سيرة جناب "زينب بنت خزيمة"

قيم هذا المقال
(20 صوت)

هي السيدة زينب بنت خزيمة بن حارث بن عبدالله بن عمرو بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة العامري والزوجة الخامسة للرسول الاكرم (ص) حسب تزوجه من امهات المؤمنين وهي احدى زوجاته القرشيات(1). ويروي ابن عبدالبر عن ابي الحسن الجرجاني نسب هذه السيدة الكريمة ويقول انها شقيقة ميمونهة بنت الحارث بزوجة الرسول الاعظم (ص)(2) الا ان ابن حبيب البغدادي يذكر اخوة واخوات السيدة زينب لامها كالتالي: ام الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث زوجة العباس عم رسول الله (ص) وهي ام عبدالله بن عباس، ولبابة الصغرى هي زوجة الوليد بن المغيرة ووالدة خالد بن الوليد، وعزة بنت الحارث. ثم يذكر اخوات السيدة زينب بنت خزيمة لامها ويقول: ان ميمونة بنت الحارث، وأسماء بنت عميس زوجة جعفر بن ابيطالب وسلاّمة(سلمى) بنت عميس زوجة حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول الاعظم(ص)،هن اخوات السيدة زينب بنت خزيمة لامها(3(.

حياة السيدة زينب قبل زواجها من النبي الاعظم (ص):

ولدت السيدة زينب بنت خزيمة ثلاثة عشر عاما قبل البعثة النبوية المباركة. وقد ذكر المؤرخون انها قبل زواجها من نبي الرحمة(ص) كانت قد تزوجت من عبدالله بن جحش، لكن الاخير استشهد في غزوة احد عندما كان يقاتل في رحاب رسول الله(ص).

لكن مؤرخين آخرين قالوا انها كانت قد تزوجت من الطفيل بن الحارث، الا ان الطفيل طلقها، فتزوجها اخوه عبيدة بن الحارث المطلبي، وقد استشهد الاخير في غزوة بدر او احد.

ولما ثُكلت السيدة زينب بزوجها، اعتلاها الحزن والاسى وكان استشهاد زوجها مصيبة عظمى في حياتها، لانها تركت اهلها وعشيرتها وهاجرت معه من مكة الى المدينة، فظلت تشعر بالوحدة فيها.

زواج السيدة زينب من الرسول الاكرم(ص):

وبعد فترة من استشهاد زوج السيدة زينب تقدم رسول الله(ص) لخطبتها. فما كان منها الا ان اوكلت امرها لرسول الله(4)، لانها لم يكن اي قريب او رحم لها في المدينة ليصبح ولي امرها، فرأت في شخصية خاتم الانبياء والمرسلين افضل شخصية ليكون ولي امرها في دار الغربة. فما كان من النبي الاعظم الا ان دعا عدد من الوجهاء وكبارالشخصيات الاسلامية(5)واشهدهم على عقد قرانه معها، لتصبح زوجته بعد ذلك الحين(6)، وجعل لها مهرا قدر اربعمئة درهم، وخص لها حجرة من حجراته كباقي ازواجه اللواتي كن معه ذلك الحين. ومنذ ذلك الحين اصبحت السيدة زينب بنت خزيمة احدى زوجات النبي(ص) وبدأت حياتها الزوجية معه.

وكان هذا الزواج حدث بعد عشرين يوما من زواج الرسول الاكرم(ص) من ام المؤمنين حفصة بنت عمربن الخطاب(7)في شهر رمضان المبارك من العام الثالث للهجرة النبوية الشريفة وبالتحديد في الشهر الحادي والثلاثين للهجرة النبوية(8). ألا ان بعض المؤرخين يرى ان زواج الرسول الاكرم(ص) من السيدة زينب بنت خزيمة كان في السنة السابعة بعد وفاة السيدة خديجة (رض)(9).

سخاء ام المؤمنين زينب بنت خزيمة واشتهارها بـ "ام المساكين":

كانت ام المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة كثيرة العطف والحنان على المساكين والفقراء حتى لُقِّبت بـ "ام المساكين"، لأنها كلما كانت تتفقد الفقراء والمساكين دائما.(10) ويذكر ان السيدة زينب بنت خزيمة حتى في فترة العصر الجاهلي كانت على نفس الفطرة الانسانية السليمة في تفقدها للمساكين والفقراء وتسميتها بـ "أم المساكين" كانت منذ ذلك الحين ايضا(11) وما بزغت شمس دين الرحمة، واظهر مساعدة الفقراء والمساكين كوازع انساني واخلاقي تمسكت السيدة زينب بنت خزيمة بهذه الخصلة اكثر من ذي قبل.

يقول احد المؤرخين: لقد كانت دائمة الاحسان مع الناس وخاصة الفقراء والمساكين. وكانت تكثر من الصدقات والإحسان الى الفقراء والمعوزين. وبما انها كانت تكثر تقديم المساعدات والمأكولات للفقراء عرفت منذها بـ "ام الفقراء والمساكين".

وفاة ام المؤمنين السيدة زينب بنت خزيمة وتوديعها الحياة الزوجية مع الرسول:

رحيل السيدة ام المؤمنين زينب بنت خزيمة زوجة رسول الله(ص) جعل التاريخ مفتقرا للمعلومات الكافية عن حياتها. وبما ان فترة حياتها المشتركة في رحاب رسول الانسانية كانت قصيرة، ظلت الكثير من شؤون حياتها مع النبي الاعظم(ص) مجهولة، ما حمل المؤرخين و كتّاب وشارحي السيرة النبوية يختارون الصمت امام حياة هذه السيدة الجليلة لتبقى في طيات الكتمان والضبابية.

وقد قال البعض ان وفاة السيدة زينب بنت خزيمة كانت لثمانية اشهر بعد زواجها من النبي الاعظم(ص) وفي شهر ربيع الثاني للعام الرابع للهجرة النبوية الشريفة(12)، الا ان آخرين لا يذكرون لها حياة زوجية مشتركة مع الرسول الاكرم(ص) لاكثر من شهرين او ثلاثة اشهر(13)، وهذا ما جعلها من زوجات النبي التي لم يرو عنهن اي حديث عن رسول الله(ص) في كتب الاحاديث ولم يتطرق اليها المحدثون.

ويقال ان ام المؤمنين زينب بنت خزيمة توفيت في عنفوان شبابها اي لم تبلغ الثلاثين عاما وكانت وفاتها رضوان الله عليها في المدينة المنورة.(14)

وكان النبي(ص) تكفل غسلها وتكفينها وتجهيزها وصلى عليها وحملها الى مثواها الاخير في جنة "البقيع الغرقد"(15).

واضافة الى انها والسيدة خديجة كانتا الزوجتان الوحيدتان اللتان توفيتا في حياة الرسول(ص)، يقول المؤرخون انها اول زوجات الرسول اللواتي توفين في المدينة المنورة.

________________________________________

الهوامش:

(1)- ابن عبد البر؛ في كتابه الاستیعاب، تحقیق علي محمد البجاوي، طبعة بیروت، الطبعة الاولي،عام 1992،ج4، ص1853

(2)- الاستیعاب، ج4، ص1853

(3)- ابن حبیب البغدادی؛ المحبر، تحقیق ایلزه لیختن شتیتر، بیروت، دار الافاق الجدیدة، بیتا، ص106- 109

(4) - تاریخ الطبري، المصدر السابق،ج11، ص596 و ابن عساکر؛ في كتابه تاریخ دمشق، طبعة بیروت، دار نشر دارالفکر، الطبعة الاولى، 1415،ج3، ص206

(5) - الطبقات الکبری لابن سعد، ص91

(6) - السیرة النبویة، ج2، ص648

(7) - ابن قتیبة؛ مطبعة المعارف، تحقیق ثروت عکاشة، القاهرة، الهیئة المصریة العامة للکتاب، الطبعة الثانية، 1993، ص158

(8) - الطبقات الکبری لابن سعد، المصدر السابق، ص91 و الذهبی في كتابه تاریخ الاسلام

(9) - الاستيعاب لابن عبد البر، ج1، ص46

(10) - ابن هشام؛ السیرة النبویه، تحقیق مصطفی السقا ، بیروت، بی تا،ج2، ص648

(11) - الطبقات الکبری، المصدر السابق، ص91

(12) - نهایة الإرَب، المصدر السابق، ص178

(13) - تاریخ الخلیفة، تحقیق فواز، طبعة بیروت، دارالکتب العلمیة، الطبعة الاولى، 1995، ص27

(14) - المنتظم، ص210 و الطبقات الکبری، المصدر السابق، ص92

(15) - تاریخ الطبری، ج11، ص596

قراءة 12565 مرة