في حين لم يتبق الكثير من الوقت حتى 12 مايو، أي الموعد الذي يتعين على دونالد ترامب اتخاذ قراره النهائي بتمديد تعليق العقوبات على إيران أو عدم تمديد العقوبات، يبدو أن أوروبا تبذل جهودها الأخيرة لإنقاذ هذا الاتفاق، وفي هذا السياق حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دونالد ترامب من أنه غير قادر على الخروج من الاتفاق النووي دون خطة "ب “.
إن ضغوط دونالد ترامب أصبحت أكثر جدية وقلقاً بالنسبة للدول الأوروبية من أجل "تصحيح" الاتفاق النووي مع إيران قبل انتهاء الأيام الأخيرة من قراره بالخروج أو البقاء في الاتفاق، لذلك تبذل أوروبا مساعيها الأخيرة لإقناع ترامب للبقاء في الاتفاق، خوفاً من فقدان الجهود الدبلوماسية ومستقبل علاقاتها الاقتصادية مع إيران.
وفي هذا الصدد، قال إيمانويل ماكرون، الذي سافر إلى واشنطن للقاء دونالد ترامب، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأسبوع الماضي إنه لا يوجد هناك أي خطة بديلة للاتفاق النووي الدولي مع إيران، لكنه شدد على أن هذا الاتفاق ليس "كاملاً" ولكنه الخيار الأفضل في الوقت الراهن.
وأضاف ماكرون: "يجب أن نحافظ على هذا الاتفاق لأنه أفضل من خلق وضع مشابه لكوريا الشمالية، لست راضياً عن الوضع في إيران، أنا لا أتفق مع الصواريخ الباليستية الإيرانية والنفوذ الإيراني، لكن موقفي هو ألّا تخرجوا من الاتفاق النووي مادام لا وجود لبديل أفضل منه".
كما من المقرر أن تبحث ميركل خلال زيارتها إلى أمريكا آخر الملفات حول اتخاذ قرار بشأن الاتفاق النووي وذلك أثناء لقائها بالرئيس الأمريكي ترامب، ومع ذلك، هناك سؤال مهم آخر يطرح نفسه، وهو يتعلق بالإجراء الذي يمكن أن تتخذه أوروبا إذا اتخذ ترامب قراره النهائي قبل الموعد.
تواجه أوروبا الآن قضيتين أساسيتين: فمن ناحية، تعتقد دول مثل إيطاليا والنمسا أن فرض عقوبات أوروبية خارج حدود الاتفاق النووي لا يمكن أن يمنع العداء الأساسي لترامب وحكومته تجاه إيران والاتفاق النووي، ومن ناحية أخرى تشعر الدول الأوروبية بالقلق من أن فرض عقوبات جديدة في هذا الوقت سوف تُفسره إيران أنه تقصير من قبل أوروبا تجاه أمريكا وبالتالي ستنعدم أي ثقة بين إيران وأوروبا، وهذا ما جعل أوروبا في وضع شديد التعقيد.
وقد شددت مؤخراً مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أنه يجب دراسة أي مخاوف تتعلق بالأنشطة الصاروخية والإقليمية لإيران خارج إطار الاتفاق النووي، وقالت إن أوروبا حالياً تفرض عقوبات على إيران في هذا الصدد أيضاً، ويمكنها فرض المزيد من العقوبات في الوقت المناسب، لكنها شددت على أن هذه القضية ليس لها علاقة بـ 12 مايو، وقرار ترامب.
وفي هذه الظروف يتعين على أوروبا أن تضع وتنفذ بسرعة استراتيجيتها الأساسية حول الاتفاق النووي. وتم الإفصاح عن فقرات هذه الاستراتيجية من قبل عضو مجلس العلاقات الخارجية في أوروبا، إيلي جرانيماي، وكورنيليوس أدبار، باحث في مجلس العلاقات الخارجية، في جلسة البرلمان الأوروبي في 12 أبريل، وباختصار، فإن محتويات هذه الاستراتيجية هي كما يلي:
1-إن تعيين بولتون وبومبيو في البيت الأبيض يعني أن عداء الحكومة الأمريكية للاتفاق النووي جوهريٌ ولا يرتبط فقط بـ "تصحيح" الاتفاق. لذلك، شجعت تلميحات أوروبا المبدئية في مسايرة حكومة ترامب على "تصحيح" الاتفاق النووي من خلال رفع سقف التوقعات إلى الحد الذي تفرضه أمريكا بقدر ما تستطيع، ليتحتم على أوروبا أن تلغي الاتفاق برمته.
2 -نتيجة لذلك، يجب على أوروبا اتخاذ جميع الخطوات تجاه أمريكا من الآن فصاعداً، بعناية وعلى أساس الالتزامات المتبادلة والثنائية.
- إحدى النقاط الرئيسية لهذه الاستراتيجية، هي إجراءات أوروبا السريعة لطرح خطة انسحاب أمريكا المحتملة من الاتفاق النووي من خلال الرجوع إلى قانون لائحة الحظر "Blocking Regulation " الذي يحظر على الشركات الأوروبية مسايرة أي عقوبات أمريكية ثانوية.
- العمل بسرعة لجعل اليورو يأخذ محل الدولار في التبادلات التجارية والاقتصادية مع إيران وإطلاق استثمارات بنك اليورو في هذا الاتجاه.
- إنشاء تحالف أوروبي بقيادة أوروبا لدعم الاتفاق النووي الذي سيشمل، إضافة إلى روسيا والصين، دولاً آسيوية رئيسية أخرى مثل اليابان والهند وكوريا أيضاً.
6 -إعداد حزمة مقترحة لإيران من قبل أوروبا بعد خروج أمريكا من الاتفاق النووي، يجب أن تكون الحزمة مشجعة وشاملة من أجل إبقاء إيران في الاستراتيجية التي التزمت بها حتى الآن ومنع عودة أنشطة إيران النووية إلى شكلها السابق -الذي يعني انسحاب إيران من الاتفاق-.
- يبدو أن السعودية، وليس إيران، مترددة في الدخول إلى الملفات الأمنية لمنطقة الشرق الأوسط، لذا بدلاً من التركيز فقط على الأنشطة الإقليمية الإيرانية، يتعين على أوروبا إقناع السعودية وحلفائها بالدخول في حوار أمني في الشرق الأوسط.
تجدر الإشارة إلى أن أجزاءً من هذه الفقرات المقترحة قد نُفذت، على ما يبدو، على جدول الأعمال، كمثال على ذلك، استبدال الدولار باليورو في الاقتصاد الإيراني الذي تم تنفيذه عملياً وبشكل رسمي، وهو جزء من الاستراتيجية التي اقترحها البرلمان الأوروبي في 12 أبريل.