عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في وصيّتِه لولدِه الإمامِ الحسنِ (عليه السلام): «واعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ أَحَداً لَمْ يُنْبِئْ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَه كَمَا أَنْبَأَ عَنْه الرَّسُولُ (صلى لله عليه وآله)، فَارْضَ بِه رَائِداً وإِلَى النَّجَاةِ قَائِداً».
إذا كان مقامُ النبوّةِ –عموماً- مقاماً محموداً لمن اصطفى اللهُ من خلقِه في كلِّ زمانٍ وإذا كان الأنبياءُ درجاتٍ في هذا المقامِ فإنَّ رسولَ اللهِ (صلى لله عليه وآله) هو الأكملُ والأفضلُ، وإنّما ذلك لما حوتْه ذاتُه المباركةُ من خصوصيّاتٍ بلغتْ به المرتبةَ الأكملَ، وهذا ما أشارَ إليه أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) في مواطنَ عديدةٍ من كلامِه، فالرسولُ (صلى لله عليه وآله):
1- صاحب الوحي الأتّمِ والأكملِ: إنَّ أعظمَ ما يمكنُ أنْ يتنزّل من حقائقَ ترتبطُ بالذاتِ الإلهيّةِ والمعارفِ الوحيانيّةِ تماماً وكمالاً كان ما نزلَ على النبيّ (صلى لله عليه وآله) ، ولذا ذكرَ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) في حديثِه أعلاه أنّ أحداً لا يُخبرُ عن اللهِ عزَّ وجلَّ كما أخبرَ الرسولُ (صلى لله عليه وآله) لأنّه الأقربُ في الخلقِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ.
2- النبيُّ (صلى لله عليه وآله) الشاهدُ على المرسلينَ: يقولُ (عليه السلام): «فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَه بَعَثَ مُحَمَّداً (صلى لله عليه وآله) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ ومُهَيْمِناً عَلَى الْمُرْسَلِينَ»، فهو الشاهدُ على النبيينَ السابقينَ مصدِّقاً برسالاتِهم، ورسالتُه حاكمةٌ على رسالةِ كافّةِ الأنبياءِ وناسخةٌ لرسالاتِهم، وكلّ ما تتوقُعه من الرسالاتِ السماويّةِ فهو موجودٌ في رسالته (صلى لله عليه وآله).
3- المقدَّمُ في الصفوةِ: الأنبياءُ (عليهم السلام) هم الذين اصطفاهم اللهُ عزَّ وجلَّ من خلقِه ولكن يتقدّمُهم النبيُّ (صلى لله عليه وآله) خصوصيّةً خصَّها اللهُ عزَّ وجلَّ بها، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام): «أَرْسَلَه بِالضِّيَاءِ وقَدَّمَه فِي الِاصْطِفَاءِ»، وفي كلامٍ آخرَ عنه عليه السلام: «وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، وسَيِّدُ عِبَادِهِ، كُلَّمَا نَسَخَ اللَّهُ الْخَلْقَ فِرْقَتَيْنِ جَعَلَهُ فِي خَيْرِهِمَا».
إنَّ عظمةَ هذه الشخصيةِ أوجدتْ حضوراً خاصّاً في قلوبِ أتباعِه (صلى لله عليه وآله) ولذا يتمحورُ المسلمونَ في فلكِ النبوّةِ الذي يحفظُ وحدةَ الأمّةِ الإسلاميّةِ، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ في ذلك: «نجدُ أنَّ شخصيةَ الرسولِ الأكرمِ (صلى لله عليه وآله) والتي تُعتبرُ أفضلَ وأعظمَ شخصيةٍ في الإسلامِ، هذه الشخصيةُ الفذّةُ هي المحورُ الأساسُ الذي تتمحورُ حولَه عواطفُ وعقائدُ المسلمينَ كافّة. وقلّما تجدُ مفردةً من مفرداتِ الإسلامِ أو حقيقةً إسلاميةً تكونُ موردَ اتفاقِ جميعِ المسلمينَ وقادرةً على استقطابِهم وتستأثرُ بكلِّ عواطفِهم كما هو الحالُ بالنسبةِ إلى شخصيةِ الرسولِ محمّدٍ (صلى لله عليه وآله) ... نظراً لدورِ وتأثيرِ العواطفِ البالغِ الأهميةِ، بحيث إنّنا إذا استثنينا بعضَ الفرقِ الشاذّةِ التي لا تهتمُّ بالجانبِ العاطفيِّ والولاءِ القلبيِّ ولا بمسألةِ التوسُّلِ، فإنّ عمومَ المسلمينَ تشدُّهم بالرسولِ (صلى لله عليه وآله) عواطفُ وأواصرُ حبٍّ قوية. وبناءً على ذلك، يمكنُ لهذا الوجودِ المباركِ وهذه الشخصيةِ العظيمةِ أن تكونَ محورَ الوحدةِ التي نحن بصددِ تحقيقها».
في ذکری میلاد رَحمةً لِلْعَالَمِينَ
نشرت في
آراء و مقالات دينية