قائد الثورة الإسلامية المعظم يلتقي جمعاً غفيراً من أبناء الشعب.
اعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم سماحة آية الله الخامنئي خلال استقباله صباح الیوم (الاثنین: 2016/08/01) الآلاف من أبناء الشعب الایراني من مختلف محافظات البلاد، المشاکل المعیشیة للشعب هاجساً عميقاً ومستمراً بالنسبة لسماحته، وأكد علی ضرورة الاعتماد علی الطاقات والامکانیات الداخلیة باعتبارها السبیل الوحید لحل مشاکل الشعب، وقال: ان الاتفاق النووي کتجربة، أثبت مرة اخری عدم جدوی المحادثات مع الأميركيين وعدم وفائهم بالعهود وضرورة عدم الوثوق بما یقطعوه من وعود وأثبتت مرة اخری ان تطور البلاد وتحسين الظروف المعیشیة للشعب یتوقف علی الطاقات الداخلیة ولیس الاعداء الذین لاینفکون عن ایجاد العقبات ووضع العراقيل أمام ایران في المنطفة والعالم.
واعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظم حضور مختلف شرائح الشعب الذي یمثل مختلف المحافظات الایرانیة في هذا اللقاء، انما یثبت حقيقة أن الشعب الایرانی ید واحدة رغم الفوارق اللغویة والقومیة والمذهبیة وان جمیع ابناء الشعب یعملون من أجل تقدیم ایران العزيزة کانموذج للبلد الاسلامي بشقیه المادي والمعنوي للعالم وأن تکون ایران ملهمة للشعوب المسلمة الاخری کي تتمکن من خلال السیر علی هذا النهج من مواجهة سیاسات الاستکبار الإستغلالية والمثیرة للخلافات والفرقة.
ووصف سماحته الانجازات العلمية والسياسية والاجتماعية للبلاد بعد انتصار الثورة الاسلامية بانها وفي تقييم منصف جديرة بالاشادة واضاف: ان ايران التي كانت في ظل دكتاتورية نظام بهلوي "تابعة ومتخلفة وذليلة لاميركا وبريطانيا" هي الآن دولة ذات عزة واقتدار تنظر اليها القوى الكبرى كقوة اقليمية وتسعى هذه القوى للهيمنة على طاقاتها وامكانياتها في المنطقة لكنها لا تستطيع ذلك بطبيعة الحال.
واستنادا الى التجربة التاريخية لبناء وازدهار الحضارة الاسلامية، أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم : ان مسار تحول ايران العزيزة الى دولة اسلامية نموذجية بحاجة الى بعض الوقت بطبيعة الحال وكذلك همم وجهود المسؤولين والشعب الدؤوبة.
واكد سماحته بأن الطريق الوحيد لتحول ايران الى دولة انموذج، يكمن في الاعتماد على الطاقات والامكانيات الداخلية وأضاف: إن تحقق هذه الهدف بحاجة الى استراتيجية وتخطيط سليم وجهود دؤوبة وتجنب الكسل والتقاعس وعدم الثقة بالاعداء.
واضاف سماحته: ان الاعداء يختلقون العقبات احيانا في الطريق ويمكن ازالتها بالعقل والحكمة ولكن لا ينبغي الثقة بهم مهما كانت الظروف.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي "تجربة الاتفاق النووي" مثالاً واضحاً لضرورة عدم الثقة بالاعداء واضاف: حتى المسؤولين الدبلوماسيين والذين شاركوا في المفاوضات يكررون اليوم هذه الحقيقة وهي ان اميركا تنقض العهد وهي من وراء كلامها المعسول والناعم منهمكة في اختلاق العقبات وتخريب علاقات ايران الاقتصادية مع الدول الاخرى.
واضاف قائد الثورة الاسلامية المعظم: اننا بالطبع نكرر منذ أعوام موضوع عدم الثقة بالاميركيين ولكن كان من الصعب على البعض القبول بهذه الحقيقة.
واشار سماحته الى المفاوضات التي جرت الاسبوع الماضي بين ايران ومجموعة دول "5+1" في اوروبا وقال: ان المفاوضين الايرانيين ذكّروا الاطراف الاخرى بأنهم ينقضون العهد ولا يلتزمون بتعهداتهم ومازالوا منهمكين باختلاق العقبات.
وتطرق سماحة آية الله الخامنئي الى مضي اكثر من 6 اشهر على تنفيذ الاتفاق النووي وتساءل قائلا: ألم يكن من المفروض رفع الحظر الظالم ليترك تأثيره في حياة المواطنين؟ هل يُشاهد هنالك بعد 6 اشهر تأثيراً ملموساً في حياة المواطنين؟ ألم يكن بإمكان الحكومة القيام بالكثير من الاعمال ان لم يكن نقض العهد من قبل الاميركيين؟.
ولفت سماحته الى تصريحات مسؤولين كانوا يقولون قبل تنفيذ الاتفاق النووي (برجام) بأن الحظر سيُلغى دفعة واحدة بعد التنفيذ، وأضاف: إلا انه يُطرح اليوم موضوع الرفع التدريجي للحظر، لماذا؟.
واشار سماحته الى رسائل سابقة بعثها الاميركيون أعلنوا فيها عن ودّهم واستعدادهم ومواكبتهم واضاف: لقد قلنا قبل نحو عامين بان الشعب سينظر للمفاوضات النووية كتجربة ليرى كيف يتصرف الاميركيون عمليا ولقد تبين الان بانهم، وعلى النقيض من عهودهم، منهمكون بالتآمر والتخريب.
ونوه سماحة آية الله الخامنئي بالتجربة التي اكتسبها الشعب الايراني من سلوك اميركا في قضية الاتفاق النووي وقال: انهم يقولون لنتفاوض حول قضايا المنطقة ايضا الا ان تجربة الاتفاق النووي تقول لنا بأن هذا العمل بمثابة السم القاتل ولا يمكن الثقة بكلام الاميركيين في اي قضية كانت.
وتابع سماحته قائلا: لو كان عدو الانسان ملتزما بكلامه على الأقل لكان بالامكان التفاوض معه في بعض الامور، ولكن لو كان مثل الاميركيين مخادعا ولا يتوانى عن نقض العهد خلافا لابتسامته الظاهرية، فلا يمكن ولا ينبغي التفاوض معه، وان هذه الحقيقة هي السبب في معارضتي المستمرة للتفاوض مع الاميركيين.
واعتبر سماحته ان المشاكل والتحديات الاقليمية بين ايران واميركا غير قابلة للتفاوض والحل وقال: ينبغي علينا بعزيمة راسخة التحرك في الطريق الصحيح للتقدم المادي والمعنوي في البلاد، وحينها سنرى جميعا بان العدو يركض وراءنا وليس نحن الذين نركض وراءه.
واشار سماحته الى تصريحات المسؤولين الدبلوماسيين واضاف: ان الاميركيين يريدون ان يحصلوا على كل شيء وان لا يعطوا اي شيء وان التفاوض مع مثل هذه الحكومة يعني "الانحراف عن الطريق الصحيح لتقدم البلاد، ومنح الامتيازات المتتالية، وتحمل الغطرسة والمخالفة ونقض العهد".
ونوه قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى تعبير الامام الخميني (رض) الرائع بأن اميركا هي الشيطان الأكبر، وأضاف: إستناداً إلى الآيات القرآنية، فإن الشيطان يقول لأتباعه يوم القيامة لوموا أنفسكم لأنكم وثقتم بوعودي الكاذبة، واليوم فإن التغافل عن حقيقة زيف وعود أميركا والوثوق بها، هو مصداقٌ لنفس هذا الأمر.
ودعا سماحته شباب ومثقفي البلاد للتمعن في سياسات البلاد تجاه اميركا واضاف: ان هذه السياسات تبلورت على اساس التجربة ومعرفة العدو والمعرفة الحقيقية لأوضاع البلاد والمنطقة والعالم.
وفي جانب آخر من كلمته جدد سماحته التأكيد على ضرورة إتكاء المسؤولين نظرياً وعملياً على الإمكانات والطاقات الداخلية المستعدة والكثيرة، معتبراً سماحته إحياء ورش العمل الصغيرة والمتوسطة والإهتمام بالإقتصاد العلمي المحور، يقلل بشكل ملحوظ من المشاكل الراهنة.
ودعا سماحته الشعب لإستهلاك البضائع المحلية كالأدوات المنزلية وأضاف: للأسف رغم التأكيد على ضرورة منع دخول السلع التي لها مشابهاً محلياً، لكن الأسواق مملوءة بالسلع الأجنبية ويتعرض الإنتاج المحلي للضغوط.
وشدد سماحته على ضرورة التصدي الحازم للمهربين الأساسيين وإتلاف السلع المهربة بكميات كبيرة وأضاف: إستمرار الوضع الراهن للإنتاج الداخلي، يعني بطالة الشباب، زيادة الركود ومشقة معيشة الشعب، وهذه الأمور لا يمكن حلها بالتواصل مع أميركا وأوروبا، بل يجب على المسؤولين المبادرة لحلها.
وأعتبر سماحته مشاكل معيشة الشعب هاجساً عميقاً ودائماً له وأضاف: كافة الإستشارات مع أصحاب الرأي تبيّن بأن الطريق الوحيد لحل هذه المشاكل يتوقف على الإهتمام والإتكاء على الطاقات والإمكانيات الداخلية.
وأعتبر سماحته توافد التجار الأجانب خلال الأشهر الأخيرة، بأنها لم تجد نفعاً حتى الآن على الأقل وأضاف: هدفهم هو السيطرة على الأسواق الداخلية في حين يجب أن تثمر هذه الزيارات بإستثمارات حقيقية ونقل التكنولوجيا الحديثة.
وأشار قائد الثورة الاسلامیة المعظم الی قضایا واوضاع المنطقة الصاخبة، وفي معرض تحلیله الإجمالي لهذه الاوضاع، قال سماحته: ان بصمات امیرکا واضحة علی جمیع هذه القضایا.
ووصف سماحته إجهار الحکومة السعودیة بعلاقاتها مع الکیان الصهیوني، بالخنجر الذي طعن ظهر الأمة الاسلامیة وقال: ان ما قام به السعودیون هو خطیئة وخیانة کبری، لکن الاميرکان کان لهم ایضاً دوراً في هذا الخطأ الکبیر، من حیث ان الحکومة السعودیة عمیلة لهم وتحت اُمرة الإدارة الامریکیة.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية المعظم، العدوان على اليمن والقصف المستمر "للمنازل والمستشفيات والمدارس" ومواصلة قتل الاطفال، جريمة كبيرة اخرى للنظام السعودي وقال: ان هذه الجرائم تجري باسلحة اميركية وضوء اخضر منهم.
وأضاف سماحته: للاسف انه حتى عندما تعتزم منظمة الامم المتحدة بعد وقت طويل ادانة هذه الجرائم، يقومون بغلق فمها بالمال والتهديد والضغط.
وقال قائد الثورة الإسلامية المعظم: ان امين عام الامم المتحدة المخزي قد اعترف ايضا بهذه الضغوط ولكن كان عليه التنحي بدلا من الاعتراف، لا ان يبقى ويخون البشرية.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي قضية البحرين ودخول قوات عسكرية اجنبية اليه لفرض الضغوط على شعب هذا البلد مثالا آخر للاجراءات المدعومة من جانب اميركا وأضاف: ان الحكومة السعودية اليوم هي بيد افراد لا يتصفون بالحكمة ولكن التحليل الدقيق للامور يكشف بأن يد اميركا ضالعة في كل هذه القضايا.
كما اشار سماحته الى دور الاميركيين في ايجاد وتقوية الجماعات التكفيرية بهدف اثارة الخلافات في صفوف الامة الاسلامية، ولفت الى ترويج "الاسلام الأموي والمرواني" وتشويه سمعة "الاسلام الحقيقي" واضاف: ان الاميركيين يدّعون بانهم شكلوا تحالفا ضد الجماعات التكفيرية في حين انهم لا يقومون باجراء مؤثر ضدها ووفقا لبعض التقارير فانهم يقومون بتقديم الدعم لهذه الجماعات ايضا.
وتابع قائد الثورة الاسلامية: بالطبع ان الجماعات التكفيرية قد ارتدت اليوم على حماتها لانه وفقا للمثل القائل "من يزرع الريح يحصد العاصفة".
وكحصيلة لتصريحاته، اعتبر سماحته، اميركا بانها المثيرة لمشاكل المنطقة او العاملة على تصعيدها واكد: ان شعوب المنطقة قادرة على حل هذه القضايا ونحن اذ ندعو حكومات المنطقة نذكّرها بان اميركا لا يمكن الوثوق بها وتنظر الى الحكومات العربية كأداة للحفاظ على الكيان الصهيوني وتحقيق مصالحها الاستكبارية في المنطقة.
واعتبر سماحته طريق الحل لقضايا المنطقة بانه يكمن في "اتحاد الشعوب والحكومات المسلمة" و"الصمود امام الاهداف الاستكبارية لاميركا وبعض الحكومات الغربية" واضاف: ينبغي معرفة هذه الاهداف والوقوف امامها وان شعبنا صامد في هذا المسار بقوة وصلابة.
واكد قائد الثورة الاسلامية المعظم انه ورغم كل محاولات الاميركيين الا ان مخططاتهم وبرامجهم قد انكشفت وان اميركا آيلة الى المزيد من الضعف في المنطقة يوما بعد يوم.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي عداء اميركا بانه ليس مقتصرا على الجمهورية الاسلامية الايرانية واضاف: هنالك في قضايا تركيا اتهام قوي بان محاولة الانقلاب قد نفذت بتدبير وتحضير من الاميركيين ولو ثبتت هذه القضية فانها ستشكل فضيحة كبرى لاميركا.
واشار سماحته الى علاقات تركيا الجيدة مع اميركا كحليف اقليمي واضاف: ان الاميركيين يعارضون الاسلام والتوجه الاسلامي، لذا فانهم يدبرون الانقلاب في تركيا نظرا لوجود مثل هذا التوجه فيها.
واكد قائد الثورة الاسلامية المعظم: بطبيعة الحال فقد تم قمع هذا التحرك واصبحت اميركا مكروهة لدى الشعب التركي وان الاميركيين آيلون الى الضعف الآن على هذه الشاكلة في العراق وسوريا وسائر المناطق ايضا.
واشار سماحة آية الله الخامنئي الى الوعد الالهي الأكيد بنصرة انصار دين الله واضاف: ان جميع المشاكل ستزول لو تفاءل الشعب الايراني بهذا الوعد المحسوم ووفر تمهيداته اللازمة.
وشارك في هذا اللقاء شرائح مختلفة من أبناء محافظات آذربيجان الغربية وأردبيل وسيستان وبلوشستان ولرستان وكرمان وكرمانشاه.