أعاد المسؤولون الايرانيون تأكيد تمسّكهم بالحوار مع الغرب لاستكمال المراحل التالية من الاتفاق على السلاح النووي. وقرنوا هذا الإصرار بتشبّثهم بحقوقهم المشروعة. وكانت الحجة الأكثر شيوعاً في أحاديث المسؤولين الايرانيين الذين استقبلوا رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الحوار كان مصلحة غربية مقدار ما هو مصلحة إيرانية، مشيرين الى أن الاتفاق يفتح الباب على استقرار المنطقة.
رئيس المجلس الاعلى للامن القومي علي شمخاني، الذي التقاه بري قبل لقائه رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، شدّد على أنه لم يكن أمام الغرب، مع تصاعد التوتر مع الجمهورية الاسلامية، «إلا أحد أربعة خيارات: الحصار أو الحرب أو انهيار إيران أو الحوار. وكان على إيران ان تختار بدورها بين السيف والحوار. إلا أن الغرب اختار الحوار كذلك». وأكد أن بلاده مرتاحة الى ما تحقق و«مطمئنة الى مستقبلها والمرحلة المقبلة على طريق استكمال المفاوضات»، مشيراً الى أنها «لا تمثّل أي خطر على أحد في المنطقة، بل على العكس، تتوخّى إرساء الثقة مع دول الجوار».
وأضاف: «للحوار أولوية في إيران من أجل استتباب أمن المنطقة، مع إيجاد الوسائل لتجاوز الإشكالات التي تتخبّط فيها، سواء كانت تحت عنوان عرقي، أو عنوان الفتنة السنية ـــ الشيعية، أو عنوان الفتنة العربية ـــ الفارسية. المهم بالنسبة الى مَن يتسبب بهذه الفتن هو أن تكون المستفيدة الوحيدة منها القومية اليهودية كي تبقى هي المسيطرة على سائر القوميات في المنطقة».
وبدا لافتاً أن شمخاني تحدث عن إسرائيل عبر استخدام تعبير «القومية اليهودية» وخطرها. وكان بذلك المسؤول الايراني الوحيد الذي قارب الحديث عن إسرائيل تبعاً لهذا الموقف.
وقال شمخاني لبري: «كما انتصرتم أنتم في محور المقاومة، فإننا في إيران قادرون على أن ننتصر في المرحلة المقبلة عبر ثباتنا على مواقفنا وإصرارنا على خياراتنا واقتناعاتنا». وأكد أن الجمهورية الاسلامية «صاحبة حق في البرنامج النووي وتصرّ عليه، لكنها في المقابل تريد تبديد هواجس الآخرين عبر الحوار». ونظر الى الاتفاق النووي مع الغرب على أنه «انتصار لإيران في ظل ما كانت تتعرض له».
وقال شمخاني إن هناك حاجة الى ما سمّاه «ستاتيكو ناعماً لإيقاف حرب المذاهب في المنطقة بعيداً من القوة»، وأوضح أن الولايات المتحدة فاوضت «لأن لا خيار لها سوى التفاوض بعدما تبين أنها ليست جاهزة للحرب، وأن الرهان على الاستمرار في فرض عقوبات على إيران أخفق».
وأجرى مقارنة بين ما كانت عليه بلاده قبل عقود واليوم، مسهباً في شرح أوضاع المنطقة، ومميّزاً بين «مرحلة الحرب على إيران وتجنيد الاميركيين دول المنطقة لمحاربتها»، وبين «ما أضحى عليه العراق اليوم بعدما دخل حرباً مع إيران». وتوقف عند نتائج التطورات الاخيرة و«الظروف التي أوجبت الاتفاق على الملف النووي».
وتطرق بري الى الوضعين اللبناني والاقليمي، وشرح «المسار الذي بدأ قبل زمن من أجل الوصول بالمؤامرة الى ما وصلت اليه، وهي تحاك اليوم عبر الفتنة في المنطقة وتفتيتها، وقد وصلت الى لبنان». وتحدث عن «احداث شرخ عمودي في لبنان. في الماضي اشتغلوا على الطائفية في هذا البلد، واليوم يشتغلون على المذاهب». وأمل «أن تكون هناك حركة جديدة في اتجاه بعض الدول العربية».
وأثار بري مع شمخاني ما لم يثره مع أي من المسؤولين الايرانيين الذين التقاهم قبلاً، وهو استمرار خطف الامام موسى الصدر «الذي خلق المقاومة في لبنان منذ البداية، وهو مؤسّسها». وتحدث عن ظروف اختفائه في ليبيا، مشيراً الى الجهود التي بذلت في ظل الثورة الليبية بعد إطاحة العقيد معمر القذافي، لكنها «لم تؤدّ الى أي نتيجة بعد».
ورغب من شمخاني، بحكم موقعه الامني المهم وعلاقاته المتشعبة، وكان وزيراً سابقاً للدفاع، في الاضطلاع بدور لجلاء هذه المسألة والمساعدة على كشف مصير الصدر. فردّ بأنه، بالتأكيد، سيدرج الموضوع في جدول أعماله.
وفي اليوم الثالث من زيارته الرسمية لطهران، اجتمع بري بشمخاني ورفسنجاني، وشارك في الاجتماعين الوفد المرافق الذي ضم النواب عبداللطيف الزين وغازي زعيتر وقاسم هاشم وآغوب بقرادونيان وعلي فياض والسفير في طهران فادي الحاج علي.
واستمر الاجتماع مع رفسنجاني ساعة وربع ساعة، أكد خلاله رئيس المجلس على مواجهة مخطط الفتنة الذي يستهدف المنطقة، مشيراً الى أن إسرائيل هي المستفيد الاول منه. ودعا الى العمل من أجل تنقية العلاقات الايرانية ـــ العربية. وتبنّى رفسنجاني طرحه، مشدداً على الحوار والتعاون لجبه هذا المخطط.
وتناولت المحادثات الوضع في سوريا، وأكد الرجلان أن الحوار والحل السياسي هما السبيل الوحيد، وناقشا الوضع اللبناني، وخصوصاً تدفق اللاجئين السوريين على لبنان بما يتجاوز طاقاته وقدراته، والاتفاق الايراني ـــ الغربي.