التقى سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية صباح يوم الأربعاء 29/04/2015 م الآلآف من العمال من مختلف أنحاء البلاد، و شرح واجبات المسؤولين و الأجهزة و المؤسسات و العناصر المختلفة ذات العلاقة بالإنتاج الداخلي، و شدّد على المكافحة الحقيقية للفساد و تهريب البضائع، ملفتاً: مفتاح حل المشكلات الاقتصادية للناس و معضلات مجتمع العمال في البلاد ليس في الخارج بل في الداخل و في تعزيز و ازدهار الإنتاج الداخلي.
و بارك قائد الثورة الإسلامية قرب حلول ذكرى ولادة الإمام علي بن أبي طالب و ذكرى ميلاد الإمام التاسع محمد الجواد (عليهما السلام)، و اعتبر الهدف من اللقاء بالعمال تكريم العمل و العامل، و التركيز على قيمة العمل في أذهان المسؤولين و المجتمع، مردفاً: تقبيل الرسول الأكرم (ص) ليد العامل ليس مجاملة بل هو تعليم.
و أثنى سماحته على متانة و وعي و نجابة المجتمع العمالي في إيران مقابل التحريضات الداخلية و الخارجية المستمرة طوال العقود الثلاثة المنصرمة، منوّهاً: تحمل مجتمع العمال كل الصعاب و المشكلات و بذل جهوده بشكل دؤوب دون انقطاع من أجل تقدم البلاد، و خرج من الامتحان ناجحاً بحق، و على المسؤولين أن يقدروا هذه التضحيات و النجابة بمزيد من جد و العمل لحل مشكلات العمال.
و أشار آية الله العظمى السيد علي الخامنئي إلى المشكلات القائمة في مجال العمل من قبيل إخراج العمال من أماكن عملهم، و البطالة، و تأخر الأجور، و المشكلات المعيشية، مؤكداً: هذه المشكلات لا تعالج بالكلام، إنما تتطلب مبادرات و إبداعات.
و عدّ سماحته تعزيز الإنتاج الداخلي العمود الفقري لحل مشكلات البلاد و تحقيق الاقتصاد المقاوم، مردفاً: البعض يقولون إن ازدهار الإنتاج الداخلي غير متاح في ظروف الحظر و الضغوط، و لا شك في أن الحظر الظالم له تأثير في بروز المشكلات، بيد أن الحظر و الضغوط لا تستطيع بالتأكيد الحيلولة دون الجهود و المساعي العامة و المنظمة و المبرمج لها و الرامیة إلى ازدهار الإنتاج الداخلي.
و لأجل إثبات عدم قدرة الحظر على إعاقة الجهود الداخلية، أشار الإمام السيد علي الخامنئي إلى التقدم المذهل لإيران في مجال الصناعات العسكرية، و تقنيات الأحياء، و بناء السدود، و تقنيات النانو، و الصناعات العلمية المحور، و الصناعة النووية، و سائر المجالات العلمية و الصناعية، مضيفاً: في بعض هذه المجالات كانت ضغوط الحظر أكبر و أشد بكثير، لكنها لم تستطع خلق عقبات و موانع في طريق مساعي الطاقات الداخلية و تقدمها.
و لفت سماحته قائلاً: طبعاً إذا لم يكن الحظر فمن المحتمل أن يكون تقدمنا في بعض هذه المجالات أكبر، و لكن من المحتمل أيضاً أننا كنا في تلك الحالة سنعتمد على أموال النفط و لا نحقق كل ذلك التقدم.
و أوضح آية الله العظمى السيد الخامنئي أن الاهتمام و التركيز على الإنتاج فضلاً عن معالجته للمشكلات الاقتصادية، من شأنه أيضاً أن يبعث على الشعور بالعزة و الاستغناء الوطنيين، مردفاً: تمتين البنية الداخلية للسلطة بما في ذلك على الصعيد الاقتصادي من شأنه تعزيز موقف المفاوضين خلف طاولة المفاوضات، و لو لا ذلك لوضع الطرف المقابل الشروط و القيود دائماً، و لأطلق الكثير من الكلام الاعتباطي الرخيص.
و بعد أن شرح قائد الثورة الإسلامية ضرورة التركيز على ازدهار الإنتاج الداخلي، عرّج على تبيين لوازم و ضرورات تحقيق هذا الهدف الوطني الكبير.
و اعتبر سماحته تعاطف و وحدة كلمة كل العناصر و العوامل ذات الصلة بالإنتاج الداخلي ممهداً لتنحية صخرة كبيرة عن طريق تقدم البلاد، مضيفاً: ليبذل المستثمرون الداخليون بوصفهم من العناصر المهمة لتعزيز الإنتاج الداخلي، إمكانياتهم و أرصدتهم في هذا المجال.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: المستثمر الذي يغض الطرف عن مزيد من الأرباح الناتجة عن السمسرة و النشاطات غير الإنتاجية، و يخوض في تحسين الإنتاج الداخلي، إنما يقوم يقيناً بعمل عبادي.
و عدّ سماحته الإنجاز المتقن و المتين للإنتاج الداخلي حصة العمال المهمة في تعزيز الإنتاج موضحاً: المستهلكون المنصفون بدورهم، و بوعيهم لمصالح البلاد، ليصرفوا النظر عن الماركات و العلامات الإجنبية، و يهبوا لمساعدة العمال من أبناء وطنهم عن طريق استهلاك البضائع الداخلية.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى سعة الأجهزة الحكومية، و أوضح أن الحكومة هي أكبر مستهلك للبضائع، و أكد على وزير العمل: أصروا في الحكومة على أن تكون استهلاكات الأجهزة الحكومية داخلية بالمطلق، و أن تحرّم الحكومة على نفسها استهلاك أية بضائع خارجية كبيرة أو صغيرة، إذا كان لها نظائر داخلية.
و أضاف الإمام الخامنئي بخصوص ضرورة استهلاك البضائع الوطنية داخل الأجهزة و المؤسسات الحكومية: لتحل الحكومة دون التساهل أو لا سمح الله الاستغلال في هذا الجانب.
و عدّ آية الله العظمى السيد الخامنئي الكفاح الحاسم و العملي لتهريب البضائع واحداً آخر من العوامل المؤثرة جداً في تقوية الإنتاج الداخلي.
و أضاف سماحته قائلاً: طبعاً استيراد بعض البضائع تحت تصرف القطاع الخاص، لكن الحكومة بوسعها عن طريق الإشراف على الاستيراد و توجيهه، الحؤول دون تضرر الإنتاج الداخلي.
و اعتبر سماحته النشاط الأكثر و الأشد تأثيراً لوسائل الإعلام في ميدان الترويج لاستهلاك البضائع الداخلية و مسؤولية مجلس الشورى الإسلامي في استقرار قوانين الاستثمار و عدم تغييرها، من العوامل الأخرى لتعزيز الإنتاج مضيفاً: المسؤولون الثقافيون أيضاً ليعملوا بطريقة تجعل نبذ الكسل و الترحيب بالعمل الصعب شيء له قيمته في ثقافة المجتمع العامة.
و دار جانب مهم آخر من حديث قائد الثورة الإسلامية في هذا اللقاء حول موضوع مكافحة الفساد. و انتقد سماحته الكلام المكرر و ترك العمل في مجال مكافحة الفساد مؤكداً: أن تقول «حرامي حرامي» فهذا لن يمنع الحرامي عن السرقة، إنما يجب الحيلولة دون السارق.
و تابع قائد الثورة الإسلامية: مسؤولو البلاد ليسوا صحفاً و جرائد حتى يتحدثوا دوماً عن الفساد، بل ينبغي أن يخوضوا غمار الساحات العملية و يحولوا دون وقوع الفساد بالمعنى الحقيقي للكلمة.
و لخص آية الله العظمى السيد الخامنئي حديثه مؤكداً: مفتاح حل المشكلات الاقتصادية ليس في لوزان و جنيف و نيويورك، بل في داخل البلاد، و على الجميع أن يقوموا بمسؤولياتهم المختلفة في تعزيز الإنتاج الداخلي بوصفه الطريق الوحيد لحل المشكلات الاقتصادية.
و ألمح سماحته إلى مساعي الحكومة و رغبتها في العمل و وجود شخصيات مطلعة في هيئة الوزراء مردفاً: سوف تعالج قضية الإنتاج بمزيد من العمل و الجد إن شاء الله، و ذلك كما عالج الشعب و المسؤولون في إيران خلال العقود الثلاثة الأخيرة مشكلات أكبر من هذه.
في بداية هذا اللقاء و قبيل كلمة الإمام الخامنئي تحدث السيد ربيعي وزير العمل و التعاون و الرفاه الاجتماعي فبارك ذكرى ولادة الإمامين محمد الجواد و علي بن أبي طالب (عليهما السلام) و حيّى أسبوع العمال، قائلاً: مسؤولو مجتمع العمال في البلاد يرون أنفسهم ملزمين بعدم توفير أي جهد لتحسين حياة المحرومين و كذلك حراسة مكتسبات النظام الإسلامي.
و أوضح وزير العمل أن من العناوين الأساسية في منحى وزارة العمل و التعاون و الرفاه الاجتماعي الاستفادة من الفرصة الكبيرة المتمثلة بالطاقات الكفوءة، و دعم المراكز الإنتاجية الصغيرة و العلمية المحور، و السير نحو اقتصاد متدفق داخلياً.
و اعتبر السيد ربيعي أن من الخدمات التي تم تقديمها في الحكومة الحالية (الحادية عشرة) تأمين جميع الإيرانيين، و زيادة تأمين القرويين، و زيادة رواتب العمال على مستوى التضخم، و أضاف قائلاً: تقوية أركان العدالة الاجتماعية و تحسين أوضاع الفئات الاجتماعية المختلفة المهمة الرئيسية لهذه الوزارة.
الإمام الخامنئي يستقبل حشداً من العمال الإيرانيين بمناسبة يوم العامل
نشرت في
التفاسیر