الاخوان من اصحاب سلطة الى مطلوبين للعدالة

قيم هذا المقال
(0 صوت)

الاخوان من اصحاب سلطة الى مطلوبين للعدالة

خسرت جماعة الاخوان المسلمين على مدار السنة التي تولت فيها الحكم ما عملت على انجازه طيلة 80 سنة لتتحول بين ليلة وضحاها من القوة صاحبة الشرعية والسلطة، الى جماعة منبوذة كما يرى المراقبون.

ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي، القيادي الاخواني، في تموز/يوليو، تشهد شوارع مصر مواجهات شبه يومية بين انصار الاخوان ومعارضيهم ومع قوات الامن قتل فيها منذ الاربعاء اكثر من 750 شخصا.

ويقول وائل خليل الناشط اليساري لوكالة فرانس برس ان "حجم خيبة الامل والصدمة في ادارة الاخوان وشعاراتهم والاعذار التي يطلقونها كان كبيرا جدا بقدر حجم الامال التي كانت معقودة عليهم".

ويضيف "كنا نبكي فرحا بعد النتائج لاننا تجنبنا كارثة انتخاب مرشح النظام السابق الا انه اتضح فيها بعد ان حجم الضرر الذي احدثته لجماعة في الثورة كان كارثيا".

وكان فوز مرسي، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2012 على احمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، قد اثار امالا عريضة لدى المجتمع المدني، المحرك الاول لثورة يناير التي اطاحت بنظام حسني مبارك، في احداث تغيير في عمق الدولة والتخلص من نظام ديكتاتوري واحلال نظام ديموقراطي بديل تديره صناديق الاقتراع.

غير ان مرسي، سعى مباشرة بعد ان اقسم اليمين في 30 حزيران/يونيو 2012 الى فرض سلطاته من خلال منح نفسه صلاحيات مطلقة باعلان دستوري اثار غضبا شعبيا زادته تاججا محاولته تمكين جماعته من كل مفاصل الدولة.

ويقول الناشط السياسي احمد زهران، الذي اعطى ايضا صوته لمرسي في الانتخابات الرئاسية ان "الناس في قطاعات صغيرة ليست راضية عن استخدام القوة المفرطة مع الاخوان، لكن الغالبية مع ما يحصل بسبب حمل بعض عناصر الاخوان للسلاح".

ويضيف زهران ان "فوز مرسي كان مبني على تحالف تم الاتفاق عليه بعد الجولة الاولى ضم جماعة الاخوان والقوى الثورية والمساندين للثورة، لكن الاعلان الدستوري الشهير قلب المعطيات".

ويرجع من جهته الكاتب والمفكر الاسلامي فهمي هويدي السبب الاساسي في تغير النظرة الى جماعة الاخوان الى "فشل مرسي، الذي لم ينجح في الفترة التي تولى فيها الرئاسة لحوالى سنة لا في السياسة ولا في احتواء الاخرين".

ويوضح هويدي في تصريح لفرانس برس ان "جماعة الاخوان وجدت نفسها فجاة امام فرصة تولي السلطة وبدا واضحا انها تعاني من نقص الخبرة في الحكم، ومن غياب العقل الاستراتيجي".

ويتابع "ان تقود جماعة، ثم فجاة تقود دولة، امر صعب. انه امر مختلف تماما، فقيادة الجماعة تعني ان تقود انصارك، لكن قيادة الدولة تعني ان تقود خصومك ايضا، وهو ما لم يحدث".

ومن محاولة احتكار صلاحيات رئيسية، مرورا بالدعوة الى "انتفاضة" ضد الجيش الذي خرج من صفوفه كافة الرؤساء الاربعة السابقين لمرسي بين 1952 و2012، وصولا الى التسبب بازمات مع القضاء والاعلام والمثقفين، خسرت جماعة الاخوان شيئا فشيئا معظم التاييد الكبير الذي كانت تتمتع به عشية الانتخابات.

وقد شهد عهد مرسي ايضا تدهورا شديدا لاقتصاد منهك بالفعل ما تسبب في ارتفاع كبير في نسب التضخم والبطالة بالاضافة الى نقص في المحروقات.

ويقول زهران ان "قطاعات واسعة من الشعب تاثرت بشكل مباشر بالاحوال الاقتصادية (...) الامر الذي شكل عاملا اضافيا لبعض الشرائح الاجتماعية في تغيير وجهة نظرها من الاخوان".

ويرى زهران ايضا ان "الطبقة الوسطى تحديدا شعرت بالخوف من امكانية تغيير نمط معيشتها (...) حيث ان الشعب المصري متدين عموما لكنه ليس متشددا، والاخوان بدا وكانهم يسيرون على طريق التشدد".

وبعد ان شككت مجموعات كبيرة من المصريين في نوايا الجيش عقب مغادرة حسني مبارك للحكم وحتى الانتخابات الرئاسية الاخيرة، عادت لتلتف حوله وتؤيده في عزل اول رئيس مدني منتخب.

بل ان تلك المجموعات باتت حتى تشجع قوات الامن على المضي في ملاحقتها الدامية للاخوان، وتبدي تعاطفا اقل مع الاعداد الكبيرة للضحايا، رافضة وصف التغيير الدراماتيكي الذي حول مرسي من رئيس الى سجين في ساعات، بالانقلاب على سلطة هم انتخبوها.

ويقول علي حسان (67 عاما) الذي يعمل حارس امن في حي الدقي، جنوب القاهرة، "الاخوان يحرقون الكنائس والمباني الحكومية، لا بد ان يقضي الامن على هذه الحالة".

ويضيف "انتخبت مرسي، لكن لو عاد الزمن الى الوراء، لانتحرت قبل ان اقوم بذلك. على كل حال، لن يعود الزمن، والاخوان سيعدمون ولن يرجعوا".

وتجد الجماعة نفسها اليوم امام خيارات محدودة قد تدفعها في ظل النقمة المتصاعدة ضدها للعودة الى العمل السري الذي اتقنته لعقود.

ويقول الناشط الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الانسان ان "الاخوان المسلمين يتكبدون مزيدا من الخسائر والرفض الشعبي يتصاعد ضدهم (...) طالما انهم يرفضون ان يعترفوا باخطائهم السابقة".

ويضيف ان "جماعة الاخوان لا تزال الاكثر تنظيما، لكنها قد تتحول الى اقوى تنظيم سري، مجددا، والخسائر التي تتكبدها قد تكون اكثر فداحة من خسائر العام 1954" حين نظمت اول محاكمة عسكرية لقيادات الجماعة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

*بقلم محمد علي حريصي - ا ف ب

قراءة 1769 مرة