تأجيل جلسة مجلس الأمن بشأن سوريا بسبب الخلافات الحادّة بين روسيا والدول الغربية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
تأجيل جلسة مجلس الأمن بشأن سوريا بسبب الخلافات الحادّة بين روسيا والدول الغربية

تأجلت جلسة مجلس الأمن الدوليّ بشأن وقف إطلاق النار في سوريا حتى مساء اليوم السبت الساعة السابعة بتوقيت القدس الشريف. جاء ذلك بعد تمديد جلسة المشاورات بين روسيا وأعضاء في المجلس بشأن تعديل القرار.

في حين كشف مصدر دبلوماسي سوري رفيع عن انعقاد مشاورات غير رسمية مغلقة بين أعضاء مجلس الأمن لتقرير مصير جلسة التصويت على مشروع القرار بشأن سوريا، والتي كان من المقرر أن يتم انعقادها مساء الجمعة.

وقال المصدر إن الدول الأعضاء لم يتوصلوا إلى تدوير الزوايا حول القضايا الشائكة، وأن هناك اتصالات بين وزراء الخارجية لحسم أمر جلسة التصويت، مؤكداً وجود احتمالين؛ أولهما أن يتم تأجيل انعقاد الجلسة لحين استكمال المشاورات، وثانيهما أن يصّر الغربيون على الذهاب للتصويت، وعندها سيصطدمون بالفيتو الروسي.

وأضاف المصدر أن الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن "داعمة للتوافق واعتماد قرار، لكنهم خاضعون للدول الغربية الذين يستخدمونهم ورقة للضغط على روسيا والصين".

واعتبر المصدر أن الدول الغربية تتلاعب بمفهوم "المرونة" من خلال تقديم تنازلات صغيرة لفظية ورفض تقديم أي تدوير حقيقي لزوايا الخلاف مع الروس، مشيراً إلى أن "همهم الأوحد هو إنقاذ المسلحين في الغوطة من ساعة الحسم التي تلوح في أفق الساعات القادمة".

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن قبل مشاورات الجمعة أنّ موسكو على استعداد للتصويت لصالح مسودة قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار في سوريا.

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأوزبكي قال لافروف إنّ الولايات المتحدة ترفض تعديل القرار ليشمل ضمانات بأن جماعات المعارضة ستحترم وقف إطلاق النار.

وأكّد الوزير الروسي أن أساس المشاكل في منطقة الغوطة الشرقية وجود تنظيم جبهة النصرة ومجموعات مرتبطة به تستهدف العاصمة دمشق بالقذائف، مضيفاً أنّ الإرهابيين في الغوطة يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية ويدعون بأن الأوضاع الإنسانية سيئة مشدداً على أنّ من يريد ضمان الحقوق الإنسانية للمدنيين في الغوطة عليه أن يضغط على التنظيمات الإرهابية الموجودة هناك.

في سياق متصل، قال مصدر بقصر الإليزيه إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كتبا خطاباً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطلبان فيه دعمه لمشروع القرار وضمان عدم عرقلته.

ويتطلب القرار لتمريره 9 أصوات مؤيدة وعدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، حق النقض.

وشهدت ساعات مساء الجمعة مشاورات مكثفة بين مندوبي الدول الغربية وموسكو وعلم مراسل   الروسي فاسيلي نيبينزيا ونظيريه الكويتي منصور العتيبي، والسويدي أولوف سكاغ، سبق جلسة التصويت التي كانت مقررة في مجلس الأمن، لبحث الملاحظات الروسية التي لا تزال روسيا تصر على إدخالها على مشروع القرار لكي تدعمه.

والملاحظات الروسية تتعلق بالضمانات التي ستقدمها المجموعات المسلحة ضمن آلية مراقبة لتأمين وقف القتال من كل جانب وعدم استغلاله من أجل تعزيز القدرات العسكرية أو فتح جبهات جديدة لاحقاً.

وتطلب روسيا من الدول ذات النفوذ على التنظيمات الإرهابية المسلحة، الغربية منها والعربية، أن تتحمل مسؤولية انتهاك وقف القتال وضمان تطبيقه والتنسيق مع تلك التنظيمات من أجل ضمان التنفيذ في النواحي الإنسانية المحددة.

وكانت الولايات المتحدة قد رفضت التعديلات الروسية أمس ووصفتها بـ "الإملاءات".

وشكر مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في كلمة له خلال جلسة خاصة بتطورات الغوطة الشرقية بمجلس الأمن الخميس "الجهد الطيب"  للسويد والكويت، لكنه اعتبر أنه " ينقصه عيب كبير وهو عدم التواصل مع سوريا".

وأشار الجعفري إلى أنّ الإرهابيين دأبوا على قصف دمشق بالصواريخ، مذكراً باستشهاد طفلين وإصابة عشرات المدنيين (اليوم الخميس) جرّاء القصف الذي تعرضت له العاصمة.

وذكّر مندوب سوريا أن دمشق "تعاني واقعاً مريراً جرّاء القذائف التي تطلقها المجموعات الإرهابية من الغوطة الشرقية"، لافتاً إلى "أن تعريض حياة 8 ملايين سوري في دمشق للخطر من أجل حماية الإرهابيين في الغوطة الشرقية أمر غير مقبول".

الجعفري أشار إلى أن "البعض في الأمم المتحدة تبنّى تقارير ووجهات نظر المجموعات الإرهابية في الغوطة الشرقية"، لافتاً إلى الحكومة السورية سهلّت وصول المساعدات الإنسانية إلى الغوطة الشرقية "رغم تحكّم المجموعات الإرهابية بالمساعدات".

وأكد الجعفري أن الحكومة السورية ستواصل مع حلفائها محاربة الإرهاب وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، متهّماً الأمم المتحدة بأنها تدير ظهرها للعدوان المباشر على مدينة عفرين.

هذا وشدد الجعفري على "أنّ الغوطة وعفرين ستكونان حلباً ثانية، لأن الحكومة السورية لن تقبل بابتزاز المجموعات الإرهابية".

وكان المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا قال في مستهل الجلسة إن المسلّحين في سوريا يتمركزون في المنشآت الطبية والتربوية، مضيفاً أنه يمكن الإطلاع على القصف الذي يطال العاصمة السورية دمشق وزيارة أماكن هجمات المسلّحين.

وأشار المندوب الروسي إلى أن المسلّحين اتخذوا المدنيين في الغوطة الشرقية رهائن ومنعوهم من المغادرة.

وأكد نيبينزيا أن "اتهام الحكومة السورية دائماً لا يساعد عملية السلام في جنيف".

ورأى أن "من يوصفون بالخوّذ البيضاء هم وراء الدسّ والتزوير"، وأنهم "يتبعون لمنظّمات إرهابية".

وتابع نيبينزيا "يقللون من شأن قصف دمشق بحجة غياب التكفاؤ في الغارات والقصف على مزاجهم، عندما مسح التحالف الرقة عن بكرة أبيها لم نسمع أي صراخ بشأن المدنيين، والأميركيون بعد احتلال الرقة لا يأبهون بعودة المدنيين ولا بنزع الألغام التي تقتل العائدين بمعدل كبير".

ولفت المندوب الروسي في مجلس الأمن إلى أن مركز المصالحة الروسي "دعا الإرهابيين إلى إلقاء السلاح والخروج لكنهم رفضوا ذلك أمس الأربعاء"، قائلاً إن "المقاتلين الأجانب لا تعنيهم معاناة المدنيين وهم يسرقون المساعدات".

وأردف مستغرباً إنه "لا يلاحظ نفس الإهتمام بالكارثة الإنسانية الكبيرة في اليمن من قبل الأعضاء كما هو الحال باهتمامهم بالغوطة".

مندوب السويد أولو سكوف أشار  في كلمته إلى أن مشروع القرار السويدي الكويتي يدعو لوقف القتال في الغوطة الشرقية لمدة 30 يوماً، بالإضافة إلى إدخال المساعدات وإخراج الجرحى والمرضى للعلاج وتفادي ضرر أعظم للغوطة وغيرها.

وإذا أشار إلى أن القوافل المحمّلة بالمساعدات الإنسانية جاهزة للدخول، طلب سكوف من الذين شاركوا في مباحثات أستانة وغيرها المساعدة على تحقيق وقف إطلاق النار ، مشدداً على وجوب استخدام آليات الرقابة القائمة لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار.

أما ممثلة مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، فقد اتهمت الحكومة السورية بالاعتماد على روسيا "من أجل قهر الشعب الجائع المحاصر في الغوطة الشرقية"، مبديةً دعمها لمشروع القرار السويدي – الكويتي،  ودعت للتصويت فوراً عليه".

بدوره، دان نائب مندوب الصين "استهداف المدنيين وتعريض أرواحهم للخطر" على حد تعبيره، مؤكداً أن "الحل لا بد أن يكون سياسياً من خلال الحوار السوري - السوري بواسطة الأمم المتحدة.

وأكد ممثل الصين أنه "يجب مكافحة كافة المجموعات المسلحة في سوريا التي لها علاقة بالارهاب، وهم لايزالون يشنّون الهجمات" ، داعياً أعضاء مجلس الأمن إلى الوقوف موقفاً موحداً بشأن الوضع في سوريا.

المندوب الفرنسي تحدث عن "فظاعة الهجمات وهول الضحايا والحصار والجوع والمرض".

وقال إن "هدف الحكومة السورية وحلفائها تحطيم إرادة الشعب السوري وإخضاعه بكل الوسائل بما في ذلك استخدام الأسحلة الكيميائية". ودعا إلى "وقف القتال وإجراء تحقيقات بما يجري على الأرض".

قراءة 1280 مرة