تتميز بعض مساجد الجزائر في شهر رمضان، بتقاليد يعود تأريخها لعدة قرون، أبرزها قراءة القرآن طيلة أيام وليالي هذا الشهر. ورغم انحسار هذا التقليد مؤخراً إلا أن بعض المساجد في الجنوب مازالت تحافظ عليه إلى اليوم.
في مسجد "سيدي عبد الله العتيق" بمدينة "أدرار" (1400 كم جنوب غربي العاصمة) يبدأ طلبة المدرسة القرآنية الملحقة بالمسجد في قراءة القرآن مباشرة بعد ثبوت رؤية هلال رمضان.
وينقسم الطلبة إلى 10 أفواج يتوزعون بين ساعات الليل والنهار حيث يقرأ كل فوج القرآن لمدة ساعة.
ويقول امام المسجد، بلعربي زين العابدين للاناضول "أسس المسجد قبل 5 قرون، ومنذ تأسيسه يحتضن زاوية لتدريس القرآن وفي 1290 هجرية قام الشيخ سيدي حسان بوليفي بتأليف حلقة الطلبة التي تتلو كتاب الله طيلة أيام شهر رمضان".
وأضاف "مباشرة بعد ثبوت رؤية هلال رمضان يقوم شيخ الزاوية بتقسيم الطلبة إلى 10 مجموعات يكون هو عضواً في إحداها وتبدأ المجموعة الأولى في تلاوة كتاب الله ثم تأتي مجموعة ثانية بعد ساعة ونصف لتأخذ مكان المجموعة الأولى وهكذا على مدار ساعات اليوم".
وتابع "يتهافت العشرات من حفظة كتاب الله على المسجد كل رمضان للمشاركة في هذا التقليد، وبينما يستظهر حفظة كتاب الله القرآن، يقوم أناس عاديون بالمشاركة لكن بالقراءة من المصحف".
وفي المسجد الاباضي العتيق بمدينة غرداية (600 كم جنوب العاصمة) يعمل طلبة القرآن والعلوم الشرعية بالمسجد الذي أنشئ قبل 1000 سنة بتقليد عمره 5 قرون على الاقل، وهو تلاوة القرآن على مدار الساعة في المسجد بلا توقف أو انقطاع، ليلاً ونهاراً في عمل فريد.
ومنذ القرن 11 للهجرة، يحيي طلبة العلوم الشرعية على المذهب الاباضي بالمسجد الكبير العتيق بغرداية ليالي وأيام رمضان بالطريقة ذاتها التي بدأت قبل 5 قرون.
ويقول "بازين بابكرن" أحد طلبة المسجد "ينطلق هذا التقليد القديم من فكرة اعتبار شهر رمضان شهراً للقرآن، و يجسد التزامهم بإحياء سنن رمضان أو شهر القرآن، ما يقولون بأنه أعمال بر وسنن ثبتت عن الرسول(ص) والسلف الصالح".
ويقول الدكتور هارون بن مرابط، باحث في تاريخ المغرب الاسلامي "أعتقد أن تلاوة القرآن على مدار الساعة هي تقليد بدأه قبل قرون عديدة بعض مشايخ الاسلام على المذهبين الاباضي والمالكي ".