حذر وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف واشنطن من أنّ بلاده تملك خيارات عدة في حال تم نقض الاتفاق النووي بشكل جدي، وبينها الانسحاب من الاتفاق.
وفي مقابلة مع مجلّة "ناشيونال إنترست" الأميركية، قال ظريف في الذكرى الثانية للتوقيع على الاتفاق النووي رداً على سؤال بشأن النقض الأميركي لروح الاتفاق النووي مع إيران، قال ظريف: "حسناً، لقد اتخذنا مساراً محدداً تم وصفه في الاتفاق النووي، أي الرجوع الى اللجنة المشتركة للاتفاق النووي. وسوف نناقش ذلك في اللجنة المشتركة للتأكد من معالجة أوجه الانتهاكات التي تقوم بها الولايات المتحدة. وقد كان هذا موضوع نقاش مستمر داخل اللجنة المشتركة، ليس فقط أثناء إدارة ترامب ولكن أيضاً خلال إدارة أوباما السابقة، عندما أخذت الولايات المتحدة، على سبيل المثال، عدة أشهر لتمرير شراء الطائرات. استغرق الأمر وقتاً أطول من الولايات المتحدة لتصفية شراء طائرات "إيرباص" مما استغرقته لشراء طائرات بوينغ. ولكن على الرغم من ذلك استغرق الأمر نحو تسعة أشهر، واستغرق الأمر بالنسبة للبوينغ حوالي أربعة أشهر، والتي كانت في رأينا طويلة جداً. لذلك أخذنا القضية إلى اللجنة المشتركة. وقد تم علاج بعض الأجزاء.. وبعضها لم يعالج. وهذا هو الطريق المفتوح لنا الآن".
وأضاف: "إذا كان الأمر يتعلق بانتهاك كبير، أو بتدنٍ كبير في الأداء في شروط الاتفاق النووي، فلدى إيران خيارات أخرى متاحة، بما في ذلك الانسحاب من الصفقة".
وحول هذا الخيار أوضح وزير الخارجية الايراني: "إن قصدي هو أنه اذا كان الخروج من الاتفاق النووي أحد الخيارات، فإن طريقه مفتوح أمامنا كذلك"، مشيراً إلى ذلك كخيار أخير.
قال ظريف "بدأنا عملية تفاهم ليس فقط مع الولايات المتحدة، بل مع مجموعة الـ 5 +1، أيّدها مجلس الأمن الدولي. كما قلنا في السابق نريد للاتفاق النووي أن يكون أساساً وليس سقفاً. ولكن ليكون هناك أساس متين يجب أن نتأكد بأن جميع الأطراف نفّذت واجباتها. عندما نحقق هذا الأمر، عندها ينفتح المجال لمزيد من التقدم".
الصراع في الشرق الأوسط
وحول ما كتبته صحيفة نيويورك تايمز بأن ايران هي الرابحة وأن أميركا خرجت خاسرة من العراق، قال ظريف: إننا نرى الأوضاع الراهنة في منطقتنا ليست معركة من أجل النصر أو الهزيمة. إنها حالة أدى فيها الغزو الأميركي للعراق إلى خسارة الجميع. لأننا نعتقد أن الوضع في عالم اليوم مترابط جداً بحيث لا يمكن أن يكون لدينا الرابحون والخاسرون؛ ونحن إما نفوز معا أو نخسر معاً. ومن الواضح أنه إذا عرفت إدارة أو حكومة أو بلد مصالحها من حيث استبعاد الآخرين، فإنها تحدد المشكلة بطريقة لا يمكن حلها. وأعتقد أن منطقتنا تتطلب حلولاً وينبغي أن تنبع تلك الحلول من نهج مختلف إزاء القضايا".
وحول الاتهامات بالسيطرة الإيرانية على العراق، قال ظريف: "لا أحد يستطيع السيطرة على بلد آخر. وحتى بالنسبة للقوة العظمى التي تدعي السيطرة على بلد آخر ستكون مبالغة جداً ومضللة. لقد هرعت إيران إلى مساعدة العراقيين، وليس فقط الشيعة، ولكن الجميع. بالنسبة لنا، الشيعة والسنة والأكراد - كلهم جزء مهم من المجتمع العراقي الذي نحن بحاجة إلى علاقات معهم. ذهبنا إلى دعم الأكراد: عندما تم الهجوم عليهم من قبل داعش، كنا أول من ذهب إلى أربيل لتأمينها وإنقاذها من احتلال داعش. هذا هو النهج الذي لدينا. وإذا كان لدينا تأثير أكبر في العراق أكثر من بعض جيراننا أو بعض البلدان الخارجية، فذلك لأننا اتخذنا الخيارات الصحيح".
سلوك ترامب
وبخصوص سلوك ترامب، رأى ظريف أنّه يجب الانتباه للإشارات التي تصدر عن الرئيس الأميركي "لأن الإشارات الخاطئة بعد قمة الرياض أدت إلى أزمة في المنطقة، ليس بين حلفاء الولايات المتحدة وإيران، بل بين حلفاء الولايات المتحدة في ما بينهم"، في إشارة إلى الأزمة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى.
وبعد أنّ أكد أنّ بلاده حاربت الإرهاب سابقاً في أفغانستان وتحاربه اليوم في العراق وسوريا، اعتبر ظريف أنّ هناك دولاً في المنطقة تدعم الإرهاب، وتابع "من اعترفوا بنظام طالبان سابقاً، هم أنفسهم الذين يمارسون اليوم الضغط على قطر، وهم أنفسهم الذين لديهم صعوبات مع إيران في سوريا والعراق والمنطقة بشكل عام".
يذكر أن السعودية والإمارات وباكستان كانت الدول الوحيدة التي اعترفت بحكومة طالبان في أفغانستان.
وأضاف ظريف "نحن لا نريد استبعادهم. نحن لا نؤمن بأنّ منطقتنا ستكون آمنة إذا استبعدنا السعودية".
وحول إذا ما كان يعتقد أن العلاقات الأميركية الإيرانية ستتجه باتجاه أفضل نوعاً ما بعد سنة، أجاب ظريف: "حسناً، كل هذا يتوقف على النهج الذي ستحاول الإدارة الأميركية الحالية اعتماده تجاه إيران. وعليها أن تنظر إلى إيران باعتبارها الدولة الوحيدة في المنطقة التي يقف فيها الناس لمدة 10 ساعات للتصويت في الانتخابات".
وأضاف أن على الإدارة الأميركية أن تضع جانباً الافتراض القائل بأنها يمكن أن تخلق اضطرابات في المنطقة وأن تستفيد من فوائدها المالية، معتبراً أن الفوائد المالية قصيرة الأجل، "في حين أن الانقسام الخاطئ في المنطقة، كما هو الحال في ما يحدث في الخليج الفارسي بين حلفاء أميركا سيكون طويلاً أكثر، وستكون تداعيات الأمن الإقليمي والأمن العالمي كبيرة".
وتابع ظريف: "للإجابة على سؤالك، لدينا فهم رصين جداً للوضع في المنطقة التي نعيش فيها، ونأمل أن يكون لدى الولايات المتحدة أيضاً هذا الفهم الرصين".
تيلرسون سيصدر بياناً عن اتفاق إيران النووي
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر إن وزير الخارجية الأميركي ريك تيلرسون سيصدر قريباً جداً بياناً عن اتفاق إيران النووي مع القوى العالمية.
وبموجب القانون الأميركي يتعين على وزارة الخارجية الأميركية أن تخطر الكونغرس كل 90 يوماً عن امتثال إيران للاتفاق المبرم في عام 2015. واليوم الاثنين هو نهاية الموعد.
وقال سبايسر للصحافيين "سيصدر وزير الخارجية بياناً قريباً جداً عن ذلك الاتفاق.. أعتقد أنكم جميعاً تعرفون أن الرئيس (دونالد ترامب) أوضح أنه يعتقد أنه كان اتفاقاً سيئاً .. اتفاق سيء بالنسبة للولايات المتحدة".
وكان مسؤول أميركي كبير قد قال الأسبوع الماضي "إن من المرجح للغاية أن تقول الإدارة إن إيران ملتزمة بالاتفاق برغم تحفظات ترامب عليه".