خرجت وحدة "سييرت متكال" الإسرائيلية إلى العلن في عام 1957م على خلفية العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وتتبع هذه الوحدة إلى شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، وتخضع مباشرة لتعليمات قائد الشعبة، وأجرت العديد من العمليات الاستخباراتية خارج الحدود لكنها اليوم لم تعد تملك نفس المكانة التي كانت عليها في السابق، وحالياً يحاول الإعلام الإسرائيلي بثّ الحياة فيها من جديد عبر تعيين قائد جديد لها أعلن عنه إعلام العدو يوم أمس الاثنين.
كانت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بحاجة لتنفيذ عمليات استخباراتية وعمليات اغتيال خارج الأراضي المحتلة لذلك أنشأت هذه الوحدة والتي تحمل الاسم غير الرسمي للوحدة 269، وقد تمكّنت هذه الوحدة من تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال ونجحت في بعضها بينما فشلت في بعضها الآخر، وكان أوج عملها في آخر عقدين من العام القرن الماضي وعلى هذا الأساس تم الاعتراف بها رسمياً في الثمانينيات، واليوم يحاول الإعلام الاسرائيلي تسليط الضوء عليها بعد أن فقدت بريقها، وفشلت في العديد من العمليات الاستخباراتية.
الشخصيات الإسرائيلية التي عملت في الوحدة 269
اكتسبت هذه الوحدة جزءاً من أهميتها بسبب وصول بعض الأشخاص الذين كانوا يعملون بها إلى رأس هرم السلطة في الكيان الإسرائيلي منهم رئيس الوزراء السابق ايهود باراك، رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون، رئيس جهاز الشاباك السابق آفي ديختير، الرئيس السابق لجهاز الموساد داني ياتوم، إضافة إلى أن وزير التعليم نفتالي بينيت عادة ما يتباهى بخدمته في صفوفها كما تولّى وزير المواصلات الأسبق أمنون لبكين شاحاك قيادة الوحدة.
العمليات التي نجحت بها الوحدة
نفذت وحدة "سييرت متكال" العديد من عمليات الاغتيال بحق رموز المقاومة الفلسطينية واللبنانية ففي تاريخ 9 نيسان 1972 قامت الوحدة بعملية اغتيال بحق ثلاثة من مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية، وسميت العملية حينها "فردان" وكانت بإيعاز مباشر من ايهود باراك كما قاد وزير الحرب السابق موشيه يعلون عندما كان على رأس الوحدة عملية اغتيال خليل الوزير، الرجل الثاني في حركة "فتح" في منزله في تونس عام 1988.
ونفذت الوحدة عدداً من عمليات الاختطاف، وعلى رأسها اختطاف القيادي في حزب الله عبد الكريم عبيد عام 1989، والقيادي السابق في حركة أمل مصطفى ديراني عام 1994 اللذان أطلق سراحهما في عملية تبادل أسرى عام 2004.
وتمكّنت هذه الوحدة من اختراق مصر في حرب الـ67 وحرب الـ 73 وتمكّنت من التجسس على المؤسسات المصرية العسكرية ما ساعدها في كشف نوايا المصريين تجاهها ومكّنها من التعامل مع تطورات المعركة بشكل أسهل.
العمليات التي فشلت بها الوحدة
في العام 1991 أطلق الرئيس العراقي صدام عدة صواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي، فسارعت هذه الوحدة إلى الرد على ذلك بالتخطيط لعملية اغتيال ضد صدام بأوامر من رئيس الحكومة الأسبق إسحاق شامير، ولكن ما جرى أنه في التدريبات التي أجرتها الوحدة في قاعدة "تسئيليم" في صحراء النقب عام 1991 قتل خمسة من ضباط الوحدة أثناء انطلاق قذيفة بطريق الخطأ ما أفضى إلى صدور قرار بإلغاء المخطط.
أعادت الكّرة هذه الوحدة في العام 1995 ولكن هذه المرّة كانت الوجهة لبنان والمستهدف كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وأطلقت عمليتها تحت اسم " تساليم ب"، ولكن السيناريو نفسه تكرر حيث قُتل خمسة من عناصرها خلال التدريب والإعداد لها لذلك تم إلغاء العملية.
وفي نفس العام فشلت الوحدة في تحرير الجندي نحشون فاكسمان الذي اختطفته وحدة تابعة لـ "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس، واحتجز في بلدة بيت نبالا بالقرب من القدس المحتلة حيث قتل فاكسمان وقائد سرية من الوحدة في العملية الفاشلة.
إلى جانب ذلك فإن الوحدة تولّت مهام التسلل إلى لبنان لزرع أجهزة التنصت والرصد على قمم الجبال في محيط القرى التي تشهد أنشطة لحزب الله، والتي تمكّن الحزب والقوى الأمنية اللبنانية من كشف وتفكيك بعضها.
حال الوحدة اليوم
ما يميز هذه الوحدة هو وصول الكثير من أفرادها إلى مفاصل السلطة في "إسرائيل" كما يتم استقطاب جزء يسير من أفرادها إلى وحدات استخباراتية مهمة داخل الأراضي المحتلة لكنها اليوم لم تعد تحتل نفس المكانة حيث حلّ "توظيف السايبر" محل نشاط هذه الوحدة في جمع المعلومات الاستخبارية، والذي يتولى جمعها الآن وحدة التنصت الإلكتروني المعروفة بـ "وحدة 8200" هذا على صعيد الاستخبارات أما على صعيد الاغتيالات فعلى ما يبدو أن البساط أيضاً سُحب من تحت هذه الوحدة لمصلحة الوحدة الخاصة لسلاح البحرية المعروفة بـ"الوحدة 13".
ختاماً.. يحاول الجيش الإسرائيلي عبثاً إظهار وحداته على أنها لا تقهر ولذلك يحاول التسويق لها من جديد عبر ماكيناته الإعلامية بطريقة غير مباشرة مظهراً التفوّق التسليحي الذي تمتلكه، ولكن الحرب اليوم لا تُقاس نتائجها بالعامل التسليحي، وإن كان مهماً، بل يلعب العامل البشري إضافةً إلى عوامل أخرى دوراً بارزاً في هذا الصدد.