الإسماعيلية

قيم هذا المقال
(0 صوت)

الإسماعيلية فرقة من الشيعة القائلة بأنّ الإمامة بالتنصيص من النبي أو الإمام القائم مقامه، غير أنّ هناك خلافاً بين الزيدية والإمامية والإسماعيلية في عدد الأئمة ومفهوم التنصيص.

 

فالأئمة المنصوصة خلافتهم وإمامتهم بعد النبي عند الزيدية لا يتجاوز عن الثلاثة: علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، والسبطين الكريمين: الحسن والحسين (عليهما السلام) ، وبشهادة الأخير غلقت دائرة التنصيص وجاءت مرحلة الانتخاب بالبيعة

 

كما تقدم.

 

وأمّا الأئمة المنصوصون عند الإمامية فاثنا عشر إماماً آخرهم غائبهم يظهره الله سبحانه عندما يشاء، وقد حول أمر الأُمّة ـ في زمان غيبته ـ إلى الفقيه العارف بالأحكام والسنن والواقف على مصالح المسلمين على النحو المقرر في كتبهم وتآليفهم.

 

وأمّا الإمامة عند الإسماعيلية فهي تنتقل عندهم من الآباء إلى الأبناء، ويكون انتقالها عن طريق الميلاد الطبيعي، فيكون ذلك بمثابة نصّ من الأب بتعيين الابن، وإذا كان للأب عدة أبناء فهو بما أُوتي من معرفة خارقة للعادة يستطيع أن يعرف من هو الإمام الّذي وقع عليه النص، فالقول بأنّ الإمامة عندهم بالوراثة أولى من القول بالتنصيص. وعلى كلّ حال فهذه الفرقة منشقة عن الشيعة معتقدة بإمامة إسماعيل بن جعفر بن الإمام الصادق (عليه السلام) ، وإليك نبذة مختصرة عن سيرة إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) (110-145 هـ).

 

الإمام الأوّل للدعوة الإسماعيلية:

 

إنّ إسماعيل هو الإمام الأوّل والمؤسس للمذهب، فوالده الإمام الصادق (عليه السلام) غني عن التعريف وفضله أشهر من أن يذكر، وأُمّه فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين الّتي أنجبت أولاداً ثلاثة هم :

 

1-إسماعيل بن جعفر.

 

2-عبد الله بن جعفر .

 

3-أُم فروة.

 

وكان إسماعيل أكبرهم، وكان أبو عبد الله (عليه السلام) شديد المحبة له والبر به والإشفاق عليه، مات في حياة أبيه (عليه السلام) «بالعريض» وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة حتّى دفنه بالبقيع. ( [1])

 

استشهاد الإمام الصادق (عليه السلام) على موته:

 

كان الإمام الصادق حريصاً على إفهام الشيعة بأنّ الإمامة لم تكتب لإسماعيل، فليس هو من خلفاء الرسول الاثني عشر الذين كتبت لهم الخلافة والإمامة بأمر السماء وإبلاغ الرسول الأعظم. ومن الدواعي الّتي ساعدت على بث بذر الشبهة والشك في نفوس الشيعة في ذلك اليوم، هو ما اشتهر من أنّ الإمامة للولد الأكبر، وكان إسماعيل أكبر أولاده، فكانت أماني الشيعة معقودة عليه، ولأجل ذلك تركزت جهود الإمام الصادق (عليه السلام) على معالجة الوضع واجتثاث جذور تلك الشبهة وانّ الإمامة لغيره، فتراه تارة ينصّ على ذلك، بقوله وكلامه، وأُخرى بالاستشهاد على موت إسماعيل وانّه قد انتقل إلى رحمة الله ولن يصلح للقيادة والإمامة.

 

وإليك نموذجاً يؤيد النهج الّذي انتهجه الإمام لتحقيق غرضه في إزالة تلك الشبهة.

 

روى النعماني عن زرارة بن أعين، أنّه قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعند يمينه سيّد ولده موسى (عليه السلام) وقدّامه مرقد مغطّى، فقال لي: «يا زرارة جئني بداود بن كثير الرقي وحمران وأبي بصير» ودخل عليه المفضل بن عمر، فخرجت فأحضرت من أمرني بإحضاره، ولم يزل الناس يدخلون واحداً إثر واحد حتّى صرنا في البيت ثلاثين رجلا.

 

فلمّا حشد المجلس قال: «يا داود اكشف لي عن وجه إسماعيل»، فكشف عن وجهه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : «يا داود أحيٌّ هو أم ميت؟» قال داود: يا مولاي هو ميت، فجعل يعرض ذلك على رجل رجل، حتّى أتى على آخر من في المجلس، وانتهى عليهم بأسرهم، وكل يقول: هو ميت يا مولاي، فقال: «اللّهم اشهد» ثم أمر بغسله وحنوطه، وإدراجه في أثوابه.

 

فلمّا فرغ منه قال للمفضّل: «يا مفضّل أحسر عن وجهه»، فحسر عن وجهه، فقال: «أحيُّ هو أم ميت؟» فقال: ميت، قال: «اللّهم اشهد عليهم» ثم حمل إلى قبره، فلمّا وضع في لحده، قال: «يا مفضّل اكشف عن وجهه»، وقال للجماعة: «أحيّ هو أم ميت؟» قلنا له: «ميت، فقال: «اللّهم اشهد، واشهدوا فانّه سيرتاب المبطلون، يريدون إطفاء نور الله بأفواههم ـ ثم أومأ إلى موسى ـ والله متم نوره ولو كره المشركون»، ثم حثونا عليه التراب، ثم أعاد علينا القول، فقال: «الميت، المحنّط، المكفّن المدفون في هذا اللحد من هو؟» قلنا: إسماعيل، قال: «اللّهم اشهد». ثم أخذ بيد موسى (عليه السلام) وقال: «هو حق، والحق منه، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها». ( [2])

 

هل كان عمل الإمام تغطية لستره ؟

 

إنّ الإسماعيلية تدّعي انّ ما قام به الإمام الصادق (عليه السلام) كان تغطية، لستره عن أعين العباسيّين، الذين كانوا يطاردونه بسبب نشاطه المتزايد في نشر التعاليم الّتي اعتبرتها الدولة العباسية منافية لقوانينها. والمعروف انّه توجه إلى سلمية ومنها إلى دمشق فعلم به عامل الخليفة، وهذا ما جعله يغادرها إلى البصرة ليعيش فيها متستراً بقية حياته.

 

مات في البصرة سنة 143 هـ ، وكان أخوه موسى بن جعفر الكاظم حجاباً عليه، أمّا ولي عهده محمد فكان له من العمر أربع عشرة سنة عند موته. ( [3])

 

ما ذكره أُسطورة حاكتها يدُ الخيال، ولم يكن الإمام الصادق (عليه السلام) ولا أصحابه الأجلاّء، ممّن تتلمذوا في مدرسة الحركات السرية، حتّى يفتعل موت ابنه بمرأى ومسمع من الناس وهو بعد حي يرزق، ولم يكن عامل الخليفة بالمدينة المنورة بليداً، يكتفي بالتمويه، حتّى يتسلّم المحضر ويبعث به إلى دار الخلافة العباسية.

 

والظاهر انّ إصرارهم بعدم موت إسماعيل في حياة أبيه جعفر الصادق (عليه السلام) ، لأجل تصحيح إمامة ابنه عبد الله بن إسماعيل حتّى يتسنّى له أخذ الإمامة من أبيه الحي بعد حياة الإمام الصادق (عليه السلام) .

 

لكن الحق انّه توفّي أيّام حياة أبيه، بشهادة الأخبار المتضافرة الّتي تعرّفت عليها، وهل يمكن إغفال أُمّة كبيرة وفيهم جواسيس الخليفة وعمّالها؟! وستر رحيل إسماعيل إلى البصرة بتمثيل جنازة بطريقة مسرحية يعلن بها موته فإنّه منهج وأُسلوب السياسيّين المخادعين، المعروفين بالتخطيط والمؤامرة، ومن يريد تفسير فعل الإمام عن هذا الطريق فهو من هؤلاء الجماعة «وكلّ إناء بالذي فيه ينضح». وأين هذا من وضع الجنازة مرّات وكشف وجهه والاستشهاد على موته وكتابة الشهادة على كفنه؟!

 

والتاريخ يشهد على أنّه لم يكن لإسماعيل ولا لولده الإمام الثاني، أيّة دعوة في زمان أبي جعفر المنصور ولا ولده المهدي العباسي، بشهادة انّ ابن المفضل كتب كتاباً ذكر فيه صنوف الفرق، ثم قرأ الكتاب على الناس، فلم يذكر فيه شيئاً من تلك الفرقة مع أنّه ذكر سائر الفرق الشيعية البائدة .

 

والحق إنّ إسماعيل كان رجلاً ثقة، محبوباً للوالد، وتوفّي في حياة والده وهو عنه راض، ولم تكن له أي دعوة للإمامة، ولم تظهر أي دعوة باسمه أيّام خلافة المهدي العباسي الّذي توفّي عام 169 هـ ، وقد مضى على وفاة الإمام الصادق (عليه السلام) إحدى وعشرون سنة .

 

الخطوط العريضة للمذهب الإسماعيلي

 

إنّ للمذهب الإسماعيلي آراء وعقائداً:

 

الأُولى: انتماؤهم إلى بيت الوحي والرسالة:

 

كانت الدعوة الإسماعيلية يوم نشوئها دعوة بسيطة لا تتبنّى سوى: إمامة المسلمين، وخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واستلام الحكم من العباسيّين بحجة ظلمهم وتعسّفهم، غير أنّ دعوة بهذه السذاجة لا يكتب لها البقاء إلاّ باستخدام عوامل تضمن لها البقاء، وتستقطب أهواء الناس وميولهم.

 

ومن تلك العوامل الّتي لها رصيد شعبي كبير هو ادّعاء انتماء أئمتهم إلى بيت الوحي والرسالة وكونهم من ذرية الرسول وأبناء بنته الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، وكان المسلمون منذ عهد الرسول يتعاطفون مع أهل بيت النبي، وقد كانت محبتهم وموالاتهم شعار كلّ مسلم واع.

 

وممّا يشير إلى ذلك انّ الثورات الّتي نشبت ضد الأُمويّين كانت تحمل شعار حب أهل البيت (عليهم السلام) والاقتداء بهم والتفاني دونهم، ومن هذا المنطلق صارت الإسماعيلية تفتخر بانتماء أئمتهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى إذا تسلموا مقاليد الحكم وقامت دولتهم اشتهروا بالفاطميّين، وكانت التسمية يومذاك تهز المشاعر وتجذب العواطف بحجة انّ الأبناء يرثون ما للآباء من الفضائل والمآثر، وانّ تكريم ذرية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تكريم له (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فشتان ما بين بيت أُسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانه وبيت أُسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم.

 

الثانية: تأويل الظواهر:

 

إنّ تأويل الظواهر وإرجاعها إلى خلاف ما يتبادر منها في عرف المتشرّعة هي السمة البارزة الثانية للدعوة الإسماعيلية، وهي إحدى الدعائم الأساسية بحيث لو انسلخت الدعوة عن التأويل واكتفت بالظواهر لم تتميز عن سائر الفرق الشيعية إلاّ بصرف الإمامة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) إلى أخيه إسماعيل بن جعفر، وقد بنوا على هذه الدعامة مذهبهم في مجالي العقيدة والشريعة وخصوصاً فيما يرجع إلى تفسير الإمامة وتصنيفها إلى أصناف .

 

إنّ تأويل الظواهر والتلاعب بآيات الذكر الحكيم وتفسيرها بالأهواء والميول جعل المذهب الإسماعيلي يتطوّر مع تطوّر الزمان، ويتكيّف بمكيّفاته، ولاترى الدعوة أمامها أي مانع من مماشاة المستجدات وإن كانت على خلاف الشارع أو الضرورة الدينية .

 

الثالثة: تطعيم مذهبهم بالمسائل الفلسفية:

 

إنّ ظاهرة الجمود على النصوص والظواهر ورفض العقل في مجالات العقائد، كانت من أهم ميزات العصر العباسي، هذه الظاهرة ولّدت رد فعل عند أئمة الإسماعيلية، فانجرفوا في تيارات المسائل الفلسفية وجعلوها من صميم الدين وجذوره، وانقلب المذهب إلى منهج فلسفي يتطوّر مع تطوّر الزمن، ويتبنّى أُصولاً لا تجد منها في الشريعة الإسلامية عيناً ولا أثراً.

 

يقول المؤرّخ الإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب: إنّ كلمة «إسماعيلية» كانت في بادئ الأمر تدلّ على أنّها من إحدى الفرق الشيعية المعتدلة، لكنّها صارت مع تطوّر الزمن حركة عقلية تدلّ على أصحاب مذاهب دينية مختلفة، وأحزاب سياسية واجتماعية متعددة، وآراء فلسفية وعلمية متنوعة. ( [4])

 

الرابعة: تنظيم الدعوة:

 

ظهرت الدعوة الإسماعيلية في ظروف ساد فيها سلطان العباسيين شرق الأرض وغربها، ونشروا في كل بقعة جواسيس وعيوناً ينقلون الأخبار إلى مركز الخلافة الإسلامية، ففي مثل هذه الظروف العصيبة لا يكتب النجاح لكلّ دعوة تقوم ضد السلطة إلاّ إذا امتلكت تنظيماً وتخطيطاً متقناً يضمن استمرارها، ويصون دعاتها وأتباعها من حبائل النظام الحاكم وكشف أسرارهم.

 

وقد وقف الدعاة على خطورة الموقف وأحسّوا بلزوم إتقان التخطيط والتنظيم، وبلغوا فيه الذروة بحيث لو قورنت مع أحدث التنظيمات الحزبية العصرية، لفاقتها وكانت لهم القدح المعلى في هذا المضمار، وقد ابتكروا أساليب دقيقة يقف عليها من سبر تراجمهم وقرأ تاريخهم، ولم يكتفوا بذلك فحسب بل جعلوا تنظيمات الدعوة من صميم العقيدة وفلسفتها.

 

الخامسة: تربية الفدائيّين للدفاع عن المذهب:

 

إنّ الأقلّية المعارضة من أجل الحفاظ على كيانها لا مناص لها من تربية فدائيّين مضحّين بأنفسهم في سبيل الدعوة لصيانة أئمتهم ودعاتهم من تعرّض الأعداء، فينتقون من العناصر المخلصة المعروفة بالتضحية والإقدام، والشجاعة النادرة، والجرأة الخارقة ويكلّفون بالتضحيات الجسدية، وتنفيذ أوامر الإمام أو نائبه، وإليك هذا النموذج :

 

في سنة 500 هـ فكّر فخر الملك بن نظام وزير السلطان سنجر، أن يُهاجم قلاع الإسماعيلية، فأوفد إليه الحسن بن الصباح أحد فدائيّيه فقتله بطعنة خنجر، ولقد كانت قلاعه في حصار مستمر من قبل السلجوقيّين.

 

السادسة: كتمان الوثائق:

 

إنّ استعراض تاريخ الدعوات الباطنية السرية وتنظيماتها رهن الوقوف على وثائقها ومصادرها الّتي تنير الدرب لاستجلاء كنهها، وكشف حقيقتها وما غمض من رموزها ومصطلحاتها، ولكن للأسف الشديد انّ الإسماعيلية كتموا وثائقهم وكتاباتهم ومؤلّفاتهم وكلّ شيء يعود لهم ولم يبذلوها لأحد سواهم، فصار البحث عن الإسماعيلية بطوائفها أمراً مستعصياً إلاّ أن يستند الباحث إلى كتب خصومهم وما قيل فيهم، ومن المعلوم انّ القضاء في حق طائفة استناداً إلى كلمات مخالفيهم خارج عن أدب البحث النزيه .

 

السابعة: الأئمة المستورون والظاهرون:

 

إنّ الإسماعيلية أعطت للإمامة مركزاً شامخاً، وصنّفوا الإمامة إلى رتب ودرجات، وزوّدوها بصلاحيات واختصاصات واسعة، غير أنّ المهم هنا الإشارة إلى تصنيفهم الإمام إلى مستور دخل كهف الاستتار، وظاهر يملك جاهاً وسلطاناً في المجتمع، فالأئمة المستورون هم الذين نشروا الدعوة سراً وكتماناً، وهم:

 

1-إسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) (110-145 هـ) .

 

2-محمد بن إسماعيل الملقب بـ «الحبيب» (132 ـ 193 هـ) ولد في المدينة المنورة وتسلّم شؤون الإمامة واستتر عن الأنظار خشية وقوعه بيد الأعداء. ولقّب بالإمام المكتوم لأنّه لم يعلن دعوته وأخذ في بسطها خفية.

 

3-عبد الله بن محمد بن إسماعيل الملقّب بـ «الوفي» (179-212 هـ) ولد في مدينة محمد آباد، وتولّى الإمامة عام 193 هـ بعد وفاة أبيه، وسكن السلمية عام 194 هـ مصطحباً بعدد من أتباعه وهو الّذي نظم الدعوة تنظيماً دقيقاً.

 

4-أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل الملقّب بـ «التقي» (198-265 هـ) وتولّى الإمامة عام 212 هـ ، سكن السلمية سراً حيث أصبحت مركزاً لنشر الدعوة.

 

5-الحسين بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن إسماعيل الملقّب بـ «الرضي» (212-289 هـ) تولّى الإمامة عام 265 هـ ، ويقال انّه اتخذ عبد الله بن ميمون القداح حجة له وحجاباً عليه .

 

الأئمة الظاهرون:

 

6-عبيد الله المهدي (260-322 هـ) والمعروف بين الإسماعيلية ان عبيد الله المهدي الّذي هاجر إلى المغرب وأسس هناك الدولة الفاطمية كان ابتداءً لعهد الأئمة الظاهرين الذين جهروا بالدعوة وأخرجوها عن الاستتار.

 

7-محمد بن عبيد الله القائم بأمر الله (280 ـ 334 هـ) ولد بالسلمية وارتحل مع أبيه عبيد الله المهدي إلى المغرب وعهد إليه بالإمامة من بعده.

 

8-إسماعيل المنصور بالله (303-346 هـ) ولد بالقيروان، تسلم شؤون الإمامة بعد وفاة أبيه سنة 334 هـ .

 

9-معد بن إسماعيل المعز لدين الله (319-365 هـ) مؤسس الدولة الفاطمية في مصر .

 

10-نزار بن معد العزيز بالله (344-386 هـ) ولي العهد بمصر سنة 365 هـ ، واستقل بالأمر بعد وفاة أبيه، وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفاً .

 

11-منصور بن نزار الحاكم بأمر الله (375-411 هـ) بويع بالخلافة سنة 386 هـ وكان عمره أحد عشر عاماً ونصف العام، وهو من الشخصيات القليلة الّتي لم تتجل شخصيته بوضوح، وقام بأعمال إصلاحية زعم مناوئوه انّها من البدع .

 

وأمّا عن مصير الحاكم فمجمل القول فيه انّه فقد في سنة 411 هـ ، ولم يعلم مصيره، وحامت حول كيفية اغتياله أساطير لا تتلاءم مع الحاكم المقتدر. وبعد اختفائه انشقّت فرقة من الإسماعيلية ذهبت إلى إلوهية الحاكم وغيبته، وهم المعروفون اليوم بـ «الدروز» يقطنون لبنان.

 

12-علي بن منصور الظاهر لاعزاز دين الله (395 ـ 427 هـ) بويع بالخلافة وعمره ستة عشر عاماً، وشن حرباً على الدروز محاولاً إرجاعهم إلى العقيدة الفاطمية الأصيلة.

 

13.معد بن علي المستنصر بالله (420-487 هـ) بويع بالخلافة عام 427 هـ ، وكان له من العمر سبعة أعوام، وقد ظل في الحكم ستين عاماً، وهي أطول مدة في تاريخ الخلافة الإسلامية .

 

إلى هنا تمت ترجمة الأئمة الثلاثة عشر الذين اتفقت كلمة الإسماعيلية على إمامتهم وخلافتهم، ولم يشذ منهم سوى الدروز الذين انشقوا عن الإسماعيلية في عهد خلافة الحاكم بأمر الله، وصار وفاة المستنصر بالله سبباً لانشقاق آخر وظهور طائفتين من الإسماعيلية بين مستعلية تقول بإمامة أحمد المستعلي بن المستنصر بالله، ونزارية تقول بإمامة نزار بن المستنصر.

 

وسيأتي الحديث عن الإسماعيلية المستعلية والنزارية فيما بعد .

 

الإسماعيلية المستعلية

 

صارت وفاة المستنصر بالله سبباً لانشقاق الإسماعيلية مرة ثانية ـ بعد انشقاق الدروز فى المرة الأُولى ـ فمنهم من ذهب إلى إمامة أحمد المستعلي بن المستنصر بالله، ومنهم من ذهب إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله، وإليك الكلام في أئمة المستعلية في هذا الفصل مقتصرين على أسمائهم وتاريخ ولادتهم ووفاتهم:

 

1-الإمام أحمد بن معد بن علي المستعلي بالله (467-495 هـ).

 

2-الإمام منصور بن أحمد الآمر بأحكام الله (490 ـ 524 هـ).

 

قال ابن خلّكان: مات الآمر بأحكام الله ولم يعقب، وربّما يقال: انّ الآمر مات وامرأته حامل بالطيب. فلأجل ذلك عهد الآمر بأحكام الله الخلافة إلى الحافظ، الظافر، الفائز، ثم إلى العاضد، وبما انّ هؤلاء لم يكونوا من صلب الإمام السابق، بل كانوا من أبناء عمه صاروا دعاة حيث لم يكن في الساحة إمام، ودخلت الدعوة المستعلية بعد اختفاء الطيب بالستر، وماتزال تنتظر عودته، وتوقّفت عن السير وراء الركب الإمامي واتّبعت نظام الدعاة المطلقين .

 

3-الداعي عبد المجيد بن أبي القاسم محمد بن المستنصر الحافظ لدين الله (467-544 هـ) .

 

4-الداعي إسماعيل بن عبد المجيد الظافر بأمر الله (527-549 هـ). 5-الداعي عيسى بن إسماعيل الفائز بنصر الله (544-555 هـ).

 

6-عبد الله بن يوسف العاضد لدين الله (546 ـ 567 هـ).

 

ثم إنّ العاضد فوّض الوزارة إلى صلاح الدين الأيّوبي الّذي بذل الأموال على أصحابه وأضعف العاضد باستنفاد ما عنده من المال، فلم يزل أمره في ازدياد وأمر العاضد في نقصان، حتّى تلاشى العاضد وانحلّ أمره، ولم يبق له سوى إقامة ذكره في الخطبة، وتتبع صلاح الدين جند العاضد، وأخذ دور الأمراء وإقطاعاتهم فوهبها لأصحابه، وبعث إلى أبيه وإخوته وأهله، فقدموا من الشام عليه، وعزل قضاة مصر الشيعة، واختفى مذهب الشيعة إلى ان نسي من مصر، وقد زادت المضايقات على العاضد وأهل بيته، حتّى مرض ومات وعمره إحدى وعشرون سنة إلاّ عشرة أيام، وهو آخر الخلفاء الفاطميين بمصر، وكانت مدتهم بالمغرب ومصر منذ قام عبيد الله المهدي إلى أن مات العاضد 272 سنة، منها بالقاهرة 208 سنين. ( [5])

 

تتابع الدعاة عند المستعلية:

 

قد عرفت أنّ ركب الإمامة قد توقف عند المستعلية وانتهى الأمر

 

إلى الدعاة الذين تتابعوا إلى زمان 999 هـ ، وعند ذلك افترقت المستعلية

 

إلى فرقتين: داودية، وسليمانية، وذلك بعد وفاة الداعي المطلق داود بن

 

عجب شاه، انتخبت مستعلية كجرات داود بن قطب شاه خلفاً له،

 

ولكن اليمانيين عارضوا ذلك وانتخبوا داعياً آخر، يدعى سليمان بن الحسن، ويقولون: إنّ داود قد أوصى له بموجب وثيقة ما تزال محفوظة .

 

إنّ الداعي المطلق للفرقة الإسماعيلية المستعلية الداودية اليوم هو طاهر سيف الدين، ويقيم في بومباي الهند، أمّا الداعي المطلق للفرقة المستعلية السليمانية فهو علي بن الحسين ويقيم في مقاطعة نجران بالحجاز. ( [6])

 

جناية التاريخ على الفاطميّين:

 

لاشك انّ كلّ دولة يرأسها غير معصوم لا تخلو من أخطاء وهفوات، وربّما تنتابها بين آونة وأُخرى حوادث وفتن تضعضع كيانها وتشرفها على الانهيار.

 

والدولة الفاطمية غير مستثناة عن هذا الخط السائد، فقد كانت لديها زلاّت وعثرات، إلاّ أنّها قامت بأعمال ومشاريع كبيرة لا تقوم بها إلاّ الدولة المؤمنة بالله سبحانه وشريعته، كالجامع الأزهر الّذي ظل عبر الدهور ينير الدرب لأكثر من ألف سنة، كما أنّهم أنشأوا جوامع كبيرة ومدارس عظيمة مذكورة في تاريخهم، وبذلك رفعوا الثقافة الإسلامية إلى مرتبة عالية، وتلك الأعمال جعلت لهم في قلوب الناس مكانة عالية.

 

غير انّا نرى أنّ أكثر المؤرّخين يصوّرها بأنّها من أكثر العصور ظلاماً في التاريخ شأنها في ذلك شأن سائر الفراعنة، وليس هذا إلاّ حدسيات وتخمينات أخذها أصحاب أقلام السير والتاريخ من رماة القول على عواهنه دون أن

 

يمعنوا فيه . والّذي يدلّ على ذلك انّ الفقيه عمارة اليمني كتب إلى صلاح الدين الأيّوبي قصيدة سمّاها: «شكاية المتظلّم ونكاية المتألّم» وهي بديعة رثى فيها أصحاب القصر الفاطمي عند زوال ملكهم.

 

الإسماعيلية النزارية

 

قد عرفت أنّ الإسماعيلية افترقت فرقتين بين مستعلية ونزارية، أمّا الأُولى فقد مضى الكلام فيها، وأمّا الثانية فقد قالوا بإمامة نزار بن معد، وبذلك استمر الركب الإمامي بعد وفاة المستنصر بالله، واتفقت النزارية قبل الانشقاق على إمامة الأئمة الخمسة التالية:

 

1-المصطفى بالله نزار بن معد المستنصر.

 

2-الإمام جلال الدين حسن بن أعلى محمد.

 

3-الإمام علاء الدين بن الإمام جلال الدين.

 

4-الإمام ركن الدين فورشاه بن الإمام علاء الدين.

 

5-الإمام شمس الدين بن ركن الدين.

 

وبعد وفاة الإمام شمس الدين بن ركن الدين ظهر اختلاف من نوع جديد، فالمعلوم أنّه كان للإمام محمد شمس الدين ثلاثة أولاد، هم: مؤمن شاه، وقاسم شاه، وكياشاه.

 

فالمؤمنية اعترفت بإمامة مؤمن شاه وسارت وراءه، وولده من بعده حتّى آخرهم أمير محمد باقر سنة 1210 هـ ، والقاسمية سارت وراء قاسم شاه وولده الذين هم أُسرة آغا خان.

 

النزارية المؤمنية:

 

النزارية المؤمنية الّتي ذهبت إلى إمامة مؤمن بن محمد ثم توالت الإمامة في نسله عبر العصور إلى أن انتقلت إلى الإمام محمد بن حيدر (الأمير الباقر) (1179-1210 هـ) وهو آخر إمام من أُسرة مؤمن يحتفظ الإسماعيليون في سوريا بفرمان مرسل منه، من بلدة اورنك آباد بالهند إلى الإسماعيليين في سوريا، وفي عهده توقف الفرع المؤمني النزاري عن الركب الإمامي، ودخلت الإمامة في الستر خلافاً للفرع الآخر النزارية القاسمية الّتي ذهب إلى استمرار الإمامة إلى يومنا هذا، وبلغ قائمة الأئمة النزارية المؤمنية إلى محمد بن حيدر 22 إماماً .

 

النزارية القاسمية:

 

النزارية القاسمية فقد ذهبت إلى إمامة قاسم شاه، وتوالت الإمامة من عصره إلى يومنا هذا إلى أن وصلت النوبة إلى أُسرة آغا خان.

 

بلغ عدد الأئمة النزارية القاسمية من عصر نزار بن معد إلى يومنا هذا 31 إماماً.

 

وأمّا أئمة الأُسرة الآغا خانية الذين تحملوا عبء الإمامة، فهم:

 

1-حسن علي شاه (1219-1298 هـ) وهو أوّل من لقّب بآغا خان .

 

2-علي شاه (1246-1302 هـ) ولد في بلدة محلات. 3-سلطان بن محمد شاه (1294-1380 هـ) المعروف بآغا خان الثالث، ولد في محلة شهر العسل بكراتشي.

 

4-كريم بن علي بن محمد (1938-...) المعروف بآغا خان الرابع.

 

هؤلاء أئمة النزارية القاسمية الآغاخانية، وهم الفرقة المنحصرة باستمرار الإمامة في أولاد إسماعيل، وفق المذهب الإسماعيلي، فالله سبحانه يعلم هل تستمر الإمامة بعد رحيله أو تدخل في كهف الغيبة؟!

 

الإسماعيلية والأُصول الخمسة

 

الإسلام عقيدة وشريعة، والإسماعيلية كغيرها من المذاهب لها أُصول وفروع.

 

أمّا الفروع فلا يختلفون مع المسلمين في أُمّهاتها، وكفى في الوقوف عليها ما كتبه القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي (المتوفّى 363 هـ) باسم «دعائم الإسلام».

 

نعم انفردوا في الاعتقاد بأنّ لكلّ حكم فرعي ظاهراً وباطناً، وقد ألّف القاضي المذكور كتاباً باسم «تأويل الدعائم» وسيمر عليك شيئاً من تأويلاته .

 

إنّما الكلام في عقائدهم وأُصولهم، لأنّ العثور عليها أمر صعب للغاية وذلك لوجوه :

 

1-الظنّة بكتبهم والتستر عليها وإخفاؤها وعدم جعلها تحت متناول أيدي الآخرين .

 

2-اتّخاذ الفلسفة اليونانية عماداً وسنداً للمذهب فأدخلوا فيه أشياء كثيرة ممّا لا صلة لها بباب العقائد والأُصول، كالقول بالعقول العشرة والأفلاك التسعة ونفوسها، وانّ الصادر الأوّل هو العقل إلى، أن ينتهي الصدور إلى العقل العاشر.

 

3-انّ المذهب الإسماعيلي لم يكن في بدء ظهوره مذهباً متكاملاً، وانّما تكامل عبر الزمان نتيجة احتكاك الدعاة مع أصحاب الفلسفة اليونانية. واعتمدنا في عرض عقائدهم على كتابين:

 

1-«راحة العقل» تأليف الداعي في عهد الحاكم، أعني: أحمد بن عبد الله الكرماني (352-كان حياً سنة 411 هـ) الملقّب بحجة العراقين، وكبير دعاة الإسماعيلية في عصرالحاكم بالله .

 

2-«تاج العقائد ومعدن الفرائد» تأليف الداعي الإسماعيلي اليمني المطلق علي بن محمد الوليد (522-612 هـ). وهذا الكتاب أسهل فهماً من «راحة العقل» يتضمّن مائة مسألة في معتقدات مذهب الإسماعيلية .

 

1

 

عقيدتهم في التوحيد

 

1-عقيدتهم في توحيده سبحانه انّه واحد لا مثل له ولا ضد:

 

يقول الكرماني في المشرع الخامس: انّه تعالى لا ضد له ولا مثل. ( [7])

 

وفي تاج العقائد: انّه تعالى واحد لا من عدد، ولا يعتقد فيه كثرة، أو ازداوج أشكال المخلوقات، واختلاف البسائط والمركبات. ( [8])

 

2-انّه سبحانه ليس أيساً:

 

إنّ الأيس بمعنى الوجود، ولعلّ أوّل من استعمله هو الفليسوف الكندي .

 

وتستنكر الإسماعيلية وصفه سبحانه بالأيس، وجاء الدليل عليه في

 

كتاب «راحة العقل» وحاصله: انّه لو كان موصوفاً بالوجود، فبما أنّ

 

الصفة غيرالموصوف يحتاج في وصفه به إلى الغير، وهو تعالى غني عمّا

 

سواه. يلاحظ عليه: أنّ ما جاء به الكرماني يعرب عن عدم نضوج الفلسفة اليونانية في أوساطهم، فهم يتصوّرون انّ الوجود أمر عارض على الواجب، فيبحثون عن مسبب العروض، مع أنّه إذا كان ماهيته انيّته وكان تقدست أسماؤه عين الوجود، فالاستدلال ساقط من رأسه .

 

3-في نفي التسمية عنه :

 

والمراد من نفي التسمية عنه هو نفي الماهية عنه، وقد استدلّوا على ذلك بقولهم: إنّه تعالى ليس له صورة نفسانية ولا عقلية ولا طبيعية ولا صناعية، بل يتعالى بعظيم شأنه، وقوة سلطانه عن أن يوسم بما يوسم به أسباب خلقته وفنون بريته، وقد اتّفقت فحول العلماء على أنّه تعالى لم يزل ولا شيء معه، لا جوهراً ولا عرضاً. ( [9])

 

4-نفي الصفات عنه :

 

ذهبت الإسماعيلية إلى نفي الصفات عنه على الإطلاق، واكتفت في

 

مقام معرفته سبحانه بالقول بهويته وذاته دون وصفه بصفات حتّى الصفات الجمالية والكمالية. مع أنّه سبحانه يوصف نفسه في غير سورة من السور، بصفاته .

 

5-الصادر الأوّل هو الموصوف بالصفات العليا:

 

لمّا ذهبت الإسماعيلية إلى نفي الصفات عنه سبحانه، لم يكن لهم بد من إرجاع تلك الصفات إلى المبدع الأوّل، الّذي هو الموجود الأوّل، وإليه تنتهي الموجودات، وهو الصادر عنه سبحانه بالإبداع، لا بالفيض والإشراق، كما عليه إخوان الصفا.( [10])

 

قال الداعي الكرماني في هذا الصدد: فالإبداع هو الحق والحقيقة، وهو الوجود الأوّل، وهو الموجود الأوّل، وهو الوحدة، وهو الواحد، وهو الأزل، وهو الأزلي، وهو العقل الأوّل، وهو المعقول الأوّل، وهو العلم، وهو العالم الأوّل، وهو القدرة، وهو القادر الأوّل، وهو الحياة وهو الحيّ الأول، ذات واحدة، تلحقها هذه الصفات، يستحق بعضها لذاته، وبعضها بإضافة إلى غيره من غير أن تكون هناك كثرة بالذات. ( [11])

 

2

 

عقيدتهم في العدل

 

قد تعرّفت في البحث السابق على أنّهم لا يصفونه سبحانه بوصف، ويعتقدون انّه فوق الوصف، وان غاية التوحيد نفي الوصف، وإثبات الهوية، ولهذا لا تجد عنواناً لهذا الفصل في كتبهم حسب ما وصل بأيدينا، ولكن يمكن استكشاف عقيدتهم في عدله سبحانه من خلال دراستهم لفعل الإنسان، وهل هو إنسان مسيّر أو مخيّر ؟

 

1-الإنسان مخيّر لا مسيّر:

 

يقول الداعي علي بن محمد الوليد: الإنسان مخيّر غير مجبور فيما يعتقد لنفسه من علومه وصناعته، ومذاهبه ومعتقداته.

 

إلى أن قال: ولولا ذلك لما كانت لها منفعة بإرسال الرسل وقبول العلم، وتلقّي الفوائد والانصياع لأوامر الله تعالى، إذ لو كانت مجبورة لاستغنت عن كلّ شيء تستفيده، ثم استدلّ بآيات. ( [12])

 

2-القضاء والقدر لا يسلبان الاختيار:

 

الإسماعيلية تثبت القضاء والقدر حقيقة لا مجازاً، ولكنّها تنفي كونهما سالبين للاختيار .

 

يقول الداعي علي بن محمد الوليد: القضاء والقدر حقيقة لا مجاز، ولهما في الخلق أحوال على ما رتب الفاعل سبحانه، من غير جبر يلزم النفوس الآدمية الدخول إلى النار أو الجنة .

 

إلى أن قال: إذ لو كان كذلك لذهبت النبوات والأوامر المسطورات في الكتب المنزلة، في ذم قوم على ما اقترفوه ومدح قوم على ما فعلوه. ( [13])

 

3

 

عقيدتهم في النبوّة

 

1-النبوة أعلى مراتب البشر:

 

النبوة عبارة عن ارتقاء النفس إلى مرتبة تصلح لأن يتحمل الوحي.

 

يقول الداعي علي بن محمد الوليد: إنّ الرسول الحائز لرتبة الرسالة، لا ينبغي أن يكون كمالاً يفوق كماله ولا علماً يخرج عن علمه، وانّه الّذي به تكون سعادة أهل الدور من أوّله إلى آخره، وانّ السعادة الفلكية والأشخاص العالية والمؤثرات خدم له في زمانه. ( [14])

 

2-الرسالة الخاصّة والعامّة :

 

ثم إنّهم يقسّمون الرسالة إلى ضربين: عامّة وخاصّة.

 

والمراد من الرسالة العامّة هنا هو العقل الغريزي، وهو الرسول الأوّل المعد لقبول أمر الرسول الثاني.

 

وأمّا المراد من الرسالة الخاصّة فهو عبارة عن الرسول المبعوث إلى الناس. أقول: إنّ تسمية العقل الإنساني بالرسول لا يخلو من شيء، والأولى تسميته بالحجة الباطنة، في مقابل الحجة الظاهرة الّذي هو النبي.

 

3-في أنّ الأنبياء لا يولدون من سفاح:

 

يقول علي بن محمد الوليد: إنّ الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لا يلدهم الكفّار، ولا يولدون من سفاح. ثم استدلّ ببعض الآيات. ( [15])

 

4-في صفات الأنبياء :

 

يقول الداعي الكرماني: المؤيد المبعوث مجمع الفضائل الطبيعية، الّتي هي أسباب في نيل السعادة الأبدية، وهو فيها على أمر يكون به على النهاية في جميعها من جودة الفهم والتصور لما يشار إليه ويومأ، إلى أن قال: ويكون عظيم النفس، كريماً، محباً للعدل، مبغضاً للظلم والجور، مؤثراً لما يعود على النفس منفعته من العبادة، مقداماً في الأُمور، جسوراً عليها، لا يروعه أمر في جنب ما يراه صواباً بجوهره. ( [16])

 

5-في المعجزات الّتي يأتي بها الرسل:

 

إنّ المعجزة عند الإسماعيلية عبارة عن خرق العادة في تكوين العالم بظهور ما يعجز العقل عن وجوده من الأُمور الطبيعية، من ردّ ما في الطبيعة عن قانونه المعهود لقهر العقول، ودخولها تحت أمر المعقولات، ومن أجله يعلم أنّه متّصل بالفاعل، الّذي لا يتعذر عليه متى أراد، إذ كلّما في العالم لا يتحرك إلاّ بمادته وتدبيره. ( [17])

 

6-في أنّ الرسول الخاتم أفضل الرسل :

 

يفضّل رسول الله على سائر الرسل والأنبياء في وجوه أفضلها الوجه التالي هو انّه سبحانه جعل شريعته مؤبدة لا تنسخ أبداً، وجعل الإمامة في ذريته إلى قيام الساعة، ولم يقدر ذلك لغيره. ( [18])

 

7-في أنّ الشريعة موافقة للحكمة:

 

إنّ الحكمة والفلسفة العقلية، هي والحكمة الشرعية سواء، لأنّ الله سبحانه خلق في عباده حكماء وعقلاء، ومحال أن يشرّع لهم شرعاً غير محكم وغير معقول، ولا يبعث برسالته وشرعه إلاّ حكيماً عاقلاً مدركاً مبيّناً لما تحتاجه العقول، ويكلّف لها بما يسعدها ويقوي نورها ويعظم خطرها. ( [19])

 

8-في أنّ الشريعة لها ظاهر وباطن:

 

يقول علي بن محمد الوليد: إنّ الشارع قد وضع أحكام شريعته وعباداتها من الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك، مضمّنة للأُمور العقلية والأحكام والمعاني الإلهية، وما يتخصّص منها من الأُمور الظاهرة المشاكلة لظاهر الجسم، والأُمور الباطنة المشاكلة للعقل والنفس، وكلّ من حقّق ذلك كانت معتقداته سالمة. ( [20])

 

أقول: هذا المقام هو المزلقة الكبرى للإسماعيلية المؤوّلة، إذ كل إمام وداع، يسرح بخياله فيضع لكلّ ظاهر باطناً ولكلّ واجب حقيقة، يسمّي أحدهما بالشريعة الظاهرية والآخر بالباطنية، من دون أن يدلّ عليه بدليل من عقل أو نقل فكلّ ما يذكرونه من البواطن للشريعة ذوقيات، أشبه بذوقيات العرفاء في تأويل الأسماء والصفات وغير ذلك، وكأنّ الجميع فروع من شجرة واحدة.

 

4

 

عقيدتهم في المعاد وما يرتبط به

 

المعاد بمعنى عود الإنسان إلى الحياة الجديدة من أُسس الشرائع السماوية، وهي لا تنفصل عن الإيمان بالله، ولذا نرى أنّ أصحاب الشرائع اتّفقوا على المعاد بعد الموت، ولولا القول به لما قام للدين عمود ولا اخضرّ له عود.

 

1-في أنّ المعاد روحاني لا جسماني:

 

نعم اختلفوا في كونه جسمانياً أو روحانياً، وعلى فرض كونه جسمانياً، فهل الجسم المعاد جسم لطيف برزخي أو جسم عنصري؟ فالإسماعيلية على أنّ المعاد روحاني .

 

قال الكرماني بعد بيان النشأة الأُولى في الدنيا: ثم الله ينشأ النشأة الآخرة بقوله تعالى: ( وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ )( [21]) فهلا تتفكرون وتوازنون وتعلمون أنّ النظام في الخلق والبعث واحد، وأنّ النشأة الآخرة هي خلق الأرواح وإحياؤها بروح القدس على مثال النشأة الأُولى . وقال الداعي علي بن محمد الوليد: يعتقد انّ الله تعالى دعانا على ألسنة وسائطه بقبول أمره، إلى دار غير هذه الدار، فهذه الدار صورية وتلك مادية، وما بينهما صوري ومادي. ( [22])

 

2-في التناسخ :

 

وهو عود الروح بعد مفارقة البدن إلى الدنيا عن طريق تعلّقها ببدن آخر كتعلّقها بالجنين عند استعدادها لإفاضة الروح وله أقسام .

 

وربّما ينسب القول بالتناسخ إلى الإسماعيلية ولكن النسبة في غير محلّها.

 

3-في الحساب :

 

الحساب تابع للبعث، وهو فعل يحدث عنه من النفس للنفس الثواب الّذي هو الملاذ والمسار، والعقاب الّذي هو الألم والعذاب والغم، وينقسم هذا الفعل إلى ما يكون وجوده في الدنيا وإلى ما يكون وجوده في الآخرة.

 

4-في الجنة:

 

يقول الكرماني: إنّها موصوفة بالسرمد والأبد ووجود الملاذ فيها أجمع، وانّها لا تستحيل ولا تتغيّر ولا يطرأ عليها حال ولا تتبدّل. ( [23])

 

5-في الملائكة :

 

إنّ الملائكة على ضروب وكلّهم قد أُهّلوا لمنافع الخليقة، فلا يتعدّى أحد منهم بغير ما وكّل به، وانّما اختلفت أسماؤهم لأجل ما وكّلوا به، فمنهم من هو في العالم العقلي، ومنهم من هو في العالم الفلكي، ومنهم من هو في العالم الطبيعي.

 

وقد أخفى الله سبحانه ذوات الملائكة عن النظر وجعل المخلوق عن الطبائع محجوباً عنهم لا يراهم حتّى يصير إمّا في منزلة النبي أو يخلص القبول من النبي بقرب الدرجة منه.

 

6-في الجن :

 

ويعتقد الإسماعيلية انّ الجن ذوات أرواح نارية وهوائية ومائية وترابية، ويعتقد انّ الجن صحيح لا ريب فيه، وهم على ضروب في البقاع والمصالح والمنافع والفساد والضرر.

 

ومنهم من هو في أرجاء العالم ممنوع عن مخالطة بني آدم، ومنهم من هو مخالط لبني آدم في أماكنهم. ( [24])

 

5

 

عقيدتهم في الإمامة

 

تحتل الإمامة عند الإسماعيلية مركزاً مرموقاً حيث جعلوها على درجات ومقامات، وزوّدوا الأئمة بصلاحيات واختصاصات، ولتسليط الضوء على عقيدتهم فيها نبحث في مقامين:

 

المقام الأوّل: الإمامة المطلقة

 

إنّ درجات الأئمّة ورتبهم لا تتجاوز عن الخمسة من دون أن تختص بالشريعة الإسلامية، بل تعمّ الشرائع السماوية كلّها، وبما أنّ مذهب الإسماعيلية أُحيط بهالة من الغموض عبر القرون لم يكن من الممكن أن يقف أحد عليها إلاّطبقة خاصة من علمائهم، وكانوا يبخلون بآرائهم وكتبهم على الغير، غير أنّ الأحوال الحاضرة رفعت الستر عن كتبهم ومنشوراتهم، فقام المستشرقون وفي مقدّمتهم «ايفانوف» الروسي وتبعه عدد آخر من المحقّقين بنشر آثارهم، وعند ذلك تجلّت الحقيقة بوجهها الناصع، كما قام الكاتبان الإسماعيليان عارف تامر ومصطفى غالب ببذل الجهود الحثيثة في نشر آثار تلك الطائفة، فكشفا النقاب عن وجه العقيدة الإسماعيلية وبيّناها بوجه واضح خالياً من الغموض والتعقيد الموجودين في عامة كتب الإسماعيلية، وإن كان بين الكاتبين اختلاف في بعض الموارد، ونحن نعتمد في تفسير درجات الإمامة على كتاب «الإمامة في الإسلام» للكاتب عارف تامر، وإليك بيانه:

 

درجات الإمامة خمس وهي:

 

1.الإمام المقيم.

 

2.الإمام الأساس.

 

3.الإمام المتم.

 

4.الإمام المستقر.

 

5.الإمام المستودع.

 

وربّما يضاف إليها رتبتان: الإمام القائم بالقوة،و الإمام القائم بالفعل.

 

فالمهم هو الوقوف على هذه الدرجات.

 

يعتقد عارف تامر في كتابه «الإمامة في الإسلام» انّ هذه الدرجات ظلّت حقبة طويلة من الزمن مجهولة لدى الباحثين إلاّ طبقة خاصة من العلماء، أو لا أقلّ في التقية والاستتار و الكتمان.

 

1.الإمام المقيم:

 

هو الذي يقيم الرسول الناطق ويعلّمه ويربّيه ويدرجه في مراتب رسالة النطق، وينعم عليه بالإمدادات، وأحياناً يطلقون عليه اسم «رب الوقت» و«صاحب العصر»، وتعتبر هذه الرتبة أعلى مراتب الإمامة وأرفعها وأكثرها

 

دقة وسرية.

 

2. الإمام الأساس:

 

هو الذي يرافق الناطق في كافة مراحل حياته، ويكون ساعده الأيمن، وأمين سره، والقائم بأعمال الرسالة الكبرى، والمنفذ للأوامر العليا، فمنه تتسلسل الأئمة المستقرون في الأدوار الزمنية، وهو المسؤول عن شؤون الدعوة الباطنية القائمة على الطبقة الخاصة ممن عرفوا «التأويل» ووصلوا إلى العلوم الإلهية العليا.

 

3.الإمام المتم:

 

هو الذي يتم أداء الرسالة في نهاية الدور، والدور كما هو معروف أصلاً يقوم به سبعة من الأئمة، فالإمام المتم يكون سابعاً ومتمّاً لرسالة الدور، وانّ قوته تكون معادلة لقوة الأئمّة الستة الذين سبقوه في الدور نفسه بمجموعهم. ومن جهة ثانية يطلق عليه اسم ناطق الدور أيضاً، أي انّ وجوده يشبه وجود الناطق بالنسبة للأدوار. أمّا الإمام الذي يأتي بعده فيكون قائماً بدور جديد، ومؤسساً لبنيان حديث.

 

4.الإمام المستقر:

 

هو الذي يملك صلاحية توريث الإمامة لولده، كما أنّه صاحب النص على الإمام الذي يأتي بعده، ويسمّونه أيضاً الإمام بجوهر والمتسلم شؤون الإمامة بعد الناطق مباشرة، والقائم بأعباء الإمامة أصالة.

 

5.الإمام المستودع:

 

هو الذي يتسلّم شؤون الإمامة في الظروف والأدوار الاستثنائية، وهو الذي يقوم بمهماتها نيابة عن الإمام المستقر بنفس الصلاحيات المستقرة للإمام المستقر، ومن الواضح أنّه لا يستطيع أن يورث الإمامة لأحد من ولده، كما أنّهم يطلقون عليه (نائب غيبة). ( [25])

 

والعجب انّهم عندما بحثوا موضوع الإمامة لم يجعلوا تسلسلها من إسماعيل بن جعفر الصادق فحسب، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وحجتهم انّ الإمامة إذا كانت قد بدأت من هذا العهد المبكر فتكون محدثة ولا يقوم وجودها على أساس ، فذهبوا إلى عهد بدء الخليقة المعروف بعهد آدم وسلسلة الإمامة من عصر آدم إلى يومنا هذا، ثمّ أضافوا إلى ذلك قولهم بالأدوار والأكوار، فقد جعلوا كلّ دور يتألف من إمام مقيم ورسول ناطق أو أساس له، ومن سبعة أئمة يكون سابعهم متم الدور، ويمكن أن يزيد عدد الأئمّة عن سبعة في ظروف أُخرى وفي فترات استثنائية، وهذه الزيادة تحصل في عداد الأئمّة المستودعين دون الأئمّة المستقرين، أمّا الدور فيكون عادة صغيراً وكبيراً، فالدور الصغير هو الفترة التي تقع بين كلّ ناطق وناطق يقوم فيها سبعة أئمّة. أمّا الدور الكبير فيبتدئ من عهد آدم إلى القائم المنتظر الذي يسمّى دوره الدور السابع، ويكون بالوقت ذاته متمّاً لعدد النطقاء الستة.

 

يقول عارف تامر: إنّ هذا الموضوع من أدق المواضيع وأصعبها، بل هو بالحقيقة من الدعائم المتينة في عقائد الإسماعيلية، وقد يبدو لكلّ باحث فيها انّ دعاتها حافظوا على سريته التامة طيلة العصور الماضية، وجعلوا معرفته مقتصرة على طبقة خاصة من العلماء والدعاة. ( [26])

 

وها نحن نأتي في المقام بجدولين أحدهما يرجع إلى الدور الأوّل والآخر إلى الدور السادس الّذي لم يتم بعدُ.

 

شجرة الإمامة الإسماعيليّة

 

منذ أَقدم العصور

 

الدور الأوّل:

 

(و يبتدئ من وقت هبوط آدم حتى ابتداء الطوفان، ومدته ألفان وثمانون عاماً وأربعة أشهر وخمسة عشر يوماً).

 

العدد

الإمام المقيم

الرسول الناطق

أساس الدور

الإمام المتم

الإمام المستقر

1

هُنيد(1)

آدم

هابيل- 130

 

أنوش بن (2) شيث 435ـ 1385

2

 

 

225

 

قينان بن أنوش 625ـ 1535

3

 

 

شيث

 

مهليئل بن قينان 795ـ 1690

4

 

 

230ـ1144

 

يارد بن مهليئل 960ـ 1922

5

 

 

 

 

أخنوخ بن يارد 1122ـ 1487

6

 

 

 

 

متوشالح بن اخنوخ 1287ـ2242

7

 

 

 

لامك بن متوشالح

لامك بن متوشالح 1454ـ 2346

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1.ان هُنيد مربي آدم وهو الإمام المقيم، فهل هو من جنس آدم أو ملك أو جن أو غيرهما؟! والعجب انّه لم يأت اسمه في الذكر الحكيم، ولو كان له ذلك المقام الشامخ فأولى أن يكون معلم الملائكة لا آدم!! فتدبر .

2.وفي المصدر بنت، وما أثبتناه لعلّه الصحيح .

الدور السادس:

« يبتدئ من تاريخ الهجرة المحمدية و ينتهي بظهور القائم المنتظر، ولا يمكن تحديد مدّته. إنّ الدور الكبير قد أصبح مقسماً إلى أدوار صغيرة».

 

العدد

الإمام المقيم

الرسول الناطق

أساس الدور

الإمام المتم

الإمام المستقر

1

عمران

محمد

علي بن أبي

 

علي بن أبي طالب

2

أبوطالب

م -571

طالب

 

الحسين بن علي

3

 

634

 

 

علي بن الحسين «زين العابدين»

4

 

 

 

 

محمد بن علي «الباقر»

5

 

 

 

 

جعفر بن محمد «الصادق»

6

 

 

 

 

اسماعيل بن جعفر

7

 

 

 

محمد بن اسماعيل

محمد بن اسماعيل

 

التعليقات:

في هذا الدور يظهر أنّ عمران أبا طالب، هو الإمام المقيم في عهد الرسول الناطق محمد، و أنّ الإمام محمد بن إسماعيل هو الإمام السابع المتم.و يلاحظ أنّ الإمام الحسن بن علي لم يذكر في شجرة النسب، لأنّه يعتبر إماماً مستودعاً لدى الإسماعيليّين، و هكذا محمد بن الحنفية، و موسى بن جعفر (الكاظم).

ولهم جداول للدور الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس أعرضنا عن ذكرها روماً للاختصار، كما أعرضنا عن ذكر تتمات الدور السادس الّتي تبتدأ من الإمام محمد بن إسماعيل وتنتهي إلى كريم علي خان (آغا خان الرابع).

المقام الثاني: الإمامة الخاصّة:

قد تعرفت على نظام الإمامة في مذهب الإسماعيلية، والمهم هو الوقوف على ملامح الإمامة الخاصة الّتي تصدى لذكرها الداعي اليمني علي بن محمد الوليد في كتابه «تاج العقائد»، ونحن ننقل منه ما يبيّن عقيدتهم في ذلك.

1-صاحب الوصية أفضل العالم بعد النبي في الدور:

إنّ صاحب الوصية هو من توجد عنده رموز شريعة النبي وأسرار ملّته وحقائق دينه ولا تتعداه ولا تؤخذ إلاّ منه، وإنّه المبرهن عن أغراضه، والمفصح لأقواله، المبيّن لأفعاله، القائم بالهداية بعده، والحافظ لشريعته من الآراء المختلفة، وبذلك كان وصياً ولا يوجد في الأصحاب من يقوم مقامه .

2-في أنّ الإمامة في آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

يعتقد أنّ الإمامة في آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نسل علي وفاطمة فرض من الله سبحانه أكمل به الدين، فلا يتم الدين إلاّ به، ولا يصحّ الإيمان بالله والرسول إلاّ بالإيمان بالإمام والحجة، ويدلّ على فرض الإمامة إجماع الأُمّة على أنّ الدين والشريعة لا يقومان ولا يصانان إلاّ بالإمام، وهذا حق، لأنّه سبحانه لا يترك الخلق سدى . وإنّ الرسول نصّ على ذلك نصّاً تشهد به الأُمّة كافة بقوله:

«الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا، وأبوهما خير منهما» ولم يحوج

الأُمّة إلى اختيارها في تنصيب الإمام، بل نص عليها بهذا، لأنّ بالإمامة

كمال الدين .

3-في أنّ الإمامة وارثة النبوة والوصاية :

الإمام يرث من النبوة الظواهر والأحكام وجري الأُمور على ما علمه من النظام، ويرث من صاحب الوصاية المعاني الّتي ورثها عن النبوة، ليكون الكمال موجوداً لقاصده، ومسلماً في شريعته الّتي جعلها عصمة لمن التجأ إليها، وطهارة لمن التزم قوانينها، وسار على محجّتها، فتسلم له دنياه ويفوز في عقباه بالتجائه إلى من عنده علم النجاة وحقيقة الشريعة.

أقول: ولا يذهب عليك انّ الإمام على هذا أفضل من النبي كما هو أفضل من الوحي، لأنّ الإمام جامع لظاهر الشريعة وباطنها، إلاّ إذا كان النبي رسولاً، ولا أدري من أين لهم هذه الضوابط والقواعد، وما هو الدليل على هذا التقسيم؟!

4-في انقطاع الوصاية بعد ذهاب الوصي:

يعتقد انّ الوصي انّما يوصيه الرسول على معالم شريعته، وأسرار ملّته، وعيون هدايته، وحقيقة أقواله، وحفظ أسراره، فإذا قام بها ومضى إلى دار كرامته استحال قيام وصي ثان بعده، لأنّ الشريعة لم تتغيّر ولا ذهبت فتأتي أوامر جديدة تحتاج إلى من يوصّى بحفظها.

5-في استمرار الإمامة في العالم دون النبوة والوصاية:

يعتقد انّ الإمامة مستمرة الوجود في الأدوار جميعها من أوّلها إلى آخرها، لأنّ الإمام هو الوارث لما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الشرع والوصي على البيان، لكونه حافظاً في الأُمّة على الهداية الّتي ورثها منهما، ولمّا كان أمر الرسول والوصي جارياً على أهل الدور من أوّله إلى آخره كان من ذلك حفظ درجة الإمامة على الدور بالاستمرار والتوالي، إذ لم يبق زيادة تستجد فتحتاج إلى منزلة مستجدة، فكانت هداية موروثة منسوبة إلى أصل الدور، ومعلم الشريعة والبيان، فلا تزال هذه الحالة مستمرة إلى حين تأذن الحكمة الإلهية بتجديد شريعة ثانية، ولما كانت شريعة محمد لا تنسخ ولا يفقد حكمها حتّى قيام الساعة بقيت الإمامة فيها موجودة ومحفوظة إلى حين قيام الساعة، فلهذا استمرت الإمامة في العالم دون النبوة والوصاية.

6-في أنّ الإمام لا تجوز غيبته من الأرض :

إنّ الإمام لا تجوز غيبته عن الأُمّة بوجه، ولا بسبب، وإن حدثت فترة فتكون خواص شيعته على اتّصال به ويعرفون مقامه، ويدلّون من خلصت نيّته إلى مقره .

7-في الوصية بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الوصي :

يعتقد بوصية الرسول إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) من اثني عشر وجهاً، منها:

1 - قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا يحل لامرئ مسلم أن يبيت ليلتين إلاّ ووصيّته مكتوبة عند رأسه».

2-إجماعنا على أنّ الرسول استخلف علياً في المدينة في غزوة تبوك مقتدياً باستخلاف موسى لأخيه هارون عند مضيه لميقات ربه، وفي هذا الاستخلاف، قال له: «يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي».

3-حديث الدار والإنذار، وقد ذكره المفسّرون في تفسير قوله سبحانه: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) ( [27]) . ( [28])

أقول: والعجب انّه لم يذكر حديث الغدير الّذي اتّفقت الأُمّة على نقله!!

8-في قعود علي عن الخلافة :

ويعتقد انّ قعود الوصي بعد الوصية لم يكن عن عجز ولا تفريط، وذلك لأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أعلمه عن دولة المتغلّبين ،وعقوبة الله عزوجل لهم في ذلك بقوله: «إنّ لك يا علي في أُمّتي من بعدي أمر، فإن ولّوك في عافية، وأجمعوا عليك في رضى، فقم بأُمورهم، وإن اختلفوا واتّبعوا غيرك، فدعهم وماهم فيه، فإنّ الله سيجعل لك مخرجاً» .

9-في فساد إمامة المفضول :

يعتقد في فساد إمامة المفضول وإبطال إمامة المشرك الناقض لقوله عزوجل: ( وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) ( [29]) .

فجلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه بيّن أنّ عهد الإمامة وخلافة الله تعالى لا تلحق من أشرك بالله طرفة عين، وانّما يكون ميراثها في الطاهرين المصطفين، لقوله تعالى: ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ( [30]) .

وقد ثبت انّ كلّ من دخل في الإسلام من الجاهلية فقد عبد الأصنام وتدنّس بالشرك مع ما كانوا يفعلون برسول الله أيام حياته ممّا هو مشهور غير خفي .

وتوقّف كلّ واحد منهم بعده وحاجتهم إلى علم علي مع طهارته واصطفائه عليهم في حالتي العلم والجسم، وكونه لم يسجد لصنم ولا توقّف عن أمر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا كانت له سابقة في الجاهلية ولا أشرك في الله طرفة عين، ولا تحمّل، ولا كذب، ولا داهن، ولا مال إلى مفضول بالرغم من ميل الغير عنه إلى كلّ مفضول، مع إقرار المفضول على نفسه، بقوله: «ولّيت عليكم ولست بخيركم»، وغير ذلك من قوله: «فإن غلطت فردّوني وإن اعوججت فقوّموني فإنّ لي شيطاناً يغريني». ( [31])

10-في إبطال اختيار الأُمّة للإمام:

ويعتقد انّ اختيار الأُمّة لنفسها الإمام غير جائز، لأنّ إقامة الحدود على الأُمّة هي للإمام، ففيها بعض رسوم الشريعة المبسوطة إلى الإمام، من دون الأُمّة، فإقامة الإمام الّذي تتعلّق به كلّ أُمور الشريعة، لأنّه صاحب المقام العظيم، والمستخلف أولى أن يكون بأمر الله، وإذا كان إقامة الإمام بأمر الله كان من ذلك الإيجاب بأنّ الاختيار من الأُمّة باطل. ( [32])

11-في أنّ كلّ متوثّب على مرتبة الإمام فهو طاغوت :

ويعتقد انّ كلّ من دفع الإمام عن مقامه ومنزلته وعانده بعد وصية النبي له في كل عصر وزمان، انّما هو المشار إليه باسم الطاغوت، وهو رئيس الجائرين الحائدين عن أمر الرسول، المعني بالظالم، الّذي توجهت إليه الإشارة وإلى أمثاله في كلّ دور: ( وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَني اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ) ( [33]). ( [34])

12-في أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله فيها :

يعتقد انّ الأرض لا تخلو من حجة لله فيها: من نبي، أو وصي، أو إمام

يقوم المسائل، ويقيم الحدود، ويحفظ المراسيم، ويمنع الفساد في

الشرع، ويقبل الأعمال، ويزكّي الأفعال، وتقام به الحجة على الطالب، ويزيل المشكلات إذا حلّت على المتعلمين، ويركز الأُمّة بعد غيبة نبيها. ( [35])

أقول: إنّ ما ذكره من أنّ الأرض لا تخلو من حجة لله حق، ولكن السبب ليس ما جاء في كلامه من إقامة الحدود، وحفظ المراسم، ومنع الفساد، فإن ذلك يقوم به سائر الولاة أيضاً، وانّما الوجه انّه الإنسان الكامل وهو الغاية القصوى في الخلقة، ويترتّب على وجود ذلك الإنسان الكامل بقاء العالم بإذن الله سبحانه وآخره لحصول الغاية .

13-منع المبتدي عن الكلام :

ويعتقد انّ منع المبتدي عن الكلام في الدين، صفات، واقتداء بأفعال الله، وذلك انّ الله سبحانه وتعالى قادر على أن يجعل الطفل يتكلّم عند خروجه وولادته، وانّما تأخّر عن الكلام لحكمة أوجبها، لتكون لأبويه عنده فضيلة التنطيق والتعليم، وكذلك المبتدي يمنع من المجادلة والنطق بما يشق على غيره، ومتى تعلم من شيخه أو معلمه القائم له مقام الصورة فيعلّمه الأُصول الّتي يجب الاحتياط بها. ( [36])

14-في أنّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله :

ويعتقد انّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله، والدلالة على ذلك موافقة السنّة للكتاب، قال الله تعالى: ( وَ إِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَة وَ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَر بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) ( [37]) . وقال النبي في خطبة الوداع: «لا يقولنّ علي أحد منكم مالم أقله، فإنّي لم أُحلّل إلاّ ما أحلّه الله في كتابه، وكيف أُخالف كتاب الله وبه هداني؟ وكيف أُخالف كتاب الله وبه هداني وعليَّ أُنزل». ( [38])

15-في تخطئة القياس والاستحسان:

اتّفقت الإسماعيلية قاطبة على منع العمل بالقياس والاستحسان، والرأي غير المستنبط من الكتاب والسنّة .

قال الداعي علي بن محمد الوليد: أصل الشريعة ليس بقياس، لأنّه أخذ عن الله تعالى بتعليم الملك، وأخذ من الرسول بتعليم دون قياس، وأخذ من الوصي بتعليم النبي، وأخذ من الإمام بتعليم الوصي، وأخذ الرجال بتعليم الإمام دون رأي من يرى، وقياس من قاس، واجتهاد من اجتهد، بالظنون الكاذبة، والرأي، والآراء المتناقضة. ( [39])

تأويلات الإسماعيلية (نظرية المثل والممثول):

إنّ نظرية المثل والممثول تعدّ الحجر الأساس لعامّة عقائد الإسماعيلية الّتي جعلت لكلّ ظاهر باطناً، وسمّوا الأوّل مثلاً، والثاني ممثولاً، وعليها تبتني نظرية التأويل الدينية الفلسفية، فتذهب إلى أنّ الله تعالى جعل كلّ معاني الدين في الموجودات، لذا يجب أن يستدلّ بما في الطبيعة على إدراك حقيقة الدين، فما ظهر من أُمور الدين من العبادة العملية، الّتي بيّنها القرآن معاني يفهمها العامّة، ولكن لكلّ فريضة من فرائض الدين تأويلاً باطناً، لا يعلمه إلاّ الأئمة، وكبار حججهم وأبوابهم ودعاتهم.

ولنذكر في المقام بعض تأويلاتهم في الشريعة :

1-قال صاحب تأويل الدعائم في كتاب الطهارة: لا يجزي في الظاهر صلاة بغير طهارة، ومن صلّى بغير طهارة لم تجزه صلاته، وعليه ان يتطهّر، وكذلك في الباطن لا تجزي ولا تنفع دعوة مستجيب يدعى، ويؤخذ عليه عهد أولياء الله حتى يتطهّر من الذنوب ويتبرّأ من الباطل كلّه ومن جميع أهله، وإن تبرّأ من الباطل بلسانه، مقيم على ذلك، لم تنفعه الدعوة، ولم يكن من أهلها، حتّى يتوب ويتبرّأ ممّا تجب البراءة منه، فيكون طاهراً من ذلك، كما قال تعالى: ( وَ ذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَ بَاطِنَهُ ) ( [40]) . ( [41])

2-وحول التيمّم يقول صاحب تأويل الدعائم: التيمّم وضوء الضرورة، هذا من ظاهر الدين، وأمّا باطن التيمّم لمن عُدِم الماء وأنّه في التأويل طهارة من أحدث حدثاً في الدين من المستضعفين من المؤمنين الذين لا يجدون مفيداً للعلم، ممّا يحدّثونه عند ذوي العدالة من المؤمنين من ظاهر علم الأئمة الصادقين إلى أن يجد مفيداً من المطلقين.

3-وحول الصلاة يقول صاحب تأويل الدعائم: الصلاة في الظاهر ما تعبّد الله عباده المؤمنين به، ليثيبهم عليه، وذلك ممّا أنعم الله عزّوجلّ به عليهم، وقد أخبر تعالى أنّه ( أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَ بَاطِنَةً ) فظاهر النعمة في الصلاة إقامتها في الظاهر بتمام ركوعها وسجودها وفروضها ومسنونها، وباطن النعمة كذلك في إقامة دعوة الحق في كلّ عصر كما هو في ظاهر الصلاة. ( [42])

4-ويقول حول صلاة العيدين: ليس في العيدين أذان ولا إقامة، ولا نافلة، ويُبدأ فيهما بالصلاة قبل الخطبة، خلاف الجمعة، وصلاة العيدين ركعتان يجهر فيهما بالقراءة .

تأويل ذلك: أنّ مثل الخروج إلى العيدين مثل الخروج إلى جهاد الأعداء، وانّ مثل الأذان مثل الدعوة والخروج إلى العدو، وليست تقام له دعوة، إذ تقدّم في دعوة الحق الأمر به، وانّما يلزم الناس أن ينفروا ويخرجوا إليه، كما أوجب الله ذلك عليهم في كتابه .

هذه نماذج من تأويلات الإسماعيلية في مجال الأحكام الشرعية، ومن أراد الاستقصاء فعليه بالرجوع ـ مضافاً إلى كتاب «تأويل الدعائم» ـ إلى كتاب «وجه دين» للرحالة ناصر خسرو، فقد قام بتأويل ما جاء من الأحكام في غير واحد من الأبواب حتّى الحدود والديات والنكاح والسفاح .

[1] . إرشاد المفيد: 284 .

[2] . غيبة النعماني: 327، الحديث 8 ; ولاحظ بحار الأنوار: 48 / 21 .

[3] . عارف تامر: الإمامة في الإسلام: 180 .

[4] . تاريخ الدعوة الإسماعيلية: 14 .

[5] . انظر الخطط المقريزية: 1 / 358- 359 .

[6] . عارف تامر: الإمامة في الإسلام: 162 .

[7] . راحة العقل: 47 .

[8] . تاج العقائد ومعدن الفرائد: 21 .

[9] . تاج العقائد ومعدن الفوائد: 26، ولكن الجمع بين نفي الأيس عنه سبحانه ونفي التسمية انّ الماهية عنه أمر محال، لأنّ الواقع لا يخلو عن أحد الأمرين: فهو وجود محض، أو وجود ذو ماهية، فلاحظ .

[10] . رسائل إخوان الصفا: 3 / 189 .

[11] . راحة العقل: 83 .

[12] . تاج العقائد: 166- 168 .

[13] . تاج العقائد: 179 .

[14] . تاج العقائد: 57- 58 .

[15] . تاج العقائد: 51 .

[16] . راحة العقل: 421- 422 .

[17] . تاج العقائد: 97 .

[18] . تاج العقائد: 59- 60 .

[19] . تاج العقائد: 101 .

[20] . تاج العقائد: 101 .

[21] . الواقعة: 62 .

[22] . تاج العقائد: 165 .

[23] . راحة العقل: 379 .

[24] . تاج العقائد: 46 .

[25] . الإمامة في الإسلام: 143ـ144.

[26] . الإمامة في الإسلام:141.

[27] . الشعراء: 214 .

[28] . تاج العقائد: 60- 64 .

[29] . البقرة: 124 .

[30] . فاطر: 32 .

[31] . تاج العقائد: 75- 76 .

[32] . تاج العقائد: 76 .

[33] . الفرقان: 27 .

[34] . تاج العقائد: 78- 79 .

[35] . تاج العقائد: 181 .

[36] . تاج العقائد: 181 .

[37] . النحل: 101 .

[38] . تاج العقائد: 98 .

[39] . تاج العقائد : 82- 84 .

[40] . الأنعام: 120 .

[41] . تأويل الدعائم: 1 / 76 .

[42] . تأويل الدعائم: 1 / 177 .

قراءة 4664 مرة
المزيد في هذه الفئة: « الجهمية الظاهرية »