قضت محكمة مدنية مصرية، أمس، بحظر أنشطة تنظيم «الإخوان المسلمين» في مصر وجماعة «الإخوان المسلمين» المنبثقة عنه، وجمعية «الإخوان المسلمين» التي أعلنت قبل ثلاثة أشهر من عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، الى جانب حظر نشاط أي مؤسسة متفرعة أو تابعة للجماعة ولأعضائها أو تم تأسيسها بأموالهم. ولم يكتف الحكم بحظر نشاط الجماعة، بل ذهب أيضاً الى التحفظ على جميع الأموال العقارية والسائلة والمنقولة وكافة العقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إلى إدارتها. وطالب مجلس الوزراء بتشكيل لجنة مستقلة لإدارة الأموال والعقارات والمنقولات المتحفظ عليها مالياً وإدارياً وقانونياً الى حين صدور أحكام قضائية بشأن ما نُسب إلى الجماعة وأعضائها من اتهامات جنائية متعلقة بالأمن القومي وتكدير الأمن العام والسلم العام، مع إضافة المصروفات إلى عاتق الخزانة العامة، وهو ما دفع كثير من القانونيين الى تأكيد عدم قانونية الحكم وجنوحه الى السياسة أكثر من القانون، مبررين بأن الحكم خاطب الحكومة وكذلك الأزهر، واعتمد على لغة الخطابة بديلاً من مواد القانون.
وحسب المستشار محمود زكي، نائب رئيس مجلس الدولة، فإن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التي أصدرت الحكم غير مختصة بالفصل في القضية، مشيراً الى أنّ المحكمة تعدّت على الاختصاص الولائي لمحاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة، وأصدرت قراراً حول تشكيل جمعية الإخوان رغم كونه قراراً إدارياً، وتعدّت على الاختصاص الجنائي للمحاكم العادية، فقضت بالتحفظ ومصادرة أموال الجماعة وقيادييها من دون وجود حكم قضائي يثبت عدم شرعية تلك الأموال. ولفت الى أنّ مصادرة الأموال هي عقوبة فرعية وليست أصيلة؛ فعندما يثبت أن تلك الأموال جاءت من مصادر غير قانونية عندها تستوجب مصادرتها. غير أن المحامي عصام الإسلامبولي رأى أن حكم الحل وافق صحيح القانون، وخاصة أن المحكمة تختص بالفصل في القضايا التي يمثل موضوعها ضرورة واستعجالاً وخطراً على المجتمع، مشدّداً على أنّ نشاط الجماعة وما يترتب عليه من انتشار العنف في الشارع يلزمان المحكمة بالتصدي لها واتخاذ قرارات عاجلة.
أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين»، من جانبهم، قللوا من أهمية الحكم، ورأوا أنه لن يترتب عليه أي جديد بشأن وضع الجماعة، وأن الأزمة الحالية هي أزمة سياسية، وستنتهي بمجرد التوصل الى مفاوضات مقبولة بشأنها. وقال محامي الجماعة محمد السيسي لـ «الأخبار» إنه «لا توجد حسابات مسجلة باسم جمعية الإخوان المسلمين في البنوك المصرية، وتطبيق الحكم لن يترتب عليه سوى إغلاق مقر الجماعة في المقطم المغلق فعلياً، لكونه المقر الوحيد المسجل باسم الجمعية في وزارة التضامن الاجتماعي»، مشيراً الى أن باقي مقار الجماعة هي مقار غير مملوكة للجماعة بل مؤجرة لفترة مؤقتة.
ووفقاً لتصريحات صحافية للقيادي الإخواني محمد علي بشر، فإن جماعة «الإخوان» وأعضاءها لا يزالون في انتظار حل سياسي، مضيفاً أنهم سيطعنون في «الحكم، ولكن الأزمة لن تنتهي إلا بحل سياسي يقوم على الشرعية الدستورية»، معتبراً أن «الحكم يأتي في سياق الحل الأمني الذي يساهم في تفاقم انقسام المصريين».
في المقابل، استقبلت الأحزاب المصرية الحكم استقبال الفاتحين، وخاصة حزب التجمع الذي صدر الحكم استجابة لدعوى مقامة من أحد أعضائه، حيث أعلن عقب صدور الحكم تنظيمه لمؤتمر صحافي يوم الأربعاء المقبل لإعلان حيثيات الحكم والخطوات المقبلة لحزب التجمع في مواجهة الجماعة الإرهابية.
ورغم السجالات القانونية حول عدم اختصاص المحكمة التي أصدرت القرار، وأن المحكمة المختصة هي محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة المقرر أن تصدر حكمها في عدة دعاوى قضائية مقامة أمامها لحل الجماعة في جلستي 10 و23 كانون الأول المقبلين، غير أن مصادر حكومية أكدت أن الحكومة ستتخذ من الحكم مخرجاً للاستجابة الى المطالب الشعبية بإصدار قرار بحل جماعة «الإخوان المسلمين». ويبقى من مؤسسات جماعة «الإخوان المسلمين» حزب «الحرية والعدالة» الذي تم إشهاره إبان ثورة «25 يناير»، غير أنه هو الآخر قد يواجه مصير الجماعة نفسه نتيجة وجود عدة دعاوى قضائية متداولة الآن أمام القضاء تطالب بحله، بكونه منبثقاً عن جماعة «الإخوان المسلمين».
وهكذا يبدو كأنها كأس تدور على كل الأحزاب التي تفشل في مهمة إدارة شؤون البلاد، ليكون مصير الحل والملاحقة القضائية لقيادات الحزب بمثابة «لعنة الفراعنة» التي تصيب كل من يتولى السلطة ويحكم كفرعون.
قرار حل جماعة «الإخوان المسلمين» لم يكن مفاجئاً؛ فالأحداث السابقة والقرارات الرئاسية تكشف أن الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور أصدر في 16 آب الماضي قراراً جمهورياً يحمل الرقم 397 يقول نصّه «رئيس الجمهورية، بعد الاطلاع على الاعلان الدستوري وعلى القانون رقم 73 لعام 1956 قرر الآتي: الماده الاولى، وضع جماعة الإخوان المسلمين على اللائحة المصرية للمنظمات الإرهابية. الماده الثانية، إحالة كل من يثبت انتماؤه لجماعة «الإخوان المسلمين» للمحاكمة العسكرية. المادة الثالثة: مصادرة أموال ومقرات جماعة «الإخوان المسلمين» في الداخل».
لذلك لم يأت القرار القضائي بأي جديد، لأن عناصر الجماعة يعاملون كإرهابيين منذ الانتهاء من فض اعتصام ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة»، الذي استمر لأكثر من 45 يوماً تقريباً، خصوصاً أن القرار الجمهوري ينص على إحالة كل من يثبت انتمائه لهذه الجماعة على المحاكمة العسكرية.
«حزب الوطني الديموقراطي» الذي خُلع بدوره من السلطة في انتفاضة «25 يناير»، كان قد سبق جماعة «الإخوان المسلمين» الى مصير الحظر، حيث قررت المحكمة الإدارية العليا في مصر في 16 نيسان من عام 2011 حل الحزب الذي كان يرأسه الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكذلك تصفية أموال الحزب وأملاكه، وإعادة جميع مقاره إلى ملكية الدولة.