ليس صعبا التكهن بأن تركيا تراقب بقلق مرحلة اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، ونشر المراقبين من جانب مجلس الأمن الدولي.
ومبعث القلق ليس الخشية من انهيار هذه الخطوة بقدر نجاحها. وذلك لسبب بسيط يورده الكاتب التركي المعروف سامي كوهين، وهو أن حكومة رجب طيب اردوغان لا تريد لخطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان أن تنجح، إذ انها توفر حلا مع الرئيس السوري بشار الأسد، فيما العنوان العريض لسياسة تركيا الحالية هو انه لا يمكن التوصل إلى حل للأزمة في ظل بقاء الأسد في السلطة.
وقد أكدت هذه الشكوك بخطة انان تصريحات جديدة لأردوغان من بنغلادش، حين قال «إنني لست على قناعة بأن خطة أنان ستنفذ. ليس من شيء من ذلك حتى الآن».
وقال اردوغان، وفق «خطة طريق» خاصة بتركيا، انه لا يكفي سحب الدبابات السورية من المدن وتمركزها في الأرياف بل يجب «عودة الدبابات إلى الثكنات». ودعا إلى «إجراء انتخابات نيابية واحترام نتائجها كائنا من يخرج من صناديق الاقتراع. ولتحترم إرادة الشعب. هذا جوهر القضية».
وأعلن اردوغان، ان اول عمل سيقوم به بعد زيارته السعودية، هو زيارة مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، ولا سيما مخيم البيوت الجاهزة في «أونجو بينار».
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو أن أنقرة بدأت تلقي المساعدات الدولية المرسلة إلى اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها. وأوضح مصدر دبلوماسي ان مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين أرسلت 1500 خيمة وكمية من الأغطية إلى تركيا هذا الأسبوع.
يقول كوهين، في مقالته في «ميللييت»، إن الصورة التي ظهرت بها تركيا في الآونة الأخيرة على الساحة الدولية هي صورة الصقر المتشدد، وسط تساؤل عما يجبر الحكومة التركية على ذلك.
وأكثر من ذلك يقول كوهين انه خارج مسألة إقامة «منطقة عازلة أو أمنية» فإن الانطباع عن صورة تركيا المتحمسة لتدخل عسكري يقوى يوما بعد يوم، خصوصا بعد إطلاق النار عبر الحدود التركية على مخيمات اللاجئين، وتصريحات المسؤولين الأتراك عن الرد بالمثل.
ويتابع كوهين إن بيان حلف شمال الأطلسي بأن حماية حدود تركيا هي مسألة أطلسية وفقا للمادة الخامسة من نظام الحلف، يضيق الخناق أكثر على الدبلوماسية التركية ويحرجها. وينصح الكاتب «الحكومة التركية بالابتعاد عن التوتر والتصرف بهدوء وبدم بارد، وحذر من النقطة التي وصلت إليها الأزمة السورية».
ويرى غونيري جيفا اوغلو، في الصحيفة نفسها، أن موقف «الأطلسي» بالنسبة للحدود التركية مع سوريا جاء ليبرّد الرؤوس الحامية في تركيا، ويحول دون أن تتفرد أنقرة بالتدخل العسكري. ولاحظ أن تصريحات المسؤولين الأتراك قد بردت في الساعات الأخيرة، وهذا أمر جيد. وقال انها «محاولة للتفكير على مستوى عالمي عندما تكون اللعبة إقليمية».
وفي صحيفة «راديكال» كتب قوراي تشاليشقان ان «هناك ألف سبب كي لا تستطيع تركيا التدخل العسكري في سوريا. من ذلك البيئة الاجتماعية السورية، حيث تعارض الأقليات، التي تمثل 40 في المئة من السوريين، كما البورجوازية السنية، مثل هذا التدخل وإحلال الإخوان المسلمين في السلطة». ويقول ان «تركيا تتعاون مع السعودية من أجل إيصال الإخوان المسلمين الى السلطة، وهو ما ترى فيه مجموعات سورية واسعة خطرا على سوريا».
ويقول تشاليشقان ان الولايات المتحدة لا تريد حربا في سوريا لأن ذلك سيضرب أسعار النفط، وحينها ستتأثر الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة وتتراجع حظوظ التأييد للرئيس الأميركي باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية. وينتقد الكاتب مواقف الحكومة المنقلبة من «أخي الأسد» إلى السعي لتغيير النظام في دمشق. ويقول ان على الحكومة ألا تنسى ان تغيير النظام في سوريا ليس سهلا مثل تغيير النظام التعليمي في تركيا، موضحا ان المشكلة ان الحكومة تطبق في السياسة الخارجية المعايير التي تطبقها في سياساتها الداخلية.