حديث الثقلين واليقين بولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
حديث الثقلين واليقين بولادة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)

الأدلة التي توجب اليقين بولادة الإمام صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه) عديدة، ومن ضمنها الأحاديث والنصوص. ويوجد من ضمن الأحاديث أحاديث عديدة مسلّم لها عند الفريقين الإمامية وغيرهم، وتدلّ على ولادته سلام الله عليه، ولكن من دون أن ترد في خصوص الإمام المهدي وبعنوانه، فهي تدلّ على ولادة الإمام من دون أن تنصبّ على هذا الإتجاه، من أهمها:

حديث الثِقْلين أو الثَقَلَين، الذي هو حديث متواتر بين الإمامية والإخوة العامة، ولا مجال للمناقشة في سنده، حيث قاله النبي (صلى الله عليه وآله) في مواطن متعدّدة: في حجة الوداع، في حجرته المباركة، في مرضه، وفي...، فإذا رأينا اختلافاً في بعض ألفاظ الحديث فهو ناشئ من اختلاف مواطن تعدّد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) لهذا الحديث. ونص الحديث هو:

«إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، أحدهما أكبر من الاخر، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض»([1]).

لاحظوا: «ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض»، يعني أن الكتاب مع العترة، من البداية، من زمان النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن يردا عليه الحوض.

وهذا يدلّ على أنّ العترة الطاهرة مستمرة مع الكتاب الكريم، وهذا الاستمرار لا يمكن توجيهه إلاّ بافتراض أنّ الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) قد ولد ولكنه غائب عن الاعين، إذ لو لم يكن مولوداً وسوف يولد في المستقبل لافترق الكتاب عن العترة الطاهرة، وهذا تكذيب ـ استغفر الله ـ للنبي (ص)، فهو يقول: «ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض» هذا لازمه أنّ العترة لها استمرار وبقاء مع الكتاب إلى أن يردا على النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا لا يمكن توجيهه إلاّ بما قلت: إن الإمام المهدي سلام الله عليه قد ولد ولكنه غائب، وإلاّ يلزم الإخبار على خلاف الواقع. وهذا حديث واضح الدلالة، يدل على ولادة الإمام سلام الله عليه، لكن كما قلت هذا الحديث لم يرد ابتداءاً في الإمام المهدي، وإنّما هو منصبّ على قضيّة ثانية: «وإنّهما لن يفترقا»، لكن نستفيد منه ولادة الإمام بالدلالة الالتزامية.

وقد يقول قائل: لنفترض أن الإمام (عجل الله تعالى فرجه) لم يولد، ولكن في فترة الرجعة التي ستقع في المستقبل يرجع الإمام العسكري (عجل الله تعالى فرجه)، ويتولد آنذاك الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، إن هذه فريضة ممكنة وعلى أساسها يتم التلائم بين صدق الحديث وافتراض عدم ولادة الإمام (عجل الله تعالى فرجه).

وجوابنا: أن لازم هذه الفريضة تحقق الافتراق بين العترة الطاهرة والكتاب الكريم في الفترة السابقة على فترة الرجعة، ففي هذه الفترة لا وجود للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ولا وجود للعترة وقد تحقق فيها افتراق الكتاب الكريم عن العترة الطاهرة.
 
* الشيخ محمد باقر الإيرواني - بتصرّف

[1] - راجع: المستدرك للحاكم 3: 109، المعجم الكبير للطبراني 5: 166 ح 4969، تاريخ بغداد 8: 442، حلية الأولياء 1: 355، مجمع الزوائد 9: 164، وغيرها كثير جداً.

قراءة 1861 مرة