ازمة البرلمان الجزائري تتواصل.. نواب السلطة يواصلون إغلاق أبوابه بسلاسل حديدية

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ازمة البرلمان الجزائري تتواصل.. نواب السلطة يواصلون إغلاق أبوابه بسلاسل حديدية

أعلن مكتب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري)، اليوم الأربعاء، شغور منصب رئيس الهيئة، في خطوة مثيرة للجدل، وصفتها المعارضة بـ الانقلاب ، بعد رفض رئيس المجلس سعيد بوحجة، الاستقالة تحت ضغط نواب الموالاة، بحسب مراسل الأناضول.

وعقد أعضاء مكتب (أمانة) المجلس، وهم من أحزاب الموالاة، اجتماعا، ظهر اليوم، بمقر الهيئة، برئاسة النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم) الحاج العايب، باعتباره أكبر نواب الرئيس سنا، للنظر في مسألة شغور منصب الرئيس.

وحسب مصادر نيابية للأناضول، توج الاجتماع بإصدار قرار يعلن فيه المكتب وجود حالة شغور في منصب رئيس البرلمان، بسبب لائحة سحب الثقة التي وقعها أكثر من 350 نائب (من بين 462 يضمهم المجلس)، واستحالة تولي بوحجة لمهامه في هذه الظروف.

وتقرر وفق المصدر ذاته إحالة القضية إلى لجنة الشؤون القانونية بالمجلس من أجل إثبات حالة الشغور والدعوة إلى عقد جلسة عامة لانتخاب رئيس جديد، وفق المادة الـ 10 من القانون الداخلي للهيئة.

وتنص المادة العاشرة من القانون الداخلي للبرلمان، أنه  في حالة شغور منصب رئاسة المجلس الشعبي الوطني، بسبب الاستقالة أو العجز أو التنافي أو الوفاة، يتم انتخاب رئيس المجلس الشعبي الوطني، بنفس الطرق المحددة في هذا النظام الداخلي، في أجل أقصاه 15 يوما اعتبارا من تاريخ إعلان الشغور .

وتوضح أنه يتولى مكتب (أمانة) المجلس، الذي يجتمع وجوبا لهذا الغرض، تحضير ملف حالة الشغور وإحالته على اللجنة المكلفة بالشؤون القانونية، وتعد هذه اللجنة تقريرا عن إثبات حالة الشغور، يعرض في جلسة عامة للمصادقة عليه بأغلبية أعضاء المجلس .

وحسب ذات المادة، في هذه الحالة يشرف على عملية الانتخاب أكبر نواب الرئيس سنا من غير المترشحين، بمساعدة أصغر نائبين في المجلس الشعبي الوطني .

وواصل العشرات من نواب المجلس الشعبي الوطني، لليوم الثاني على التوالي، غلق أبواب مبنى البرلمان بأقفال وسلاسل حديدية لمنع رئيسه السعيد بوحجة الذي يصر على التمسك بمنصبه من الولوج إلى مكتبه في الطابق الخامس، ووجه هذا الأخير انتقادات لاذعة لمناوئيه ووصفهم بـ “عصابة صغيرة” وقال إنه سيشتكيهم للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

ودخل الصراع داخل مبنى الهيئة التشريعية فصلا جديدا من فصول الصراع القائم بين بوحجة وخصومه الذين لجؤوا إلى استعمال “القوة” بهدف منعه من الدخول إلى مكتبه، وتحول بهو الغرفة السفلى إلى حلبة صراع يستعرض فيها خصوم بوحجة عضلاتهم، والأدهى من هذا أن الصحفيون المكلفون بتغطية هذا الحدث الذي يعتبر سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البرلمان الجزائري راحو ضحية الحرب الضروس القائمة بين “الفرقاء” داخل مبنى البرلمان، حيث تعرض صحفي جزائري لاعتداء من طرف نائب عن التجمع الوطني الديمقراطي “ثاني قوة سياسية في البلاد”، اثناء تغطيته لمجريات غلق بوابة المجلس الشعبي الوطني.

الوقفة الاحتجاجية التي نظمها النواب لليوم الثاني على التوالي، انطلقت في حدود الساعة التاسعة صباحا، ولا زالت مستمرة لحد الساعة، ولم يتجاوز عدد النواب الذين شاركوا في الوقفة اليوم 100 نائب من أحزاب الموالاة.

وقررت الكتل النيابية الخمس المناوئة لرئيس البرلمان، السعيد بوحجة عقد اجتماع موسع لمكتب البرلمان، في غيابه لاتخاذ قرار إعلان حالة شعور منصب الرئيس.

ومن المرتقب أن يفضي الاجتماع إلى استدعاء جلسة نيابية عامة لانتخاب ريس برلمان جديد في غضون 15 يوما بعد إقرار المجلس الدستوري للشغور بسبب عجز رئيس البرلمان عن أداء مهامه.

ويرى مراقبون ومتتبعون للمشهد السياسي أن الإجراءات التي لجأ إليها خصوم رئيس البرلمان غير قانونية وليس لها أي تأثير فما يحدث الآن بين بوحجة ومناوئيه يحل عن طريق القانون، والقانون الآن في صف رئيس البرلمان.

ويقول في الموضوع الخبير القانوني عمار خبابة في تصريح لـ “رأي اليوم” إن الوقفة الاحتجاجية التي نظمها أحزاب الموالاة أمام “مبنى زيغود يوسف” هي أسلوب من أساليب الاحتجاج، لكن غلق أبواب مبنى الغرفة السفلى عمل لا يقره القانون، وحتى الإجراءات التي اتخذتها ضده قيادة الحزب الحاكم كرفع الغطاء السياسي لتضييق الخناق عليه ودفعه نحو الاستقالة، إنه إجراء غير قانوني ولا تأثير له، فرئيس المجلس الشعبي الوطني بعد انتخابه أصبح نائب والنيابة ذات طابع “وطني” واللون السياسي يظل أمرا سياسيا وهو منتخب كرئيس للهيئة التشريعية وعهدته ينظمها القانون.

ويضيف القانوني عمار خبابة إنه كان من المفروض على خصومه اللجوء إلى آليات قانونية أخرى كتعديل المادة 10 من النظام الداخلي للبرلمان بإضافة بند ينص على سحب الثقة مثلا كألية للإعلان عن شغور منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني.

وانتقدت المعارضة ما يجري داخل  مبنى البرلمان، وقال زعيم حركة مجتمع السلم الجزائرية، أكبر حزب إسلامي في البلاد، عبد الرزاق مقري، إن استعمال السلاسل الحديدية لغلقه، سيبقى “وصمة عار في وجه نواب السلطة واحزابهم و من يقف وراءهم “.

ووجه المتحدث انتقادات لاذعة لأصحاب القرار خلال الولاية الرئاسية الرابعة للرئيس بوتفليقة، على دعم ممارساتهم غير الديمقراطية من خلال تقديم تفسيرات وتخريجات قانونية تبرر ممارساتهم غير الشرعية.

وقال مقري، في بيان له اليوم الأربعاء، إن ما يحدث في المؤسسة التشريعية، يعكس أحد أعراض مرض عميق تمدد في جسم الدولة وافقدها الهيبة والاحترام وسلمها للعابثين والفاسدين والبلطجية.

ودعا مقري الشعب الجزائري ليتحمل مسؤوليته وأن لا يبقى متفرجا حتى ينزل السقف على الجميع، مؤكدا “على الشعب أن ينخرط في المعركة السياسية السلمية ضد هذا العبث بالدولة وبالوطن و ان يسند الوطنيين النزهاء من النواب المنتخبين والسياسيين ونشطاء المجتمع المدني اللذين بقوا ثابتين في طريق التغيير والإصلاح ولم يتورطوا في الفساد وبيع الذمم “.

ويعيش البرلمان الجزائري، أزمة خانقة منذ إعلان نواب خمس كتل برلمانية بتاريخ 27 سبتمبر / أيلول الماضي لائحة تطالب رئيسه السعيد بوحجة بالاستقالة من منصبه، ليعلن بعدها بداية الشهر الجاري عن تجميد نشاطه بصفة كلية.

ومن جهته انتقد رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، محسن بلعباس، اليوم الأربعاء، “الانقلاب” الذي يشنه أحزاب السلطة ضد رئيس البرلمان السعيد بوحجة.

وقال “إذا تم التسامح أو حتى التحقق من صحة الانقلاب، فإن هذا الإطاحة غير القانونية برئيس المجلس الشعبي الوطنية من قبل أفراد غير قانونيين وبدون أي سلطة، سوف يمثل مرحلة جديدة من الانحراف السلطوي لأصحاب القرار المسيطرين داخل النظام “.

قراءة 1009 مرة