يصادف يوم 21 من شهر رمضان المبارك ذكرى استشهاد امير المؤمنين ومولى المتقين الامام علي بن ابي يطالب (عليه السلام) عام 40 هجرية.
نسبه الشريف:
هو علي بن أبي طالب (و اسمه عبد مناف) بن عبد المطلب (و اسمه شيبة الحمد) بن هاشم (و اسمه عمرو) بن عبد مناف (و اسمه المغيرة) بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
أبوه :
أبو طالب هو الذي كفل رسول الله صلىالله عليه وآله، صغيرا و قام بنصره و حامى عنه و ذب عنه وحاطه كبيرا و تحمل الأذى في سبيله من مشركي قريش و منعه منهم و لقي لأجله عناء عظيما و قاسى بلاء شديدا أو صبر على نصره و القيام بأمره حتى إن قريشا لم تطمع في رسول الله صلىاللهعليه وآله و كانت كاعة عنه حتى توفي أبو طالب و لم يؤمر بالهجرة إلا بعد وفاته. و كان أبو طالب مسلما لا يجاهر بإسلامه و لو جاهر لم يمكنه ما أمكنه من نصر رسول الله صلىاللهعليه وآله على أنه قد جاهر بالإقرار بصحة نبوته في شعره مرارا مثل قوله:
و دعوتني و علمت أنك صادق و لقد صدقت و كنت قبل أمينا
و لقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
و قوله الذي مدحه فيه بما لا ينطق به غير مسلم فقال:
كذبتم و بيت الله نبزي محمدا و لما نطاعن دونه و نناضل
و ننصره حتى نصرع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
تلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل
و ميزان حق لا يخيس شعيرة و وزان صدق وزنه غير عائل
ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا و لا يعني (يعيا) بقول الأباطل
كنيته:
يكنى أبا الحسن و أبا الحسين و كان الحسن في حياة رسول الله صلىاللهعليه وآله يدعوه أبا الحسين و الحسين يدعوه أبا الحسن و يدعوان رسول الله صلىاللهعليه وآله أباهما فلما توفي النبي صلىاللهعليه وآله دعوا عليا أباهما.و كان يكنى أيضا بأبي تراب كناه به رسول الله صلىاللهعليه وآله ففي الإستيعاب بسنده قيل لسهل ابن سعد إن أمير المدينة يريد أن يبعث إليك لتسب عليا عند المنبر قال كيف أقول قال تقول أبا تراب فقال و الله ما سماه بذلك إلا رسول الله صلىاللهعليه وآله قال و كيف ذلك يا أبا العباس قال دخل على فاطمة ثم خرج من عندها فاضطجع في صحن المسجد فدخل رسول الله صلىاللهعليه وآله على فاطمة فقال أين ابن عمك قالت هو ذاك مضطجع في المسجد فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره و خلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره و يقول اجلس أبا تراب فو الله ما سماه به إلا رسول الله صلىاللهعليه وآله و الله ما كان اسم أحب إليه منه .
استشهاد أمير المؤمنين علي عليه السلام و قدر عمره و مدة خلافته :
استشهد عليه السلام سنة 40 من الهجرة في شهر رمضان ضرب ليلة تسع عشرة ليلة الأربعاء و قبض ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين على المعروف بين أصحابنا و عليه عمل الشيعة اليوم و روى الطبري و ابن الأثير أنه ضرب ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان فتكون وفاته ليلة الأحد. و عمره «ثلاث و ستون سنة»
و أشهر الأقوال الأول و الثالث قال ابن شهرآشوب في المناقب : قبض صلى الله عليه وآله قتيلا في مسجد الكوفة وقت التنوير ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة مضين من شهر رمضان فبقي يومين إلى نحو الثلث من الليل و له يومئذ «خمس و ستون سنة» في قول الصادق عليه السلام، و كانت مدة خلافته خمس سنين إلا نحوا من أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر لأنه بويع لخمس بقين من ذي الحجة سنة 35.
قال ابن الأثير في الكامل قيل من غير وجه أن عليا كان يقول ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه.
وقال الحسن بن كثير عن أبيه: خرج علي من الفجر فأقبل الأوز يصحن في وجهه فطردوهن عنه فقال ذروهن فإنهن نوائح، فضربه ابن ملجم في ليلته ، وقال الحسن بن علي يوم استشهاد علي : خرجت البارحة و أبي يصلي في مسجد داره فقال لي يا بني إني بت أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله صلى اللهعليه وآله فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد (قال أبو الفرج : و الأود العوج و اللدد الخصومات ) فقال لي: ادع عليهم فقلت اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم و أبدلهم بي من هو شر مني فجاء ابن الثباج فأذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلفه فضربه ابن ملجم فقتله.
وصية أمير المؤمنين عليه السلام :
ذكرها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه و أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين .
بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تأسفا على شيء منها زوي عنكما و قولا بالحق و اعملا للأجر (للآخرة خ ل) و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا أوصيكما و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله و نظم أمركم و صلاح ذات بينكم فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليه وآله يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و إن البغضة حالقة الدين و لا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب و الله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليه وآله يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار.
و الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم و الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و إن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه و الله الله في الصلاة فإنها خير العمل و إنها عمود دينكم و الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم و الله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان إمام هدى و مطيع له مقتد بهداه و الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم و الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤووا محدثا فإن رسول الله صلىاللهعليه وآله أوصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث.
والله الله في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم و الله الله في النساء و ما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله أن قال أوصيكم بالضعيفين نسائكم و ما ملكت أيمانكم ثم قال الصلاة الصلاة و لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و التبار و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم و استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
وقال ابن الأثير إنه دعا الحسن و الحسين عليهماالسلام فقال لهما أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تبكيا على شيء زوي عنكما منها و قولا الحق و ارحما اليتيم و كونا للظالم خصما و للمظلوم ناصرا و اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذكما في الله لومة لائم ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال هل حفظت ما أوصيت به أخويك قال نعم قال فإني أوصيك بمثله و أوصيك بتوقير أخويك العظيم حقهما عليك و لا تقطع دونهما أمرا ثم قال أوصيكما به فإنه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتما إن أباكما كان يحبه وقال للحسن أوصيك أي بني بتقوى الله و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة و غفر الذنب و كظم الغيظ و صلة الرحم و الحلم عن الجاهل و التفقه في الدين و التعاهد للقرآن و حسن الجوار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اجتناب الفواحش.
ثم قال للحسن : أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي و اسقوه من شرابي.ثم قال للحسن عليه السلام إذا أنا مت فلا تغال في كفني و صل علي و كبر علي سبعا و في رواية خمسا وغيب قبري.
لقد مثلت حياة امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام اسمى معاني التضحية والفداء والشجاعة والبطولة والصبر والايثار والحق، التي تجسدت في شخصيته الفذة التي قل نظيرها،أن لم نقل انعدم مثيلها في التاريخ عدا شخص الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله)
لقد أختزل الاسلام برمته في شخصية علي بن ابي طالب (ع)، فمن اراد ان يعرف الاسلام الحقيقي كما هو دون زيف وتحريف فلينظر الى شخصية وسيرة امير المؤمنين (ع).
ويكفي عليا فخرا بأنه وليد الكعبة الوحيد على مر التاريخ، حيث اراد الله سبحانه وتعالى ان يكرك الامام علي عليه السلام بصورة لايكرم بها أي شخصية اخرى من البشر عدا الانبياء عليهم الصلاة والسلام، وبذلك جعله وليد الكعبة المشرفة والتي تشرف بها وافتخرت به، وان يأتي النداء من الله العلي القدير على لسان جبريل " لافتى الا علي لاسيف الا ذو الفقار ".
لقدكان الامام علي ومازال وسيبقى نورا ساطعا يضيء الدرب لكل المسلمين في مشارق الارض ومغاربها على الرغم مما قام به الاعداء الكثيرون له من محاولات كثيرة لطمس شخصيته وعدم اظهارها بوجهها الحقيقي على مدى التاريخ. ولكن مهما حاول هؤلاء الاعداء طمس الحقائق يزداد الناس تمسكا بعلي وبالمنهج الذي خطه للمسلمين.
اننا عندما نستذكر شخصية الامام علي (ع) علينا ان نضع نصب اعيننا المبادئ والقيم التي استشهد من اجلها امير المؤمنين , ولتكن مناسبة متجددة للوقوف على واقع الدين الاسلامي حاليا ومما يحاول اعداء هذا الدين من تشويه صورته الحقيقية التي اوجدها الرسول الكريم محمد (ص) ونشرها ابن عمه علي بن ابي طالب (ع) بسيفه وأبقاها ابن امير المؤمنين الحسين الشهيد عليه السلام، للعمل لازالة مالحق به من تشويه وزيف.