في ثنايا الكتاب ردود رائعة على الفكر الإرهابي، مثل الردود على فتاوى سفك الدماء وتوجية الزكاة لدعم عمليات الإرهاب، أو حصر مفهوم الجهاد على القتال كما يزعم الإرهابيون، وحرمة الدماء تشمل كما قال الكتاب دماء المسلمين والمسيحيين ورجال الشرطة والجيش، وطالب الكتاب المصريين والمسلمين عموماً بضرورة الاصطفاف الوطني والدولي والإنساني، في مواجهة ذلك الخطر الداهم، والذي سيحرق بناره مموّليه وداعميه، وأكّد الكتاب أن الإرهابيين لا دين ولا قيم وأخلاق لديهم.
في خطوة جيّدة وجريئة ونافعة، قامت وزارة الأوقاف بإصدار ونشر كتاب يحمل اسم "ضلالات الإرهابيين وتفنيدها"، وهو من تأليف الدكاترة الأزهريين : محمّد سالم أبو عاصي - هاني سيّد تمام - ياسر أحمد مرسي - حمد الله حافظ الصفتي وإشراف الدكتور محمّد مختار جمعة وزير الأوقاف، والكتاب الذي جاء في 21 مبحثًاً، ويقع في 107 صفحات، وهو من عناوينه يشرح ويشرّح الفكر الذي يعتمد عليه الإرهابيون في إرهابهم، وهي خطوة جريئة وجيّدة، ولكن عليها بعض الملاحظات، وهي ملاحظات لا تقلّل من جهود المؤلّفين ولا من جهود وزير الأوقاف، ونحن لا نعرض الكتاب بقدر ما نتوقّف على تلك الملاحظات، الكتاب يحتوي على مقدّمة و21 مبحثاً كما قلنا.
وهي:- مقدّمة حول الإرهاب ومخاطره - الردّ على حصر مفهوم الجهاد على القتال عند الإرهابيين - الردّ على ضلالة وصف المجتمعات الحالية بالجاهلية - الردّ على ضلالة التكفير بالمعاصي - الردّ على ضلالة تكفير الحكّام والخروج عليهم - الردّ على ضلالة الفهم الخاطىء للحاكمية - الردّ على ضلالة حتميّة فرض الجزية على غير المسلمين - الردّ على استباحة الجماعات الإرهابية حرمة الدم بكافة أشكاله - الردّ على ضلالة استباحة تدمير الآلات والمركبات الخاصة بالجيش والشرطة - الردّ على ضلالة تشجيع عناصرهم الضالّة على حمل السلاح وترويع الآمنين - الردّ على ضلالة إشاعة الفوضى من خلال التظاهر السلمي - الردّ على ضلالة الدعوة إلى قطع الطرق وتعطيل المواصلات - الردّ على ضلالة الدعوة إلى الإضراب عن الطعام للضغط على الحكومات قصد الوصول إلى الفوضى وهدم الدولة - الردّ على ضلالة الدعوة إلى توجيه الزكاة إلى دعم أعمالهم الإرهابية التي يصفونها بهتاناً وزوراً أنها جهاد - الردّ على ضلالة دعوة هذه الجماعات إلى العصيان المدني قصد إسقاط الدولة - الردّ على ضلالة استخدام وسائل التواصل الإجتماعي والوسائل الإعلامية في زعزعة الأمن وتشويه الدولة ورموزها الوطنية - الردّ على ضلالة استعداء القوى الخارجية والمنظمات الدولية على أوطانهم - التشكيك في مشروعية الدولة الوطنية - الردّ على ضلالة استباحة هذه الجماعات لدماء العلماء والنيل منهم وتشويه صورتهم - العمل على أدلجة العلماء والمثقّفين بأيدولوجلياتهم المتطرّفة - وجوب حماية المجتمع من التطرّف - كيف تحمي أبناءك من الإرهاب.
هذه هي مباحث الكتاب، وفي ثنايا الكتاب ردود رائعة على الفكر الإرهابي، مثل الردود على فتاوى سفك الدماء وتوجية الزكاة لدعم عمليات الإرهاب، أو حصر مفهوم الجهاد على القتال كما يزعم الإرهابيون، وحرمة الدماء تشمل كما قال الكتاب دماء المسلمين والمسيحيين ورجال الشرطة والجيش، وطالب الكتاب المصريين والمسلمين عموماً بضرورة الاصطفاف الوطني والدولي والإنساني، في مواجهة ذلك الخطر الداهم، والذي سيحرق بناره مموّليه وداعميه، وأكّد الكتاب أن الإرهابيين لا دين ولا قيم وأخلاق لديهم، وأن مواجهة الإرهاب والتطرّف وفضح مؤامراتهم وكشف زيفهم وضلالاتهم، ونشر قيم التسامح وروح الولاء والانتماء الوطني، هدفاً استراتيجياً لها خلال المرحلة المقبلة، وهي أمور لا يختلف عليها أحد، ونتّفق معها، خاصة في ما يتعلق وجوب حماية المجتمع من التطرّف وحماية الأبناء من الفكر الإرهابي.
ولكن الملاحظ أن الكتاب عاد للأصول الفكرية للتراث الذي نقوم بنقده، مثلاً تحريم الخروج على الحاكم، وهو هنا يُدين الشعب المصري الذي خرج على حسني مبارك وأسقطه، كما خرج على جماعة الإخوان وأسقطها، كذلك حرّم الكتاب التظاهر السلمي والعصيان المدني وحتى الإضراب عن الطعام تم تحريمه، ربما خوفاً من اندساس الإرهابيين بين المتظاهرين، وهو أمر يخالف ما استقرّت عليه الدساتير والقوانين والأعراف الدولية، فيما يخصّ تنظيم حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، إلا أن الكتاب أنكر دخول الجماعات الإرهابية فيها، واستغلالها على نحوٍ يحقّق أطماعهم وأحلامهم، في إشاعة الفوضى، والتخريب، وهدم الدول، ومثال ذلك ما حدث في عهد عثمان بن عفّان، وفتحت باب الفتنة، التي اشتعلت في زمن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، عندما خرج عليه معاوية مفرّقاً الأمّة وممزّقها حتى اليوم، ثم ظهرت طائفة الخوارج، ولكن هذا كلام ليس بحجّة، لأن الفتنة الكبرى لها أسبابها التي تحتاج لكتب مستقلة.
وليس في الفتنة الكبرى أية فكرة تمنع أو يحرّم الخروج على الحاكم إذا خرج عن الطريق، ولكن على العموم استقرّ الأمر في كتب التراث على تحريم الخروج على الحكّام الظالمين حتى لو ضربوا ظهور الناس وأخذوا أموالهم، ولكن حدثت مشكلة سقوط دولة وظهور دولة، وهنا برّر الفقهاء هذا الأمر كما قال أبو الحسن الماوردي في كتابة "الأحكام السلطانية": "لو خرج على الخليفة خارج وقتله ونصّب نفسه خليفة، فلا يبيّتن مسلم إلا وفي عنقه بيعة له".
ولذلك لم نشهد ثورات ضد ّالطغيان إلا قليلاً ربما على يد بعض العلماء مثل أبو حنيفة النعمان والعز الدين بن عبد السلام، وهم قلّة معارضين لم يصلوا لحد الثورة، وعلى كل حال لا تنفي الأصل الذي يحرّم الخروج على الحكّام، وهو الفكر الذي عاد الكتاب إليه، كما كنا نرغب أن يكشف الكتاب جهاراً نهاراً على الفكر الفقهي الذي يقود الشباب للإرهاب، وهو الفكر الوهّابي الخوارجي السعودي التيموي نسبة لابن تيمية، الكتاب أشار إليها بالإيماء، وكنا نريدها علنية، فالكتاب رغم أنه خطوة جيّدة، لكنها غير كافية، يجب أن يوجد بالكتاب ما يفيد بالدور الوهّابي|السعودي، وارتباط الإرهاب بدوائر المخابرات الصهيونية|الاستعمارية، نتمنّى أن يصدر الكتاب في طبعة جديدة فيه مثل هذه الإضافات، وعلى الله قصد السبيل.