ولد الامام علي الرضا بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، بن علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، في الـ 11 من ذي القعدة سنة 148 للهجرة النبوية الشريفة في المدينة المنورة.
وهو ثامن الائمة الاثني عشر الذين نص عليهم النبي الاكرم (ص) واستشهد في خراسان في الـ30 من صفر سنة 203 للهجرة ودُفن سلام الله عليه في مدينة مشهد المقدسة شمال شرق إيران.
عاصر الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام عهد الخليفة العباسي هارون عشر سنوات، ثم ابنه الامين ثم المامون وقد اتسمت تلك الفترة بالقسوة والظلم والارهاب وممارسة اشر انواع التنكيل والتعذيب والقتل لابناء اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم.
عاش الامام الرضا (ع) المرحلة الصعبة التي مر بها والده الامام الكاظم (ع)، ولما استشهد ابوه عليه السلام وانتهت الامامة اليه، فقد جاء ان الرشيد قال ليحيي بن خالد البرمكي، حين حرضه الاخير علي الامام الرضا (ع):(يكفينا ماصنعناه بأبيه).
كان الامام الرضا عليه السلام افضل الناس في زمانه وأعلمهم وأتقاهم وازهدهم وأعبدهم وأكرمهم وأحلمهم وأحسنهم أخلاقا.
وكان يجلس في حرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الروضة والعلماء في المسجد فاذا عي احد منهم عن مسألة اشاروا اليه بأجمهم وبعثوا إلية بالمسائل فيجيب عنها وقد جمع له المأمون جماعة من الفقهاء في مجالس متعددة فيناظرهم ويغلبهم حتى اقر علماء زمانه له بالفضل والعلم. وكان والده الامام موسى بن جعفر عليه السلام يقول لبنيه وأهل بيته: هذا عالم آل محمد.
وكان لا ينام في الليل إلا قليلاً، وأما أغلب الليل فقد كان مستيقظاً فيه، وكثير من الليالي يحيها حتى الصباح ويقضيها في العبادة، وكان يصوم كثيراً ولا يترك صيام الأيام الثلاثة من كل شهر، وكثيراً ما يقوم بأفعال الخير والإنفاق بصورة سرية، وفي الغالب كان يساعد الفقراء خفية في الليالي الحالكة الظلام.
اما في المجال السياسي والعقائدي، فقد بذل الامام الرضا عليه السلام كامل جهوده من اجل الاصلاح الفكري والديني، ووضح عليه السلام حقيقة التأمر الفكري في بلبلة عقول المسلمين واعطى قاعدة كلية في الاساليب والممارسات التي يستخدمها اعداء الاسلام لتشوية الافكار والمفاهيم الاسلامية.
كما قام بالرد على الانحرافات الفكرية في عصره وفند جميع الروايات التي يعتمد عليها المنحرفون ووضح بطلان صدورها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وارشد المسلمين الى الروايات الصحيحة منها.
كما دعا عليه السلام الى مقاطعة المنحرفين كالمجبرة والمفوضة والغلاة مقاطعة كليه لمنع تاثيرهم في الامة. الى جانب كل هذا عمد الامام الرضا عليه السلام الى نشر الافكار السليمة والعمل على ارجاع الامة الى العلماء لاخذ معالم دينهم.
وكان الامام الرضا عليه السلام يدعو الى التمسك بمكارم الاخلاق من خلال نشر احاديث الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم التي ترسم للمسلمين المنهج السلوكي السليم. هذا عمل الامام عليه السلام على بناء الجماعة الصالحة بالاضافة الى مجموع الامة الاسلامية. وحث عليه السلام على زيارة ضريح الحسين عليه السلام للتزود من مواقفه الشجاعة ولتجديد العهد معه على رفض الانحراف والظلم والطغيان.
واستطاع الامام الرضا عليه السلام، بهذا الاسلوب ان يوسع القاعدة المواليه لاهل البيت عليهم السلام دون ان تلاحقه السلطات القائمة او تمنع نشاطه السياسي واستطاع كسب عناصر جديدة مقربة للحكام من وزراء وقادة جيش وفقهاء.
واستشهد الامام علي الرضا عليه السلام في "خراسان" في الثلاثين من شهر صفر سنة ثلاث بعد المئتين للهجرة ودُفن سلام الله عليه بارض طوس، وباستشهاده انطوت صفحة من الجهاد والصبر والمعاجز ليفتح هذه الصفحة نجم أخر من نجوم الامامة، وهو الامام التاسع أبي جعفر محمد الجواد عليه وعلى آبائه وابنائه السلام ليشرق من جديد جهاد أبيه وأئمة الهدى عليه السلام.