ذكرت صحيفة ‘هآرتس′ الاسرائيلية امس ان اسرائيل، ومثلما ظهر من خلال بنود ميزانيتها، فتحت مكتباً تمثيلياً في احدى العواصم الخارجية، وان اسم الدولة المضيفة جرى اخفاؤه لاسباب تعود الى رغبة الحكومة الاسرائيلية في عدم احراج الدولة المعنية.
السفير الاسرائيلي في برلين قال ان هناك علاقات اقتصادية وسياسية بين حكومته ودول خليجية تفرضها المصالح المشتركة دون ان يحدد هذه الدول، او ان يذكر اسم الدولة التي تحتضن ‘سفارة’ اسرائيلية مثله مثل وزارة الخارجية الاسرائيلية التي رفضت التعليق ايضا.
وحسب الوثيقة التي نشرتها الصحيفة انه بين الاعوام 2010 و2012 اقامت اسرائيل ممثلية مختلفة في دول العالم، جرى ذكر اسمائها جميعا باستثناء الدولة الخليجية المعنية ‘لان علاقات اسرائيل في دول الخليج قضية حساسة للغاية’.
تقرير الصحيفة هذا سيثير العديد من التكهنات حول اسم هذه الدولة، والاسباب التي تقف خلف حجبه، ومن الطبيعي ان يقفز اسم كل من قطر وسلطنة عمان اللتين اقامت علاقات اقتصادية مع اسرائيل وفتحتا مكاتب تمثيلية في عاصمتيهما. وقد تتقدم قطر على سلطنة عمان في هذا المجال لان رئيس وزرائها ووزير خارجيتها الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني هو الذي ترأس لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي ذهبت الى واشنطن والتقت جون كيري وزير الخارجية، واعلنت اثناء اللقاء معه استعداد الجامعة العربية للقبول بمبدأ تبادل الاراضي في حال التوصل الى تسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وتعرض بسبب هذا الاعلان الى انتقادات قاسية من قبل الكثير من الكتاب.
دولة الامارات العربية المتحدة اقامت علاقات سرية مع اسرائيل والتقى وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد بالسيدة تسيبي ليفني نظيرته الاسرائيلية اكثر من مرة، حسب ما جاء في وثائق ويكيليكس، مثلما استضافت الامارات وزراء اسرائيليين شاركوا في مؤتمرات دولية انعقدت على ارضها.
ولا يمكن استثناء دولة البحرين، فقد زارتها وفود اسرائيلية، وطالب ولي عهدها في مقال نشرته صحيفة ‘نيويورك’ بضرورة حدوث تطبيع عربي اعلامي مع اسرائيل، والكتابة في صحفها، من اجل الوصول الى الرأي العام الاسرائيلي، وشرح مبادرة السلام العربية ورغبة العرب في السلام.
حكومة قطر اعربت اكثر من مرة عن استعدادها لاعادة الممثلية الاسرائيلية الى الدوحة مقابل تلبية عدة شروط، من بينها السماح باعادة اعمار قطاع غزة ودخول مواد البناء اللازمة دون اي معوقات اسرائيلية، وتقديم ضمانات بعدم تدمير ما جرى اعادة بنائه، فهل رصد هذه الحكومة القطرية نصف مليار دولار لاعادة اعمار القطاع وبدء عملية اعادة الاعمال فعلاً قد جرى اعتباره مؤشرا على قبول اسرائيل بالشروط القطرية؟
سلطنة عمان قالت على لسان السيد يوسف بن علوي وزير خارجيتها بانها فتحت مكتباً تمثيلياً لاسرائيل في مسقط تشجيعا لها على الانخراط في العملية السلمية ودفعها الى الامام، ولكن بعدما لم يتحقق السلام، فانها قررت اغلاق المكتب التمثيلي عام 2000 في ذروة الانتفاضة الثانية، وكرد على اساليب القتل بالرصاص الحي التي استخدمتها اسرائيل في مواجهتها.
من الصعب علينا ترجيح اسم دولة خليجية ما في هذا الصدد، ولكننا على ثقة ان الحقيقة ستظهر في القريب العاجل لان الصحافة الاسرائيلية لا تكتم سراً، في ظل التنافس فيما بينها على السبق الصحافي، ورغبة الحكومة الاسرائيلية في تسريب اخبار حول التطبيع مع العرب.
ان اقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل في هذا الوقت بالذات الذي تتعاظم فيه السياسات الاستيطانية، ويتعرض المسجد الاقصى لاقتحامات يهودية تمهيداً لتقسيمه، وتتحول فيه مبادرة السلام العربية لجثة متحللة، ان اقامة العلاقات الان هو جريمة كبرى ستشجع الحكومة الاسرائيلية اليمينية على التغول في اهانتها للعرب ومقدساتهم.