تغيير النظام السياسي العراقي من الفكرة إلى الواقع.. هل من الممكن تغييره إلى نظام رئاسي؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
تغيير النظام السياسي العراقي من الفكرة إلى الواقع.. هل من الممكن تغييره إلى نظام رئاسي؟

أدّت الجولة الثانية من الاحتجاجات التي خرجت في معظم المدن والمحافظات العراقية في 25 أكتوبر 2019 إلى دخول عملية الاحتجاجات والمظاهرات مرحلة جديدة وفي هذه الجولة الجديدة من الاحتجاجات، أصبحت مسألة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية على الهامش، وتم رفع مستوى المطالب والمطالبة بتغييرات دستورية، وفي غضون ذلك، كان تغيير النظام السياسي إلى رئاسي من أكثر القضايا إثارة للجدل في الآونة الأخيرة، ولهذا فإننا في مقالنا هذا سوف نسلط الضوء أكثر على هذه القضية الرئيسة التي تدور حول مدى إمكانية تغيير النظام السياسي في العراق وما هي العقبات التي قد تواجه هذا الأمر؟

النظام السياسي العراقي.. هل هو نظام برلماني أم إنه نظام مختلط

ذكرت العديد من المصادر الإخبارية بأنه خلال الفترة الماضية صدرت دعوات من جهات سياسية وشعبية لتغيير النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي، والسبب في ذلك هو المشكلات التي يعاني منها البلد، طبعاً هناك نقاش قديم حول أفضلية الأنظمة السياسية، ولكلٍ منها مؤيد ومعارض، وبشكلٍ عام لا يوجد اتفاق على أفضلية نظام على آخر، فلكل منها محاسن ومساوئ وكل دولة اختارت ما يناسبها من الأنظمة نتيجة ظروف تاريخية مرّت بها، وبعضهم يقول إن النظام الرئاسي يخفف من الصراعات السياسية ويفصل بين السلطات ويحقق استقرار البلدان، لكن هناك تخوف من تحول رأس النظام إلى دكتاتور مثلما حصل في دول الحزب الواحد والدكتاتوريات في أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية وإفريقيا، وهناك من يقول إن النظام البرلماني يمنع تحوّل الحاكم إلى دكتاتور ويحدّ من التعارض بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكونهما من اتجاه سياسي واحد.

وحول هذا السياق، أكد أحد المسؤولين العراقيين بأن النظام السياسي في العراق هو نظام برلماني، اتحادي وفدرالي بدلالة المادة الأولى من الدستور العراقي ودلالة مواد أخرى واردة في الدستور العراقي، والتي أعطت صلاحيات واسعة للبرلمان، كما أكد هذا المسؤول على أن تعديل الدستور يستوجب تشكيل لجنة برلمانية وأن يكون هناك مقترح من رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية، ثم يوافق ثلثي أعضاء مجلس النواب، ليعرض الموضوع على الاستفتاء الشعبي.

وفي السياق ذاته، لفت هذا المسؤول إلى أنه بالنسبة للحالة العراقية ولتلافي أخطاء الدول الأخرى فمن الأفضل أن يكون التغيير بشكل مدروس وغير متسرّع كما كُتب الدستور، ومن خلال حوار سياسي ومجتمعي موسع تشارك فيه القوى السياسية والشعب، وبالتالي سيختار المواطن عن قناعة راسخة النظام السياسي المناسب، مثلما فعل الشعب الإيراني عندما وافق على تحويل النظام إلى رئاسي عام 1989 بينما لم يوافق الشعب البرازيلي على تحويل النظام إلى برلماني عام 1993.

متطلبات تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي

لا يمكن تغيير النظام السياسي في العراق من البرلماني إلى الرئاسي، إلا من خلال إجراء استفتاء وتأييد للإصلاحات من خلال تصويت الشعب العراقي المباشر في جميع المحافظات الـ 18، وفي هذه المرحلة، إذا صوت ثلثا سكان ثلاث محافظات عراقية على عدم إجراء تعديل دستوري، فإن مسألة تغيير النظام سوف تنتهي في هذا اللحظة.

مقومات تغيير النظام السياسي في العراق

بالنظر إلى شبكة التحولات المعقدة في الساحة السياسية العراقية بين الحكومة والشعب في هذه المرحلة الزمنية، يمكن قراءة عدد من المقومات التي ستساعد على تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي. 

1- تنفيذ مطالب المحتجين وتهدئتهم: مما لا شك فيه أن الحكومة العراقية في وقتنا الحالي لا يمكنها تلبية جميع مطالب المحتجين وذلك لأن مطالبهم تشمل قدراً هائلاً من التغييرات بعيدة المنال لأي حكومة حالية.

يذكر أن التغييرات في الهيكل الاقتصادي والاجتماعي هي عملية طويلة الأجل لا يمكن تنفيذها بسرعة وخلال فترة زمنية صغيرة، لذلك فإن التغييرات السريعة والملموسة هي فقط التي يمكن أن تهدئ المحتجين الآن.

2. دعم التيارات السياسية الشيعية: إن تغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي سوف يصبّ في مصلحة أبناء الطائفة الشيعية، وذلك لأن الشيعة يشكلون الاغلبية بين أبناء الشعب العراقي بنسبة تتراوح بين 60 و 65 في المئة، وبهذا الأمر يمكن القول بأن الشيعة سيتفوقون بسهولة على الأقليات العراقية الأخرى في أي عملية ديمقراطية. 

معوقات تغيير النظام السياسي

1. انهيار نظام الحكومة الائتلافية في العراق: في معظم الدول ذات التعددية العرقية، يتم استخدام نظام الائتلاف الحكومي لإدارة النظام السياسي في البلاد ويمكن رؤية هذا النظام بشكل واضح في نظام الحكم اللبناني، وفي العراق، بعد سقوط النظام البعثي، تم وضع نفس هذا النموذج الحكومي الائتلافي وتم تشكيل حكومة ائتلاف وطنية لإدارة العراق وتم تقسيم المناصب العليا في هذا النظام السياسي أيضاً على أساس أن الشيعة يتولون منصب رئاسة الوزراء، والأكراد يتولون منصب رئاسة الجمهورية والعرب السنة يتولون منصب رئاسة البرلمان.

2- إمكانية رفض تغيير النظام السياسي من قبل الأكراد: مما لا شك فيه أن أهم عقبة أمام تغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسي تتمثل في معارضة الأكراد، ووفقاً للدستور العراقي، قبل القيام بأي تعديلات دستورية يجب عرضها أولاً للاستفتاء الشعبي، والنقطة المهمة هنا هي أنه لن تتم الموافقة على أي تعديل دستوري إذا اعترض عليه ثلثا سكان المحافظات العراقية الثلاث.

3- صعوبة إقناع العرب السنة بإجراء تغييرات في هيكل السلطة: بالإضافة إلى الأكراد، قد يصبح العرب السنة في نهاية المطاف معارضين للنظام السياسي، في الواقع، يمكن إعطاء الأكراد بعض المناصب العليا في الدولة مثل منصب رئاسة البرلمان وذلك لإقناعهم بإجراء تعديلات دستورية وتغيير النظام الحاكم في البلاد إلى نظام رئاسي ولكن العرب السنة سوف يشعرون بالقلق من وقوعهم ضحية لمثل هذه التسوية، لذلك قد يعارضون في النهاية تغيير النظام السياسي، أو على الأقل سيطالبون ببعض الضمانات الأساسية لحقوقهم.

المصدر.الوقت

قراءة 844 مرة