ان ابو جعفر محمّد بن زين العابدين، الملقّب بالباقر، أحد الأئمة الإثني عشر في اعتقاد الإمامية، وهو والد جعفر الصادق. كان الباقر عالماً سيّداً كبيراً، وإنّما قيل له الباقر لانّه تَبقَّر في العلم أي توسّع، وفيه يقول الشاعر: يا باقر العلم لاهل التُقى وخير من لبّى على الأجبل.
ولد الامام محمد الباقر عليه السلام بالمدينة غرة رجب سنة 57 هجري وقيل 56 هجري، عاش مع جدّه الحسين عليه السلام 4 سنين، ومع ابيه عليه السلام بعد جدّه عليه السلام تسعاً وثلاثين سنة، وكانت مدة إمامته عليه السلام 18 سنة. ولقب الإمام الخامس بباقر العلوم لسعة علمه الذي ورثه من أبيه الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وقام الإمام محمد الباقر (عليه السلام) في فترة إمامته بنشر الثقافة الإسلامية، وتعليم الطلاب، وإرشاد الصحابة والناس، وتطبيق تعاليم جده النبي الأكرم محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم. وايضا تولى بعد مضي 19 سنة و10 أشهر على استشهاد والده الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) منصب الإمامة الإلهي.
وأمّا النصوص الدالة على إمامته من أبيه وأجداده والتي ذكرها المحدّثون والمحقّقون من علمائنا الاعلام فهي مستفيضة نقلها الكليني رضي الله عنه وغيره. قال ابن سعد: محمّد الباقر من الطبقة الثالثة من التابعين من المدينة، كان عالماً عابداً ثقة. قال أبو يوسف: قلت لابي حنيفة: لقيت محمّد بن علي الباقر؟ فقال: نعم وسألته يوماً فقلت له: أراد الله المعاصي؟ فقال: "أفيعصى قهراً"؟ قال ابو حنيفة: فما رأيت جواباً أفحم منه. وقال عطاء: ما رأيت العلماء عند احد أصغر علماً منهم عند ابي جعفر، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه مغلوب، ويعني الحكم بن عيينة، وكان عالماً نبيلاً جليلاً.
وقد شهد الامام محمد الباقر عليه السلام واقعة كربلاء وهو صغير، كما أنه يعتبر المؤسس للثورة العلمية الشيعية الكبرى التي بلغت ذروتها في زمن نجله الإمام الصادق (عليه السلام). روي عنه (عليه السلام) روايات كثيرة في مجالات شتی كالفقه، والتوحيد، والسنة النبوية، والقرآن، والأخلاق، كما بدأت المعتقدات الشيعية تتبلور في فترة إمامته وذلك في مختلف الفروع كالفقه والكلام، والتفسير.
واعترف علماء أهل السنة بفقه الإمام الباقر (ع)، ومن ثم قيل فيه هو باقر العلم وجامعه وشاهر علَمه وأنّه عمّر أوقاته بطاعة الله وكان يحظى بمراتب عالية في مقامات العارفين. إنّ شخصية الإمام الباقر (عليه السلام) لم تكن الفريدة من نوعها في رأي الشيعة الإمامية فحسب، بل إنّ علماء أهل السنة أيضاً يعتبرونه فريداً من نوعه.
فيقول ابن حجر الهيتمي في وصفه (عليه السلام): أبو جعفر محمد الباقر سمّي بذلك من بقر الأرض أي شقّها وأثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة. وتحدّث عبدالله بن عطاء عن إكبار العلماء وتعظيمهم للإمام الباقر (عليه السلام) وتواضعهم له، وهو من الشخصيات البارزة والعلماء العظام ما قوله: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي لتواضعهم له.
أما الذهبي فقد كتب في وصف الإمام الباقر (عليه السلام) قائلاً: كان الباقر أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤود والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة. من ألقاب الإمام الباقر(عليه السلام) الكريمه: الباقر والشاكر والهادي وأشهرها الباقر، الذي تلقاه من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومعنى الباقر كما في المعاجم اللغوية المتبحّر بالعلم والمستخرج غوامضه وأسراره والمحيط بفنونه.
واستشهد الإمام الباقر بالسم في السابع من ذي الحجة عام 114 هـ.قـ عن عمر57 عامًا بالمدينة المنورة على يد هشام بن عبد الملك أحد الخلفاء الأمويين.