السؤال: الاختلاف بين الخلفاء

قيم هذا المقال
(0 صوت)
السؤال: الاختلاف بين الخلفاء

سمعت يقولون ان الخلفاء الراشدين الثلاثة ابو بكر وعمر وعثمان خالف بعضهم البعض الاخر في سياستهم أثناء توليهم الحكم.

لأنه بالتأكيد ان هذا الخلاف لو حصل فعلا فهو يتنافى مع قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بأيهم اقتديتم اهتديتم...

هل لكم ان توردوا بعض المخالفات مع المصادر....

الجواب:

أولاً: حديث (( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )) حديث باطل وموضوع  فلا يصح الزام السنة به فضلا عن الشيعة في مقابل اتباع اهل البيت (عليهم السلام).

 

ثانياً: نعم حديث الخلفاء الراشدين والتمسك بسنتهم وسنة النبي (صلى الله عليه وآله) ينطبق على ائمة الهدى من ال محمد (صلى الله عليه وآله) حيث وصفهم بالخلفاء الراشدين المهديين فالتمسك بسنتهم مع سنة النبي (صلى الله عليه وآله) لا يأمر به الرسول (صلى الله عليه وآله) الا اذا كان غير مخالف للكتاب والسنة قطعا مع الاخذ بنظر الاعتبار وصفهم بالمهديين!

 

ثالثاً: ثبت الخلاف والاختلاف بين ابي بكر وعمر في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في موارد كثيرة وكان ذلك معروفا عنهم مشهورا كما في:

أ‌- قال ابو الدرداء: (كان بين ابي بكر وعمر محاورة فأغضب ابو بكر عمر فانصرف عنه عمر مغضبا فاتبعه ابو بكر يسأله ان يستغفر له فلم يفعل حتى اغلق بابه في وجهه... (صحيح البخاري 5: 179).

ب‌- عن عبد الله بن الزبير قال: قدم ركب من بني تميم على النبي (صلى الله عليه وآله) فقال ابو بكر: أمر القعقاع بن معبد بن زرارة فقال عمر: بل أمر الاقرع بن حابس قال ابو بكر: ما اردت الا خلافي قال عمر: ما اردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت اصواتهما فنزلت في ذلك (يا ايها الذين امنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) حتى انقضت (صحيح البخاري 5: 116 و 6: 47).

ج- روى عمر اعتراضه على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في صلح الحديبية فقال:

(... فاتيت ابا بكر فقلت يا ابا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله انه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟! قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام؟! قلت: لا! قال: فإنك اتيه ومطوف به، قال عمر: فعملت لذلك أعملا. (صحيح البخاري 3: 182). وغير ذلك

 

رابعاً: اختلفا في حرب مانعي الزكاة بشدة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث روى ابو هريرة ان عمر قال لابي بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله: امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله من قالها فقد عصم مني ماله ونفسه الا بحقه وحسابه على الله؟! فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة... الخ. (صحيح البخاري 2:110 و 8: 50 و 8: 163 وصحيح مسلم 1/38)

 

خامساً: كذلك اختلفا في خالد بعد مقتل مالك بن نويرة رضي الله عنه و نكح زوجته في ليلة قتله. قال ابن الاثير في ترجمة مالك بن نويرة في كتاب اسد الغابة (4/295):

وامر خالد فنادى ادفئوا أسراكم وهي في لغة كنانة القتل فقتلوهم فسمع خالد الواعية فخرج وقد قتلوا (فتزوج خالد امراته) فقال عمر لابي بكر: سيف خالد فيه رهق واكثر عليه فقال ابو بكر: تأول فأخطأ!! ولا أشيم سيفا سله الله على المشركين!! وودى مالكا وقدم خالد على ابى بكر فقال له عمر: يا عدو الله قد قتلت امرا مسلما ثم نزوت على امرأته لأرجمنك!

وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (5/560) وذكر الزبير بن بكار ان ابا بكر امر خالدا ان يفارق امرأة مالك المذكورة واغلظ عمر لخالد في امرءا مالك واما ابو بكر فعذره.

وذكر المتقي الهندي في كنز عماله (5/619)عن طبقات ابن سعد بسنده عن ابي عون وغيره: ان خالد بن الوليد ادعى ان مالك بن نويرة ارتد بكلام بلغه عنه فانكر مالك ذلك وقال: انا على الاسلام ما غيرت ولا بدلت وشهد له بذلك ابو قتادة وعبد الله بن عمر فقدمه خالد وأمر ضرار بن الازور الاسدي فضرب عنقه (وقبض) خالد امراته فقال لابي بكر (يعني عمر): انه قد زنى فارجمه فقال ابو بكر: ما كنت لارجمه تأول فاخطا قال (عمر): فانه قد قتل مسلما فاقتله، قال: ما كنت لأقتله تأول فأخطأ. قال: فاعزله! قال: ما كنت لأشيم سيفا سله الله عليهم أبدا.

ورواه الملا علي القاري في شرح الشفا(2/393).

 

وفي حادثة اخرى روى ابن سعد بسند صحيح (7/396) وغيره عن عروة قال: كانت في بني سليم ردة فبعث ابو بكر خالد بن الوليد فجمع منهم رجالا في حظائر ثم احرقهم بالنار فجاء عمر الى ابي بكر فقال: انزع رجلا عذب بعذاب الله فقال أبو بكر: لا والله لا أشيم سيفا سله الله على الكفار حتى يكون هو الذي يشيمه!!

سادساً: اما عثمان فقد خالفهما اولا في رواية الصحابة للحديث النبوي بعد ان حرفاه وبعد ان منعا الصحابة من التحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله!!

 

سابعاً: وكذلك عثمان خالف ابي بكر وعمر في تولية اقربائه واغدق العطاء عليهم من اموال المسلمين حتى ثاروا عليه وقتلوه.

وكذلك ولى الفاسق وطرداء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولعناءه و سلط بني ابي معيط ومروان وابن ابي سرح والوليد بن عقبة وآل ابي العاص على الأمة وعلى الممالك.

 

ثامناً: وقد قال عثمان مجيبا على ما عابه به عبد الرحمن بن عوف: (واما قوله اني لم اترك سنة عمر، فاني لا اطيقها ولا هو) رواه احمد في مسنده (1/68).

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/170): وقد أخرج احمد من طريق زائدة عن عصام بن ابي وائل قال الوليد بن عقبة (اخو عثمان لامه) لعبد الرحمن بن عوف: ما لك جفوت امير المؤمنين يعني عثمان؟! فذكر قصة وفيها قول عثمان:(واما قوله سيرة عمر فاني لا اطيقها ولا هو) وفي هذا اشارة الى انه بايعه على ان بسير في سيرة عمر فعاتبه على تركها. أهـ

ثم قال ابن حجر في (13/171) في حديث المسور ابن محزمة عند شرحه قول عبد الرحمن لعثمان (ابايعك على سنة الله وسنة رسوله و الخليفتين من بعده فبايعه عبد الرحمن) قال: فذكر القصة وفي اخره: فقال: هل انت يا علي مبايعي إن وليتك هذا الامر على سنة الله وسنة رسوله وسنة الماضيين قبل؟! قال لا ولكن على طاقتي!! فأعادها ثلاثا فقال عثمان: انا يا ابا محمد ابايعك على ذلك! قالها ثلاثا!! فقام عبد الرحمن واعتم ولبس السيف فدخل المسجد ثم رقى المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم أشار الى عثمان فبايعه فعرفت ان خالي أشكل عليه امرهما فأعطاه احدهما (عثمان) وثيقة ومنعه الاخر (علي) اياها. ثم قال ابن حجر واستدل بهذه القصة الاخيرة على جواز تقليد المجتهد وان عثمان وعبد الرحمن كانا يريان ذلك بخلاف علي (يقصد تقليد ابي بكر وعمر) واجاب من منعه وهم الجمهور بان المراد بالسيرة ما يتعلق بالعدل ونحوه لا التقليد في الاحكام الشرعية وإذا فرعنا على جواز تجزئ الاجتهاد واحتمل ان يراد بالاقتداء بهما فيما لم يظهر للتابع فيه الاجتهاد فيعمل بقولهما للضرورة.

ودمتم في رعاية الله

قراءة 1180 مرة