في ذكرى استشهاد الإمام المجتبى عليه السلام

قيم هذا المقال
(0 صوت)
في ذكرى استشهاد الإمام المجتبى عليه السلام

يصادف الثامن والعشرون من صفر، ذكرى استشهاد السبط والحفيد الأكبر للرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وريحانته وحبيبه، وهو الإمام أبو محمد الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، وثاني أئمة أهل البيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيد شباب أهل الجنة باجماع المحدثين، واحد أثنين أنحصرت بهما ذرية رسول الله.

فبعد ان نص أمير المؤمنين (ع) علی خلافه ابنه الحسن الزکي وسلَمه مواريث النبوة، اجتمع عليه أهل الکوفة وجماعة المهاجرين والانصار وبايعوه بالخلافة بعد أن طهره الله من کل نقص ورجس، بالاضافة الی توفرَ جميع متطلبات الخلافة فيه من العلم والتقوی والشجاعة والحزم والجدارة، وتسابق الناس إلی بيعته في الکوفة والبصرة، کما بايعه اهل الحجاز واليمن وفارس وسائر المناطق التي کانت تدين بالولاء والبيعة لابيه عليه السلام، وحين بلغ نبأ البيعة معاويه واتباعه بدأوا يعملون بکل مالديهم من مکر وخداع لافساد امره والتشويش عليه.

ان الإمام المجتبى كأبيه المرتضى وجدّه المصطفى قائد مبدئي تتلخص مهماتة القيادية في كلمة موجزة ذات معنى واسع وابعاد شتى هي: "الهداية بأمر الله تعالى" انطلاقا من قوله تعالى:"وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا واوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين". (الانبياء -73).

ومارس الإمام (عليه السلام) مسؤولية الحفاظ على سلامة الخط بالرغم من إقصائه عن الحكم، وأشرف على قاعدته الشعبية فقام بتحصينها من الأخطار التي كانت تهدّدها من خلال توعيتها وتعبئتها، فكان دوره فاعلا إيجابيا للغاية، ممّا كلّفه الكثير من الرقابة والحصار، وكانت محاولات الاغتيال المتكرّرة تشير الى مخاوف معاوية من وجود الإمام (عليه السلام) كقوة معبّرة عن عواطف الامّة ووعيها المتنامي، ولربّما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني اُمية، ومن هنا صحّ ما يقال من أنّ صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان تمهيدا واقعيا لثورة أخيه أبي عبدالله الإمام الحسين (عليه السلام).

في الحقيقة أنه لم يكن له شيعة و أنصار متفانون في سبيله حتي بالمقدار الذي كان مع الإمام الحسين(عليه السلام) من أصحابه المخلصين بل كان الإمام الحسن (عليه السلام) محاطا بالمنافقين والجواسيس وبعد أن رأي خيانة قواده و تخاذل أصحابه أضطر إلى الصلح مع معاوية بشروط كان يعلم أن معاويه لا يفي بها، لكنه أراد أن يظهر للمسلمين كذبه وخداعه وعدم التزامه حتى بالأمور الأخلاقية فضلا عن  الالتزامات الشرعية والدينية ومن فوائد صلح الإمام الحسن (عليه السلام) أنه حقن بذلك دماء المسلمين التي كانت سوف تهدر وتضيع من غير فائده للإسلام والمسلمين ومن فوائده إظهار حقيقة معاوية وبني أميه فإن معاويه كان دجالا منافقا كاذبا يظهر الإسلام والتقدس والتقوى حتى تمكن بدجله وخداعه أن يحرض أهل الشام ليقاتلوا عليا (عليه السلام) باعتباره قاتل عثمان، ولأجل المزيد من المعلومات اقرأ كتاب صلح الأمام الحسن(عليه السلام).

وتّوج الإمام المجتبى عليه السلام جهاده العظيم هذا والذي فاق الجهاد بالسيف في تلك الظروف العصيبة باستشهاده مسموما على يد ألد اعدائه معاوية. لقد حفلت حياة الإمام بانواع الجهاد والصبر على طاعة الله تعالى وتحمل جفاء أهل الجفاء حتى ضرب اعلى انواع الصمود لتنفيذ احكام الله تعالى ثم اختار الشهادة مع العزّ على الحياة مع الذلّ، حتى فاز بلقاء الله سبحانه بعد كفاح عظيم وجهاد كبير.

وقد خلف الإمام المجتبى عليه السلام تراثا فكريا ثرّا من خلال ماقدّمه من نصوص للامة الإسلامية على شكل خطب أو وصايا أو احتجاجات أو رسائل أو أحاديث وصلتنا في فروع المعرفة المختلفة، مما يكشف عن تنوع اهتمامات الإمام الحسن عليه السلام وسعة علمه وإحاطته بمتطلبات المرحلة التي كانت تعيشها الامة المسلمة في عصره المحفوف بالفتن والدواهي التي قل فيها من كان يعي طبيعة المرحلة ومتطلباتها إلا ان يكون محفوفا برعاية الله تعالى وتسديده.

وکان الامام عليه السلام قد أوصی ان يدفن الی جوار جده رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إلا أن بني أمية، وعلی راسهم مروان بن الحکم منعوا من ذلك وحالوا بين ان يجمع بين رسول الله (ص) وريحانته ووحبيبه بسطه الحسن سيد شباب اهل الجنة فاضطر اهل البيت عليهم السلام لدفنه في البقيع .

فسلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي مظلوما: حيا وشهيدا

قراءة 3085 مرة