طبول الحرب الفارغة..لماذا خافت واشنطن من شنّ هجوم عسكري على طهران؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
طبول الحرب الفارغة..لماذا خافت واشنطن من شنّ هجوم عسكري على طهران؟

قبل بضعة أيام، نفّذ سلاح الجو المسير التابع لقوات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" هجوماً مفاجئاً على عدد من منشآت النفط السعودية ولقد أدّت تلك الهجمات إلى توقف إنتاج السعودية من النفط الخام وتسبّبت أيضاً بإحداث أضرار اقتصادية كبيرة للاقتصاد السعودي وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، بذل المسؤولون السياسيون والعسكريون الأمريكيون والسعوديون الكثير من الجهود وبالاستعانة بوسائل الإعلام التابعة لهم، لإقناع الرأي العام العالمي بأن طهران هي من قامت بشنّ تلك الهجمات على حقلي "بقيق" و"خريص" التابعين لشركة "أرامكو" السعودية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن النظامين الأمريكي والسعودي صرحا في بداية الأمر أن تلك الطائرات من دون طيار التي ضربت منشآت النفط السعودية انطلقت من العراق ومن ثمّ عادا وصرّحا مجدداً بأن تلك الطائرات انطلقت من الأراضي الإيرانية.

ومع ذلك، أعرب المسؤولون الأمريكيون قبل عدة أيام بأنهم ينتظرون التقرير الرسمي الذي سوف تصدره الحكومة السعودية حول تلك الهجمات، قبل أن تتخذ أي إجراءات، لكن السعودية رفضت الإشارة بشكل مباشر إلى إيران ولم تقم باتهامها بأنها هي التي كانت وراء تلك الهجمات، سواءً على لسان المتحدث العسكري السعودي أم في رسالتها إلى مجلس الأمن.

يذكر أن الرياض دعت في رسالتها لمجلس الأمن، الخبراء الدوليين إلى المشاركة في التحقيق في تلك الهجمات، زاعمةً أن "جميع الدلائل تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة في الهجوم على شركة أرامكو كانت إيرانية الصُنع".

 

السعودية.. من التخفي وراء ستائر المظلوم إلى الأمل في نشوب نزاع عسكري إيراني أمريكي

لقد عانى السعوديون بلا شك من الضربة القاسية التي نفّذتها مقاتلات الجو المسيرة التابعة للجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، وذلك لأنهم لم يتخيلوا أبداً أن ذلك الهجوم سوف يتسبّب في حدوث ضرر كبير لصادراتهم من النفط.

ولتفادي هذه الصدمة، أعلن عدد من المسؤولين السعوديين بعد الهجوم، بأنه تمت السيطرة على الحادث في اللحظات الأولى وأن المهندسين تمكّنوا من إعادة عجلة العمل في تلك الحقول النفطية إلى الوضع الذي كانت عليه قبل الهجوم.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن القلق المتزايد للاقتصادات الرئيسة في العالم، وخاصة الدول الغربية، بشأن ارتفاع أسعار النفط وعجز السعودية عن الوفاء بالتزاماتها النفطية تجاه عملائها، دفع الرياض إلى توجيه أصابع الاتهام ولو بشكل خجول نحو إيران وذلك من أجل تخفيف العواقب السياسية لفشلها في حماية مصالحها النفطية وإخفاء ضعفها العسكري الكبير على الرغم من امتلاكها أسلحة متطورة وإنفاقها العسكري الكبير بالإضافة إلى عجزها في اليمن.

في الواقع، يقول الآن المسؤولون الإعلاميون والسياسيون في السعودية والدول المتحالفة معها: إن الجيش اليمني واللجان الشعبية "أنصار الله" لا يستطيعان التخطيط لهجوم دقيق ومحسوب بهذا الحجم المدمّر، وأن هناك قوة عسكرية كبيرة هي التي قامت بتلك الهجمات ولكن جميع هذه الادعاءات لم تكن تملك أي أدلة موثّقة، سوى أنها قالت بأن الجيش اليمني واللجان الشعبية يفتقرون إلى التكنولوجيا العسكرية اللازمة لتنفيذ مثل هذا الهجوم.

ووفقاً لعدد من المحللين السياسيين، فإنه إذا أكدت السعودية على مثل هذا الادعاء الأمريكي، فسيكون هذا بمثابة إعلان حرب على طهران وسوف يصبح من الضروري على الرياض الرد على هذا الهجوم، لكن التطورات في المنطقة ليست في مصلحة السعودية ولا يمكن للسعوديين الدخول في صراع آخر في المنطقة.

ويعتقد المحللون السياسيون أن تلك الهجمات أثبتت بأن القدرة العسكرية السعودية في اليمن ضعيفة، وأثبتت أيضاً بأن الرياض وحلفاءها فشلوا في حربهم العبثية التي شنّوها قبل خمس سنوات على أبناء الشعب اليمني المظلوم على الرغم من امتلاكهم أسلحة متطوّرة، وفشلوا أيضاً في تحقيق انتصارات على أرض الواقع ولهذا فإنهم اليوم لا يريدون الدخول في مواجهة مباشرة مع طهران. ولقد أقرّ المسؤولون السعوديون أيضاً خلال الفترة الماضية بعدم قدرتهم على الرد عسكرياً على إيران، وكما قال المجلس الاستشاري السعودي في بيان أصدره يوم الاثنين الماضي، بأن الهجوم على منشآت النفط السعودية يعتبر هجوماً على موارد الطاقة العالمية ودعا الدول الصديقة إلى الرد على هذه الهجمات التي تسبّبت بأضرار جسيمة على شركة "أرامكو" السعودية.

 

أمريكا والمخاطر الكبرى لهجومها على إيران

لقد كانت الهجمات على المنشآت النفطية السعودية بمثابة تحدٍ كبيرٍ للمصالح الأمريكية وذلك لأن أمريكا التزمت خلال السنوات الماضية بتأمين تدفق النفط من المنطقة، وخاصة السعودية، إلى الأسواق العالمية، ولهذا فلقد نشرت الكثير من معداتها وسفنها العسكرية في الخليج الفارسي وتحت هذه الذريعة، تمكّنت واشنطن بشكل كبير من بيع الكثير من الأسلحة وعقد العديد من الصفقات التجارية والنفطية مع الدول العربية في المنطقة.

يذكر أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، أجبر العديد من الدول العربية وخاصة السعودية، خلال السنوات القليلة الماضية على دفع الكثير من الأموال للحكومة الأمريكية ولكن فشل البيت الأبيض حتى الآن في دعم الأمن السعودي، سوف يؤدي إلى حدوث شرخ في العلاقات بين واشنطن والدول العربية الخليجية وسوف تقلّ ثقة هذه الدول بالقادة الأمريكيين.

ومن ناحية أخرى، تعلم أمريكا أن القدرة العسكرية الإيرانية الرادعة تتنامى يوماً بعد يوم، وأن محاولات ولي العهد السعودي لجرّ أقدام واشنطن للدخول في حرب مع طهران، سينعكس سلباً على المصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة وسوف يتسبّب في نهاية المطاف بنهاية مستقبل "ترامب" السياسي، ولهذا فإن الرئيس الأمريكي اختار فرض عقوبات جديدة على طهران بدلاً من الدخول في حرب قد تحرق الأخضر واليابس

المصدر.الوقت

قراءة 725 مرة