شهادة السيدة فاطمة الزهراء (8 / ربيع الثاني/ السنة 11 هـ)

قيم هذا المقال
(6 صوت)
شهادة السيدة فاطمة الزهراء (8 / ربيع الثاني/ السنة 11 هـ)

تمهيد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على شمس الهداية نبينا محمد(ص)، وعلى الأقمار المضيئة الأئمة الطاهرين(عليهم السلام) .

«لا يقاس بآل محمد(ص) من هذه الأمة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة»([1]).

بهذه الكلمات البليغة المطرّزة بألوان الذهب الغالي، يقدّم لنا الإمام علي ابن أبي طالب(ع) وصفاً لمقام أهل بيت النبوة السامي، ويكشف لنا بعضاً من حقائق هذه الجواهر النفيسة والدرر الثمينة.

وشهر ربيع الثاني شهر عظيم، ولابد من تعظيمه بالمساعي الجميلة بما يناسب معرفته، وقد خصّ السيد ابن طاووس غرّة هذا الشهر بدعاء عن أهل بيت العصمة والطهارة.

وفي العاشر منه ولادة مولانا وإمامنا أبي محمد الحسن العسكري(ع)، وهو يوم شريف جداً، ويستحب فيه الصيام لله على هذه النعمة العظمى.

ولهذا اليوم خصوصية من جهة أنه (ع) والد إمامنا أرواحنا وأرواح العالمين له الفداء، فينبغي لرعيته (ع) تهنئته بما يليق به (ع)، وأن يزيد في حوائجه التي يعرضها لصاحب الولادة بالتضرّع والسؤال في أن يوصيه لصاحب العصر في أن يدخله في همّه، ونظر لطفه، ويخصّه من بين رعيته بمكارمه.

ونحن وإيماناً منّا بما صنعه أهل البيت(عليهم السلام)  وما قدّموه من خدمات جليلة في سبيل تشييد أركان هذا الدين، وتأسيس دعائمه وإيصاله إلى الأمة صافياً نقياً، وبحسب تعبير الإمام الخميني: «الإسلام المحمدي الأصيل»، نقدّم للقرّاء الأعزّاء هذه الباقة من المواضيع في هذه السلسلة من المناسبات الإسلامية بدءاً من ولادة الإمام الحسن العسكري(ع)، ووفاة السيدة فاطمة المعصومة(عليها السلام)، ومروراً باستقرار فرض الصلاة، وانتهاءاً بثورة المختار الثقفي.

لعلّها تلامس بعض حقائق أهل البيت(عليهم السلام)  وتكشفها لمن يريد الحقيقة، علّنا بذلك نحظى بشفاعتهم ورضوانهم.

سائلين المولى أن يمدّنا بالعون لنكون في خدمة من يحيون هذا الشهر العظيم.

والله من وراء القصد. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

شهادة السيدة فاطمة الزهراء (8 / ربيع الثاني/ السنة 11 هـ)

سيأتي الحديث عن السيدة الزهراء (عليها السلام) بمناسبة ولادتها وذكرى شهادتها على الروايتين المشهورتين وبمناسبة ذكرى شهادتها (عليها السلام) على الرواية الأولى التي تقرر أنها بقيت بعد أبيها رسول الله(ص) أربعين يوماً وهي ضعيفة لا يعمل بها، سنذكر أهم وأخطر جوانب شخصيتها، وهذه الجوانب هي كالتالي:

الجانب الأول: الزهراء (عليها السلام) مبلّغة لرسالة السماء:

كانت الزهراء(عليها السلام) مواكبة لأبيها رسول الله(ص)، وكانت تتصدى لتعليم النساء في المدينة أحكام دينهنّ، حتى أن النساء كنّ يأتين بيت فاطمة في كثير من الأحيان طلباً للعلم والمعرفة، فقد روي عن أبي محمد الحسن العسكري(ع) أنه قال: حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء(عليها السلام)، فقالت: إن لي والدة ضعيفة، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليكِ أسألك، فأجابتها فاطمة(عليها السلام) عن ذلك، فثنّت فأجابت، ثم ثلّثت فأجابت.. إلى أن عشرت، فأجابت، ثم خجلت المرأة من الكثرة، فقالت لها: لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله، فقالت فاطمة(عليها السلام): هاتي وسلي عمّا بدا لك، أرأيت من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل، وكِراه مائة ألف دينار يثقل عليه؟ فقالت: لا، قالت: اكتريت أنا بكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً فأحرى‏ أن لا يثقل عليّ، سمعت أبي(ص) يقول: «إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم، وجدهم في إرشاد عباد الله، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلة من نور»([2]).

وقد كان النبي(ص) يعتمد عليها في تبليغ الإسلام، وتعليم القرآن لنساء أهل المدينة، والرواية السابقة توضح بشكل صريح أن نساء المدينة كنّ يأتينها لتعلّم أحكام الدين، وهذا يكشف عن أن الزهراء(عليها السلام) كانت محطاً للتعليم والتثقيف وتبليغ الرسالة.

وأيضاً بعد وفاة النبي الأعظم(ص) كانت الزهراء مبلّغةً للوصاية والإمامة لأمير المؤمنين(ع)، وكانت تواصل دفاعها عنه بشتى طرق الدفاع، وبمختلف أساليبه، فكانت تخرج مع علي(ع) إلى أبواب المهاجرين والأنصار؛ لتذكرهم حقوق الإمام (ع) على الأمة، وتدعوهم إلى نصرته بعد أن ابتزوا حقه وغصبوه.

يقول ابن قتيبة: وخرج علي (كرم الله وجهه) يحمل فاطمة بنت رسول الله(ص) على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا ما عدلنا به، فيقول علي (كرم الله وجهه): أفكنت أدع رسول الله(ص)في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه؟! فقالت فاطمة: ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم([3]).

ولقد كان هذا الموقف منها دفاعاً واضحاً عن الإمامة، وتبليغاً عظيماً في سبيل هذا الحق الإلهي العظيم.

الجانب الثاني: جهاد الزهراء(عليها السلام)

كانت الزهراء(س) في دائرة الجهاد التي خطّها رسول الله(ص)، حيث أنها قد عاشت محن الجهاد بتمام تفصيلاته، فلقد قاست مرارة الحصار في شعب أبي طالب مع أبيها وأمها وسائر بني هاشم، ولم يمض من عمرها غير سنتين، كما أنها عاشت آلام‏ أبيها والمحن التي عصفت به، والأذى الذي كان يلحقه القوم به، فقد روى عبد الله بن مسعود: أنه بينما كان رسول الله(ص) يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحابه جلوس، وقد نحرت بالأمس جزور، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا بني فلان فيأخذ منه ويضعه على كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه، فلما سجد النبي(ص) وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحك القوم، وجعل بعضهم يميل على بعض، فلما علمت الزهراء بذلك جاءت إليهم وهي طفلة صغيرة، فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تلومهم‏ وتعنّفهم بالقول([4]). كما أنها علمت ذات يوم بأن قريشاً تكيد لقتل النبي(ص) فأعلمته بذلك([5]).

واستمرت (عليها السلام) تواكب جهاد أبيها مع أمها، إلى أن اختار الله لخديجة دار المقامة عنده، ففقد النبي(ص) بفقدها الناصر والمعين، والشفيق الحنون، فلقد كانت نعم المواسيّ والمصبّر لرسول الله(ص)، وشكّل فقدها فراغاً كبيراً في حياته (ص) حتى أطلق على عام وفاتها الذي ارتحل فيه أيضاً عمه أبو طالب(ع) (عام الحزن)، كما أن الزهراء فقدت على صغر سنها الأم الحنون والحجر الدافئ، إلا أنها تناست أحزانها، ولم تدع المصيبة الجليلة تأخذ منها ومن عزيمتها، وتحطّ من قدرتها، فأخذت على عاتقها تسنّم مكانة أمها بفيض الحنان المتدفق على أبيها، فكانت بمجرد أن يدخل رسول الله(ص) إلى البيت تفرغ عليه حنانها، وتمارس دور أمها في تصبير النبي(ص) ومواساته، حتى فاقت بحنانها حنان أمها، فأسماها النبي(ص) «فاطمة أم أبيها»([6]).

وهذا الوسام يعكس بجلاء مدى الحنان الكبير، والمؤازرة العظيمة، والموقف الجليل الذي كانت تقوم به تجاه أبيها (ص).

كما أنها (عليها السلام) هاجرت في سبيل الله برفقة علي(ع) بركب الفواطم، وعايشت سائر غزوات النبي(ص)، حتى أنها خرجت في غزوة أحد إلى موقع المعركة، ورأت أباها بتلك الحالة المؤلمة، فأخذت تغسل عن وجهه الدماء المتخثّرة، وهي تقول: اشتدّ غضب الله على من أدمى وجه رسول الله، فكانت تغسل الدماء، وعلي يصب الماء من المجن، فلما رأت أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، عمدت إلى قطعة حصيرة فأحرقتها، وجعلت رمادها ضماداً على جبهته، وألزمته الجرح فاستمسك الدم.

وهكذا كانت تأتي أباها بكسيرات من الخبز في معركة الخندق، مما يكشف بوضوح
أنها (عليها السلام) كانت تعايش محن الرسالة، وهمّ الجهاد وتشارك بما يمكنها فيه المشاركة([7]).

الجانب الثالث: عبادة فاطمة(عليها السلام)

لقد عرفت الزهراء(عليها السلام) بعابدة البيت النبوي، حتى قال الحسن البصري: «ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة بنت رسول الله، وكانت تقوم بالأسحار حتى تورّمت قدماها»([8]).

وعن ابن عباس عن رسول الله(ص) قال: «... وأما ابنتي فاطمة، فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، إنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم، فيقولون: يا فاطمة إن الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين»([9])..

وورد أن رسول الله(ص) قد بعث سلماناً إلى فاطمة(عليها السلام)، فوقف بالباب وقفة حتى سمع فاطمة تقرأ القرآن من جوا، وتدور الرحى من برا، ما عندها أنيس، فتبسم رسول الله(ص) وقال: «يا سلمان، ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها، وجوارحها إيماناً إلى مشاشها، تفرّغت لطاعة ربها، فبعث الله ملكاً اسمه زوقابيل، فأدار الرحى، وكفاها الله مؤونة الدنيا، مع مؤونة الآخرة»([10]).

وورد عنه (ص) أيضاً: «متى قامت في محرابها بين يدي ربها (جل جلاله) زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله (عز وجل) لملائكته: يا ملائكتي أنظروا إلى أمتي فاطمة، سيدة إمائي قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار..»([11]).

وجاء في كتاب (عدة الداعي): أن فاطمة كانت تنهج في الصلاة من خيفة الله([12])، ومعنى النهج تتابع النفس من شدة الخوف والخشوع.

ولشدة ما تعلقت الزهراء(عليها السلام) بالعبادة والأذكار وقراءة القرآن تنازلت عن الخادم الذي هي بأمسّ الحاجة إليه لأجل مداومة ذكر الله تعالى وتسبيحه وتقديسه، حيث روي - بسند معتبر - أن فاطمة(عليها السلام) قد استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها([13])، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد، وكان قد أهدي إلى رسول الله رقيق، فأتته فاطمة(عليها السلام) فسألته أن يعطيها خادماً يعينها في أعمالها، فقال لها رسول الله(ص): «يا فاطمة أعطيك ما هو خير لك من خادم، ومن الدنيا بما فيها: تكبّرين الله بعد كل صلاة أربعاً وثلاثين تكبيرة، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة، وتسبحين الله ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، ثم تختمين ذلك بلا إله إلا الله، وذلك خير لك من الذي أردت ومن الدنيا وما فيها»([14]).

فقبلت فاطمة(عليها السلام) وتنازلت عن طلبها، على الرغم من أن الخادم في زمانها كان من ضروريات الحياة، وكان عند أغلب الناس خدم، فليس في طلب فاطمة هذا من النبي(ص) ما يدلّ على طلب الترف والترفع، بل ما هو ملائم لطبيعة الحياة آنذاك، والنبي(ص) لم يرفض طلبها، ولكنه خيّرها بين الخادم وهذا الذكر، فاختارت التسبيح إيثاراً لرضا ربها على رضا نفسها، ورغبة في الارتباط التام والعميق بالرب الرؤوف الرحيم، فكانت (صلوات الله عليها) ملازمة لهذا التسبيح طيلة حياتها، في أدبار الصلاة، وإذا أخذت مضجعها، وكانت قد عملت سبحتها من خيط صوف مفتّل، معقود عليه عدد التسحبيات، فكانت تديرها بيدها؟، وتكبّر وتسبّح، ولما قتل حمزة بن عبد المطلب(ع) في أحد، استعملت تربته، وعملت السبحة منه، فاستعملها الناس([15]).

وقد أصبح هذا التسبيح الذي عرف بــ(تسبيح الزهراء) من أفضل تعقيبات الصلاة، فقد ورد الحث البليغ والكثير عن الأئمة(عليهم السلام)  بملازمته، والتعقيب به، فعن أبي عبد الله الصادق(ع) أنه قال لأبي هارون: «يا أبا هارون، إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة(عليها السلام) كما نأمرهم بالصلاة، فالزمه، فإنه لم يلزمه عبد فشقى»([16]).

وهكذا غدا هذا التسبيح - وبفضل فاطمة(عليها السلام) - شعار كل مؤمن، وكل عابد وناسك، حتى صار سبحة هذا الذكر شعاراً يتزين بحمله المؤمنون.

فضل تسبيح الزهراء(عليها السلام) والتعقيب به:

قد ورد الكثير من الأخبار التي تعكس فضلاً كبيراً، وأجراً جزيلاً للتعقيب بتسبيح الزهراء(عليها السلام) ننقل بعضها تيمناً:

عن عبد الله بن سنان قال، قال أبو عبد الله(ع): «من سبح تسبيح فاطمة(عليها السلام) قبل أن يثني رجله من صلاة الفريضة غفر الله له، ويبدأ بالتكبير».

وعن زرارة عن أبي عبد الله، قال: تسبيح الزهراء(عليها السلام) من الذكر الكثير الذي قال الله (عز وجل): (اذْكُرُواْ اللهَ ذِكْراً كَثِيراً)R([17]).

وعن محمد بن مسلم قال، قال أبو جعفر(ع): «من سبّح تسبيح فاطمة(عليها السلام) ثم استغفر غفر له، وهي مائة باللسان، وألف في الميزان، وتطرد الشيطان وترضي الرحمن».

وعن أبي جعفر(ع) قال: «ما عبد الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة(عليها السلام)، ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله(ص) فاطمة(عليها السلام) ».

وعن أبي خالد القماط، قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: «تسبيح فاطمة في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم»([18]).

 

([1]) نهج البلاغة: الخطبة 2، شرح صبحي الصالح.

([2]) مستدرك الوسائل 17: 317.

([3]) الإمامة والسياسة: 19.

([4]) سيرة ابن إسحاق: 192، ودلائل النبوة للبيهقي 2: 44. عن ابن إسحاق أيضاً.

([5]) مناقب آل أبي طالب 2: 71، والمستدرك على الصحيحين 2: 157.

([6]) بحار الأنوار 22: 152 ح4.

([7]) فاطمة الزهراء أم أبيها: 35.

([8]) المستطرف في كل فن مستظرف 1: 20، ومناقب آل أبي طالب 3: 341.

([9]) آمالي الصدوق: 437، وبحار الأنوار 43: 24.

([10]) مناقب آل أبي طالب 3: 338.

([11]) البحار 43: 172.

([12]) مسند فاطمة: 14، وبحار الأنوار 67: 40.

([13]) مجلت يداها: ثخن جلدها.

([14]) بحار الأنوار 585: 336 حديث: 25.

([15]) بحار الأنوار 85: 333 حديث: 16.

([16]) وسائل الشيعة 6: أبواب التعقيب: باب 7/1، وباب 8/1، وباب 9/1 - 2.

([17]) سورة الأحزاب: الآية 41.

([18]) وسائل الشيعة 6: أبواب التعقيب: باب 7/1، وباب 8/1، وباب 9/1 - 2.

قراءة 6339 مرة