علي أوباما أن يفكر الف مرة قبل الضغط علي الزناد

قيم هذا المقال
(0 صوت)

هذا الاقتناع بوجود فرصة تاريخية ، كما يراها هذا الثلاثي ، للانقضاض علي محور المقاومة ، هو الذي دفع اوباما الي ان يخلع عنه لباس الحملان الذي اختفي وراءه حتي اليوم ، وظهر علي حقيقته كزعيم حرب مثله مثل سلفه بوش.

الاستعجال في استغلال الفرصة التاريخية ، كما يراها هذا الثلاثي ، دفع اوباما الي تجاهل الامم المتحدة ، وعدم انتظار التقرير الاممي بشأن الجهة التي استخدمت السلاح الكيمياوي في سوريا ، الامر الذي جعله يقف وحيدا ، في مهمة انقاذ اسرائيل من محور المقاومة ، بعد ان تخلي عنه اقرب حلفائه وفي مقدمتهم دول الاتحاد الاوروبي وجناحه العسكري الناتو.

 

**لماذا يري اوباما الفرصة سانحة لضرب سوريا؟

يري هذا الثلاثي ، أمريكا واسرائيل والرجعية العربية، ان مخططهم في الانتهاء من المقاومة وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية ، وتمهيد الارضية امام شرق اوسط جديد تتربع علي عرشه اسرائيل ، بات يحتاج الي ضربة عسكرية ضد سوريا ، تضع النقاط علي نهاية حكاية الشرق الاوسط القديم برمته.

يعتقد هذا الثلاثي ، ويبدو اعتقدهم جازما كما يظهر من مواقفهم وتصريحاتهم !!، ان ضرب سوريا سيحقق لهم النتائج التالية:

-إضعاف قوة الجيش السوري

-خلق حالة من التمرد بين صفوف هذا الجيش

-خلق حالة من الاستياء بين ابناء الشعب السوري

-اشاعة الفوضي وانعدام الامن في سوريا

-دعم وتشجيع المجموعات المسلحة علي الانتقال من مرحلة الدفاع الي مرحلة الهجوم للسيطرة علي مناطق استراتيجية

-تجييش امبراطوريات اعلامية للنيل من معنويات الجيش والشعب في سوريا

يري هذا الثلاثي ان هذه النتائج ستؤدي الي اسقاط النظام السوري في فترة قصيرة ، الامر الذي يستوجب الانتقال الي المرحلة الثانية ، والمتمثلة باطلاق يد المجموعات المسلحة في سوريا لارتكاب عمليات تطهير عرقي ومذهبي داخل سوريا بهدف تسخين الساحة اللبنانية ، التي ستكون ممهدة عندها لاحتضان هذه المجموعات ، المدفوعة بقوة سلاح ومال واعلام ، الثلاثي المذكور، بهدف محاصرة حزب الله وتلويث سلاحه في حرب داخلية لا ناقة له فيها ولا جملا.

يري هذا الثلاثي ، ان الحلقة الاقوي في محور المقاومة ، وهي الجمهورية الاسلامية في ايران ، ستبقي وحيدة ، عندها سيكون بالامكان اشغالها من الداخل عبر اثارة النعرات المذهبية والقومية للضغط عليها لتخرج من معادلة الصراع مع اسرائيل ، وهو صراع لن يكون له اثر عندها!!.

 

**مصير المخططات الامريكية

التجارب التاريخية اثبتت ان ارادة الشعوب هي اقوي من ارادة المعتدي مهما تكبر و تجبر، فالرحيل وجر اذيال الخيبة والخسران ، هي نهاية كل معتد مهما اختلفت الازمنة والجغرافيا ، واما النصر فهو نصيب الشعوب الثائرة لا محالة.

صحيح ان المعتدين يضعون خططا ويكيدون المكائد ويستخدمون اقذر واخطر الوسائل لتحقيق اهدافهم اللامشروعة ، كما هو حال الثلاثي المذكور ومخططهم البائس للتخلص من محور المقاومة ، الا ان هذه المخططات تصطدم بارادة اخري لطالما ابطلت سحر دسائس المعتدين وحولت مخططاتهم الي كوابيس تنغص عليهم حياتهم.

ان محور المقاومة ، وعلي العكس مما يراه الثلاثي الامريكي الاسرائيلي الرجعي العربي ، هو اليوم اقوي مما كان في اي وقت مضي ، فهذا الثلاثي ورغم كل ما يملك من امكانيات ، انهزم امام مقاتلي حزب الله في حرب تموز عام ۲۰۰۶ فاحُرقت مخططانهم ومات الشرق الاوسط الجديد قبل ان يولد.

هذا الثلاثي انهزم ايضا امام مقاتلي حركة حماس المحاصرين من البر والجو والبحر، فاحترقت مخططاتهم في غزة كما احترقت في لبنان.

اما حديث عجز هذا الثلاثي وتخبطه امام الجمهورية الاسلامية في ايران ، فهو حديث مطول ، ويكفي القول ان قوة ايران وتاثيرها علي الساحتين الاقليمية والدولية ، هو خير دليل علي فشل كل مخططات هذا الثلاثي ضد الشعب الايراني علي مدي اكثر من ۳۰ عاما.

اما سوريا المستهدفه حاليا من مخططات هذا الثلاثي ، فقد اثبتت قدرتها بشكل ملفت ، ليس علي الصمود فحسب بل علي تحقيق الانتصارات علي المجموعات المسلحة رغم الدعم الهائل الذي تلقته من هذا الثلاثي والغرب بشكل عام ، وهو ما دفع هذا الثلاثي للتدخل مباشرة عبر التهديدات التي اطلقها اوباما ضد سوريا.

 

**هذه المرة تحترق أصابع أوباما قبل مخططاته

يري بعض المراقبين ان الرئيس الامريكي باراك اوباما يعرف قبل غيره ان محور المقاومة وسوريا ليس باللقمة السائغة التي يصورها المخطط الذي وضعته مخابراته واسرائيل والرجعية العربية ، علي طاولته ، والذي لا يحتاج سوي الي ضربة للانتهاء منه والي الابد.

ويعتقد هؤلاء المراقبون ان القاء اوباما الكرة في ملعب الكونغرس الامريكي ، رغم انه ليس بحاجة الي تفويض من الكونغرس لشن ضربة عسكرية ضد سوريا ، كان مؤشرا علي شعوره بمدي خطورة ما سيقدم عليه ، وهو شعور لازم رئيس الوزاء البريطاني ديفيد كاميرون ولم يتحرر منه الا بعد ان حرره مجلس العموم البريطاني الذي رفض تدخل بريطانيا عسكريا في سوريا . ذات الشعور بخطورة الضربة العسكرية ضد سوريا وتداعياتها ، هو الذي دفع الاتحاد الاوروبي والناتو الي ترك اوباما وحيدا مع مخططه والتحريض الاسرئيلي وكيس الذهب العربي الرجعي.

اوباما لم يُترك وحيدا من قبل حلفائه فقط ، بل من قبل غالبية شعوب العالم وفي مقدمتها شعوب اوروبا وامريكا نفسها ، وهو ما اكدته نتائج الاستطلاعات الغربية والامريكية.

هذا الرفض الاوروبي الحكومي والشعبي والذي يترافق مع رفض اقوي واشد من روسيا والصين ومنظمة الامم المتحدة والفاتيكان ، ما كان ليقع لولا احساس الجميع بخطورة اي اجراء عسكري يمكن ان تقدم عليه امريكا ضد سوريا.

اخيرا علي اوباما ان يتوقف مليا ، عند اسباب رفض الاخرين توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا ، فهذه الاسباب تكشف وبشكل لا لبس فيه قوة الطرف المُستهدف وقدراته الهائلة علي الرد ، وهي قدرات سوف لن تحرق مخططات الثلاثي واصابع اوباما فحسب ، بل ستحرق الهدف الذي جازف من اجله اوباما بتوجيه هذه الضربة ، لذا علي أوباما ان يفكر الف مرة قبل ان يضغط علي الزناد.

بقلم: ماجد حاتمي

قراءة 1585 مرة