يشهد الشارع التركي تحركا شعبيا مؤازرا لقطر ورافضا للإجراءات المتخذة ضدها، وهو ما أظهره حجم التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدة وقفات ومسيرات شهدتها مدينة إسطنبول.
تحولت العاصمة التركية أنقرة إلى أحد المراكز الفاعلة في التعامل مع الأزمة الخليجية الراهنة التي نشبت عقب إعلان ثلاث دول خليجية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وفرض حصار اقتصادي وسياسي عليها.
واتخذ الحراك التركي النشط مسارين: دبلوماسي يسعى لرأب الصدع الذي خلقته الأزمة في علاقات دول المنطقة، سرعان ما تطور إلى مسار أكثر فاعلية جسدته خطوات وإجراءات تمنع استفراد حلف المقاطعة بالدوحة.
كما أظهرت الخطوات التركية المتلاحقة حالة من التوافق الكبير بين المستويات الرسمية في الحكومة والمعارضة وبين الدولة والشارع التركي المتضامن مع قطر.
خطوات متتابعة
وبعد ساعات قليلة من إعلان السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين قطع علاقاتها مع قطر، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني سيغمار غابرييل في أنقرة استعداد بلاده للتوسط لحل الأزمة وتطبيع العلاقات بين دول الخليج.
وما لبثت أن توالت المواقف التركية الرسمية الداعية لاحتواء الأزمة، إذ أصدرت الخارجية التركية بيانا عبرت فيه عن استعداد أنقرة للقيام بكل مسؤولياتها لحل الخلاف، بوصفها ترأس دورة منظمة التعاون الإسلامي.
ودخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سريعا على خط الأحداث، فأجرى عدة اتصالات ثنائية مع قادة دول الخليج العربي، فهاتف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي اضطلع بجهود للتوسط في الأزمة.
كما تعهد أردوغان بمواصلة دعم قطر، ودعا إلى رفع تام للحصار الذي تفرضه دول خليجية عليها، رافضا الاتهامات الموجهة للدوحة بأنها تمول جماعات إرهابية.
ولجأت أنقرة لخطوات دبلوماسية دوليا، فتباحث أردوغان هاتفيا حول الأزمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما استقبلت أنقرة على عجل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لبحث ما وصف "بالقضايا المقلقة في المنطقة".
دولة محورية
ورأى الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزغان أن تحرك تركيا النشط لحل الخلاف الخليجي يرجع إلى كونها الدولة المحورية الوحيدة المؤهلة للتوسط، نظرا لقربها من قطر من جهة، وعدم وجود خلافات بينها وبين السعودية التي تعد العمود الفقري لدول المقاطعة من جهة أخرى.
لكنه رأى أن نجاح الجهود التركية يتوقف على إرادة بقية أطراف الخلاف، في ظل توتر العلاقات المعروف بين أنقرة والقاهرة، وفي ظل غموض المزاج الإماراتي إلى الآن حيال التدخل التركي.
وفي تطور لاحق، صادق البرلمان التركي بناء على دعوة عاجلة من الحكومة الأربعاء وبالأغلبية على الاتفاقيات المتعلقة بتعزيز التعاون العسكري بين أنقرة والدوحة، التي تسمح بنشر قوات تركية على الأراضي القطرية.
ويأتي تصديق البرلمان تحسبا لأي تطورات في المنطقة في ضوء الأزمة الخليجية الراهنة، وضمن اتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين في 28 أبريل/نيسان من العام الماضي، ودخل هذا القانون حيز التنفيذ بمصادقة الرئيس أردوغان عليه الخميس الماضي.
وتظهر سرعة إقرار الاتفاقيات التركية القطرية وإدخالها حيز التنفيذ خلال أقل من 24 ساعة مستوى الجدية التي تتعامل بها أنقرة مع الأزمة الخليجية، وفق ما أكده ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم.
رسالة واضحة
وقال أقطاي إن تركيا ترتبط بعلاقات أخوة وثيقة جدا مع قطر، ولن تسمح بفرض العزلة عليها، مبينا أن سرعة إقرار قانون تمركز القوات التركية في قطر رسالة واضحة من بلاده حول هذا الأمر.
وأشار المسؤول التركي إلى أن أنقرة ترد للدوحة جميلا قدمته الأخيرة سابقا لها، في إشارة إلى وقوف القطريين إلى جانب تركيا ومساندتهم في مواقف سابقة.
وإلى جانب هذه الخطوة، أعلنت جمعية المصدرين الأتراك استعدادها لتزويد قطر بالمواد الغذائية والماء لتعويض المصادر التي قطعت عنها بسبب الحظر الجوي والبحري الذي فرضه تحالف المقاطعة على الدوحة.
كما يشهد الشارع التركي تحركا شعبيا مؤازرا لقطر ورافضا للإجراءات المتخذة بحقها، أظهره حجم التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدة وقفات ومسيرات شهدتها مدينة إسطنبول الخميس.