توجد إشارات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام): على أن قبول الأعمال العبادية متوقف على قضاء حوائج الإخوان المؤمنين، وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق عليه السلام: «من مشى في حاجة أخيه المؤمن يطلب بذلك ما عند الله حتى تقضى له، كتب الله عزّ وجل له بذلك أجر حجّة وعمرة مبرورتين، وصوم شهرين من أشهر الحرم واعتكافهما في المسجد الحرام، ومن مشى فيها بنيّة ولم تقضى كتب الله له بذلك من حجّة مبرورة»[1]. وعنه عليه السلام: «إنّ العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكّل الله عزّ وجل به ملكين: واحدا عن يمينه وآخر عن شماله، يستغفران له ربّه ويدعوان بقضاء حاجته»[2].
ومن أجل أن يتأصّل مبدأ التكافل في وجدان وواقع الناس اتّبع الإسلام منهج «الترغيب والترهيب» لأجل دفع الأفراد نحو الاتحاد والتعاون والتكافل. فمن جهة الترغيب نجد أحاديث أهل البيت: تُسهب في إيراد الشواهد على الثواب الجزيل الذي ينتظر كلّ من قضى حوائج إخوانه وتبشّره بالأمن يوم الحساب، فعن الإمام الصادق عليهالسلام: «من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله، كتب الله له ألف ألف حسنة»[3]. وعن الإمام الصادق عليهالسلام: «من قضى لأخيه المؤمن حاجةً، قضى الله عزّ وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أوّلها الجنة»[4]. وعن الإمام الكاظم عليهالسلام: «إنّ لله عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة»[5].
ونجد في الرّوايات معطيات إيجابية يجد ثمراتها الإنسان المؤمن في الدنيا قبل الآخرة كزيادة الرزق، فعن أمير المؤمنين عليهالسلام: «مواساة الأخ في الله تزيد في الرزق»[6].
وفي مقابل ذلك نجد التحذير الكثير لكل من يقصر في حق إخوانه، ولهذا التحذير والإنذار آثار عملية تتمثّل في المحافظة على الجدار الاجتماعي من أي تصدّع، وفي الحدّ من التحولات الاجتماعية التي تخل بقواعد العيش المشترك، وكشاهد على النمط الأخير ـ أي التحذير ـ يقول الإمام الصادق عليهالسلام: «من صار إلى أخيه المؤمن في حاجته فحجبه، لم يزل في لعنة الله إلى أن حضرته الوفاة»[7].
وعن الإمام الصادق عليهالسلام: «أيّما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة، وهو يقدر على قضائها فمنعه إيّاها، عيّره الله يوم القيامة تعييراً شديد، وقال له: أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاؤها في يدك فمنعته إيّاها زهداً منك في ثوابها، وعزّتي لا أنظر إليك اليوم في حاجةٍ معذّباً كنت أو مغفوراً لك»[8]. وعن الإمام الكاظم عليهالسلام: «من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيراً به في بعض أحواله، فلم يجره بعد أن يقدر عليه، فقد قطع ولاية الله عزّ وجل»[9].
وهنا نجد أيضاً في الروايات معطيات سلبية لمن أخل بمبدأ الأخوة وما يتطلبه من تكافل وتعاون، فعن الإمام الباقر عليهالسلام: «من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته، ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر»[10].
وعن الإمام الصادق عليهالسلام: «أيّما رجل من شيعتنا أتاه رجل من إخواننا فاستعان به في حاجة فلم يعنه وهو يقدر، ابتلاه الله عزّوجل بأن يقضي حوائج عدوّ من أعدائنا يعذّبه الله عليه يوم القيامة»[11].
وعنه عليه السلام: «ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلاّ خذله الله في الدنيا والآخرة»[12].
* التكافل الاجتماعي في مدرسة أهل البيت (ع) - بتصرّف
[1] الكافي 2: 195 / 10 من الباب المتقدم.
[2] الكافي 2: 197 / 6 باب السعي في حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
[3] أصول الكافي 2: 197 / 6 من الباب المتقدم.
[4] أصول الكافي 2: 193 / 1 باب قضاء حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
[5]أصول الكافي 1: 197 / 2 باب السعي في حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
[6] مشكاة الأنوار / الطبرسي: 230.
[7]الاختصاص / منسوب إلى الشيخ المفيد: 31، طبع جماعة المدرسين في الحوزة العلمية.
[8] الأمالي / الشيخ الطوسي: 99 / المجلس الرابع.
[9]أصول الكافي 2: 366 / 4 باب من استعان به أخوه فلم يعنه من كتاب الإيمان والكفر.
[10] أصول الكافي 2: 366 / 1 من الباب المتقدم.
[11] ثواب الأعمال: 249.
[12] المحاسن / البرقي 1: 99، دار الكتب الإسلامية.