فرصة نيل القرب الإلهي

قيم هذا المقال
(0 صوت)
فرصة نيل القرب الإلهي

لابد من تذوّق طعم القرب الإلهي، وإن شهر رمضان لفرصة لنيل هذا القرب. إن حياة المقرّبين حياة من نمط آخر. فبعد ما تقرّب الإنسان إلى الله سيعيش حياةً أخرى. القرب الإلهي يذهب بالإنسان إلى أجواء خاصّة ويمتّعه بشعور خاصّ جدّا. وعلى أيّ حال يختلف الإنسان المقرّب عن غيره! فعندما تقتربون إلى قبور أئمّة الهدى (عليهم السلام) تختلف مشاعركم، فكيف بكم إذا تقرّبتم إلى الله عز وجل؟!

 

إن شهر رمضان لفرصة لأن نتقرّب إلى الله أكثر من أي زمان آخر. لابدّ من تذوّق طعم القرب وتحسّسه. فعلى سبيل المثال إن قُبلت توبتك تتقرّب إلى الله، وإن كانت نيتك في أعمالك أن تفعلها لوجه الله، تزداد قربا إليه. وكذلك إن راقبت نفسك لئلا تسخط ربّك، تتقرّب إليه. وإن حزنت على ابتعادك عن الله في لحظات غفلتك، تتقرب إليه. فبإمكانك في أوقات كثيرة أن تشعر بالقرب إلى الله.

 

لابدّ أن نجرّب حالة القرب ونجد آثارها في روحنا وجسمنا وأفعالنا. يجب أن نجرّب حالة القرب ونجد آثارها في روحنا وجسمنا وأفعالنا! لابدّ أن نشعر بتحوّل في صلاتنا! لابدّ أن نكثر الضجيج إلى الله ونطيل الصراخ والعويل بين يديه حتى نجرّب حالة القرب، فليس لنا طريق آخر ولا أي فرصة أخرى.

 

فلا يجوز التسويف في هذا الأمر. لا تقولوا: «سوف نتقرّب إلى الله في المستقبل»، فإنك إن لم تتقرّب إليه الآن مع أنك أحسن حالا من مستقبلك، فكيف بك في المستقبل وقد ازددت بعداً عن الله؟! فليس هذا الأمر ممّا يجوز تسويفه. فلا يجوز لي أن أسوّف التوبة وأعلقّها إلى إشعار آخر! فلأتب الآن. فإذا كنت أترقب المستقبل لكي تتغيّر ذائقتي وأترك الذنوب وحبّ الدنيا، فلأتركها اليوم ولتتغيّر ذائقتي الآن.

 

في أجواء القرب يجب أن تستحضر نية التقرّب في جميع أعمالك ليل نهار. إن شهر رمضان لفرصة للتقرب، ولابدّ من تجربة هذه الأجواء التي تجعل من حياتك حياة أخرى. في هذه الحياة الطيبة الجديدة، نحن مأمورون بأن نستحضر نية التقرّب في جميع أعمالنا ليل نهار. كما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: «یَا أَبَا ذَرٍّ لِیَکُنْ لَكَ فِي کُلِّ شَیْ‏ءٍ نِیَّةٌ حَتَّى فِي النَّوْمِ وَ الْأَکْلِ»([1])، و«یَا أَبَا ذَرٍّ، هُمَّ بِالْحَسَنَةِ وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْهَا لِکَیْلَا تُکْتَبَ مِنَ الْغَافِلِین‏»([2])، وکذلك قال الإمام الصادق (عليه السلام): «فَلَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ خَالِصِ‏ النِّیَّةِ فِي کُلِّ حَرَکَةٍ وَسُکُونٍ إِذَا لَمْ یَکُنْ بِهَذَا الْمَعْنَى یَکُونُ غَافِلًا والْغَافِلُونَ قَدْ ذَمَّهُمُ‏ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ‏ إِنْ هُمْ إِلَّا کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا وَقَالَ‏ أُولئِکَ هُمُ الْغافِلُون»([3]).

 

نفس نيّة القربة التي يجب أن ننويها عند الصلوات، يجب أن نستحضرها عند جميع أعمالنا وأفعالنا. فكأن الله قد دخل معنا في معاملة تجارية وكأنه قال: «اجعل کلّ أفعالك لي، لكي أشتريها منك كلّها وأجعلك من المقرّبين». فإذا رفض أحد دعوة ربّه ولوّى عنقه، ماذا يجب أن نسمّيه؟

 

سماحة الشيخ علي رضا بناهيان - بتصرف

 

([1]) وسائل الشيعة/ج1/ص48

([2]) أمالي الطوسي/ص536

([3]) مصباح الشريعة/ص53

قراءة 938 مرة