يتلقى رئيس مجلس الملك في الأردن فيصل الفايز دعوة واضحة لزيارة قطر، في وقت كان يتباحث فيه رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز مع وزيرة الخارجية التركية عن سبلٍ لتطوير اتفاقية التجارة المتوقفة، كما افتُتِح معبر نصيب- جابر على الحدود مع سوريا. كل هذا حصل بيوم واحد وبالتزامن مع إصدار عمان بيان يتيم تضامنت فيه مع السعودية “ضد الشائعات” كما فعلت معظم دول المنطقة.
أمام المشهد الثلاثي (التواصل مع قطر وتركيا وسوريا)، تظهر عمان وكأنها تتسلل لتنويع خياراتها فعلاً، وإن كانت تفعل ذلك بالقطعة وعلى قاعدة عدم الإضرار بالعلاقة مع السعودية بكل الأحوال. إلا أن الانشغال السعودي التام في هذه الفترة في ملف “اختفاء” او تصفية الكاتب الصحافي جمال خاشقجي قد يسهل على عمان تحركاتها.
في العلاقة مع سوريا، وضعت العلاقات الاقتصادية، نظيرتها السياسية على سكّة الحل، وهو الأمر الذي يناسب بالضرورة عمان في شكله الحالي، حيث استئناف للعلاقات الاقتصادية وحلحلة لملف معبر نصيب- جابر، في وقت تؤخر فيه العاصمة الأردنية زيارة دبلوماسية بين وزير خارجيتها أيمن الصفدي ونظيره السوري وليد المعلّم. هذا التأخير بات اليوم أقرب للإتمام من أي وقت مضى، حيث تتويج العلاقات الاقتصادية بنظيرتها السياسية لا يتأخر كثيراً بالعادة.
في العلاقة مع قطر، رئيس مجلس الاعيان الفايز لا يخفي الدعوة، فقد زاره القائم بأعمال السفارة القطرية في مكتبه بمجلس الأعيان الاثنين، خصوصاً وقد سبقه بنحو 10 أيام وفد يمثل القطاع الخاص يرأسه العين أيضاً (عضو مجلس الملك) نائل الكباريتي والذي تحدث عن علاقة “متميزة” تجمع عمان بالدوحة. في الملف القطري يبدو ان عمان تخطو بصورة حثيثة نحو تطبيع اقتصادي واسع جداً ولكنها لا تزال حذرة في التطبيع السياسي، الأمر الذي تتكفل مراقبة الخطوات المقبلة لرئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز في شرحه أكثر.
الرئيس الفايز الأقرب دوما للقصر، والذي كانت “رأي اليوم” قد التقته في منزله في العاصمة الأردنية قبل أشهر، يعرف تماماً أهمية تلقيه دعوة من هذا النوع، كما يعلم ان زيارة يقوم بها في هذه المرحلة ستوحي بأنها خطوة أولى ضمن سلسلة الخطوات قد لا تقف لاحقاً عند إعادة السفير القطري إلى العاصمة الأردنية. هذا ما يعني أن مراقبة خطى الفايز، يمكن أن تشرح أكثر عملياً في ملف العلاقات مع قطر.
الأخطر اليوم بالنسبة للعاصمة الأردنية هو التعامل مع تركيا في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرياض وأنقرة ذروة الشدّ وقد لا يسهل معه المضيّ قدماً قبل الاطلاع على مستقبل ملف العلاقات الثنائية بين أنقرة والرياض، ولعل هذا يسهم في تأخير الحكومة الأردنية عن اتخاذ خطوات فاعلة في سبيل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين تركيا والأردن.
أنقرة بالضرورة مهتمة بالأردن، وبعد فتح معبر نصيب بالضرورة يتضاعف اهتمامها، الأمر الذي ظلت لأجله وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان، في العاصمة الأردنية ليومين، بالتزامن مع إعلانها مؤتمراً للاستثمار في الأردن منتصف الشهر المقبل في تركيا.
كل هذا يحصل في العاصمة الأردنية وعبرها ولكن ببطيء للحفاظ على “شعرة معاوية” مع الرياض بكل الأحوال، بانتظار نتائج ما قد يحصل في قضية خاشقجي التي تتخذ اليوم أبعاداً إقليمية ودولية، الأمر الذي لا تزال تترقب العاصمة الأردنية نتائجه على علاقات الإقليم، رغم ما يتحدث عنه المراقبون من تخفيف حدّة “التسلّط السعودي” في العلاقات الثنائية والإقليمية، واحتمالات تسويات كبيرة قد تقبل بها الرياض بعد أي تسوية على “دماء الضحية” إن صحت أنباء قتله في القنصلية.
وكانت العاصمة الأردنية قد تبنّت على لسان وزيرة الدولة لشؤون الإعلام جمانة غنيمات، ذات الخطاب الذي تبنّته معظم الدول العربية للوقوف مع المملكة العربية السعودية ضد الشائعات، بعدما اختارت عمان ومنذ اليوم الأول لأزمة اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي الصمت الطويل والمطبق على مجريات الأحداث.