لا تزال واشنطن تبحث عن مبرّر للحرب، برأي الرئيس السوري، رغم الاتفاق الروسي ــ الأميركي «غير المقلق» بالنسبة إلى سلاح دمشق الكيميائي، علماً بأن أيّ عمل سياسي بالنسبة إلى دمشق سيكون وهمياً إن لم يقترن بوقف دعم المسلحين واحتضانهم
الحرب لم تنتهِ. هي جولة، وواشنطن ستبحث عن مبررات جديدة للتدخل في سوريا. الرئيس السوري بشار الأسد المتيقّن من قدرة جيشه على استكمال نجاحاته، لا يرى مخرجاً سوى بالحل السياسي الذي يجب أن يقترن بوقف دعم المسلحين. وانتقد الرئيس السوري الولايات المتحدة لتهديدها بمهاجمة سوريا، موضحاً أنها تبحث عن «مبرر للحرب»، لافتاً، في مقابلة مع التلفزيون الصيني، إلى أنّ «الولايات المتحدة لم تتوقف عن الحرب على سوريا لأن هناك فقط اتفاقاً سورياً روسياً بالنسبة إلى تسليم الأسلحة الكيميائية، بل لأن هناك رفضاً عالمياً ورفضاً داخل الولايات المتحدة للحرب».
وأضاف «ما دامت الولايات المتحدة ودول غربية تريد الاستمرار في سياسة الهيمنة على الدول الأخرى، فيجب أن نبقى قلقين بغض النظر عن الأزمة الحالية».
وحول مشروع القرار الدولي بشأن الأسلحة الكيميائية السورية، أكد الرئيس السوري أن القرار لا يثير قلقه، مشيراً إلى أن بلاده تنتج هذا النوع من السلاح منذ عقود، نظراً إلى كونها في حالة حرب ولديها أراض محتلة. وأضاف أن «لدى سوريا كميّات من الأسلحة الكيميائية، لكن الجيش السوري هيّأ نفسه للقتال بالأسلحة التقليدية»، لافتاً إلى أن «الأسلحة الكيميائية في سوريا موجودة في مناطق ومواقع آمنة والجيش يسيطر عليها بنحو كامل».
من جهة أخرى، كشف الأسد أن ما تحصل عليه سوريا من روسيا بشكل أساسي «هو أسلحة الدفاع الجوي المضادة للطائرات... لأن الخطر الأكبر علينا يأتي من خلال الطائرات الإسرائيلية».
مع «جنيف 2» ووقف دعم الإرهاب
وفي ما خص مؤتمر «جنيف 2»، أكد الأسد أن سوريا منذ البداية دعمت مبادرة جنيف وتبني آمالاً على المؤتمر، لإيمانها بأن العمل السياسي هو الطريق لحل المشاكل الكبرى. وأشار إلى أن «أول عامل يؤمن النجاح لمؤتمر جنيف هو إيقاف الأعمال الإرهابية وإيقاف دخول الإرهابيين من خارج سوريا وإيقاف إمداد هؤلاء الإرهابيين بالسلاح والمال... إن لم نقم بذلك فأي عمل سياسي يكون وهمياً».
واتهم بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، بعرقلة انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، موضحاً «يريدون أن نصل إلى مؤتمر جنيف وقد تحقق شيء على الأرض من الناحية العسكرية لمصلحة الإرهابيين... أيضاً هناك سبب آخر هو أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من توحيد ما يسمونه المعارضة، ولكن نعتقد كما تعتقد روسيا والصين بأن الوقت الآن مناسب للقيام بهذه الخطوة».
وفي ما يخص مسألة الترشح للرئاسة عام 2014، قال الأسد «هذا يعتمد على رغبة الشعب السوري»، مضيفاً أن من البديهي أن يريد جزء من الشعب السوري ترشحه ولا يريد جزء آخر.
وأشار إلى أن «الوضع الآن هو لمصلحة الجيش. ولذلك كان الجيش يتقدم خلال الأشهر الأخيرة لأن القسم الأكبر من السوريين يدعمه، خاصة بعد أن عرفت الغالبية من المجتمع السوري بأن ما يحصل هو إرهاب وليس عملية إصلاح».
من جهة أخرى، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أي تدخل عسكري في سوريا سيكون بمثابة «عدوان» ينتهك القانون الدولي ويزعزع الوضع في المنطقة. وأضاف، في اجتماع مجلس «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في سوتشي، إنه لا يجوز للمنظمة أن تتجاهل قضية سوريا، موضحاً أن «العصابات التي تنشط على أراضي هذه الدول لم تظهر من العدم ولن تذهب إلى العدم. إن قضية انتشار الإرهاب من دولة إلى أخرى واقعية تماماً وقد تطال مصالح أي من دولنا». وأعلن أن زعماء دول المنظمة أكدوا ضرورة التسوية السلمية للأزمة السورية وعدم جواز شن عدوان خارجي على دمشق.
بكين مستعدة لإرسال خبرائها
في السياق، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، استعداد بلاده لإرسال خبراء ينضمون إلى عملية فحص الأسلحة الكيميائية السورية وتدميرها، موضحاً في الوقت نفسه أن عملية تدمير الأسلحة الكيميائية السورية يجب أن تجري بالتزامن مع التسوية السياسية للأزمة.
أنقرة متخوّفة من «جهاديي الحدود»
من جهة ثانية، أقرّ الرئيس التركي عبدالله غول بتسلل متشددين قادمين من سوريا إلى تركيا، معبّراً، على هامش أعمال الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عن قلقه من اقتراب جماعات جهادية من الحدود التركية.
في سياق آخر، لفت رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، إلى أن 80% من عناصر «الجيش الحر» هم من «المتشددين الإسلاميين والمتطرفين». ورأى أنه «لا يوجد فارق كبير بين تلك التنظيمات المتشددة الموالية للقاعدة وجماعة الإخوان المسلمين». واعتبر «تركيا كغيرها من الدول، تحاول تحقيق أطماعها من خلال أزمات الربيع العربي، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يريد إحياء الإمبراطورية العثمانية». إلى ذلك، أكد رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» في الخارج، هيثم مناع، أن «حجم خسائر سوريا قد تجاوز 350 مليار دولار خلال الثلاثين شهراً الأخيرة»، مرجّحاً أن «يستطيع السوريون تجاوز مأساتهم بنهاية هذا العقد».