مع ذلك، يبدو أن زيارة هولاند، الأولى من نوعها منذ توليه الرئاسة الفرنسية، ورغم أن الطابع النووي الإيراني يغلب عليها، تخفي أهدافاً أخرى يسعى الى تحقيقها، وهي جباية ثمن لمواقفه المتشددة من إيران، اقتصادياً. إذ يرافق هولاند ستة وزراء أساسيين في حكومته، وعدد كبير جداً من رؤساء الشركات الاقتصادية الفرنسية الكبرى وممثلون عنها. ويتخلل الزيارة توقيع عدد من الاتفاقات بهدف تحسين العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، والتي لا ترقى، بحسب تعبير الرئيس الفرنسي، «الى مستوى العلاقات السياسية القائمة حالياً».
وأكد هولاند في حفل استقباله في مطار بين غوريون، أمس، أنه جاء لينقل لإسرائيل رسالة تأييد فرنسا لها، وهو «تأييد يستند الى التاريخ المشترك بين البلدين».
وأكد الرئيس الفرنسي أنه ينتظر «مبادرات» من اسرائيل حول الاستيطان للمساعدة في اعطاء دفع لعملية السلام مع الفلسطينيين.
وقال في مؤتمر صحافي مع نظيره الاسرائيلي شمعون بيريز، في اليوم الأول من زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية: «هناك مبادرات بالفعل من الجانب الاسرائيلي» إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين»، مضيفاً ان مبادرات «أخرى خاصة تبقى متوقعة وخصوصاً في ما يتعلق بالاستيطان».
وتابع إن «فرنسا ستواصل ابداء موقف حازم خلال المفاوضات مع ايران، حتى تتأكد من انها قد تنازلت عن فكرة امتلاك سلاح نووي»، مختتماً حفل استقباله بجملة قالها باللغة العبرية: سأظل دوماً صديقاً لاسرائيل.
وكرر الموقف، اننا «لن نوافق على الإطلاق بأن تمتلك إيران سلاحاً نووياً، لأنه يشكل تهديداً لأمن اسرائيل ولأمن العالم، ونحن نبحث ونريد اتفاقاً، لأننا نعتقد بأن الدبلوماسية هي أفضل الأساليب لتحقيق ذلك، الا ان هذا الاتفاق يتحقق فقط اذا تخلّت إيران والى الأبد، عن السلاح النووي».
من جهة ثانية، أشار هولاند الى أنه سيتناول اليوم في رام الله مع نظيره الفلسطيني محمود عباس، «المبادرات» التي ينتظرها من «الجانب الفلسطيني».
وأضاف «من الملحّ ... إيجاد اتفاق نهائي لسلام عادل ودائم»، مشدداً على أهمية «حل الدولتين» الاسرائيلية والفلسطينية.
وتابع هولاند «اذا اجتمعت كل الارادات، اذا تقاطعت كل القرارات في اتجاه واحد، اذا كانت الشجاعة مشتركة، فستحصلون انتم شيمون بيريز والحكومتان الاسرائيلية والفلسطينية وخصوصاً من يدافعون من دون هوادة عن هذه القضية، على أجمل الانتصارات». أما بيريز فقد حرص على ابداء تقديره الخاص لموقف باريس من الملف النووي الإيراني الذي يمنع طهران من امتلاك أسلحة دمار شامل.
وذكرت القناة الثانية في التلفزيون العبري، ان الرئيس الاسرائيلي، طلب من نظيره الفرنسي، قيادة مبادرة لتفكيك ترسانة ايران من الصواريخ البالستية البعيدة المدى.
وفيما لم تشر القناة الى ردة فعل هولاند، اضافت ان بيريز طالبه، بالتحرك ضد الصواريخ الايرانية، بمبادرة منه وبالتعاون مع الولايات المتحدة وروسيا.
وتساءل أمام ضيفه عن الاسباب التي تحمل ايران على تطوير صواريخ بعيدة المدى، وتحديداً تلك القادرة على حمل رؤوس نووية، مطالباً بضرورة العمل ليس فقط على مواجهة تخصيب اليورانيوم، بل أيضاً على وسائل ايصال السلاح النووي الى أهدافه، والمتمثلة بالصواريخ. وثمّن مواقف الرئيس الفرنسي «الودودة والصديقة» للدولة العبرية، معرباً عن امتنانه «للموقف الحازم والصريح، المؤيد لإسرائيل، والرافض لمظاهر العداء للسامية، وهو موقف يستحق كل احترام وكل تقدير».
ورحب بيريز بدور فرنسي في التسوية السياسية مع الفلسطينيين، مشيراً الى أن «فرنسا تلعب دوراً بناءً تحت قيادة الرئيس هولاند، في عملية السلام مع الفلسطينيين، وتحديداً مساهمتها الفعالة في انشاء بنية تحتية اقتصادية من العلاقات السلمية بين الجانبين».
وأكد الرئيس الاسرائيلي أنه «لا يوجد بديل من السلام»، قائلاً «لا نستطيع ويجب إلا نؤخر السلام. لقد حان الوقت لإجراءات تاريخية لتطبيق الحل الذي نتفق عليه جميعاً» دولتان لشعبين.
بدوره، رحب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالضيف الفرنسي «الصديق لإسرائيل»، مشيراً الى أن فرنسا تعلم جيداً ماهية خطر العناصر والجهات المتطرفة والإرهابية، وقد اتخذت قراراً شجاعاً بإرسال جنودها الى افريقيا لمحاربة الارهاب.
وقال: «وأنا أشيد بموقف فرنسا الحازم تجاه الأوضاع في سوريا، والموقف من المشروع النووي الايراني. إن وجود أسلحة نووية في حوزة إيران سيعرض فرنسا وأوروبا والعالم بأسره للخطر».
وأضاف في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي: «انا قلق، قلق للغاية من ان يتم ابرام هذا الاتفاق (بين ايران والدول الكبرى)، وبجرة قلم سيتم خفض العقوبات الذي استغرق إقراره سنوات على إيران، وفي المقابل فإن إيران لن تكون قد قدمت عملياً أي شيء».
وقال إن «حلم طهران في التوصل إلى اتفاق مع الغرب هو كابوس للعالم».
وقال نتنياهو إن «فرنسا وإسرائيل تتشاركان في علاقات جيدة»، مؤكداً «أننا نرفض التصريحات التي تهدد بتدمير إسرائيل»، و«أن مسؤوليتي هي منع أي هولوكست جديد ضد الشعب اليهودي»، وذلك في إشارة إلى تصريحات القادة الإيرانيين ضد إسرائيل.