بين مؤيد ومعارض لسياسات الحكومات القادمة أيضاً.
تآكل الردع الإسرائيلي تدريجياً نتيجة الانشغال الكبير بالداخل والانقسام بالجيش والمؤسسات الأمنية.
تراجع اعتماد الإدارة الأمريكية على الكيان المؤقت والبحث عن بدائل أكثر نجاعة.
حصول اغتيالات أمنية في الداخل الإسرائيلي تطال شخصيات من الطرفين المتخاصمين.
حصول انقسام داخل الشرطة والقوى المعنية بالحفاظ على الأمن.
توقف جلسات انعقاد الكنيست وحصول فراغ على الصعيد التشريعي.
حصول تباعد كبير بين قيادة الجيش والأمن والأحزاب والمؤسسات الحكومية.

مصدر: العالم

قراءة 288 مرة